الرئيس مرسي.. ومشروع العسكر!!

منذ 2012-07-13


تقول العامة عن الرجل الشجاع: "إنه يقتنص طريدته من أنياب السباع!!".
وهذا هو الوصف الدقيق لما أنجزه الشعب المصري في انتخابات رئاسة الجمهورية، التي سعى العسكر لتزويرها لئلا تخرج السلطة من أيديهم، وهم الذين استبدوا بمصر منذ أزالوا المَلَكية قبل ستين عامًا زاعمين أنهم سيقيمون نظامًا سياسيًا يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه!!
لكن الواقع يشهد بأنهم سيطروا بشراسة على كل مقدرات مصر ونكلوا بأهلها الذين ثاروا على الظلم والفساد في العام الماضي، لتبدأ محاولات العسكر لاحتواء الثورة وإجهاضها وكادوا ينجحون لولا لطف الله بمصر وشعبها الرائع الصبور.
فإصرار المصريين على استنقاذ ثورتهم من الضياع كان صاحب الفضل الأول -بعد الله تعالى- في وصول الدكتور محمد مرسي إلى منصب رئيس الجمهورية، ليكون أول شخص مدني وأول سياسي منتخَب لهذا الموقع الكبير على رأس هرم الدولة.


ولعل الكلمة الطيبة المؤثّرة، التي ألقاها مرسي بعد إعلان فوزه بمنصب رئاسة الجمهورية، تعد من المبشرات بتوفيق الله للرجل في مستهل مسيرته، لما تضمنته تلك الكلمة من عمق وصدق وعفوية، بتأثير الخلفية الإسلامية للدكتور مرسي، وقوامها التأسي بالنموذج الإسلامي الحضاري الراقي في العصر الذهبي لأمتنا، وهي خلفية لطالما غابت عن عقول وقلوب وألسنة الذين سيطروا من قبل على الشعوب المسلمة من المستبدين التغريبيين بازدرائهم لهوية الأمة، وغطرستهم الصلفة.
وعلى الصعيد العملي، جاءت مبادرة الرئيس الجديد باستقبال عائلات ضحايا ثورة 25 يناير بمثابة التعبير الفعلي عن تمسك مرسي بإرث الثورة التي أوصلته إلى سدة الرئاسة.


وفي الوقت ذاته، تبينت جوانب في شخصية مرسي لم تكن متوقعة بحكم انتمائه الطويل لجماعة الإخوان المسلمين ولا سيما يقظته إزاء النفاق الإيراني، وبخاصة أنه امتلك الجرأة على رفض التملق الصفوي له، في لحظات حرجة للغاية. فعشية الإعلان الرسمي لنتائج المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة، بثت وكالة أنباء فارس الناطقة باسم الحرس الثوري الإيراني، لقاء مع المرشح محمد مرسي تحدث فيه عن رغبته في التقارب مع طهران للوصول إلى نوع من التوازن الإستراتيجي في المنطقة!!


وسرعان ما فضح الناطق باسم الحملة الانتخابية لمرسي الدجل الرخيص الذي اقترفته وكالة فارس بصورة فجة ومزرية، إذ إنها اختلقت اللقاء المفترى ونسبته بالصوت والصورة إلى رجل أصبح أول رئيس منتخب لأكبر بلد عربي وواحدة من أعرق وأبرز الدول الإسلامية!!
ثم تجرأ الرئيس الجديد على التصدي بشجاعة لمحاولة ثانية تتخفى رواء التهنئة المسمومة، فقد صدع الرئيس مرسي بالحق واستنكر المؤازرة الإيرانية لنظام الأسد الدموي ضد الشعب السوري!!


والرئيس مرسي وسائر المصريين ومحبي مصر العزيزة من عرب ومسلمين، يتفقون على نقطة أكيدة هي أن دربه لن يكون مفروشًا بالورود، وهذا ليس من باب التخمين والتوقع، لأن العسكر شنوا عليه حربًا وقائية من قبل أن تحسم الصناديق فوزه.
وبعبارةٍ أكثر جلاءً، فإن العسكر لن يستسلموا بسهولة، لكن هزيمة مشروعهم للهيمنة مجددًا على زمام مصر والمصريين ميسورة بإذن الله عز وجل، إذا أحسن الرئيس محمد مرسي إدارة المواجهة معهم بحزم وحنكة نتوقع أن لديه منهما ما يكفي للتمييز بين الخطوات الملائمة إقدامًا وإحجامًا مع التنبه الشديد لدقة التوقيت وحُسْن الإخراج في كل خطوة.


وربما ينبغي للرجل أن يبرهن عمليًا على صدقه عندما أعلن لشعبه أنه سوف يكون رئيسًا لجميع المصريين، وأن يؤكد بلسان الحال ما صرح به بلسان المقال عن تجميد عضويته في جماعة الإخوان والحزب المنبثق عنها، ذلك أن المشروعية السياسية بمعنى حيازة القبول الاجتماعي الواسع واستقطاب الفئات التي جرى تضليلها وتخويفها، هو السلاح الأشد مضاءَ في المهمة العسيرة: تحجيم العسكر ووأد تطلعاتهم الأتاتوركية لسرقة الثورة من أصحابها وإعادة إنتاج نسخة أخرى من نظام الاستبداد والفساد الذي ثار الشعب عليه بمختلف شرائحه.

  • 0
  • 0
  • 2,248

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً