التآمر على الثورة السورية والاختبار الصعب
منذ 2012-10-16
وصلت الثورة السورية لأدق مراحلها، وأصبح من الضروري على أبنائها المخلصين الحفاظ على مكتسباتها والحذر من المحاولات المستمرة لتشتيتها أو الهبوط بسقف طموحاتها.
تمر الثورة السورية بمرحلة من أدق مراحلها، فبعد أن بدأت بصورة سلمية محدودة ثم اتسع نشاطها وتحولت تدريجيًا إلى المقاومة المسلحة، بعد أن واجهها نظام الأسد بحملة عنيفة من القتل والتعذيب، واستخدم آلته العسكرية بمختلف أنواعها لقمعها، ومع مرور الوقت وتزايد الدعم الإقليمي والدولي للثورة والتفاف الشعب حولها، والمكاسب العسكرية التي حققتها ضد النظام وتصاعد حجم الانشقاقات داخله..
ومع اقتراب الثورة من تحقيق أهدافها بدأ الحديث يكثر عن خلافات على الصعيد السياسي والعسكري، وبدأ ظهور كيانات جديدة تزعم أنها المسؤولة وحدها عن الجانب العسكري أو السياسي، وكل كيان يحاول أن يتصل بشكل مستقل بالأطراف الدولية والإقليمية؛ لتأكيد أنه يمثل الثورة ويسعى للتحدث باسمها، ثم بدأنا نسمع عن انشقاقات داخل بعض هذه الكيانات وظهور كيانات تزعم المعارضة من الداخل وهي في حقيقة الأمر تابعة للنظام وتسعى لتفريغ الثورة من محتواها..
على المستوى العسكري ظهر الجيش الحر في البداية ليعلن عن نفسه بقوة، وانضم إليه عدد كبير من العسكريين المنشقين عن النظام، ولكن وبعد أن استقرت الأمور له وحقق نجاحات بدأ الإعلان عن تنظيمات أخرى رفعت راية الاتحاد والوحدة، دون أن تتوافق مع التنظيم الأصلي وحامت الشبهات حول بعضها، وبدأنا نسمع عن خلافات وتنازع، ولا شك أنه كلما اقتربنا أكثر من انهيار نظام الأسد ستزداد هذه الخلافات وستتدخل أطراف خارجية لجذب بعض التنظيمات إليها للمشاركة في ترتيب الوضع الجديد، وقد يؤثر ذلك على فاعلية العمليات ضد نظام الأسد، وقد يؤدي إلى اشتباكات بين أعضاء تلك التنظيمات وبعضها ولو على سبيل الخطأ، لذا وجب البحث عن طريقة للتنسيق إذا فشلت طرق الاتحاد والوحدة..
أما على الصعيد السياسي فقد فشل المجلس الوطني حتى الآن في التعبير عن الثورة ودعمها بشكل فعال، وكثرت الانشقاقات والخلافات بين أعضائه وتبادل الاتهامات وهو ما يؤثر على قناعة الخارج بدعم الثورة بشكل أكثر إيجابية، حيث يتحجج دائما بعدم وحدة الجهات المعبرة عن الثورة، سوريا دولة كبيرة ومحورية وترتبط بالعديد من التوازنات في المنطقة، ولا يمكن أن يسلم الغرب أو بعض دول الجوار بسقوط نظام الأسد مع عدم وضوح الرؤية بشأن النظام الجديد، لذا من المتوقع أن تزيد في الفترة القادمة محاولات الاختراق للمعارضة.
نظام الأسد ليس بعيدا عن هذا المشهد، فكلما زاد الضغط عليه وشعر بضعف قوته يسعى للالتفاف على المقاومة ومحاولة تشتيتها، سواء بتقديم عروض للحوار بشكل مباشر أو غير مباشر، أو استغلال حالة الارتباك في صفوفها لكي يثير المخاوف الخارجية حول حقوق الأقليات أو انتشار ما يزعم أنها (عناصر إرهابية أجنبية).
الغرب رغم تصريحاته الحاسمة بشأن ضرورة تنحي الأسد عن الحكم، إلا أن الأمر لم يتعد حدود الكلام إلى أفعال حقيقية إلا بشكل محدود وهو ما يشير إلى أمور أهمها :عدم ثقته حتى الآن بشكل القيادة المحتملة بعد الأسد ومخاوفه في هذا الاتجاه تصاعدت بشأن وصول الإسلاميين للحكم كما حدث في مصر وتونس لذا هناك محاولات لإبراز قيادات سياسية وعسكرية علمانية التوجه وطمس الملمح الإسلامي للثورة, في نفس الوقت تسعى إيران لضمان حد أدنى من الولاء من النظام الجديد وهو ما يتضح من إرسالها لعدة رسائل للمعارضة تدعو لتفاهمات حتى وصل الأمر بعرض الاستغناء عن الأسد وهو موقف قريب من الموقف الروسي الذي بدأ يتأكد من استحالة استمرار نظام الأسد بشكله الحالي وبدأ يفتح الطرق للحديث مع المعارضة لضمان بقاء امتيازاته العسكرية والاقتصادية..
وصلت الثورة السورية لأدق مراحلها، وأصبح من الضروري على أبنائها المخلصين الحفاظ على مكتسباتها والحذر من المحاولات المستمرة لتشتيتها أو الهبوط بسقف طموحاتها.
خالد مصطفى
- التصنيف:
- المصدر: