تُرى من هو المُسيء؟

منذ 2012-09-30

لقد خرج شعبنا بمُظاهراتٍ حاشدة نصراً لنبيه صلى الله عليه وسلم ولكن هل التزم خلالها بالأخلاق التي أمره بها نبيه هلا نصرَ نبيه بالتزامه بهذه الأخلاق؟


قالوا لقد أهين نبيكم بفلم رخيص أنتجه يهوديٌ حاقد فتنبهوا يا مسلمين، وخرجت جموع المسلمين كأنها الأمواج المتلاطمة لا أوّل لها ولا آخر في شتى البلاد الإسلامية، خرجت ثائرة لنبيها الذي أُسيء إليه غاضبة لكرامتها المهدورة ثم....

ثم كان قتل السفير الأمريكي في بنغازي، واقتحام سفارات أميريكا في مصر وتونس وغيرهما من البلاد، ثم تتابعت الأحداث وحرّكت أمريكا بارجتين حربيتين وعدداً من جنود "المارينز" لحماية سفارته في بنغازي وملاحقة "الإرهابيين" على حدّ قولها ولن يطول علينا المَشهد؛ حتى نَرى هذه الدولة المتغطرسة وقد تدخّلت في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ في البلد الذي دفع شبابه عشراتِ الآلاف من الأرواح في سبيل حريته ومجدَه، ويظن المسلمون أنهم بذلك قد انتصروا لنبيهم وأرجعوا لأنفسهم كرامتهم المهدورة.

وما علموا أنه في كل يوم تُنتهك حرمات الله، ويُساءُ إلى دينه، ويُسفك دمّ عباده في الشام وأن "محاكم التفتيش" تُدبّر المَجازر الجماعية يحق إخوانٍ لهم في إقليم "أراكان" في بورما. ألم يأنِ لنا نحن المسلمين أن نفهم.... ألم يأنِ لنا نحن المسلمين أن نكون على جانب من الوعي في ما يُحيط بنا من مُجرياتِ الأحداث ونتصرّف كما ينبغي لنا وِفق وعيٍ دقيق وعمل منضبط مركز؟!

وهل نشر فلمٍ وضيع لم يُنشر إلا على الإنترنت ولم يُعرض في دور السينما إلا بفضل "الغوغاء" مِنّا، لقد ساهمنا نحن المسلمين -إي والله- في نشر الفلم الوضيع؛ أكثر مما ساهم فيه مُنتِجه والعاملون فيه ومن روجوه وكأننا تسلّمنا عن مُنتجِه الوضيع مَهمّة الدعاية والإعلان فخدمناه خِدمة العمر، تُرى هل كان يَحلم بمثل هذه الشهرة له ولفلمه لولا "جهودنا" المبذولة في النشر والدعاية؟!

أنا لا أقول أنه كان ينبغي لنا أن نسكتْ عن هذا التصرّف المُسيء؛ لا ليس هذا ما أدعو إليه، ولكنني أدعو إلى عملٍ أكثرَ وعياً وانضباطاً، عمل يخدمُ ديننا وقضيتنا أكثر من مُجردِ الخروج في مُظاهرات غاضبة -ويا ليتها كانت على الأقل مُظاهرات مُنضبطة- نحن بحاجة إلى أن ننتصرَ لنبينا بأخلاقنا التي حضّنا عليها النبيُ نفسه أولاً، ثم بالتماس أسباب القوةِ التي حضّنا عليها القرآن ثانياً، وبالتقدُّم في مَجالات العلم والبحث ثالثاً، فنعرضُ إسلامنا لغيرنا من الأُمم بأخلاقنا، وننصرُ نبينا وديننا بِقوتِنا ونتقدّم في مَجال العلمِ والفكر حتى نقدّم للبشرية ما ينفعها.


يا إخوان:

إننا بحاجة للتوحّد في سبيلِ نهضتنا وخدمة ديننا حتى تُرفرف رايته خفاقة فوق سمائنا، وبذلك نكون قد نصرنا نبينا حقاً لا بالشعارات والهتافات التي ليس يتبعها عملٌ واعٍ مركّز، وبلاد الشام الجريحة من يَنظر إليها يُداوي جِراحها ويُسعف وِجدانها المَطعون، وأهلُ بورمة المسلمون من يتطّلع إلى ما يَحلُّ بهم من مآسٍ ومجازرَ فينتفض لهم ويثور من أجلهم، وأطفال الصومال الجائعون من يَحزن لهم فيحنُّ عليهم ويُساعدهم في لقمَة العيش التي هُم بأمسِّ الحاجة إليها؟!

في كل لحظة تُنتهك حُرمات الله في أصقاع البلاد الإسلامية ولكن أحداً من المسلمين لم يُحرّك ساكناً ليثأر لشابٍ مقتول، وأُُمُّ ثكلى، وطفلٍ يتيم لم ينتفض أحدٌ ليثأر لمن يُقتل في سبيل دينه ويُقاسي آلام التشريدِ لأجلِ أنه يقول قولة الحق، لقد خرج شعبنا بمُظاهراتٍ حاشدة نصراً لنبيه صلى الله عليه وسلم ولكن هل التزم خلالها بالأخلاق التي أمره بها نبيه هلا نصرَ نبيه بالتزامه بهذه الأخلاق؟

ثم هل يخرج المسلم في المُظاهرة ثم يرجعُ إلى بيته وقد فرّغ شُحنة الغضبِ التي انتابته نتيجةَ الإساءة؛ ورجع إلى ما كان عليه من لعبٍ ولهوٍ، لقد كان من الأنسب تركُ هذا الفلم في غياهبِ الإنترنت مادام لن يَخرج إلى غيرها وعدم نشره وتقديم الدعاية له بمثلِ هذا الأسلوب الخاطيء الذي انتهجه بعضنا في إنكار الفلم ثم وضع رابطه حتى الذي يدل على مكانه ليراه من يراه؟!


محمد كساح

 

  • 3
  • 0
  • 2,322

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً