هلوسة عقلانية

منذ 2012-10-21

ألم أخبركم أنها هلوسة عقلانية؟! سجعتها بعض الألسن الثقافية! ونشروها لتحسن الأوضاع المتردية في بلادنا بلاد الحرية..


صرخ قائلا: "نريد تعبيرا بـحُرّية!".
قال له بهدوء وبسمة ودود: "كلنا نريد ذلك، ولكن في حدود الأخلاق الإسلامية!".
فقفز ولطم وصرخ: "اشهدوا أيها العالم المتحضر إنهم يريدون كبت الحرية!".
سأله متعجبا: "علام الصراخ؟! لكل بلد عرف وقانون ولو أنك في أوربا فهناك قيود، فإنك مثلا لا تستطيع أن تناقش وجود محرقة اليهود تاريخيا وإن فعلت فستحاكم بتهمة معاداة السامية!".
فكر ثم قال: "نحن مع دولة القانون..هذه سيادة قانونية..".

أشرقت على وجهة البسمة من جديد وقال: "ونحن في دولة إسلامية لها سيادة قانونية!".
فقفز ولطم وصرخ وقال: "اشهدوا أيها العالم المتحضر إنها عودة للدولة الثيوقراطية والملوخية!".
قال له في حيرة: "وما علاقة الملوخية؟!".

أشار له متهما وقال: "ألم تنبأ بخبر الحاكم بأمره في الدولة الفاطمية؟! ألم يحرم على الشعب الملوخية؟".
عادت البسمة تشرق وقال: "وما شأننا بالدولة الفاطمية، لقد كانت دولة شيعية ونحن دولة سنية، ولن نسمح بنشر مذهب هدام في بلادنا الإسلامية!".

فقفز ولطم وصرخ: "اشهدوا أيها العالم المتحضر إن مصر ليس فيها حرية دينية!".
سأله قائلا: "ألا تجد ثمة فارق بين النقد البناء وبين السب والتشهير؟".
قال بتحد: "بالتأكيد! كل ما تقولونه في حق آرائنا فهو سباب وقذف وتشهير، وكل ما نقوله في حق أشخاصكم فهو من قبيل النقد البناء الجميل!".

حرك رأسه يمنة ويسارا ينفض تعجبه وقال: "دعك إذا من كل ذلك وأخبرني..ماذا تريدون؟!".
قال في فخر: "نريد دولة مدنية ذات سيادة قانونية من غير مرجعية دينية، نريد مساواة حقوقية، فيترشح من يشاء لما يشاء ولو لرئاسة الجمهورية!".
قال ضاحكا: "ألا تعتبر أن اليونان والدنمارك والمملكة المتحدة والسويد والنرويج مثالا للدولة مدنية؟".
فرد بفخر واعتزاز: "بلى وفيها مطلق الحرية!".

قال بمكر وجدية: "ألم يأتك الخبر الأكيد أن دساتيرها تنص صراحة على ديانة الدولة وديانة ملك الدولة؟
ألم يأتك خبر حملات التشويه ضد أوباما في الولايات المتحدة الأمريكية واتهامه بالانتساب إلى الديانة الإسلامية حتى تبرأ منها علنيا؟ وهل أتاك خبر صحيح عن تبوئ أي مسلم في هذه البلاد مكانة سياسية؟! فهـــــلا اعتبرت ذلك من قبيل التفرقة العنصرية القائمة على الأسس الدينية؟".

قال في غضب: "فضلا! دعك من ذلك فهذه شئون داخلية لدول ذات سيادة قانونية!".
فقال له في ود: "إذا وما رأيك في إقامة الحدود الشرعية؟".
قال في اشمئزاز: "مرفوض لأسباب عقلانية".
قال متألما لحاله: "ولم؟ أليست تلك شريعة ربانية؟".
قال: ستثير علينا المنظمات الحقوقية الدولية
قال له: "أولا يعد ذلك منهم تدخلا في الشئون الداخلية؟"
فقفز ولطم وصرخ وقال: "اشهدوا أيها العالم المتحضر إنهم يريدون قطع يد السارق ورجم الزاني بوحشية!".

قال له: "حسنا دعني أسألك سؤالا، ألا تريدون السعي لنقلة حضارية؟".
قال: "بالتأكيد نريد حضارة تليق ببلادنا الثورية..".
قال متحمسا: ما رأيك إذا أن نتعاون لنبني البلاد ونعيد تشييد البنية التحتية، ونحارب الفقر ونرفع عن الناس تلك المظالم والنظم القمعية، ونساير ركب التطور والحضارة الإلكترونية".

قال له في ازدراء وتحقير: "وماذا عن السياحة؟".
قال في حماسة أكبر: "سنطورها بما يليق بأعرافنا وشرائعنا الإسلامية".
فقفز ولطم وصرخ وقال: "اشهدوا أيها العالم المتحضر إنهم سيحرموننا من الخمور والبكيني وسيغلقون الشواطئ السياحية!".

نظر له برهة يسيرة ثم قال في حرج: "أخبرني يا هذا مالك تنادي العالم المتحضر بزعمك ليتدخل في تلك القضية..! ألم تدع أنك تنادي بالوطنية؟!".
فقفز ولطم وصرخ وقال: "اشهدوا أيها العالم المتحضر.. إنهم يتهموننا بالخيانة والعمالة السرية!".
تنهد في يأس وقال له: "هلّا لخصت ما تريد لعلنا نصل إلى حلول منطقية؟".
قال: "اسمع وشنف آذانك.. ماذا نريد لإنقاذ تلكم الحضارة الفرعونية؟".

"نريد حرية التعبير والديمقراطية، فإذا شتمتك أو أهنتك فهذا رأيي تتقبله وأعبر عنه بحرية، فإذا اعترضت فهذا ينم عن ثقافتك الإرهابية، أما إذا عبرت أنت عن رأيك في العلمانية أو الليبرالية أو الديمقراطية.. أو انتقدت أدباء الجوائز العالمية، وقلت أن شيئا من ذلك يناقض الشريعة الإسلامية فهذه منك ممارسات لا أخلاقية تثير الفتن الطائفية والمناظرات الجدلية، وإن كانت في وقت الانتخابات فهي بالتأكيد دعاية دينية مرفوضة بصورة قانونية
وهذه الافتراءات والادعاءات التي صدرت منكم قد تكون مضادة للنظم (البلوريتارية) لأنها تميل إلى الرأسمالية مرورا بالحقبة (البرجوازية) ولا تظن أنك بهذا ستكسب أغلبية برلمانية فإن حدث هذا فسحقا للعدالة والحرية والديمقراطية لأنها مخالفة حضارية..

ونريد منع المنتقبات من دخول الأندية والمتنزهات والمدارس والجامعات بل والحياة السياسية، ونريد ألا تحدثنك النفس بأن تفرض على النساء زيا يوافق الشريعة الإسلامية حتى لا نثير الشريحة المسيحية لأنكم في الواقع أنتم الأقلية وليس لكم تأثير على المسيرة الشعبية، أما الحديث عن الحلال والحرام فهذه رؤى فقهية مجردة من النصوص العقلية، ولا تحدثني فضلا عن الثوابت العقدية لأن ذلك في الحقيقة ممارسات لا إنسانية تخالف روح الحرية، وقبل أن تعترض سأوضح لك حقيقة كلية: هي أننا لسنا مختلفون بالكلية فأنا مثلي مثلك أؤمن وأدافع عن الشريعة الإسلامية!".

ألم أخبركم أنها هلوسة عقلانية؟! سجعتها بعض الألسن الثقافية! ونشروها لتحسن الأوضاع المتردية في بلادنا بلاد الحرية..
 
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 1,199

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً