الدولة العلوية.. حقيقة أم وهم؟
ملفات متنوعة
( الدولة العلوية، خيار الأسد الأخير) هو عنوان كتيّب، 65 صفحة، مهم في موضوعه وفي توقيته، من تأليف الدكتور إبراهيم حمامي، صدر في لندن في شهر يوليو/ تموز 2012م.
الكاتب /مهند الخليل
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
( الدولة العلوية، خيار الأسد الأخير) هو عنوان كتيّب، 65 صفحة، مهم في موضوعه وفي توقيته، من تأليف الدكتور إبراهيم حمامي، صدر في لندن في شهر يوليو/ تموز 2012م.
العنوان مباشر لأن لدى المؤلف قناعة راسخة بأن بشار الأسد يخطط لإقامة دولة علوية في الساحل السوري، إذا اضطرته ثورة الشعب السوري إلى التنحي عن حكم سوريا كلها، بل إن حمامي يجزم بأن لهذا المشروع الهدام تحضيرات فعلية وخلفيات تاريخية، مع تنبيه إلى أن هذا الحديث لا ينبع من موقف طائفي، وبخاصة أن المؤلف يعتقد أن أكثرية الطائفة العلوية لا تؤيد مسعى الأسد وعائلته وحفنة من أزلامه.
وتتألف هذه الدراسة من أربعة أجزاء، هي:
1- خلفية تاريخية
2- البدء بتنفيذ المخطط
3- مواقف إقليمية ودولية من المخطط
4- المطلوب لإجهاض المخطط الطائفي مع ترجيح الكاتب أن الفضح الذي تمارسه دراسته خطوة مهمة من خطوات التصدي الواجب لهذا المخطط الإجرامي.
في التأصيل التاريخي يؤكد (د. حمامي) أن حزب البعث القومي في شعاراته نشأ نشأة طائفية، فاللجنة العسكرية التي قامت في ما بعد بانقلاب (8 آذار 1963م) الذي جاء بالبعث إلى التسلط على سوريا، كانت تتألف من خمسة أشخاص، ثلاثة منهم علويون (محمد عمران، صلاح جديد، حافظ أسد) والاثنان الآخران إسماعيليان (أحمد المير، عبد الكريم الجندي)!
وقد اتخذ هؤلاء الطائفيون واجهة سنية تتصف بالغفلة وهي شخصية أمين الحافظ، ثم تآمرت عليه بالتعاون مع سليم حاطوم (درزي) لكي تتفرد بالسلطة بين (1966، 1970م)، وفي اثناء هذه السنوات تآمر العلويون على الدروز فتخلصوا من حاطوم ثم من الجندي، ليصبح القرار المستبد في يد الضباط العلويين الكبار، وفي عام 1970 تخلص الأسد من رفاق دربه فزج (صلاح جديد) في السجن حتى مهلكه، ثم طارد (محمد عمران) فقتله في منفاه بلبنان، ليجعل من سوريا مزرعة لعائلته بحماية جيش واستخبارات متوحشة تخضع كلها لسيطرة طائفية بغيضة، بل لعشيرة الكلبية القراحلة التي ينتمي الأسد إليها.
ولكي يتاح للقارئ غير المطلع على التاريخ، يعود المؤلف إلى فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا في عام1920م، حيث قرر الجنرال (غورو) تقسيم سوريا إلى ست دويلات، هي: (دولة دمشق، دولة حلب، دولة لبنان الكبير، دولة العلويين، دولة جبل الدروز، لواء الإسكندرون المستقل)، لكن المؤامرة الاستعمارية فشلت نتيجة إصرار الشعب السوري على وحدة سوريا.
والاستثناء الوحيد من الموقف الوطني السوري الموحد، جاء على يد زعماء علويين كبار كتبوا إلى رئيس الحكومة الفرنسية ليون بلوم يطالبون بعدم رحيل الاحتلال الفرنسي عن سوريا لئلا يحكمهم أهل السنة، وحرصاً منهم على إقامة دولة لليهود في فلسطين (الوثيقة محفوظة في أرشيف الخارجية الفرنسية تحت رقم 3547 وتاريخ 15/ 6/ 1926م!).
وقد عملت فرنسا على تعزيز الأقليات على حساب أهل السنة، تتراوح نسبتهم إلى إجمالي السكان ما بين (77 و85%)، وذلك عندما أنشأت جيشاً تابعاً لها باسم: (جيش المشرق) سيطر عليه أبناء الأقليات الدينية وجرى تهميش الأكثرية السنية، فضلاً عن التركيز على الأكراد والشركس والبدو، لكي يكون التمثيل السني غير متجانس عرقياً، لئلا يصبح حضورهم موحداً وفاعلاً في مواجهة الأقليات الطاغية.
ولا يسعنا في عجالة كهذه التعريج على ما عرضه المؤلف عن سياسات (الأسد) الأب ثم (الابن) الطائفية المريضة، ثم حديثه عن علامات مخطط الخيار الأخير لبشار بإقامة دولة علوية في الساحل السوري، فقراءتها في الكتاب ضرورية، لكننا نتحفظ بشدة على اتهام فضيلة الشيخ عدنان العرعور بالتشدد السلفي الطائفي، وذلك من خلال متابعتنا الدائمة لبرامجه، ومن خلال توقيعه على وثيقة القاهرة لتجريم الطائفية، ولا يشفع للمؤلف إزاء خطأ فادح وظالم كهذا، أن ينقله عن آخرين إذ إن سرده دون تعليق يعني قبول الباحث به.
والاتهام الأسوأ من سابقه: الافتراء على الدولة العثمانية أنها ظلمت السوريين على مدى أربعة قرون وأنها اضطهدت الأقليات، فتلك فرية يشهد التاريخ بحزم على نقيضها.
وهنالك أغلاط في بعض المعلومات قد تسيء إلى صدقية الكتاب فيستغلها أذيال النظام الأسدي ضده، ومنها نسبة كل من ضابطي الاستخبارات: (محمد خلوف، ومحمد ديب زيتون) إلى الطائفة العلوية فهما من عائلات سنية 100%، لكنهما منسلخان عن ربقة الدين بحكم ولائهما الأعمى للنظام الكافر الفاجر الحاقد على دين الله تعالى.