أيام في ألبانيا... الحلقة الثانية
منذ 2001-07-19
ألبانيا دولة فقيرة جدا ، فالشيوعية ـ كما يقال ـ لاتصنع شيئا سوى
توزيع الفقر في الشعوب ، وهكذا صنعت في ألبانيا ، يقول ممثل جمعية
النجدة الخيرية وهي جمعية خيرية للإغاثة الصحية مقرها الرئيسي في
أمريكا ولها مقر في تيرانا ، يقول : أول ما جئنا إلى ألبانيا قبل نحو
عشرة أعوام لم يكن في شوارعها من وسائل النقل سوى البغال والحمير ،
كان الناس يتنقلون بالنقل الجماعي في باصات بائسة عفى عليها الدهر ،
ولم يكن يملك السيارة إلا الآحاد من الناس لدرجة أنهم معروفون
بأعيانهم ، فيقول الناس هذه سيارة فلان ، وفلان ، ولاتعجب بعد ذلك قط
أن يكونوا من المتنفذين في الحزب الشيوعي .
ولم تهرع الدول الأوربية الغنية لمساعدة ألبانيا على النهوض بعد سقوط الشيوعية البغيضة إثر انهيار الاتحاد السوفيتي ، كما فعلت مع غيرها ، لم تفعل ذلك لأنها دولة ذات أغلبية إسلامية ، فتركت في فقرها حتى تكون فريسة سهلة لحملات التنصير التي تستغل حاجة المسلمين وفقرهم ، وهذا فعلا هو الذي يحدث في ألبانيا هذه الأيام ، فالأنشطة التنصيرية ماضية بجهود حثيثة لتنصير المسلمين .
وقد رأيت بأم عيني مدينة ألبانية يقطنها المسلمون بنسبة 90% ، وفيها نحو ثلاثة أو أربعة مساجد فقط ، وقد بني فيها عشرون كنيسة ، لا يدخلها أحد سوى الأشباح ، وإنما بنيت بقصد إثبات الوجود ، ولمحاولة طمس الهوية الإسلامية للمدينة ، ولهذا فهي ـ أي الكنائس ـ لاتفتح إلا ساعة واحدة يوم الأحد ، سوى مركز واحد قد أعد فيه أنواع الملاهي والملاعب وأجهزة الكمبيوتر والإنترنت في بلدة لا يكاد يملك فيها خط الهاتف إلا النزر القليل من الناس ، ويهرع الشباب الألباني المسلم إلى هذا المركز الذي ظاهره يناقض باطنه ، فظاهره للهو واللعب ، وباطنه للتبشير بالنصرانية .
وكم تألمت لأموال المحسنين في بلادنا التي تضيع هدرا في بناء مساجد تكلفتها أحيانا أكثر من مائة ألف دينار ، ثم يذهب معظمها في الزينة والزخارف ومظاهر الترف عديم الفائدة ، بينما يمكن بناء عشرين مسجدا في ألبانيا بهذا المبلغ ، فلعل الله ييسر لكم ذلك بتوفيقه .
وقد رأيت كيف أن المسجد في ألبانيا يتحول فور الانتهاء من بنائه إلى مأوى يحفظ الشباب الألباني الملتزم بدينه ، يقيمون فيه صلاة الجمعة والصلوات الخمس ، ويحفظون القرآن ، ويتعلمون مبادئ الإسلام ، ويجتمعون على الخير ، فتزيد روح الجماعة إيمانهم ، وتقوي يقينهم بدينهم ، إنه ليس مجرد مسجد لأداء الصلاة ، بل مركز للعلوم الشرعية ، والدعوة الإسلامية .
في إحدى المدن الألبانية زرنا مسجدا صغيرا لازالت تقام فيه الصلوات الخمس ، غير أنك تخاف من المكث طويلا فيه خشية أن يهوى عليك سقفه ، فتح لنا باب المسجد مؤذنه الذي يذكرك مظهره الذي يتلاءم جدا في كبر سنه وتجعد خطوط وجهه ، وانتفاض يديه وهو يحدثك ، مع شكل المسجد في قدمه وتصدع جدرانه .
قال لي المترجم : كانت في هذا المسجد حلقة لتحفيظ القرآن للأولاد والبنات الصغار ، وكان المحفظ رجلا صالحا باكستانيا ، حافظا للقرآن ، وكانت جمعية خيرية صوفية في بريطانيا ترسل له نفقته ، ثم قطعوا عنه النفقة لاختلافه معهم في أمور أبى أن يوافقهم فيها إذ كان هو من أهل الحديث السلفيين ، فكيف يجتمع والصوفية الطرقيين ؟! ، فتعطلت حلقات القرآن ، فقلت : كم يحتاج هذا المحفظ ليتفرغ لعمله ، قال : ثمانين دينارا في الشهر فقط ، هل يمكنكم في الكويت توفيرها له ؟ فقلت : في أهل الكويت خير كثير، وهم معروفون بين الناس بحب الإحسان والإنفاق الخيري ، ويمكن توفير أضعاف هذا المبلغ بيسر وسهولة إن شاء الله تعالى .
وقد لمست في الشباب الألباني الملتزم حبا للعلوم الشرعية وشغفا في تحصيلها ، كأنهم استلهموا هذه الروح من المنزلة العالية التي تبوءها العلامة المحدث ناصر الدين الألباني في العلم ، وسمعت من بعض طلبة العلم أن الشيخ الألباني رحمه الله ، قد أوصى في آخر حياته بعد تحرر ألبانيا من الشيوعية ، بالعناية بدعوة الشعب الألباني للرجوع إلى دينه ، ولالوم عليه في حبه لقومه ، ولالوم عليهم في حبهم لمن فيه ذكرهم وشرفهم ...
