دورك يا مصري لا تتقاعس عنه
منذ 2012-07-10
دعم الرئيس أو غيره من أصحاب السلطان لا يعني قبول الأخطاء والرضا بها أو السكوت عنها، ولكن دعمه يعني مؤازرته إذا أصاب ورده عن الخطأ إذا أخطا كما قال صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»، قالوا: "يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟" قال: «تأخذ فوق يديه» ..
مضى من عمري واحد وستون عامًا، ومنذ أمسكت القلم وعبرت عما بداخلي لم أعلن مرة واحدة لا من قريب ولا من بعيد تصريحًا أو تلميحًا تأييدًا أو ثناء أو مناصرة لرئيس، ليس تعديًا على مكانتهم أو غمطًا لحقهم بل لأن واحدًا منهم لا يستحق في نظري التأييد بل كتاباتي كلها تصب في الجهة المقابلة وخاصة كتابي (إن الله هو الحكم) الذي طبع منه عشرات الآلاف وربما أكثر لأن طباعته صارت مفتوحة فلم أعد أعرف ما يطبع منه على وجه التحديد.
لكنني أجد نفسي اليوم مضطرًا لتغيير هذا المسلك لا رغبة في مغنم ولا رهبة من مغرم، فإن تأييد المسلم الصادق في إسلامه ومعاونته والشد من أزره والدفاع عنه أمام من يعادونه حتى لو اختلف الإنسان معه في قضايا عديدة يكون أحيانًا واجبًا لا يصلح التخلي أو التقاعس عنه.
منذ أن احتدم التنافس بين د. محمد مرسي وهو من الإخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق وهو من النظام البائد، اجتمعت كل القوى المناوئة للمشروع الإسلامي، والمعادية لحصول الشعب المصري على حقوقه وكرامته كاملة غير منقوصة على تباينها وتناقضها لإنجاح ممثل الدولة العلمانية وممثل النظام البائد الذي رعى الظلم والبغي الذي جثم على أنفاس الشعب عقودًا متطاولة، واستخدمت كل ما يجوز وما لا يجوز من الأساليب، الشريفة والوضيعة ولكن الله من فضله ورحمته بالناس أحبط كيدهم وردهم على أعقابهم خائبين خاسرين، ومن ثم رجع زمام المبادرة في أيدي الصالحين من شعب مصر، وليس من المتوقع أن تسلم قوى الشر والظلام بالهزيمة وترجع عن غيها وتعود لمسلك الرشد والحق، والأيام القادمة سوف تشهد حربًا إعلامية ضروسًا يشنها ذلك المعسكر على الرئيس د. محمد مرسي بغية تنفير الناس عنه وشحن القلوب ضده وافتعال المشكلات لإحراجه ومن ثم إسقاطه شعبيًا.
ومن ثم فإننا ننظر الآن في أن دعم الدكتور مرسي ليس دعمًا للرئيس المنتمي لجماعة الإخوان ولكنه في الحقيقة دعم للمصريين أنفسهم وللثورة التي أتت به، إن إنجاح الرئيس في مهمته هو إنجاح لقوى الخير والعدل والحق في مواجهة قوى الشر والفساد، وإن محاولة تعويقه وإفشاله ومهاجمته هو مساعدة للمشروع العلماني كي ينقض على البلد مرة أخرى ولن يسأموا من إعادة المحاولة كرة وكرات.
لا يصلح للصادق في عمله لنجاة مصر من براثن الفكر العلماني، ومن براثن الطغيان، والتبعية للدول الغربية واليهود أن يتقاعس عن مساعدة ودعم د. محمد مرسي، ويحتج بخلافه مع الإخوان أو بأخطاء الإخوان وذلك لأسباب:
1- لا يوجد اتفاق بين مجموعات متعددة في كل شيء اتفاقا كاملا، فإذا لم يدعم المرء إلا من وافقه في كل شيء موافقة كاملة فلن يتم دعم أحد أبدًا، ولكن يكتفى أن يكون هناك اتفاق إجمالي وفي العموم دون اشتراط الاتفاق في التفاصيل حتى لا يكون اشتراط الاتفاق في التفاصيل وسيلة للإقصاء.
2- محاولة إفشال الرئيس في تحقيق برنامجه المعلن إضرار بشعب مصر وليس إضرارًا بشخص الرئيس فقط أو جماعة الإخوان.
3- إفشال برنامج الرئيس محاولة تصب في دعم النظام البائد وإعادته مرة أخرى رغم الفساد العريض الذي نشره في كل قطاعات المجتمع.
4- محاولة إفشال برنامج الرئيس تقوية للمشروع العلماني وإضعاف للمشروع الإسلامي.
5- نجاح مصر في تحقيق أهداف ثورتها وإقامة نظام الحق والعدل سيعم فضله على دول الجوار ويدعم قوى الخير، فيها مما يؤسس لإقامة أنظمة مشابهة في الدول العربية أو تحسين الأوضاع هناك.
6- نجاح مصر في تحقيق أهداف ثورتها سيعيد إليها مكانتها اللائقة بها ويمهد لعودة حقوق المسلمين لهم وعلى رأس ذلك عودة فلسطين لأصحابها.
7- نجاح مصر في تحقيق أهداف ثورتها يخرجها من حالة التبعية الذليلة التي عاشتها عقودًا في ظل النظام البائد حتى صارت ذيلاً لكثير من الدول.
8- تقوية الرئيس أمام كثير من الجهات التي تحاول الانتقاص من صلاحياته والعدوان عليها والاستئثار بها دونه، يكون سندًا قويًا له في تحقيق برنامجه.
لهذه الأسباب ولغيرها مما هو على شاكلتها يكون دعم الرئيس ومحاولة إنجاح مشروعه من الأمور التي لا ينبغي لأحد أن يتقاعس عنها.
ودعم الرئيس أو غيره من أصحاب السلطان لا يعني قبول الأخطاء والرضا بها أو السكوت عنها، ولكن دعمه يعني مؤازرته إذا أصاب ورده عن الخطأ إذا أخطا كما قال صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»، قالوا: "يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟" قال: «تأخذ فوق يديه» (صحيح البخاري: 2444) يعني تمنعه من ظلمه، فدورك يا مصري دعم الخير والحق والمعاونة عليه وعدم الاستماع لمن يخالف في ذلك فقم به ولا تتقاعس عنه.
المصدر: موقع مجلة البيان الالكتروني
- التصنيف: