خفايا الحملات الغربية على الحجاب
قد تضاعف غيظ القوم عندما ثبت لديهم بالأرقام المؤكدة، أن حملات التشويه التي قاموا بها جاءت بنتائج عكسية، إذ تسارع انتشار الإسلام بين الأمريكيين والأوربيين، بينما كان القادة المتعصبون يسعون إلى تقليص حجم المسلمين الوافدين من بلدان مسلمة أصلًا !
نشر الباحث والداعية الفلسطيني الأستاذ خباب مروان الحمد دراسة موفقة، عنوانها: (قوانين حظر النقاب في الغرب: قراءة في الخلفيات الفكرية والسياسية)، وهي على قِصَرِها -ثلاثون صفحة فقط- قيّمة؛ لأنها استوفت عناصر الموضوع الذي تعالجه، بإيجاز لا يخل بالعمق، وذلك بالتركيز على العناوين الكبرى للدوافع غير النزيهة التي تكمن خلف الحرب الصليبية، التي يشنها الغرب منذ سنوات ضد الحجاب الإسلامي عامة، والنقاب خاصة، ويساهم في هذه الحرب البشعة ساسة، مفكرون، وسائل إعلامية ضخمة، كهنة يهود ونصارى متعصبون.
يستهل الكاتب أطروحته الموثقة بفضح حقيقة العِداء الغربي لجميع المظاهر الإسلامية، فالكراهية لا تخص الحجاب وحده، كما قد يظن بعض السذج المتأثرين بتبريرات غربية وتغريبية سمجة، فالبغضاء موجهة نحو الإسلام جملة وتفصيلًا، وإن ازدادت ضراوة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001م، التي استغلها غلاة اليهود والنصارى، لكي يقودوا بلدانهم وشعوبهم إلى حرب صليبية جديدة، باعتراف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن.
وقد تضاعف غيظ القوم عندما ثبت لديهم بالأرقام المؤكدة، أن حملات التشويه التي قاموا بها جاءت بنتائج عكسية، إذ تسارع انتشار الإسلام بين الأمريكيين والأوربيين، بينما كان القادة المتعصبون يسعون إلى تقليص حجم المسلمين الوافدين من بلدان مسلمة أصلًا!
ويرصد الأستاذ الحمد -بتوثيق أمين- الذرائع المتناقضة، التي ساقها تجار الديمقراطية في الغرب، لتجميل مكرهم، متمثلًا بمنع الحجاب مع أنه -وفقًا لأساطير حرية الرأي والمعتقد والحرية الشخصية- شأن فردي يخص كل فتاة أو إمرأة على حدة، بدليل أنه لا يوجد قانون آخر يتصل بأي ملابس في البلدان الغربية بلا استثناء، كما يورد بالأدلة الدامغة، تأثير المنظمات اليهودية والصهيونية في تأجيج مشاعر الخوف من الإسلام في الغرب.
والأشد إيلامًا في القضية كلها، تذكير الأستاذ خباب لنا بالمواقف المشينة، التي اتَخذها ساسة مستبدون متغربون تسلطوا على الحكم في كثير من ديار المسلمين، فقد شنّ هؤلاء حرباً شرسة على الحجاب، وجد فيها سادتهم في عواصم الغرب سندًا لحملاتهم المغرضة لمنع الحجاب هناك. والأسوأ وقوف علماء السلاطين في بعض الدول الإسلامية، إلى جانب الحقد الصليبي، والخبث اليهودي ضد الحجاب.
ولعل الأمثلة الأكثر قبحاً في هذا المجال، تأييد شيخ الأزهر السابق لصف ساركوزي ضد المسلمات المنتقبات في فرنسا، وانقلاب المفتي علي جمعة على رؤيته للنقاب قبل أن يتولى منصب مفتي الديار المصرية، ليطلع على الأمة بقول منكر لم يقله أحد من أهل العلم من قبل ومن بعد ما عدا شيخ الأزهر الراحل سيد طنطاوي.
ومن هذه النقطة يدلف الباحث إلى المحور الثاني من دراسته، حيث خصصه لعرض مواقف الإسلاميين من حرب الغرب على الحجاب. فبالإضافة إلى العلماء الرسميين الذين يفتون الطغاة بما يشتهون، هنالك فصائل إسلامية مقموعة في ديارها، لكنها انتهزت الفرصة لتسوية حساباتها الضيقة مع مخالفيها من الصف الإسلامي ذاته.
أما المحور الثالث والأخير من هذه الدراسة، فقد عقده الكاتب لتقديم نصائحه إلى عموم المسلمين، بما يراه واجبًا عليهم تجاه الحرب الغربية على الحجاب، بل على الإسلام وأهله في حقيقة الأمر. وهي نصائح تتراوح بين التصرف الأمثل من قِبَل المسلمين في الغرب، باعتبارهم المعنيين بالمسألة مباشرة في حياتهم اليومية، وخاصة ضرورة تكوين رأي عام قوي يتفهم الموقف الشرعي، ولو في نطاق الحريات الشخصية التي يتشدق بها الغرب، ويزعم أنه صاحبها، ومحتكر حقوق طبعها ونشرها.
علمًا بأن هذه الدراسة التوثيقية المفيدة، منشورة في موقع مركز تأصيل للدراسات والأبحاث.
مهند الخليل - 17/8/1432هـ
_____________________________
- يمكن مراسلة الكاتب الأخ خباب على العنوان:
[email protected]
- التصنيف:
- المصدر: