ماركسيون في مكتب الإرشاد

منذ 2012-07-31

إن جماعة الإخوان، وذراعها السياسية الحرية والعدالة، قد قدمت تنازلات هائلة فيما يخص الفريق الرئاسي وتشكيل الحكومة، لا يقدم عليها أي حزب في العالم إلا إذا كان يسعى إلى التضحية من أجل التوافق، وكل الناجحين في الانتخابات ـوأنتم تعلمون ذلك جيدًاـ لا يقبلون بأن يمثلوا بثلث أعضاء حكومة يملكون نظريًا الإطاحة بها أو منحها الثقة..



الجميع يعلم ما يدور في مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، ماركسيون، وليبراليون، وفلول!

الكل لديه دراية بما يجري على طاولة المرشد وإخوانه.. الكل يحذر من وقوع الرئيس مرسي تحت تأثير مكتب الإرشاد..

رفعت السعيد، صاحب براءة اختراع مصطلح "المتأسلمين"، وهو المصطلح التكفيري الذي ينزع الإسلام عن الموسومين به، والذي صار المصطلح واسع الاستخدام لدى العاملين لدى الأجهزة في اللجان الإلكترونية و"نخبة التدجين"، لا يكل كل يوم من الحديث عن صدور قرارات الرئيس مرسي من مكتب الإرشاد..

د.عمرو حمزاوي، الذي شغل منصب كبير باحثين بمركز "كارنيجي للسلام" الذي يقدم المشورة للإدارة الأمريكية، يرى من جهته أن التحديات الثلاثة التي يواجهها الرئيس هي تأثير المرشد، والإخوان، والحرية والعدالة (ولا تحدٍ آخر يواجه الرئيس في بلد بحجم مصر يعج بالمشكلات).

نقيب الصحفيين، الذي خرج من النقابة مطرودًا في أيام الثورة، مكرم محمد أحمد، هو الآخر يحذر..

أيتام عمر سليمان، من أصحاب الصوت الحنجوري.. أمهات الفلول.. آباء الفلول.. جيش من الإعلاميين والصحفيين والسياسيين، كلهم مطلعون على خبايا مكتب الإرشاد!!


نحن إذن أمام احتمالات لا غيرها:

إما أن مكتب الإرشاد أصبح يضم الآن ماركسيين وليبراليين ويمينيين ومحافظين وفلول..، وهو بالتالي يصبح "مكتبًا توافقيًا" يمثل كل أطياف مصر بتنوعاتها وفسيفسائها، وهو ما جعلهم جميعًا على اطلاع أولاً بأول بآخر مستجدات وقرارات وأفكار مكتب الإرشاد، وبالتالي فلا غرور أن يصدر الرئيس عن مكتب أضحى يمثل مصر كلها!

وإما أننا بصدد مكتب بليد فوضوي تتسرب كل أجندته أولاً بأول لخارج مبنى المقطم في ثوانٍ معدودة، في وقت يصف كل هؤلاء جماعة الإخوان بأنها جماعة منظمة وهي الوحيدة التي استطاعت أن تفوز برئاسة مصر ومكانة الحزب الأول في أول برلمان مصري منتخب بقسميه الشعب، والشورى، ما يجعل هذا الافتراض مستحيلاً وحصوله متعذرًا، خصوصًا أن ما يتسرب لا يصل إلا إلى الخصوم الفكريين والسياسيين مباشرة بما لا يستقيم مع ما يعرف عن جماعة وضعت سابقًا تحت ظروف ألجأتها إلى العمل شبه السري.

أو أننا بصدد اختراق أمني لمكتب الإرشاد، يُطلع بعضًا من المخبرين الصحفيين على ما تجود به الأجهزة إليهم؛ فمن حق هذا المكتب ألا يلتفت إلى زمرة المخبرين وأن يتوجه للتعامل مباشرة إلى أصحاب القرار، مفاوضًا ومناورًا..!!

أو في الأخير نحن أمام تخرصات وتوهمات وضغوط تمارس بقدر من الغوغائية والمشاغبة ترنو إلى وضع ظهر الرئيس إلى الحائط، وإشغاله بالتبرؤ من تهمة لا وجود لها إلا في أذهان قائليها..


لا، أيها المتفذلكون، فأنتم تطلقون الكذب ثم تنسجون على منواله؛ فلا دليل فيما قام به الرئيس حتى الآن من إجراءات وقرارات على ما ذكرتم، خصوصًا أنه لم يقدم بعد على اتخاذ قراراته الأساسية في حكم مصر..

ثم.. ندرك في الحقيقة أنكم تحاولون شيطنة المرشد، ومكتب الإرشاد، والجماعة كلها، لكن دعونا نفكك كل هذا فيما يلي:

ما العيب في أن يستمع الرئيس لآراء من شاء من أهل المشورة الذين أنجزوا معه التخطيط لمشروع النهضة؟ أليسوا مصريين؟ أليسوا وطنيين؟ أليسوا مدنيين؟! أليسوا أكاديميين ناجحين؟!

رئيس لم يشكل فريقه بعد، هل يستبد برأيه لحين ذلك أو يستشير من يتسقون معه في أفكاره ورؤاه أم يتنكر لهم لمجرد أن بعض الفاشلين في السياسة والانتخابات والإعلام والصحافة لا يقبلون بذلك؟!
ثم تعالوا هنا، ما هذه الجماعة التي تبغضون؟! هل هي جماعة من خارج مصر؟ لم تشارك في الثورة؟ لم تنجح في الانتخابات ولم يخترها الشعب؟! لم تقدم مشروعًا؟


تعالوا نوصفها:

إن كانت جماعة "روحية وأخلاقية دينية" فما المانع أن ينتمي السياسي إلى مؤسسة دينية كالأزهر مثلاً، أو الكنيسة، أو الصوفية... الخ؛ فهل خلع ميت رومني حاكم ولاية "ماساشوستس" السابق والمرشح للرئاسة الأمريكية (يا من تقدسون أمريكا) عن نفسه الانتماء إلى طائفة المورمون المتطرفة؟!

وإن كانت جماعة سياسية؛ فإذن هي السياسة وهي برامجها ومشاريعها وأساليبها التي تجعل كل رئيس ينتمي فكريًا ووظيفيًا إليها، وهل أوباما إلا رئيس ينتمي إلى الحزب الديمقراطي حتى الآن؟!


إن جماعة الإخوان، وذراعها السياسية الحرية والعدالة، قد قدمت تنازلات هائلة فيما يخص الفريق الرئاسي وتشكيل الحكومة، لا يقدم عليها أي حزب في العالم إلا إذا كان يسعى إلى التضحية من أجل التوافق، وكل الناجحين في الانتخابات ـوأنتم تعلمون ذلك جيدًاـ لا يقبلون بأن يمثلوا بثلث أعضاء حكومة يملكون نظريًا الإطاحة بها أو منحها الثقة.. قدموا بالفعل تنازلات للطرف الذي يمسك بمكامن السلطة، وكل التيارات السالفة الذكر؛ فما الذي تريدونه منهم ومن الرئيس أكثر من هذا؟!

ألا يكفيه أنه يتحمل كل هذه الترهات والإدعاءات الجزافية صابرًا محتسبًا.. أم المطلوب أن نذكر الجميع بماضيهم ونتجاهل مستقبل مصر؟!


5/9/1433 هـ
 

  • 1
  • 0
  • 1,488

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً