الشيخ أبو اسحاق الحويني هنيئا لك ولا تحزن !

منذ 2012-06-01

للمحبة علامات كثيرة تدل على صدق المحب، منها: تفريغ القلب للمحبوب، فلا يشرك أحداً في حبه، وإنما يفرغ قلبه لمحبوبه الذي أحبه، كما أنه لا يصرف تفكره إلا في هذا الحبيب، ومنها أيضاً: البذل للمحبوب وطاعته والانصياع لأمره، فالإنسان إذا أحب فإنه يبذل كل ما يستطيع من أجل أن يرضي من أحبه... فإن لم تتوفر هذه الصفات كان ذلك الحب ادعاء لا يقوم على دليل.


"للمحبة علامات كثيرة تدل على صدق المحب، منها: تفريغ القلب للمحبوب، فلا يشرك أحداً في حبه، وإنما يفرغ قلبه لمحبوبه الذي أحبه، كما أنه لا يصرف تفكره إلا في هذا الحبيب، ومنها أيضاً: البذل للمحبوب وطاعته والانصياع لأمره، فالإنسان إذا أحب فإنه يبذل كل ما يستطيع من أجل أن يرضي من أحبه... فإن لم تتوفر هذه الصفات كان ذلك الحب ادعاء لا يقوم على دليل".

الفقرة السابقة من أقوال الشيخ أبي إسحاق الحويني -شفاه الله- في محبة الله تعالى، ولعلها اختزال لرسالته الدعوية التي تقوم على دعوة الناس لإخلاص الحب لله وإفراده سبحانه بالخوف والرجاء!

ويعد الشيخ أبو إسحاق الحويني أحد أوتاد الدعوة الإسلامية في مصر، فله جماهير كثيرة من كافة الأعمار والاهتمامات والتخصصات، وكلهم يجمعون على سلاسة الشيخ وعذوبة حديثه، وقوة حجته، ونصاعة بيانه، وصفاء روحه.

ولد الشيخ حجازي محمدِ يوسفَ شريف الحويني بقرية حوين التابعة لمركز الرياض بمحافظ كفر الشيخ بمصر في عام 1375 هجرية الموافق 1956 ميلادية، لأسرة ريفية متوسطة الحال، وقد كنى نفسه بأبي إسحاق تيمنا بكنية الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.


وقد أتاحت بداية الشيخ ونشأته في أسرة ريفية مساحة كبيرة من التأمل وصفاء الذهن، لما يتمتع الريفيون من سعة في الأفق والخيال، وكانت أسرته مثل أسر مصرية كثيرة لا تعرفُ من العمل إلا الزراعةَ، وتتمتع بمكانة وسمعة طيبة حيث تشهد لها بذلك كل القريةِ حيث اشتُهرَ عنِ الأبِّ حُسنِ الخلقِ والرحمة بالأجراء.

وقد تزوج والده بثلاث زوجات، وكان الشيخ حجازي ابنا من الزوجة الثالثة، وكـانَ الأوسطَ -الثالثَ- بيـنَ الأبناءِ الذكورِ الخمسةِ، وهكذا كان تدين الحويني تدينا طبيعيا لشاب تربى وعاش وسط أهل قرية، وأسرة متدينة بالفطرة تصلي وتصوم وتؤدي الزكاة وسائر الفروض.

بدأ الشيخ خطواته التعليمية، وبعدَ إنهاءِ الدراسةِ الثانويةِ، تردّدَ بينَ الكلياتٍ حتَّى استقرَ فيْ قسمِ اللغةِ الأسبانيةِ بكليةِ الألسنِ بجامعةِ عينِ شمسٍ بـالقاهرةِ، والتِي كان من أوائل القسم فيها فيْ السنينِ الثلاثةِ الأولىٰ وتخرَّجَ فيْهَا بتقديرٍ عامٍ امتيازٍ.

وكانَ أمله أنْ يصبحَ عضواً فيْ مَجْمَعِ اللغةِ الأسبانيِّ، وسافرَ بالفعلِ إلى أسبانيا بمنحةٍ من الكليةِ، ولكنه لم يكمل بسبب عدم توافقه مع طبيعة البلد.


أما عن بدايته في العلم الشرعي فلم يكن في بداية حياته يولي اهتماماً هو ومن حوله بالعلمِ الشرعيِّ، إنمَا كانواْ يعرفُونَ كيفَ الصلاةُ ومثلَهَا منَ الأشياءِ اليسيرةِ، حتَّى سافرَ الشيخُ فِيْ أواخرِ العامِ الأخيرِ منَ الدراسةِ الثانويةِ 1975م إلىٰ القاهرةِ ليذاكـرَ عندَ أخِيْهِ، وكانَ يحضُرُ الجُمعةَ للشيخِ عبدِ الحميدِ كِشكٍ -رحمهُ اللهُ- فيْ مسجدِ (عينِ الحياةِ)، حيث بدأ يتعرف على الحياة الدعوية.

قرأ للألباني في بداية رحلته الدعوية كتاب (صفةِ صلاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم منَ التكبيرِ إلى التسليمِ كأنَّكَ ترَاهَا) ليكتشف أنَّ كثيراً مما يفعلُه هو ومثله الناسُ في الصلاةِ مما ورثُوه عنِ الآباءِ، خطأً ويتعارض مع السنةَ الصحيحةَ، وقد أُعجبَ بطريقةِ الشيخِ فيْ العرضِ وبالذاتِ مقدمةِ الكتابِ، التيْ أوقفتْهُ على الطريقِ الصحيحِ والمنهجِ القويمِ، منهجِ السلفِ. وبعدها صمّمَ علىٰ أنْ يتعلمَ هذا العلمَ، علمَ الحديثِ.

ومرت الأيامُ, ودخلَ الجامعةَ، وبدأَ يبحثُ عنْ كتبٍ فيْ علمِ الحديث، فكانَ أولَ كتابٍ وقعَ عليْهِ كتابُ (الفوائدِ المجموعةِ فيْ الأحاديثِ الموضوعةِ) للإمامِ الشوكانيِّ.

وأخذَ الشيخُ يسألُ كلَّ أحدٍ عنْ أحدٍ منَ المشايخِ يُعَلِّمُهُ هذَا العلمَ أو يدلُّهُ عليْهِ، فدلوْهُ علىٰ الشيخِ محمدِ نجيبٍ المطيعيِّ -رحمهُ اللهُ.


وأخذَ يبحثُ عنْ كتبٍ أكثرَ، فوقعَ علىٰ المئةِ حديثٍ الأُولىٰ منْ كتابِ (سلسلةِ الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ وأثرِهَا السيئِ فيْ الأُمةِ) للشـيخِ الألبانيِّ رحمهُ اللهُ، وهنا يقولُ الشيخُ: مكثتُ معَ الكتابِ (كتابِ الشيخِ الألبانيِّ رحمهُ اللهُ) نحوَ سنتينِ كانتْ منْ أفيدِ السنينِ فيْ التحصيلِ.

ومما يدل على حبه الشديد وتفانيه فى طلب العلم أنه كانَ فيْ مراحلِ طلبِهِ للعلم أثناء الجامعةِ، كان يعملُ نهاراً فِيْ محلِّ بقالةٍ بمدينةِ نصرٍ بالقاهرةِ ليعولَ نفسَهُ، ويطلبُ العلم ليلاً، لذَا، كانتْ ساعاتُ نومِهِ قد لا تصلُ إلى ثلاثِ ساعاتٍ فيْ اليومِ!

وقد أخذ الشيخ الحوينى عن الشيخِ المطيعيِّ والشيخِ سيدِ سابقٍ رحمهُما اللهُ كما أخذَ علىٰ بعضِ (شيوخِ الأعمدةِ) فيْ الجامعِ الأزهرِ، فيْ أصولِ الفقهِ واللغةِ والقراءاتِ، كذلك أخذَ بعضَ قراءةِ ورشٍ على خالِهِ الذى كانَ مدرسَا للقراءاتٍ.

وفيْ عام 1396هـ قدمَ الشيخُ الألبانيُّ رحمهُ اللهُ لمصرَ، وألقى محاضرةً فيْ المركزِ العامِّ لجماعةِ أنصارِ السنةِ المحمديةِ، ولكنَّهُ سافر ولمْ يقابلْهُ الشيخُ.

وكانَ قدْ نُشرَ للشيخِ الحوينى كتابُ (فصلِ الخِطَابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ)، وكانَت هناك مقولة للشيخُ الألبانيُّ هي: ليسَ ليْ تلاميذٌ (أيْ: علىٰ طريقتِهِ فيْ التخريجِ والنقدِ)، فلمَّا قرأَ الكتابَ قالَ: نعمْ (أيْ: هذَا تلميذُهُ) يقصد الشيخ الحوينى.


سافرَ الشيخُ إلـى الشيخِ الألبانيِّ فيْ الأردنِ أوائلَ المحرمِ سنةَ 1407هـ وكانَ معَهُ لمدةِ شهرٍ تقريباً كانَ -كمَا يقولُ- منْ أحسنِ أيامِهِ، كما قابله بعد ذلك بالأراضى المقدسة.

كما أخذ عن الشيخِ عبدِ اللهِ بنِ قعودٍ رحمهُ اللهُ والشيخِ عبدِ العزيز بنِ بازٍ رحمهُ اللهُ كمَا قابلَ الشيخُ الشيخَ ابنَ العثيمينِ رحمهُ اللهُ فيْ الحرمِ، ودخلَ غرفتَهُ الخاصةَ وسألَهُ عنْ بعضِ مسائلٍ.

للشيخِ مَا يزيد على المئةَ مشروعٍ، منهَا مَا قدِ اكتملَ، ومنْهَا مَا لمْ يكتملْ، تتراوحُ مَا بينَ التحقيقاتِ والتخريجاتِ والاستدراكاتِ والنقدِ والتأليفِ الخالصِ.

وللشيخِ الحوينى خطبتانِ فيْ كلِّ شهرٍ عربيٍّ، الجمعتانِ الأولى والثالثةُ، ومحاضرةٌ كلَّ يومِ اثنينِ، بينَ المغربِ والعشاءِ، وكلُّهُمْ فيْ مسجدِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ بمدينةِ كفرِ الشيخِ، كما يحاضرُ الشيخُ على قناةِ الناسِ الفضائيةِ عبر برنامجُه المباشرٌ الأسبوعي المعروف (فضفضة).

شفا الله الشيخ الحويني ورده إلى تلاميذه ومحبيه الذين أنار قلوبهم وعقولهم، وعرفهم على حقيقة الإسلام الرئعة، بل ثبت الكثير من الذين اشتطت بهم الأفكار والفلسفات المناوئة للإسلام، وأختم بما ذكره الشيخ عبود الزمر من فضل الشيخ الحويني حين قال له يريد أن يخفف عنه آلامه ويواسيه في بتر ساقه: "إذا كنت قد فقدت قدمك في المرض فقد ثبُّتت لك أقدامٌ على إثر النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فهنيئا لك ولا تحزن".


علي محمد الغريب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
ـ موقع الشيخ الحويني.
ـ موقع (المصريون).
ـ موسوعة ويكيبيديا.
مصر: بتر ساق الشيخ أبي إسحاق الحويني وحالته الصحية مستقرة.
 

المصدر: موقع لها أون لاين
  • 29
  • 1
  • 15,127

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً