بين الصور العارية والرسوم المسيئة

منذ 2012-09-24

تتجلى الإزدواجية الغربية في التعامل مع القضيتين اللتين تزامنتا -قدراً- ونُشرتا في صحف فرنسية ودنماركية. والإزدواجية هنا لا تتعلق فقط بالمحاكم والمؤسسات الرسمية بل تصل إلى الإعلام وعموم الشارع في الغرب..


لماذا يُعتبر نشر صور دوقة كامبريدج عارية انتهاكاً للخصوصية؟

وتنتفض له محاكم الغرب! وتطالب الصحيفة الناشرة بتسليم الصور الأصلية للدوقة!

وتُمنع نشر مثل هذه الصور في وسائل الإعلام! بينما يعتبر نشر صور مصطنعة وغير صادقة ومسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم "حرية تعبير" مقدسة لا يجب انتهاكها!

بالنظر إلى هذه "الحرية" في الغرب، تبدو الازدواجية في التعامل هي المقدسة في الواقع، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين.

وفيما يخص الصور الأولى؛ هناك عدة حقائق لا يمكن إنكارها وهي أن الأميرة كيت ميدلتون ارتكبت ذلك الفعل الفاضح وتعرّت تحت السماء المكشوفة، وبوجود زوجها غير مبالٍ إلى جوارها، وبوجود أشخاص آخرين كذلك بصحبتهم، وتمَّ ذلك خلال عطلة مُعلنة ومخطط لها مُسبقاً وتعرف وسائل الإعلام وقتها ومكانها.

والخلاصة.. لم تكن الصور التي نشرت سوى نقل إعلامي لهذا "الحدث" أو "الخبر" عن وقوع هذا الفعل المُشين الذي ارتكبته الأميرة البريطانية على الملأ.


أما في الرسوم الأخيرة.. فالحقيقة تختلف تماماً؛ لأن تلك الرسوم هي محضُ خيالِ راسمُها وتصوراته المريضة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي ليست نقلاً لأي واقع بل تمثّل "رأي" و"تعليق" صاحبها، مثلها مثل أيّ مقالة تنشر على مسؤولية الصحيفة أوالكاتب.

ويعرف الصحفيون خصوصاً الفارق بين كتابة "الخبر" وكتابة "مقال الرأي"، وكيف أن نقل الخبر بكل تفاصيله وواقعيته وبشفافية صور تعبر عن نفسها وتَحكي الخبر في ذاتها -خاصة عندما يتعلق الأمر بسياسيي البلاد- لا يمكن أن يمثّل جريمة نشر، بينما كتابة مقال الرأي تُحمّل كاتبها وناشرها مسؤولية أي إساءة أو تشويه أو سبٍ وقذف في حقّ الشخصيات العامة، وتدخل ضمن جرائم النشر.

وهنا تتجلى الإزدواجية الغربية في التعامل مع القضيتين اللتين تزامنتا -قدراً- ونُشرتا في صحف فرنسية ودنماركية. والإزدواجية هنا لا تتعلق فقط بالمحاكم والمؤسسات الرسمية بل تصل إلى الإعلام وعموم الشارع في الغرب.


فعندما نُشِرت صور ميدلتون، استحضرت وسائل الإعلام الغربية مأساة الأميرة الراحلة ديانا -والدة الأمير المتعلق بالواقعة- التي "دمر مصورو الفضائح [الباباراتزي] حياتها بسبب صور مشابهة" بحسب تعبيرات الصحف الغربية.

لكن تلك الصحف سدّت آذانها عن المآسي التي وقعت في عدّة أنحاء بالعالم الإسلامي والغربي عندما نُشِرت رسوم مُسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في جريدة دنماركية في أواخر 2005م، بل ووضعت ذلك في إطار "ردود فعلٍ عنيفة من جانب المسلمين الغاضبين".

ويجد المُتابع لتعليقاتِ الجمهور الغربي على القضيتين في الصحف الأجنبية مشابهاً، فالكل -باستثناء المعجبين بالصور الفاضحة- مُتعاطف مع الأميرة "المظلومة" التي اُنتهكت "خصوصيتها"، بينما يُدافعون بشراسةٍ عن حرية التعبير المزعومة فيما يتعلق بالرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، بل ويُطالبون راسمها بالمزيد من هذه الأعمال "الفنية المعبرة".

وتبقى الإشارة إلى أن عموم الناس في الغرب لا يعتبرون أن ما فعلته ميدلتون مُشين أساساً، فهم يفعلون مثلها في عُطلاتهم وعلى شواطئ البحر وأمام العامة، لكن آكلي لحوم الخنزير هؤلاء -وياللعجب- يرفضون نشر الصور فقط لأنها اُلتقطت دون علمها ونُشرت دون موافقتها.


نسيبة داود

 

  • 5
  • 0
  • 1,981

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً