بحث وخلاصة مدارسة (في مشروعية المسح على العمامة والخمار)

منذ 2012-08-31

بقلم /أم هاني


باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعــــد:

تمت مدارسة المسألة الأولى بفضل من الله ونعمة، وسنعرض عليكم فيما يلي خلاصة البحث في مسألة المدارسة، سائلين الله تعالى أن يتقبل منا ومن إخواننا الأفاضل، وأخواتنا الفضليات عملنا هذا، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع بــه آمــــــــــــين.

خلاصة مدارستنا:
أولًا: شعارنـــا: "من خالفني بمقتضى الدليل فقد وافقني".
ثانيًا: موضوعـــنا: المسح على العمامة وما في معناها.

توطئة ومقدمة لا بد منها:
في الحقيقة أننا قصدنا بهذا البحث مدارسة: (حكم المسح على خمار المرأة) بالأصالة، إلا أننا هُدينا في أثناء المدارسة إلى أن الأولى ترجمة البحث بــ(المسح على العمامة وما في معناها) لسببين:
1- حيث ثبت النزاع على مشروعية المسح على خمار المرأة، على ما سيأتي من تفصيل.

2- وحيث وجدنا أن كتب الفقه -التي يسر الله لنا الاطلاع عليها- أثناء البحث ترجمت لموضوع بحثنا
بـ: (المسح على العمامة)، وليس (المسح على الخمار)، فتناولت مسألة المسح على خمار الرجل المرادف للعمامة كأصل متفق عليه، وجعلته أصلا يقاس عليه غيره، بينما بحثت مسألة المسح على (خمار المرأة) كمسألة متفرعة ومقيسة على الأصل وهو المسح (على عمامة الرجل).

فكان الحري بنا اتباع سبيل من سلف وترجمة موضوع المدارسة بالأصل، كذا تجنبًا لموضع النزاع.

أولًا: تعريف الخمار:
* تعريف الخمار لغة وشرعًا:
- الخمار: "كُلُّ ما سَتَرَ شَيْئاً فَهْو خِمَارُه ومنه خِمَارُ المَرْأَةِ تُغَطِّي به رَأْسَها، أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ بضم فسكون وخُمُرٌ بضَمَّتَين" (1/2785 تاج العروس).

- يقول النووي في شرح مسلم: 3/174: "يعنى بالخمار العمامة لأنها تخمر الرأس أي تغطيه".
- قال ابن أثير في (النهاية في غريب الحديث والأثر): "وفيه أنه كان يمسح على الخف والخمار"، أراد به العمامة؛ لأن الرجل يغطي بها رأسه، كما أن المرأة تغطيه بخمارها، وذلك إذا كان قد اعتم عمة العرب فأدارها تحت الحنك فلا يستطيع نزعها في كل وقت، فتصير كالخفين، غير أنه يحتاج إلى مسح القليل من الرأس، ثم يمسح على العمامة بدل الاستيعاب" (انتهى النقل /حرف الخاء/ مادة خمر/ ص: 185/المجلد الواحد).

فائدة هامة جدًا جدًا:
جاء في حديث عمرو بن أمية لفظ: "مسح على العمامة" بينما جاء في حديث بلال لفظ: (مسح على الخمار) لذا تجد العلماء فسروا أحدهما بالآخر كما سبق إيراده في تعريف الخمار، فهدي السلف وأهل العلم تفسير النصوص بحمل بعضها على بعض، وعلى هديهم وجب المسير.

ثانيًا: أدلة مشروعية المسح من الكتاب والسنة:
ملاحظة: قد لا يكون في المسألة نص من الكتاب جاء فيها بعينها كما هو الحال هنا ولكن يمكننا استصحاب أدلة العموم: كقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31].
- وكذا: {ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

والأدلة من السنة:
في حديث عمرو بن أمية -رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته
وخفيه" (فتح الباري، صحيح البخاري/ كتاب الوضوء/ باب المسح على الخفين/ ج1/ رقم: 205).
وعن بلال أن رسول الله: "مسح على الخفين والخمار" (صحيح مسلم بشرح النووي/ كتاب الطهارة / باب المسح على الناصية والعمامة/ ج3/ رقم: 275).

ملاحظة هامة: كل الأدلة السابقة تؤكد مشروعية المسح على خمار -عمامة- الرجل.

ثالثًا: هيئات المسح على الرأس:
المسح معناه:
الإصابة بالبلل، ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقًا بالممسوح، فوضع اليد أو الإصبع على الرأس أوغيره لا يسمى مسحًا، والمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك طرق ثلاث:

(أ) مسح جميع الرأس:
عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رجلا قال لعبد الله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى: "أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فقال عبد الله بن زيد نعم. فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل مرتين، ثم مضمض واستنثر ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه" (صحيح البخاري/ كتاب الوضوء/ باب مسح الرأس كله لقول الله وامسحوا برؤوسكم/ حديث رقم: 183).

(ب) مسحه على العمامة وحدها:
قال البخاري في صحيحه: "حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته" (صحيح البخاري/ كتاب الوضوء/ باب المسح على الخفين/ حديث رقم: 202).

وعن بلال: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار" (صحيح مسلم / ج1 /كتاب الطهارة / 23 باب المسح على الناصية والعمامة / حديث رقم: 84- 275). والخمار أراد به: العمامة؛ لأن الرجل يغطي بها رأسه؛ كما أن المرأة تغطيه بخمارها.

وعن عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه"
(فتح الباري/ صحيح البخاري/ كتاب الوضوء / باب المسح على الخفين / ج1/ حديث رقم: (205).

(ج) مسحه على الناصية والعمامة:
قال الإمام مسلم في صحيحه: حدثنا أمية بن بسطام ومحمد بن عبد الأعلى قالا: حدثنا المعتمر عن أبيه قال حدثني بكر بن عبد الله عن ابن المغيرة عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ومقدم رأسه وعلى عمامته" (صحيح مسلم / 2- كتاب الطهارة / 23 - باب المسح على الناصية / حديث رقم: 82 - (247).

قال ابن القيم رحمه الله: "وكان يمسح على رأسه تارة، وعلى العِمامة تارة، وعلى الناصية والعمامة تارة" (زاد المعاد 1/194). وقال الشوكاني رحمه الله: "والحاصل أنه قد ثبت المسح على الرأس فقط وعلى العمامة فقط وعلى الرأس والعمامة والكل صحيح ثابت، فقصر الأجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين" (نيل الأوطار 204/1). وقد ورد القصر عن جماعة من أهل العلم كالشافعي رحمه الله، قلتُ: "يقصد بالقصر: الاقتصار على مسح الناصية وحدها في الوضوء".

الخلاصة:
1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمسح على رأسه تارة، وعلى العِمامة تارة، وعلى الناصية والعمامة تارة.

2- أنه يجب أن نلتزم هذه الكيفية الواردة في صفة مسحة صلى الله عليه وسلم على الرأس فنعممه بالمسح في جميع الهيئات السابقة.

3- أنه لم يرد دليل على تكلُّف مسح الأذنين في الوضوء الذي مُسح فيه على العمامة، فيُجْتَزئ بالمسح على العمامة وحدها عن مسح الأذنين مع الرأس؛ لأنها جزء منه كما صح بذلك الدليل.
4-وإذا ظهر من الأذنين شيء مسح عليه استحبابًا كما قال العثيمين.

مسألة هامة بين يدي الشروط:
س: هل تمسح المرأة على الخمار؟
"وردت الأدلة الصحيحة في الشرع بجواز المسح على عِمَامة الرَّجل، والعِمامةُ: ما يُعمَّمُ به الرَّأس، ويكوَّرُ عليه، وهي معروفةٌ، وقد يُعبَّر عنها بالخِمَار كما سبق بيانه.. واختلف العلماء في جواز مسح المرأة على خمارها:

فقال المالكية والشافعية والأحناف بالمنع، وعند الحنابلة قولان والمشهور عندهم الجواز.
(1) فذهب الفريق المانع إلى القول بـ: "أنه لا يجزئ؛ لأن الله تعالى أمر بمسح الرَّأس في قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]، وإِذا مَسَحَتْ على الخمار فإِنها لم تمسح على الرَّأس؛ بل مسحت على حائل وهو الخمار فلا يجوز.

(2) بينما ذهب فريق إلى جواز مسح المرأة على خمارها واستدلوا:
بما صح من أثر عن أم سلمة رضي الله عنها حيث ورد فيه: "أنها كانت تمسح على الخمار".
وقاسوا خمار المرأة على عِمَامة الرَّجُل فقالوا: الخِمَار للمرأة بمنزلة العِمَامة للرَّجُل، والمشقَّة موجودة في كليهما، كما قالوا وعلى كُلِّ حالٍ إِذا كان هناك مشقَّة إِما لبرودة الجوِّ، أو لمشقَّة النَّزع واللَّفّ مرَّة أخرى، فالتَّسامح في مثل هذا لا بأس به، وإلا فالأوْلى ألاَّ تمسح ولم ترد نصوصٌ صحيحة في هذا الباب.." انتهى كلام ابن العثيمين في: (الشرح الممتع) ج1/ كتاب الطهارة/باب المسح على الخفين /ص:196/ طبعة مؤسسة آسام).

يقول ابن تيمية في شرح العمدة-1/135- موقع المشكاة: "..ولأن الرأس يجوز للرجل المسح على لباسه فجاز للمرأة كالرجل ولأنه لباس يباح على الرأس يشق نزعه غالبا فأشبه عمامة الرجل وأولى لأن خمارها يستر أكثر من عمامة الرجل ويشق خلعه أكثر وحاحتها إليه أشد من الخفين".

- إلا أن الذين قاسوا خمار المرأة على عمامة الرجل اشترطوا ما يلي:
- أولًا: أن تكـــون مــدارة عــلى الحلـــق.
- ثانيًا: مشقة الــــــــنزع.
*يقول ابن تيمية رحمه الله: "إنْ خَافَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْبَرْدِ وَنَحْوِهِ مَسَحَتْ عَلَى خِمَارِهَا؛ فَإِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَمْسَحُ خِمَارَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَمْسَحَ مَعَ هَذَا بَعْضَ شَعْرِهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا حَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ فَفِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ" (مجموع الفتاوى: 218/21).

فيجب على من ترى جواز المسح العمل بهذه القيود، كما وجب التنبيه هنا على إنه: لم يرد -فيما نعلم وبعد استقراء ما تيسر لنا من مراجع: (من قال بجواز المسح على الخمار دون وجود عذر أو مشقة إما في: الخلع وإعادة اللبس لها (مشقة) أو لخشية تضرر بالبرودة وما شابه ذلك... (عذر).

س: هل يدخل في العمامة شماغ الرجل وغطاء رأس المرأة؟
قال الشيخ ابن العثيمين في كتابه: (فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام/ ج1/ ص: (386).
جـ: "أما شماغ الرجل والطاقية فلا تدخل في العمامة قطعاً، وأما ما يلبس في أيام الشتاء من القبع الشامل للرأس والأذنين والذي قد تكون في أسفله لفة على الرقبة فإن هذا مثل العمامة لمشقة نزعه، فيمسح عليه.
• وأما النساء فإنهن يمسحن على خمرهن على المشهور من مذهب الإمام أحمد إذا كانت مدارة تحت حلوقهن، لأن ذلك قد ورد عن بعض نساء الصحابة رضي الله عنهن، وكذا ورد في مشروعية المسح أحاديث رواها البخاري ومسلم وغيرهما من الأئمة، وفيما أوردنا الكفاية، كما ورد العمل به عند كثير من أهل العلم" انتهى النقل.

شروط المسح على العمامة:
1-أن تكون العمامة للرّجل:
يجوز للرَجُل المسحُ على العِمَامة، أي: لا للمرأة، وهو أحد شروط جواز المسح على العِمامة، فلا يجوز للمرأة المسحُ على العِمَامة، لأنَّ لبسها لها حرام لما فيه من التشبُّه بالرِّجَال، وقد لعن رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم المتشبهين من الرِّجال بالنِّساء، والمتشبهات من النِّساء بالرِّجال.

عن عكرمة، عن ابن عباس:
«أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال» (سنن ابن ماجه: المجلد الواحد /تحقيق الشيخ الألباني (9)- كتاب النكاح (22)- باب في المخنثين/ حديث رقم: 1904/ ص: 331 / صحيـح)، هذا الشرط متفق عليه عند أهل العلم.

*2- أن تكون العمامة طاهرة ومباحة:
*يُشترطُ لها -أي للعمامة- ما يُشترَطُ للخُفِّ من: طهارة العين، وأن تكونَ مباحةً، فلا يجوز المسح على عمامةٍ نجسة فيها صورٌ، أو عمامةِ حريرٍ (1).

هنا نازع بعض أهل العلم في صحة اشتراط جزئية وردت في هذا الشرط ألا وهي: (أن تكون مباحة) بينما اتفقوا على عدم صحة المسح على العمامة النجسة، وفيما يلي تفصيل ردهم على من اشترط (أن تكون العمامة مباحة):
- أما المسح على العمامة النجسة فلا خلاف في ذلك بينما المسح على العمامة الحرير فغير مسلّم حيث: يرد على هذا الشرط من خلال القاعدة الفقهية الآتية: (وَإِنْ أَتـى التَّحْرِيـمُ فِـي نَفْـسِ العَمَـلْ أَو شــرطِهِ، فَـذُو فَسَــادٍ وخَلَــلْ).

هـل كـل محـرم يفسـد العمـل مـن أصلـه؟
لا، ليـس كـل منهـي عنـه يفسـد العبـادة إلا بقيـد مهـم وهـو أن يكـون منهيًّ عنـه فـي هـذه العبـادة بالـذات، فهنـاك فـرق بيـن التحريـم العـام والخـاص، فما كـان تحريمًـا خاصًّـا فـي عبـادة أو معاملـة فإنـه يبطلهـا، ومـا كـان عامًّـا لا يبطلهـا مـع التحريـم والإثـم.

مثالـه: لو أكـل الصائـم أو شـرب بَطَـل صيامـه لأنـه محـرم عليـه ذلـك حـال صومـه، ولكـن لو اغتـاب النـاس حـال صيامـه، لـم يبطـل الصيـام ولكنـه آثـم لمـاذا؟! لأن الأكـل والشـرب محـرم فـي الصيـام بخصوصـه والغيبـة محرمـة عمومًـا، فـي الصيـام وغيـر الصيـام (القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / ص: 81 / بتصرف).

*حاصـل كـلام الناظـم:
أن المحـرم إذا وقـع في نفـس العمـل -يعنـي فـي أركانـه وواجباتـه، أو شـرطه- فـذو فسـادٍ وخلـل، أي يوجـب فسـاد العمـل وخللـه، وبيـان هـذا التفصيـل أن ننظـر إلـى متعلـق النهـي ومرجعـه، فـإن كـان النهـي متعلقًـا بـذات الفعـل وراجعًـا إلـى ركـن مـن أركانـه، أو شـرطٍ مـن شـروطه، كالنهـي عـن بيـع الخمـر والخنزيـر، والنهـي عـن الصـلاة بـدون طهـارة، أو قبـل دخـول الوقـت، فإنـه يقتضـي فسـاد العمـل..

وإمـا إن كـان النهـي متعلقًـا بوصـفٍ خـارجٍ، ولا يرجـع إلـى ذات الفعـل ولا شـرطه، فإنـه لا يقتضـي الفسـاد بـل يُحكـم عليـه بالصحـة، لتوفـر شـروط الفعـل وأركانـه، ويُحكـم علـى الفاعـل بالإثـم لارتكابـه الفعـل المنهـي عنـه وذلـك كمـن صلـى وعليـه عمامـة مـن حريـر، أو لابسًـا خاتمًـا مـن ذهـب، فصلاتـه صحيحـةٌ لتوفر شـروطها وأركانهـا، ولُبْسُـهُ لعمامـة الحريـر أو خاتَـم الذهـب محـرمٌ.. انتـــهـى (منظومة القواعد الفقهية للشيخ عبد الرحمن السعدي / شرح د. مصطفى كرامة مخدوم).

3-أن تكون العمامة محنكة أو ذات ذوائب:
مُحَنَّكَةٍ، أَوْ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ، هذا هو الشَّرط الثَّالث لجواز المسح على العِمَامة، فالمحنَّكة هي التي يُدار منها تحت الحنك، وذات الذؤابة هي التي يكون أحد أطرافها متدلِّياً من الخلف، وذات: بمعنى صاحبة، والدَّليل على اشتراط التَّحنيك، أو ذات الذؤابة: أنَّ هذا هو الذي جرت العادةُ بلبسه عند العرب، ولأن المحنَّكة هي التي يَشقُّ نزعها، بخلاف المُكوَّرة بدون تحنيك.

وعارض شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الشرط، وقــــــــال:
(أ) إِنَّه لا دليل على اشتراط أن تكون محنَّكة، أو ذات ذؤابة، بل النصُّ جاء: (العِمامة) ولم يذكر قيداً آخر، فمتى ثبتت العِمَامة جاز المسحُ عليها.

(ب) ولأنَّ الحكمة من المسح على العِمَامة لا تتعيَّنُ في مشقَّة النَّزع، بل قد تكون الحكمةُ أنَّه لو حرَّكها ربما تَنْفَلُّ أكوارُها.

(ج) ولأنَّه لو نَزَع العِمَامة، فإِن الغالب أنَّ الرَّأس قد أصابه العرقُ والسُّخونَة فإِذا نزعها، فقد يُصاب بضررٍ بسبب الهواء؛ ولهذا رُخِّصَ له المسح عليها.. انتهــى.

ملاحظة هامة جدا:
عارض ابن تيمية بقصر المشقة على تقييد صفة العمامة بـ"أن تكون ذات ذوائب أو محنكة" ولكنه لم يختلف معهم في اشتراط المشقة أو العذر لصحة المسح فعنده: "كيفما وجدت المشقة أو العذر جاز المسح سواء بالتحنيك، أو بالتكوير (كثرة كور العمامة) دون تحنيك، أو خشية البرودة... حيث ختم كلامه بـ: "ولهذا رُخِّصَ له المسح عليها".

4- يمسح عليها ما لم يخرج الوقت قياسًا على مسح الخف: وهل يُشترطُ لها توقيت كتوقيت الخُفِّ؟

- اختلف العلماء في ذلك:
فمنهم من قال بالتوقيت قياسًا على ضوابط المسح على الخفين، فجعلوا وقت المسح على العمامة؛ كوقت المسح على الخفين (ثلاثة أيام في السفر، ويوم وليلة في الحضر).

فقال أبو ثور: "إن وقته كوقت المسح على الخفين" (نيل الأوطار شرح منتقى الأخيارللشوكاني / ج: 1/ باب جواز المسح على العمامة / ص: 209).

ومنهم من قال بعدم التوقيت ورفض هذا القياس لعدم العلة الجامعة بينهما، فالخفين بدل عما فرْضُه الغسل، وأما الرأس ففرضه المسح، وما كان على الرأس فآخذ حكمه، ولا يقاس ما حقه المسح على ما كان حقه الغسل، فافترقا.

ولعدم ورود الدليل الصحيح على ذلك، فلا توقيت ولا تحديد لمدة المسح على أغطية الرأس.
* قال ابن حزم في المحلى (2/65): "إن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على العمامة والخمار ولم يوقت ذلك بوقت" انتهى.
وما رواه الطبراني عن أبي أمامة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثًا في السفر، ويومًا في الحضر". في إسناده مروان أبو سلمة: قال ابن أبي حاتم: "ليس بالقوي". وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال الأزدي: "ليس بشيء". وسئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: "ليس بصحيح" (نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار.للشوكاني /ج:1/ باب جواز المسح على العمامة / ص: 209).

وقال الشيخ العثيمين في: (فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام) كتاب الطهارة / ص: 199:
"لا مدة لها لعدم الدليل على ذلك، ولو كانت المدة من شريعة الله لبينها النبي صلى الله عليه وسلم، والقياس على الخفين غير صحيح، وعلى هذا فنقول: ما دمت لابسًا للعمامة فامسح عليها وإذا خلعتها فامسح على الرأس، وليس هناك توقيت".

والخلاصة:
والراجح عدم اشتراط توقيت كتوقيت الخُفِّ والعلة:
(أ) لأنه لم يثبت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه وقَّتها.
(ب) ولأنَّ طهارة العُضوِ التي هي عليه أخفُّ من طهارة الرِّجْلِ، فلا يمكن إِلحاقُها بالخُفِّ، فإِذا كانت عليكَ فامسح عليها، ولا توقيتَ فيها، وممن ذهب إلى هذا القول: الشَّوكاني في (نيل الأوطار)، وجماعة من أهل العلم.

إذن اشتراط التوقيت لصحة المسح على العمامة فيه نزاع بين أهل العلم، فليس شرطا متفقا عليه بينهم.
5- تمسحُ العمامة في الحَدَث الأصغر دون الأكبر: فالعِمامةُ، والخُفُّ، والخِمارُ، إِنما تمسحُ في الحَدَث الأصغر دون الأكبر، والدَّليل على ذلك حديث صفوان بن عَسَّال قال: "كان رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم يأمرنا إِذا كُنَّا سَفْراً ألاَّ ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط، وبول، ونوم" (سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني/ كتاب الطهارة (71) باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم/ حديث رقم:96/ ص: 34/ حديث حسن).

فلو حصل للإِنسان جنابة فإنه لا يمسح، بل يجب عليه الغُسلُ؛ لأنَّ الحدث الأكبر ليس فيه شيء ممسوح، لا أصلي ولا فرعي، هذا الشرط متفق عليه بين أهل العلم فلم يثبت فيه نزاع فيما نعلم.

6- أن يكون لبسها -أي العمامة- على طهارة قياسًا على الخف، ولكن هذا قياس غير صحيح لأمرين:
1- الأمر الأول: أنه لم يذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أمر الإنسان أن يلبس العمامة على طهارة، مع أنه لو كان شرطًا لكان مما تتوفر الدواعي على نقله، فلما لم يرد قلنا: الأصل عدم الاشتراط.

2-الأمر الثاني: أن القياس لا بد فيه من مساواة الفرع للأصل، وهنا لا توجد مساواة، وذلك بأن الرّجل مغسولة والرأس ممسوح، فتطهير الرأس قد سُهل فيه من أصله حيث إنه مُسح، فإذا كان سُهل فيه من أصله، فلا يمكن أن يُقاس الأسهل على ما هو أصعب منه، فيقال: كما سُهل في أصله -أصل تطهير الرأس- كذلك يسهل في الفرع وهي العمامة التي تلبس عليه" انتهى النقل من: (فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام/ للعثيمين/ ج: 1/ كتاب الطهارة/ (5) باب: المسح على الخفين/ ص: 231).

هذا الشرط فيه نزاع بين أهل العلم حيث لم يتفقوا على اشتراط لبس العمامة على طهارة لصحة المسح عليها
وردوا على قياس المشترطين بما سبق تفصيله من الأدلة التي تثبت عدم صحة القياس.

ملخص الشروط المتفق عليها لصحة المسح على العمامة:
1- أن تكون العمامة للرّجل.
2- أن تكون طاهرة غير نجسة.
3- أن يشق نزعها دون التقيد بحال معينة للمشقة بل كيفما (وقعت المشقة أو وُجِد العذر جاز المسح).
4- تمسحُ العمامة في الحَدَث الأصغر دون الأكبر.

- ملخص الشروط غير المتفق عليها لصحة المسح على العمامة:
1- أن تكون مباحة (ليست حريرًا مثلا).
2- اشتراط توقيت للمسح.
3- أن تلبس على طهارة.
4- اشتراط كونها محنكة أو ذات ذوائب، وقصر المشقة على ذلك.

- هل خلع الممسوح عليه يبطل الوضوء الممسوح فيه؟ وهل على من فعله استئناف الطهارة إذا أراد الصلاة؟
قال الشيخ العثيمين في: (الشرح الممتع على زاد المستقنع/ ج: 1/ كتاب الصلاة/ باب المسح على الخفين / ص: 215): "العِمَامة إذا ارتفعت عمّا جرت به العادة فإِنه يلزمه أن يستأنفَ الطَّهارة، ويمسحَ على رأسه، وهذا بالنسبة للعِمَامة مبنيٌّ على اشتراط الطَّهارة للبسها، وعلى القول بعدم اشتراط الطَّهارة بالنسبة للعمامة فإِنه يعيد لفَّها ولا يستأنف الطَّهارة".

- مسـألـة:
إذا خلع الخُفين ونحوهما -مثل العمامة أو الخمار- هل يلزمُه استئناف الطَّهارة؟
- اختُلِفَ في هذه المسألة على أربعة أقوال:
القول الأول: "ما ذهب إليه المؤلِّفُ رحمه الله أنه يلزمه استئناف الطَّهارة، حتى ولو كان ظهورها بعد الوُضُوء بقليل وقبل جفاف الأعضاء، فإِنه يجبُ عليه الوُضُوء، والعِلَّة: أنَّه لمَّا زال الممسوحُ بطلت الطَّهارة في موضعه، والطَّهارةُ لا تتبعّضُ، فإِذا بطلت في عضوٍ من الأعضاء بطلت في الجميع، وهذا هو المذهب".

القول الثاني: "أنه إِذا خلع قبل أن تَجِفَّ الأعضاء أجزأه أن يغسل قدميه فقط، لأنَّه لمَّا بطلت الطَّهارةُ في الرِّجْلَين؛ والأعضاء لم تنشَفْ فِإنَّ الموالاة لم تَفُتْ، وحينئذٍ يبني على الوُضُوء الأوَّل فيغسل قدميه".

القول الثالث: "أن يلزمه أن يغسلَ قدميه فقط، ولو جفَّت الأعضاءُ قبل ذلك وهذا مبنيٌّ على عدم اشتراط الموالاة في الوُضُوء".

القولُ الرَّابعُ: "وهو اختيار شيخ الإسلام أن الطَّهارة لا تبطل سواء فاتت الموالاة أم لم تَفُتْ، حتى يوجد ناقضٌ من نواقض الوُضُوء المعروفة، لكن لا يعيده في هذه الحال ليستأنف المسح عليه؛ لأنَّه لو قيل بذلك لم يكن لتوقيت المسح فائدة؛ إِذ كلُّ مَنْ أراد استمرار المسح خلع الخُفَّ، ثم لَبسه، ثم استأنف المدَّة".

وحجته: "أن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعيٍّ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعيٍّ، فإِنه لا ينتقض إلا بدليل شرعيٍّ، وإِلا فالأصل بقاء الطَّهارة، وهذا القول هو الصَّحيحُ، ويؤيِّده من القياس: أنَّه لو كان على رَجُلٍ شَعْرٌ كثيرٌ، ثم مسح على شعره؛ بحيث لا يصل إلى باطن رأسه شيء من البلل، ثم حلق شعره بعد الوُضُوء فطهارتُه لا تنتقض" انتهــــى بتصرف.

- جاء في كتاب: (تمام المنة في التعليق على فقه السنة) لشيخنا الألباني رحمه الله تعالى: تعليق الألباني على قول مصنف (فقه السنة): يبطل المسح على الخفين: (1) انقضاء المدة. (2) الجنابة. (3) نزع الخفين. ص: 114/ 115 ما نصه: "...فأما الأمر الأول والثالث فلا دليل عليهما ألبتة؛ ولذلك قال شيخ الإسلام في: (الاختيارات) (ص9): لا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما، ولا بانقضاء المدة (1)، ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه، وهو مذهب الحسن البصري، كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور"، قلتٌ -أي: الألباني-: "وما ذكره عن الحسن البصري علقه البخاري عنه في: (صحيحه) (1/225)، وقال: قال الحسن: إن أخذ من شعره وأظفاره، وخلع خفيّه، فلا وضوء عليه".

- قال الحافظ: "التعليق عنه -الحسن- للمسألة الأولى وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، ووافقه على ذلك إبراهيم النخعي وطاوس وقتادة وعطاء وبه كان يفتي سليمان بن حرب وداود".
قلتُ -الألباني-: "وهذا مذهب علي بن أبي طالب أيضًا، فقد أخرجه البيهقي (1/388)، والطحاوي في: (شرح المعاني) (1/58)، عن أبي ظبيان أنه رأى عليا رضى الله عنه بال قائما، ثم دعا بماء، فتوضأ ومسح على نعليه، ثم دخل المسجد، فخلع نعليه ثم صلى، زاد البيهقي: (فأمَّ الناس) وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين البخاري ومسلم" (انتهى النقل بتصرف من كتاب: تمام المنة...).

وقال الشيخ العثيمين في كتابه: (شرح صحيح البخاري) معلقًا على ما أورده البخاري رحمه الله من أثر عن الحسن البصري: قوله: "قال الحسن: إن أخذ من شعره وأظفاره، وخلع خفيّه، فلا وضوء عليه". إذا رأيت كلام الحسن رحمه الله وفتاويه علمت إنه من الفقهاء حقا، يقول: "إن أخذ من شعره وأظفاره، وخلع خفيّه، فلا وضوء عليه".

بمعنى رجل أخذ من شاربه بعد أن غسل وجهه وانتهى من وضوئه فلا ينتقض وضوءُه، ورجل لما انتهى من الوضوء حلق رأسه فلا ينتقض وضوءُه أيضا، وهو إشارة إلى قول أخر يعارضه، يقول: "إذا قص أظفاره، أوقص شاربه، أو حلق رأسه انتقض وضوءُه"؛ لأن جزءًا من الأعضاء الذي وقع عليها التطهير انفصل وزال، لكن هذا القول ضعيف جدا، ولم يقل به إلا ندرة من العلماء، فالصواب أن وضوءه باقٍ.

- وقوله: "أو خلع خفيه" هذا من الفقه يقول: "إذا خلع خفيه فوضوءه باقٍ"؛ لأن خلع الخفين كحلق الرأس فكلاهما ممسوح، فحلق الرأس بعد الوضوء لا ينقض الوضوء، وخلع الخف بعد الوضوء لا ينقض الوضوء
وهذا قياس جيد، ولا يرد عليه أن يقول قائل: "المسح في الرأس أصلي، والمسح في الخف بدل، يقال العلة أنكم تقولون: إن عضوًا أو جزءًا من البدن الذي ورد عليه التطهر قد زال، هذه العلة في نقض الوضوء".

فنقول أيضًا: "الرأس إذا مسحه ثم أزاله، فقد أزال شيئًا مما وقع عليه التطهير، فيلزمكم إما أن تقولوا بانتقاض الوضوء بحلق الرأس، وإما أن تقولوا بعدم انتقاض الوضوء بخلع الخفين، ثــــــــم لدينا القاعدة التي ذكرناها آنفًا وهي: (ما ثبت بدليل شرعي لا ينتقض إلا بدليل شرعي)، فأين في القرآن والسنة أن الخلع ينقض الوضوء؟ مع أن خلع الخفين كثير في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس من الأمر النادر؟ فهو مما تتوافر الدواعي على نقله، لو كان الوضوء يُنقض بخلع الخفين" (انتهى النقل: ج1 /كتاب:الوضوء /باب: (من لم ير الوضوء إلا من المخرجين/ ص:336).

* الخلاصة مما سبق:
* إن خلع الممسوح عليه -وهو العمامة أو الخمار في مسألة مدارستنا- لا يبطل الوضوء الممسوح فيه، ولا يلزم من خلعها -العمامة- بعد أن مسح عليها استئناف الطهارة -أي:وضوءًا جديدا- إذا أراد الصلاة؛ حيـــــــــث:

1- (ما ثبت بدليل شرعي لا ينتقض إلا بدليل شرعي)، وقد توضأ الماسح على العمامة -الخمار- وليس خلعه لها بعد مسحه عليها من نواقض الوضوء الثابتة بالشرع.

2-أثر عليّ بن أبي طالب الذي أورده الألباني في (تمام المنة): "عن أبي ظبيان أنه رأى عليا رضى الله عنه بال قائما، ثم دعا بماء، فتوضأ ومسح على نعليه، ثم دخل المسجد، فخلع نعليه ثم صلى" زاد البيهقي: "فأم الناس".
ومع أنه ورد في النعل إلا أن العمامة تقاس على النعل في هذا الحكم إذ كلاهما مما يمسح عليه.

3 - أثر الحسن البصري الذي علقه البخاري، ووصله ابن حجر، واحتج به الألباني في: (تمام المنة):
قال الحسن: "إن أخذ من شعره وأظفاره، وخلع خفيّه، فلا وضوء عليه".
وإن كان هذا الأثر لا ذكر فيه لخلع العمامة إلا إنها تُقاس على قص الشعر الممسوح عليه لأنها في معناه.
_________________
(1)-قلتُ: "يقصد مدة مسح الخف دون العمامة لأنه لا توقيت للمسح عليها -على الراجح- كما سبق بيانه.


هل يندرج المسح على الرأس الملبد بالعسل، أو الحناء أو المدهون، أو ما في معناه تحت جواز المسح على العمامة؟
قال الشيخ العثيمين في (الشرح الممتع على زاد المستقنع/ج: 1 /كتاب الصلاة /
باب المسح على الخفين / ص: 215): "لو كان الرَّأس ملبَّداً بحنَّاء، أو صمغ، أو عسل، أو نحو ذلك فيجوز المسح؛ لأنه ثبت أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في إحرامه ملبِّداً رأسَه فما وُضع على الرَّأس مِنَ التَّلبيد فهو تابع له، وهذا يدلُّ على أن طهارة الرَّأس فيها شيء من التَّسهيل".

وعلى هذا: فلو لبَّدت المرأة رأسها بالحِنَّاء جاز لها المسحُ عليه، ولا حاجة إلى أن تنقض رأسَها، وتَحُتُّ هذا الحنَّاء، وكذا لو شدَّت على رأسها حُليًّا وهو ما يُسمّى بالهامة، جاز لها المسحُ عليه؛ لأننا إِذا جوَّزنا المسح على الخمار فهذا من باب أَوْلَى.

وقد يُقال: "إن له أصلاً وهو الخاتم، فالرَّسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس الخاتم ومع ذلك فإِنَّه قد لا يدخل الماءُ بين الخاتم والجلد، فمثل هذه الأشياء قد يُسامِحُ فيها الشَّرع، ولا سيما أن الرَّأس من أصله لا يجب تطهيرُه بالغسل، وإنما يطهرُ بالمسح، فلذلك خُفِّفَتْ طهارتُه بالمسح" (انتهـــــى بتصرف).

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
والله أسأل أن يتقبل عملنا جميعا إنه بكل جميل كفيل هو مولانا ونعم الوكيل.

  • 11
  • 0
  • 28,437

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً