كشف حساب (مرسي) خلال مائة يوم

منذ 2012-10-12

لا يمكن الحكم على الرئيس مرسي في ظل الظروف الآنية خلال 100 يوم بل يحتاج على الأقل لعامٍ كامل، ولكن أكثر ما يخشاه المخلصون من أبناء هذا الوطن هو حالة التربُّص التي تُحيط بالنظام الحاكم لمجرد أنه ينتمي للتيار الإسلامي..


في خطاب هو الأول من نوعه للرئيس المصري محمد مرسي بعد مرور الـ 100 يوم الأولى على حكمه للبلاد في جمع جماهيري غفير، سرد كشف حساب لما قام به من انجازات، وأوضح وجود بعض القصور في بعض الملفات..

وقد تعرّض الخطاب لقراءات عديدة ما بين مُنتقد ومُشيد ومُتحفظ ... وما لفتني في الخطاب وما دار حوله من حوار بين فئات المجتمع أمور عدة أهمها: أن الخطاب يُكرّس لمرحلة جديدة بين الحكام والمحكوم في مصر حيث يربط الحاكم بوعود محددة ويكون مسؤولاً أمام شعبه بالوفاء بها ثم يقف عارضاً ما تم أمام الشعب الذي من حقه أن يقتنع أولا يقتنع بما قاله.

الأمر الآخر هو حالة التصيد التي أحاطت بكشف الحساب حتى من قبل الإعلان عنه ومرور فترة الـ 100 يوم حتى وصل الأمر أن صرح بعضهم بأنه ينتظر بفارغ الصبر انتهاء الـ 100 يوم حتى يكيل الذمّ للرئيس مرسي، ومن هذا التصيد الذي ظهر في انتقادات المناوئين للتيار الإسلامي وقوفهم عند أشياء فرعية وصغيرة مثل أن الرئيس لم يدع رئيس المجلس العسكري السابق ونائبه للاحتفال رغم وجود قيادات أخرى كثيرة من الجيش، وأن عدداً من الإسلاميين الذين تورطوا في اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات كانوا حاضرين رغم قضائهم فترة العقوبة و تخليهم عن العنف وانتهاجهم لنهجٍ سلميٍ سياسي.

الرئيس مرسي تكلم بشكل ارتجالي في العديد من القضايا ورد على العديد من الاتهامات، مثل الاتهامات بالحصول على مبالغ كبيرة كبدلات سفر للخارج والتلميح بأن هذا هو السبب في كثر سفرياته والتقليل من فوائد هذه السفريات، كما رد على موضوع الحرص على صلاة الجمعة وسط الناس في مسجد مُختلف كل أسبوع وما تتكلّفه الدولة من مصروفات بشأن هذا الأمر، وألمح في معرض رده إلى أن بعض منتقديه يُغيظهم وجود رئيس مُتديّن أكثر من أي شيءٍ آخر وهي حقيقة تُسيطر على عددٍ من المعارضين تجعل من الصعب عليهم رؤية أي نواحي إيجابية في المرحلة السابقة كما تُثير مخاوف عديدة بشأن الطبقة السياسية صاحبة النفوذ الإعلامي الصاخب والتي تحولت ليبراليتها ودفاعها عن الحرية إلى كراهية وتصيّد للإسلاميين وتحريض عليهم بشكل مُبالغ فيه حتى أن البعض أصبح يخشى أن ينتقد الرئيس مرسي حتى لا يتم إلحاقه بهذه الزُّمرة التي أثبتت مع مرور الأيام عدم موضوعيتها وعملها ضدّ مصلحة الوطن لتصفية حسابات شخصية.

اعترف الرئيس مرسي أن النجاح في عدة ملفات لم يكن كاملاً ووضع تقديرات ما بين 60 إلى 70 بالمائة وهو أمر إيجابي حيث لم يبالغ في تقديراته حرصاً على مصداقيته ولكن الرئيس مرسي لاعتبارات سياسية أكثر منها أي شيء آخر لم يوضح أن فترة المائة يوم التي وعد فيها بتنفيذ عدد من الإنجازات عرقله في بدايتها ولأسابيع وجود المجلس العسكري الذي كان يُمثّل سلطة أخرى في البلاد قبل أن يتم إقالته، كما أن الوعود اتخذت قبل الكشف عن حقيقة الوضع الاقتصادي من الداخل وهو أمر يختلف تماماً عن معرفته من الخارج مهما كانت المعرفة دقيقة وأن المجلس العسكري بحكوماته كانوا أحد أكبر الأسباب في تردي الاوضاع خلال عام ونصف.

لا شك أن الذي يسير في شوارع مصر سيجد تحسناً ملحوظاً في الأوضاع الأمنية والمرور وهي ملفات هامة ويعول عليها كثيراً للنهضة بالاقتصاد، كما أن هناك نجاحاً ملحوظاً في إنتاج الخبز المدعم وإمداد المحطات بالبنزين المدعم وإذا وضعنا في الاعتبار قصر المدّة والمعوقات التي تضعها أطراف عديدة لإفشال "الرئيس الإسلامي" سنجد أنها إنجازات لا بأس بها وإن كانت غير كافية و لازال على الرئيس أن يطهر مرافق الدولة من طابور مبارك الخامس والذي انتفخت جيوبه من الفساد ويخشى على مصالحه من الطهارة ونظافة اليد.

لا يمكن الحكم على الرئيس مرسي في ظل الظروف الآنية خلال 100 يوم بل يحتاج على الأقل لعامٍ كامل، ولكن أكثر ما يخشاه المخلصون من أبناء هذا الوطن هو حالة التربُّص التي تُحيط بالنظام الحاكم لمجرد أنه ينتمي للتيار الإسلامي وهو ما يُمثّل عبئاً شديداً على المسؤولين ويزيد من حالة الاحتقان الفئوي ويعطّل عجلة الإنتاج.


خالد مصطفى
 

  • 2
  • 1
  • 1,892

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً