ومن يتولهم منكم فإنه منهم
روى الإمام مسلمٌ وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديٌ ولا نصرانيٌ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار»..
- التصنيفات: الولاء والبراء -
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
أيها المسلمون:
روى الإمام مسلمٌ وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديٌ ولا نصرانيٌ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار».
هذا الحديث العظيم، حديث صدقٍ لا شك فيه، وحكم حقٍ لا مرية فيه، إنه ليقطع شك النفوس المريضة، ويمحو ظن القلوب المترددة، والتي كلما مات يهوديٌ أو نصرانيٌ في شرق العالم أو غربه، رئيسًا أو زعيمًا أو صاحب مالٍ أو صنعةٍ أفاضوا في مدحه والثناء عليه، وتكلفوا ذكر محاسنه، محاولين إقناع السذج وضعاف الإيمان، أنه ربما شفعت لهذا الميت أعماله التي قدمها خدمةً للبشر في صناعةٍ أو طبٍ أو اقتصادٍ، أو نفعته جهوده التي بذلها في نشر السلام بين شعوب الأرض، وأنه قد يدخل بذلك الجنة وينجو من النار، ناسين أو متناسين أنه مهما عمل عاملٌ ما يظنه خيرًا أو برًا أو إحسانًا، أو اجتهد مجتهدٌ وقلبه لغير ربه، فما سعيه إلا في ضلالٍ ووبالٍ، قال سبحانه في حق الكافرين: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان: 23].
أيها المسلمون:
قبل عدة أشهرٍ، هلك أحد صانعي أجهزة الحاسب والجوالات، وإذ ذاك جعلت الأقلام تتبارى في مدحه آسفةً على موته، بل رفعه بعضهم ولمعه، حتى لكأنما هو الفاتح المغير شأن العالم، ثم لما مات قبل أيامٍ كبير النصارى في مصر، ممن لم يعرف عنه إلا العداء للمسلمين وتحريض دول الغرب عليهم، وإيذاء الفتيات ممن يدخلن في الإسلام بسجنهن أو قتلهن، ورفع صوته بأن مصر هي أرض الأقباط، وأن المسلمين فيها إنما هم محتلون ومغتصبون..
أقول: لما نفق هذا الهالك نفوق البهائم، خرج كتابٌ في بعض برامج التواصل الاجتماعي في الشبكة العالمية، ليترحموا عليه ويدعوا له، ثم فوجئ المسلمون في مصر بمفتيهم وهو يعد موته فاجعةً لمصر وأهلها، وآخر من علمائهم يعزيهم فيه، وثالث يشبه جنازته بجنازة الإمام أحمد، ثم يعلن الحداد رسميًا على ذلك الهالك، وتبث بعض القنوات آياتٍ من كتاب الله على روحه، فلا إله إلا الله! ولا حول ولا قوة إلا بالله! وإنا لله وإنا إليه راجعون! المسلمون يقتلون وتنتهك أعراضهم، ونساؤهم ترمل وأطفالهم يتيتمون، وحقوقهم تسلب ومقدراتهم تنهب، وديارهم تحتل ومساجدهم تهدم، فلا يتحرك من هؤلاء ساكنٌ، بل ولا تنتفض لهم شعراتٌ ولا ينصرون إخوانهم ولو بكليمات..!
ثم يموت عدوٌ نصرانيٌ كافرٌ، فينطلقون ليعظموا أمر موته، متجاهلين ما عليه النصارى واليهود من كفرٍ وشركٍ، وأن الله لا يغفر لمشركٍ ولا كافرٍ ولا يدخلهما جنته، إذ لا ذنب عنده تعالى أعظم ولا ظلم أكبر من الشرك، فكيف إذا كان هؤلاء يجمعون إلى كفرهم بربهم عداوة أوليائه، ولا يألون جهدًا في إيقاد الحروب ضد عباده، ولا ينامون عن التخطيط لصدهم عن دينهم وإفساد عقائدهم، وصرفهم عن كل خلقٍ حميدٍ وفضيلةٍ، وإيقاعهم في كل شرٍ ورذيلةٍ؟ لكأن هؤلاء القوم لم يقرؤوا قول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48].
وقوله سبحانه على لسان لقمان: {..يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. وقوله تعالى: {..وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]. وقوله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة: 161، 162]. وقوله سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ . لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 72، 73].
وقوله جل وعلا: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ . وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 113، 114]. لقد كان من المشركين في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام وقبله من كانوا يطعمون الطعام ويبذلون، ويسقون الحجاج ويحسنون، وأما عمه أبو طالبٍ فقد رباه منذ صغره، وكان محبًا له ومدحه في شعره، ونافح عنه ولم يأل جهدًا في الذب عنه ونصره، بل وتحمل الحصار معه في الشعب، ومع هذا لم ينجه ولا الكفار الآخرين من الخلود في النار ما عملوه من خيرٍ ولا ما قدموه من برٍ إذ ماتوا وهم كفارٌ ولم يكونوا مسلمين..
قال سبحانه: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[التوبة: 19، 20]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ . إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 90، 91].
وفي صحيح مسلمٍ عن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- أنه قال: "يا رسول الله، هل نفعت أبا طالبٍ بشيءٍ، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: «نعم. هو في ضحضاحٍ من نارٍ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار»". وفيه عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أهون أهل النار عذابًا أبو طالبٍ، وهو منتعلٌ بنعلين يغلي منهما دماغه». وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال: «لا ينفعه، إنه لم يقل يومًا رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» (رواه مسلمٌ وغيره).
وروى مسلمٌ عن أنسٍ -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: "يا رسول الله، أين أبي؟ قال: «في النار» فلما قفى دعاه فقال: «إن أبي وأباك في النار». وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: «استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت»" (رواه مسلمٌ).
فصلى عليه الله وسلم ما كان أصدقه وأفصحه! لم يجامل ولم يلمح، بل بين وصرح ووضح، فماذا بعد هذا؟! إذا كان أبوه وأمه وعمه لم ينتفعوا بقربهم منه لما ماتوا على الشرك، ولم يؤذن له في الترحم عليهم.. فكيف ينتفع غيرهم بما قدم من دنيا مع شركه وكفره؟ وهل يترحم على من يعد العدة لحرب المسلمين وصدهم عن دينهم؟! ألا فلنتق الله أيها المسلمون فإنه لا نجاة إلا لأهل الإسلام والإيمان: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا ما يسخط ربكم جل وعلا فإن أجسامكم على النار لا تقوى.
أيها المسلمون:
إن الولاء للمؤمنين ومودة المسلمين، والبراء من الكافرين وبغض المشركين، إنها لعقيدةٌ دل عليها الكتاب والسنة، فآمن بها الحنفاء ومضى عليها الموحدون، وتلقتها الأمة خلفًا عن سلف، إنه مبدأٌ راسخٌ لا تغيره الآراء ولا تبطله الأهواء، ولا تنتزعه من القلوب محبة الدنيا، ولا يخمد جذوته ولا يضعف توقده ركونٌ إلى شهواتها أو انجرافٌ مع مغرياتها، قال سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].
وقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة 23، 24].
وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ . وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ . وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 51ـ 57].
وقال سبحانه: {..فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32]. ألا فليخش الله من يحب أعداءه أو يمدحهم وهو تعالى يقول: {..فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98]. ويقول: {..وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا..} [فاطر: 39]. إن كل مؤمنٍ لا بد أن يكون في نفسه عداوةٌ لكل عدوٍ لخالقه ومولاه، فإن لم يجد في قلبه عداوةً لأعداء ربه فليبك على إيمانه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان» (رواه أبو داود، وغيره، وصححه الألباني).
عبد الله بن محمد البصري