وللحديث بقية نواصل فيها ذكريات الرحلة التي لازلنا في أولها .
ولم تهرع الدول الأوربية الغنية لمساعدة ألبانيا على النهوض بعد سقوط الشيوعية البغيضة إثر انهيار الاتحاد السوفيتي ، كما فعلت مع غيرها ، لم تفعل ذلك لأنها دولة ذات أغلبية إسلامية ، فتركت في فقرها حتى تكون فريسة سهلة لحملات التنصير التي تستغل حاجة المسلمين وفقرهم ، وهذا فعلا هو الذي يحدث في ألبانيا هذه الأيام ، فالأنشطة التنصيرية ماضية بجهود حثيثة لتنصير المسلمين .
وقد رأيت بأم عيني مدينة ألبانية يقطنها المسلمون بنسبة 90% ، وفيها نحو ثلاثة أو أربعة مساجد فقط ، وقد بني فيها عشرون كنيسة ، لا يدخلها أحد سوى الأشباح ، وإنما بنيت بقصد إثبات الوجود ، ولمحاولة طمس الهوية الإسلامية للمدينة ، ولهذا فهي ـ أي الكنائس ـ لاتفتح إلا ساعة واحدة يوم الأحد ، سوى مركز واحد قد أعد فيه أنواع الملاهي والملاعب وأجهزة الكمبيوتر والإنترنت في بلدة لا يكاد يملك فيها خط الهاتف إلا النزر القليل من الناس ، ويهرع الشباب الألباني المسلم إلى هذا المركز الذي ظاهره يناقض باطنه ، فظاهره للهو واللعب ، وباطنه للتبشير بالنصرانية .
وكم تألمت لأموال المحسنين في بلادنا التي تضيع هدرا في بناء مساجد تكلفتها أحيانا أكثر من مائة ألف دينار ، ثم يذهب معظمها في الزينة والزخارف ومظاهر الترف عديم الفائدة ، بينما يمكن بناء عشرين مسجدا في ألبانيا بهذا المبلغ ، فلعل الله ييسر لكم ذلك بتوفيقه .
وقد رأيت كيف أن المسجد في ألبانيا يتحول فور الانتهاء من بنائه إلى مأوى يحفظ الشباب الألباني الملتزم بدينه ، يقيمون فيه صلاة الجمعة والصلوات الخمس ، ويحفظون القرآن ، ويتعلمون مبادئ الإسلام ، ويجتمعون على الخير ، فتزيد روح الجماعة إيمانهم ، وتقوي يقينهم بدينهم ، إنه ليس مجرد مسجد لأداء الصلاة ، بل مركز للعلوم الشرعية ، والدعوة الإسلامية .
في إحدى المدن الألبانية زرنا مسجدا صغيرا لازالت تقام فيه الصلوات الخمس ، غير أنك تخاف من المكث طويلا فيه خشية أن يهوى عليك سقفه ، فتح لنا باب المسجد مؤذنه الذي يذكرك مظهره الذي يتلاءم جدا في كبر سنه وتجعد خطوط وجهه ، وانتفاض يديه وهو يحدثك ، مع شكل المسجد في قدمه وتصدع جدرانه .
قال لي المترجم : كانت في هذا المسجد حلقة لتحفيظ القرآن للأولاد والبنات الصغار ، وكان المحفظ رجلا صالحا باكستانيا ، حافظا للقرآن ، وكانت جمعية خيرية صوفية في بريطانيا ترسل له نفقته ، ثم قطعوا عنه النفقة لاختلافه معهم في أمور أبى أن يوافقهم فيها إذ كان هو من أهل الحديث السلفيين ، فكيف يجتمع والصوفية الطرقيين ؟! ، فتعطلت حلقات القرآن ، فقلت : كم يحتاج هذا المحفظ ليتفرغ لعمله ، قال : ثمانين دينارا في الشهر فقط ، هل يمكنكم في الكويت توفيرها له ؟ فقلت : في أهل الكويت خير كثير، وهم معروفون بين الناس بحب الإحسان والإنفاق الخيري ، ويمكن توفير أضعاف هذا المبلغ بيسر وسهولة إن شاء الله تعالى .
وقد لمست في الشباب الألباني الملتزم حبا للعلوم الشرعية وشغفا في تحصيلها ، كأنهم استلهموا هذه الروح من المنزلة العالية التي تبوءها العلامة المحدث ناصر الدين الألباني في العلم ، وسمعت من بعض طلبة العلم أن الشيخ الألباني رحمه الله ، قد أوصى في آخر حياته بعد تحرر ألبانيا من الشيوعية ، بالعناية بدعوة الشعب الألباني للرجوع إلى دينه ، ولالوم عليه في حبه لقومه ، ولالوم عليهم في حبهم لمن فيه ذكرهم وشرفهم ...
وللحديث بقية نواصل فيها ذكريات الرحلة التي لازلنا في أولها .
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف:
حسام الدين الاسلامي
منذعصمت حسين
منذنور الإسلام دليل الرحمن
منذداليا
منذreda
منذM hagar
منذمحمد حسنين
منذم / هانى خطاب
منذحسن علي المسوري
منذ