خطوات عملية لنصرة رسول البرية صلى الله عليه وسلم (خطبة مقترحة)

منذ 2012-10-13

{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ . الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فالغرض من الخطبة:
تجاوز مرحلة عاطفة الغضب والاستنكار بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مرحلة العمل الفعلي، والبحث عن السبل العملية.

المقدمة:
- لبيان أن عداوة المسيئين للنبي صلى الله عليه وسلم عداوة عقدية دينية، ولربما كانت هذه الأفعال ضمن مخطط لحرب الإسلام، قال الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ . الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج:8،9]. وقال: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا..} [البقرة:217].

- حقد وكيد! لأن المسلمين يرجعون إلى دينهم، قال الله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة:105].

- الإشارة إلى أن الخطوات التالية هي غيض من فيض، وإلا فوسائل النصرة لا تُحصى.

1- أقبل الميراث (كن داعية):
- ميراث النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون داعية مثله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ مَرَّ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "يَا أَهْلَ السُّوقِ، مَا أَعْجَزَكُمْ! قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا: هُرَيْرَةَ؟! قَالَ: ذَاكَ مِيرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْسَمُ، وَأَنْتُمْ هَا هُنَا لا تَذْهَبُونَ فَتَأَخُذُونَ نَصِيبَكُمْ مِنْهُ؟! قَالُوا: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي الْمَسْجِدِ. فَخَرَجُوا سِرَاعًا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَوَقَفَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَهُمْ حَتَّى رَجَعُوا، فَقَالَ لَهُمْ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدْ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَلَمْ نَرَ فِيهِ شَيْئًا يُقْسَمُ. فَقَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَا رَأَيْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا؟ قَالُوا: بَلَى، رَأَيْنَا قَوْمًا يُصَلُّونَ، وَقَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَقَوْمًا يَتَذَاكَرُونَ الْحَلالَ وَالْحَرَامَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَيْحَكُمْ، فَذَاكَ مِيرَاثُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم" (رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني).

- قبول الميراث دليل الاتباع: قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].

- الدعوة إلى الله -الميراث- أول الأوامر الربانية، قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر:1،2].

- أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مَن قَبِل الميراث قبل موته عليه السلام: أبو بكر يسلم على يديه أناس في أول إسلامه، الطفيل بن عمرو يقول في أول يوم لإسلامه: "يا رسول الله علمني من الدين ما أدعو به قومي" وأبو ذر تسلم على يديه قبيلتي (أسلم، وغفار).

- أثر سعيهم شاهد لهم: جاء الأعرابي من البادية، فقال: "يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَكَ..." (رواه مسلم).

- صورة مشرقة: كان أحد الدعاة يصحب تلامذته في رحلات دعوية في المحافظات، فكان إذا ناموا جاء يتفقد نعالهم، فمن كان أسفل حذائه متهرئًا تالفًا، أو أكثر الغبار عليه، قال له: "شاهدك معك تطبق قاعدة: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}" [يس:20]. وقالوا: "النجاح قرين البذل المتاح".

2- انشر دينه صلى الله عليه وسلم في العالم:
- عالمية الإسلام حقيقة شرعية: قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19]. وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]. وقال: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:33].

- شارك في جعلها حقيقة كونية: قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا..» (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلامَ، وَذُلاً يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ» (رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني).

- صورة مشرقة: وهذا أخ مؤذن يأسف ويحزن حزنًا شديدًا، إذ بلغه أن برج (بج بن) الشهير في لندن قد مال وأنه مهدد بالانهيار، فلما سئل عن سر حزنه قال: "ما زلت أؤمل أن يعز الله المسلمين ويفتحوا بريطانيا، وأصعد هذا البرج كي أؤذن فوقه" (كتاب علو الهمة: الشيخ محمد إسماعيل المقدم).

- نشر الدين من خلال جميع نواحي الحياة: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162]، حصر الدين في حلة الوعظ والخطبة -الوظيفة الرسمية- كيد علماني أرادوا من ورائه أن يتسربل الإسلام بثوب الكنيسة.

- تنويع الوسائل الدعوية: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا . فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا . وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا . ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا . ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح:5-9]، وسائل الاتصالات الحديثة وأثرها الخطير -التواصل مع أجناس العالم-.

- التواصل مع الشخصيات العامة والمؤثرة في المجتمعات: (عقد المؤتمرات، المؤلفات، الشعر، القصة الهادفة، النشيد الحماسي، الأعمال الخدمية والاجتماعية).

3- أنفق لخدمة دينه صلى الله عليه وسلم:
- البذل الذاتي للدين هو المورد الأساسي لخدمة الدين (1): عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ إِلا مَالُ أَبِي بَكْرٍ»، قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: وَهَلْ نَفَعَنِي اللهُ إِلا بِكَ؟ وَهَلْ نَفَعَنِي اللهُ إِلا بِكَ؟ وَهَلْ نَفَعَنِي اللهُ إِلا بِكَ؟" (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).

- نحن أولى بالإنفاق منهم: نشرت جريدة الشرق الأوسط أغسطس م1999 أن "(بيل غيتس) يعتزم التبرع بمائة مليار دولار للأعمال الخيرية"، قلت: وهذه الأعمال الخيرية أكثرها يصب في مصلحة المنظمات التنصيرية.

- نحن أهل الاحتساب: أبو بكر رضي الله عنه يُخرج ماله كله لله، ولما سأله النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ قَالَ: "أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (رواه أبو داود والترمذي، وحسنه الألباني)، وعثمان بن عفان رضي الله عنه يتصدق بكل تجارته في عام الجدب بعد ما عرض عليه التجار أضعاف ثمنها. فقال: "ولكن الله ربي أعطاني أكثر من ذلك".

- الاستثمار الآمن -التجارة مع الله- قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر:29].

- مشروع شق التمرة: قال صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» (متفق عليه). وقال: «سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، قَالُوا: وَكَيْفَ؟ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا، وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا» (رواه النسائي وابن حبان، وحسنه الألباني).

4- محاربة الرافضين لهدي النبي صلى الله عليه وسلم:
- المنافقون والجهلة ينشرون المنكرات ويحاربون هديه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:19].

- الشرع هو الذي يقنن للنفس ما لها وما عليها: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق:1].

- وجعل الأمة حارسة على هذه الحدود التي تضمن لها بقاء الخيرية: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ..} [آل عمران:110].

- وبيَّن أن إقامة الفريضة أمنة من العقوبة: قال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ» (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).

- مراعاة الضوابط الشرعية والمصالح والمفاسد: قال صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ، لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ: بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ» (متفق عليه).

- من الوسائل في محاربة الرافضين لهديه صلى الله عليه وسلم: (المخاصمة القضائية، مثال: حكم المحكمة بالتفريق بين نصر أبو زيد وزوجته).

5- العمل الجماعي المؤسسي:
- أهل الباطل يتجمعون لمحاربة الدين{: وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} [ص:6]. (ولعل المشهد السياسي في مصر أكبر دليل على ذلك في العصر الحالي).

- نحن أولى بالتجمع والتنظيم المؤسسي لخدمة ديننا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]، المقصود بالعمل المؤسسي: انتظام العمل واستمراره وعدم انقطاعه بغياب الرموز.

- لا يتوقف العمل بغياب الرموز: موقف أنس بن النضر رضي الله عنه يوم أحد، قال: "قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم".

- أثر الجماعة والمؤسسية: موقف أبي بكر رضي الله عنه عند فاجعة موت النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت" (توليه الخلافة بعد دفنه صلى الله عليه وسلم).

- آثار الجماعة والمؤسسية: (إنفاذ جيش أسامة، إعلان حرب المرتدين ومانعي الزكاة، انتباه الأمة للخطر).


سعيد محمود

_______________________

(1) نعني بذلك عدم التعويل على إنفاق الحكومات على المشروعات الدينية، فالأمر معلوم لا يحتاج إلى تعليق، فهناك الموارد الكثيرة التي تستطيع الحكومات الإنفاق خلالها على المشروعات الدينية، ولكنها معطلة.
 

  • 22
  • 0
  • 22,311

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً