الأسد والعلويون .. من المستفيد من الآخر؟

منذ 2012-09-06

أكاد أجزم أن هذا السؤال بالإضافة إلى التعبئة العقدية التاريخية هي أكثر ما يؤرق العلويين في سوريا ويمنع الكثير منهم من تحديد موقفه من الثورة.


لا تتجاوز نسبة الطائفة العلوية في الشعب سوريا 5-10% من إجمالي عدد السكان، فلا يمكن مقارنة هذه النسبة بنسبة أهل السنة في سوريا ذات الامتداد العريق والأصول الساحقة والأغلبية الغالبة، أما جذورهم السياسية في المنطقة فلم يكن للعلويين أي امتداد سياسي مؤثر في هذه المنطقة، بل وفي سائر المناطق التي يتواجدون فيها.

لن أنحرف عن فكرتي لأدخل في سرد تاريخي جغرافي عقدي لتبيين نشأة النصيرية وعقائدها وأماكن توزعها الجغرافي ولا عن نشأة المذهب وأصول عقائده، يكفيني أن أبين أن هذه الطائفة كانت طائفة مسحوقة مهمشة لم يكن لها أي تأثير عسكري ولا سياسي طيلة فترة وجودها في أرض الشام ابتداء من عصر الحملات الصليبية وحتى عصر حافظ الأسد، فإذا عرفنا أن حافظ الأسد هو أول رئيس نصيري يتولى مقاليد الحكم في سوريا أحسسنا بمقدار النشوة التي سيشعر بها النصيريين لحدث مثل هذا ألا وهو استيلائهم على الحكم ولو لم تكن أصلاً هذه المسألة في اعتبار حافظ الأسد يومها.

إلا وأنه جراء الظروف التي أحاطت بالانقلاب الذي قام به حافظ الأسد من انشقاق حزب البعث وانقسامه إلى يمين ويسار كان لا بد لحافظ الأسد أن يوطن معالم حكمه، ويعمق جذور عائلة الأسد في حكم سوريا، فلم يكن أمامه إلا الاعتماد على القومية الحزبية، والتي قد تخون أحياناً أو بالارتكاز على أركان الطائفة، وفعلاً بدأ حافظ الأسد بتوزيع أركان قيادته والمناصب القيادية على أفراد الطائفة العلوية بطريقة شبه حصرية، أو على قلة قليلة من غيرهم من البعثيين الغير متدينين وإقصاء تام وواضح لأفراد الطائفة السنية لا سيما المتدينين منهم من جميع المناصب القيادية في البلد، من هنا أحس العلويون بالتمكين وبنشوة السلطة وبلذة الانتصار ولم يقتصر الإقصاء الذي كان يمارسه نظام الأسد على أهل السنة فقط، بل شمل كافة أفراد الشعب السوري من غير العلويين والبعثيين شديدي الولاء له فشملت النصارى والأكراد.


الطائفية وظلالها في الثورة السورية:

الطائفية كلمة ذات حساسية شديدة يحاول تجنبها الكثير من المفكرين والمحللين لئلا يوصموا بالطائفية أو المذهبية حتى وإن كلفهم ذلك مخالفة العقل والمنطق والتستر بأستار الاتزان المختل والحياد الضبابي، دعونا نكون صريحين ونحن نرى هذه المجازر الوحشية التي يرتكبها شبيحة الأسد -ذوي الغالبية العلوية- في الشعب السوري بأطفاله ونسائه وشيوخه، مجازر لا يكاد المسلمون يشهدون نظيراً لها إلا ما فعله الصرب في البوسنة، والروس الشيوعيون في القوقاز، واليهود في صبرا وشاتيلا.

نعم بشار مجرم ومتوحش لكنه لا يقتل بيده، تُرَى ما الذي يدفع جندي حقير قد لا يعرفه بشار أصلاً لممارسة القتل بأبشع صورة ؟!فيمسك سكين ليجز بها رأس طفل صغير لم يعرف بعد معنى الموت، ولا معنى الإجرام والوحشية، أي نفس شريرة متوحشة يخفيها هذا المجرم، لا بد وأن نعترف بأنها التعبئة العقدية ضد هذا الطفل ومذهبه إنه الحقد المتكلس في صدر هذا الجندي ولا شيء سوى ذلك حتى وإن حاول تجنب هذه الحقيقة، فإن الحقائق لا تغطيها كآبة المثالية وترهات المنطق.

دعونا نكون أكثر صراحة كيف يمكننا تجنب الحديث عن الطائفية، ونحن نرى بيوت العلويين تتحول إلى مسالخ للثوار من أهل السنة ونرى أحيائهم قد أصبحت معاقل عسكرية ترمى منها قذائف الهاون على الأحياء السُنِّية، ولنكون أكثر صراحة أيضاً ما الذي منح صنم بشار المتهالك كل هذا الصمود طيلة هذه المدة سوى الاصطفاف العلوي معه وتحت جناحه يمثله بذلك قيادات الجيش العلوية والمواطنين العلويين المندسين والخونة، نعم هناك شرفاء علويين لكننا نسمع بهم ولا نراهم، أكثر الانشقاقات من الجيش السوري هي انشقاقات لقيادات سنية وأكثر القتلى هم من الأحياء السنية.


ما الذي سيحدث للعلويين حينما يسقط بشار:

أكاد أجزم أن هذا السؤال بالإضافة إلى التعبئة العقدية التاريخية هي أكثر ما يؤرق العلويين في سوريا ويمنع الكثير منهم من تحديد موقفه من الثورة.

يخشى العلويين من سقوط بشار وبذلك سقوط حكم العلويين معه ثم يتقهقر موقفهم السياسي إلى الوراء، يخشون العزلة السياسية والمذهبية، لذلك هم يقاتلون مع بشار مستصحبين في ذلك عقيدتهم الإرهابية.
هذا هو الشعور الذي يساور العلويين الذين يحسون بأن بشار هو آخر معاقل حكمهم وهو الحصن الحصين والحامي لهم وبسقوطه تكون قد شارفت نهايتهم.

فإذا عرفنا كل هذا وعرفنا كيف استفاد بشار منهم في قمع الثوار واستئصالهم وحرقهم بأبشع الصور وأحقر الطرق عرفنا أن هذه العلاقة بين عائلة الأسد والعلويين علاقة احتواء واحتماء حرصُا على البقاء.


أحمد الدخيل الله العنزي

 

  • 4
  • 0
  • 2,006

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً