بين المادة 2 والمادة 36 - المغردون خارج .. الوطن
منذ 2012-11-10
..هل سيُصارحونهم قائلين: لقد نجحنا في انتزاع حق لغير المسلمين بما يمنحهم الاحتكام إلى أحكام شريعتهم في الأحوال الشخصية، بينما نزعنا حق المسلمين بما يمنعهم من الاحتكام إلى أحكام شريعتهم -حتى- في الأحوال الشخصية؟
الأولى:
عبارات صريحة، وتصريحات مُعبّرة عن رغبة في تغيير نص المادة الثانية من الدستور: "مادة تمييزية بامتياز"، "الدولة لا دين لها"... جاء الرد عليها: "غزة الصناديق".
والثانية:
تسليم بالنص مع تعمية على المعنى، وتعرية من المضمون، شاركت في ذلك إدارة المؤسسة الأزهرية عندما اعترضت على لفظة "أحكام"، وعرضت لفظة "مبادئ"، وعارضت أن يكون لها تفسير الأخيرة!!
والثالثة:
يأتى نص المادة 36 من باب الحقوق والحريات ليُزيل هذه التعمية، ويفضح محاولات التعرية التي تُجرّد النص من معناه حتى آخر ورقة كانت تُمثِّلها أحكام الأحوال الشخصية!
نص المادة الكاشفة يقول:
"تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسِّخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، وسائر المجالات الأخرى دون اخلال بأحكام الشريعة الإسلامية. وتُوفّر الدولة خدمات الأُمومة، والطفولة بالمجان. وتكفُل للمرأة الرعاية الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية، وحق الإرث، والتوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها في المجتمع. وتُولِي الدولة حماية وعناية خاصة للمرأة المُعيلة، والمطلقة، والأرملة، وغيرهن من النساء الأكثر احتياجاً".
"دون اخلال بأحكام الشريعة الإسلامية" .. هنا يكمُن محلّ الامتعاض، الاعتراض، الصياح، والصراخ، الذي يُراد له أن يبلغ مسامع الخارج استعداءً، واستدعاءً، من بعد طنين وتشويش في الداخل.
مع الإنتباه إلى أن النص لم يُستحدَث ولم تتم إضافته بل كان موجود في دستور 71
الباب الثانى:
المقومات الأساسية للمجتمع:
"مادة 11" تكفُل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية [نص دستور ].
يقول الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون الدستوري في اعتراضه على نص المادة:
"إن المادة 36 في الدستور تُمثّل استدراك في غير محلّه وغير مطلوبة ولا تُضيف جديد عن المادة الثانية في الدستور، والتي خلصت إلى أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وهي تكفُل التسوية بين الرجل والمرأة مع احترام مبادئ وأحكام الشريعة" [مصراوي - نصار: المادة 36 غير مطلوبة.. وأبو القمصان: تفتح الباب لحبس النساء"
هل وعينا اعتراض الدكتور "نصار" جيدًا؟
إنه يقوم على فرضيتين:
- عدم التعارض بين "مبادئ" الشريعة، و"أحكام" الشريعة.
- إن الشريعة الإسلامية هي المهيمنة على التشريعات، وإنها ذات المرجعية الأعلى.
ومن ثم فهو يجده تكرارًا لا مُبرّر له.
ولكن ما يراه الدكتور "نصار" يُخالفه فيه حزب الدستور، والتيار الشعبي، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب المصريين الأحرار، وحزب مصر الحرية، وحزب العدل، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فضلاً عن عددٍ من المنظمات النَّسوية والحقوقية ... الموقِّعون على بيان مُشترك جاء فيه:
"المادة 36 بصياغتها الأخيرة تفتقد وِحدة واتساق النص الدستوري مع المواد الأخرى، وهو ما يمكن اعتباره تضاربًا وتعارضًا بين المرجعيات بشأن مبادئ الشريعة الإسلامية أو أحكامها" [المصرى اليوم - أحزاب ومنظمات: مقترح "المادة 36" في الدستور يلتف حول مبدأ المساواة بين الجنسين].
وتقول القانونية منى ذو الفقار:
"أن الأمر يبدو و كأن لدينا "مسطرتين" للقياس" (أخبار اليوم - منظمات المرأة تشنُّ هجوماً على "التأسيسية" وترفض مرجعية الأزهر".
ومن البيان السابق الإشارة إليه: هذه المادة تتعارض وبشكل أكيد مع التزامات مصر بالمواثيق والتعهدات الدولية [المصري اليوم - أحزاب ومنظمات: مقترح "المادة 36" في الدستور يلتف حول مبدأ المساواة بين الجنسين].
كما يقول أستاذ القانون الدولي بذات الجامعة د.فؤاد عبد المنعم رياض:
"الاتفاقات الدولية وقواعد القانون الدولي تسمو على التشريع المحلي و إلا سيتم جرُّنا إلى المحكمة الدولية" [أخبار اليوم - منظمات المرأة تشنُّ هجوماً على "التأسيسية" وترفض مرجعية الأزهر].
وهنا تبرز وجهة النظر الأخرى للأغلبية الساحقة من المعارضين بما يناقض ما ذهب إليها الدكتور "نصار" -خبير القانون الدستوري-! حيث يرى الآخرون:
- أن ثمّة "تضاربًا وتعارضًا" بين المعنيين، يبدو معه استبدال الأول بالثاني أمرًا مفزعًا، ومروعًا لدى البعض.
- أن المواثيق، والمعاهدات الدولية، وما أسماه الدكتور "عمرو حمزاوي" في "تغريدةٍ" له "ضمير البشرية" (؟) هو الحاكم على الدستور؛ وليست الشريعة الإسلامية. وإنه في حال التعارض وجب لزوم المواثيق الدولية، وجحود الشريعة الإسلامية!!
هل نحتاج تفسيرًا لهذا الهلع الذي أصاب القوم؟ حسنًا إنهم لم يغفلوا تقديم ذلك، وبيانه في بيانهم:
"لا نعترض على شرع الله ولا على أحكام الشريعة الإسلامية، إنما نعترض على أنه لا يوجد تفسير واحد يُجمِع عليه علماء الدين، مما يفتح الأبواب لتعددية التفسيرات التي تحدّ من الحقوق والحريات" [المصري اليوم - أحزاب ومنظمات: مقترح "المادة 36" في الدستور يلتف حول مبدأ المساواة بين الجنسين].
هل تُدرِك عزيزي القارئ مقدار الدجل في الاعتراض السابق؟! الذى لا يعترض على شرع الله، ولكنه يعترض على عدم إجماع علماء الدين على تفسير واحد -الاجماع الذي قال فيه أحدهم من قبل، في موضع آخر: "الاجماع ليس دليل صحة"-!!؟!
هل أحتاج أن أذْكُر أن علماء الدستور والقانون لا يُجمعون على تفسير واحد لأي نص؟!
هل أحتاج أن أُذَكِّر بما سبق من سطور هي بين يدي القارئ الكريم، تعكس بوضوح مدى التباين في تفسير النص الدستوري محلّ الاعتراض؟!
وهل عفت ذاكرتنا ما خضناه من جدل بدأناه منذ فبراير الثورة، ولم نَعِف عنه حتى يومنا هذا في تفسيرات متضاربة متعارضة لنصوص قانونية، ودستورية؟!
وهل يجوز في منطق هؤلاء الحكماء -الذين ينأون بأنفسهم عن مواضع الخلاف، وتعدُّد الاجتهاد- أن نُنحِّى الدستور؟! .. فهو محضُّ نص قابل للتأويل، والتفسير؛ ومن ثم فالاختلاف والتعدُّد وارد، بل واقع، وهم بتفسيراتهم المتباينة أحد أدلة ذلك وآياته المبينة.
لا أحتاج أن أقول أن تفسيرات علماء الدين لا يكون بينها اختلاف تضاد، أو تعَارُض؛ وإنما اختلاف تنوّع، وسَعة؛ لا أحتاج أن أقول ذلك لأولئك.
ولكنني أسأل:
هل اختلف العلماء حول تفسير: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11، 176]؟!
هل اختلفوا حول تفسير: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [ النساء: من الآية 4]؟!
حول تفسير: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية 233]؟!
وتفسير: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: من الآية 3]؟!
وتفسير: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الطلاق: من الآية 1]؟!
وتفسير: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [ الأحزاب: من الآية 5]؟!
هل الأحكام السابقة لها تفسيرات متعارضة؟!
أليس أنصبة الميراث، وَوجوب المهر، والنفقة، وحق الطلاق للرجل، وعِدّة المطلقة، وحُرمَة التبني .. جميعها مما هو معلوم من الدين بالضرورة؟!
بلى .. ولكنه مما هو مذموم بالضرورة من قبل المواثيق الدولية، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" أعني!
هذا ما يُؤكِّده المُوَقِعون على البيان، والمُوقِعون لأحكام الشريعة في بيانهم، إذ يقولون:
تحتوي على الكثير من الالتفاف حول ترسيخ مبدأ المواطنة الكاملة والمساواة بين الجنسين، دون تمييز [المصري اليوم - أحزاب ومنظمات: مقترح "المادة 36" في الدستور يلتف حول مبدأ المساواة بين الجنسين].
"المساواة بين الجنسين، دون تميز" ..
دعنا عزيزي القارئ نطالع نص اتفاقية "سيداو" التي يُسيء إليها احتكامنا إلى أحكام شريعتنا، بعض بنود من المادة 16 التي تتعلّق بالزواج والعلاقات الأُسريّة تكفى:
(أ) نفس الحق في عقد الزواج.
(ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج!? برضاها الحرّ الكامل.
(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلّق بالولاية والقِوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم..
مما يعني:
- حق المسلمة في الزواج من مسيحي، بمثل حق المسلم في الزواج من مسيحية. زواجًا مدنيًا [صرّح به الدكتور حمزاوي في المرحلة الأولى، وتراجع في الثانية، ثم هو يُطالب الآن بالتزام المواثيق الدولية في الثالثة].
- لا صداق.
- لا طلاق .. إلا بحكم قضائي، فالزوج لا يملك حق الطلاق، وبالتالى لا يملك منح الزوجة عِصمتها لا تفعل.
- لا وليّ.
- لا ولاية، ولا قِوامة.
- لا تعدُّد.
- لا عِدّة.
- لا نفقة.
- اقتسام المُمتلكات حالَ الطلاق بالتساوي.
- تساوي أنصبة الأبناء من الميراث للذكر مثل حق الأنثى، وإلغاء الإرث بالتعصيب -القرابة من جهة الأب-، والقرابات البعيدة.
- إجازة التبني -من دون تقيد بالديانة- وما يستتّبعه من أحكام زواج، وميراث، تُحل حلالاً وتُحرِّم حرامًا [التوصية العامة 21: المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية - لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة الدورة الثالثة عشرة، 1992].
لهذا فإن "أحكام" الشريعة تتعارض قطعًا مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
يقول الدكتور عمرو حمزاوي -وأحد الموقعين على البيان السابق، بشخصه وحزبه- في مقاله المُنتقِد لنص المادة المقترح:
"وقّعت مصر على مواثيق وعهود دولية تضمن المساواة الكاملة بين المرأة والرجل ولم تجد غضاضة في هذا التزاماً بعالمية حقوق الإنسان وبمبدأ مواطنة الحقوق المتساوية بالكامل وعدم تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية، أما النص على أحكام الشريعة وفي ظل هيمنة الإسلام السياسي على مراكز صُنع القرار في مجتمعنا ونظرته المنتقصة من حقوق المرأة [طالِعوا برامج أحزاب الإسلام السياسي وما تحمِله بشأن حقوق المرأة السياسية وحرياتها الشخصية]، فقد يوظَّف للعصف بالمساواة الكاملة" [الوطن - د. عمرو حمزاوي: انتقاص التأسيسية من حقوق المرأة المصرية].
هنا يبرز معنى أكثر وضوحًا لـ "مبادئ" الشريعة التي "لا تجد غضاضة" في الالتزام بالوثيقة الدولية؛ باعتبار أن "المساواة" من مبادئ الشريعة!! هكذا..
ولا تسأل يا عزيزي عن تعريف المساواة ولا ضوابطها، نحن معنيون فقط بالمبدأ، المبدأ الذي توافقت عليه "الإنسانية العالمية"، وارتضاه "الضمير البشري". لهذا لا مجال للحديث عن "أحكام" الشريعة، لسبب آخر يُعلِّقه الدكتور حمزاوي بهيمنة الإسلام السياسي، ولعمري ما الذي يمكن أن يُبدّله الإسلام السياسي في الأحكام السابقة؟!
مع تعلُّل المعترضين بالخوف من سيطرة الإسلام السياسي، تجدهم في ذات الوقت رافضون بالإجماع لمرجعية الأزهر فى التفسير، بعضهم قال إن مكانة الأزهر أكبر وأجل من أن يُزجّ بها في السياسة!! والبعض كان أكثر صراحة وقال: "إن هذا يُعطي للدستور صبغة دينية وهو ما يُعدّ تعدي على الديمقراطية" [أخبار اليوم - منظمات المرأة تشن هجوماً على "التأسيسية" وترفض مرجعية الأزهر.].
هذا أكثر صراحة وَوضوحًا فالأمر لا يتعلق باختلاف فقهاء -فلا خلاف اطلاقًا بين العلماء حول الأحكام السابقة-، ولا هو تخوف من الإسلام السياسي الذي لا يمكنه أن يبدِّل في أحكام ثابتة ومعلوم حكمها من الدين بالضرورة، ولكنه الرفض للشريعة الإسلامية "الإسلامية فقط" حتى في حدِّها الأدنى!
فعن التضارب والتعارض بين النص الدستوري، وبين المواثيق الدولية .. أسأل: ماذا عن التعارض بين احتكام أتباع الكنيسة الأرثوزوكسية إلى أحكام مِلّتهم، وهو النص الذي ما أُضيف إلا صيانةً واحترازًا من قانون الزواج المدني الذي تدعمه المواثيق الدولية؟
لماذا لم يرى الحقوقيون في ذلك انتهاكًا للمواثيق والتعهدات؟! ولماذا لم يجعل الحقوقيون من اختلاف تفسيرات رجال الدين المسيحي [راجع نقض الأنبا شنودة للائحة 38] مدعاة لايقاف العمل بالشريعة المسيحية؟!
وعن الإتفاقية الدولية "سيداو" لك عزيزي القارئ أن تعلم:
أنها إتفاقية دولية وقعتها دول العالم إلا ست، في مقدمتهم "الولايات المتحدة" والتي تقع الأمم المتحدة على أراضيها! جاء هذا بُناءً على تقرير للكونجرس يرفض فرض أي تشريعات خاصة بالأحوال الشخصية، ويُعتبر ذلك نوعاً من التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة!! بينما يُحدثنا الدكتور حمزاوي وآخرون عن ضرورة التزام "عالمية" حقوق الإنسان!
وقد وقّعت مصر على الإتفاقية التي تم التصديق عليها في العام 1981م، لكنه لم يكن قبولاً مطلقًا؛ فقد تحفّظت مصر على عدة مواد من نص الإتفاقية [تحفظات مصر على إتفاقية سيداو]:
مادة 2:
الخاصة بتجسيد مبدأ المساواة في الدساتير والتشريعات .. تحفّظت على ذلك بما لا يُخالف الشريعة الإسلامية.
مادة 9:
الخاصة بمنح المرأة جنسيتها لأبنائها مساواة بالرجل في ذلك.
مادة 16:
وهي المادة الخاصة بالزواج والطلاق وشئون الأسرة، وجاء التحفُّظ على ما بهذه المادة من مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية [ولك أن تُطالع نص التحفُّظ وذِكره لـ "أحكام" الشريعة الإسلامية].
مادة 29:
الخاصة بالخضوع للتحكيم الدولي وهو ما رفضته مصر ولها هذا بنص الإتفاقية.
وعلى ذِكر التحفظ الأخير الذي يُخرجنا من دائرة التحكيم الدولي حول تطبيق نصوص الإتفاقية، لك أن تعلم أن "المملكة العربية السعودية" أحد الدول الموقِّعة على الإتفاقية المذكورة -كان ذلك في العام 2000م- وبنفس التحفظات التي تشترك فيها غالبية الدول الإسلامية الموقِّعة على الإتفاقية، وغنيٌ عن البيان أن "المملكة" تطبِّق كامل أحكام الشريعة الإسلامية، بهذا يكون الحديث عن التعارض، وعن التحكيم الدولي لا يُعبِّر إلا عن رغبة وسعيٍ محموم لرفع التحفُّظات السابقة، والالتزام -طوعًا- بكافة بنود الإتفاقية في مُخالفة فجة للشريعة الإسلامية.
ولك أن تعلم عزيزي القارئ:
أن التحفظات ليست نهائية، فإن بعضًا من الدول العربية قد سحب تحفُّظه حول بنود الإتفاقية مع تزايد الدور الذي يلعبه أمثال المعترضون عندنا، فنحن نشهد تطبيق الزواج المدني في "لبنان"، وارتفاع المطالبات به في "سوريا" التى سحبت تحفظاتها حول الإتفاقية، وكذلك فعلت "تونس" ولها السبق في هذا المضمار، حيث منعت التعدُّد، وخرجت منذ شهور قليلة مظاهرات تُطالب بالمساواة في الإرث! لهذا تبرز أهمية تحديد هذه المواد بحدود أحكام الشريعة، وتحصين ذلك فى الدستور.
وإنني إذ أُهيب بكل مسلم أن يكون على قدرٍ من الوعي يستبين به معالم الطريق الذي نخطو نحوه، أدعوه ألا يكون مِعولاً يُهدم به آخر حصون شريعتنا، فأنا لا أتحدّث عن نقاب، ولا ختان، .. أنا أتحدّثُ عن أعراض، وأنساب، وحقوق، ومواريث مهدّدة بنص دستوري يَدَّعون أن ربطه بأحكام الشريعة يهدِّد بالمقابل ترشح المرأة للرئاسة، ورئاسة الوزراء!!!
وإنه ليدهشني ما كتب "د. حمزاوي"، حتى أتساءل هل كان حقًا صادقًا غير مازح عندما دعى إلى وجوبِ أن يجوب ومن معه مصر شمالاً، وجنوباً، وشرقاً، وغرباً في حملات توعية جماهيرية؟! [الوطن - د. عمرو حمزاوي: دستور مصر ليس قضية داخلية فقط] هل حقًا كتبها "توعية" أم هي "تعمية"؟!
هل سيُصارح سدنةَ الحقوق الجماهير بما يَعِدونهم به، ويُعِدونه لهم من حقوق في الدستور الجديد؟!
هل سيُصارحونهم قائلين: لقد نجحنا في انتزاع حق لغير المسلمين بما يمنحهم الاحتكام إلى أحكام شريعتهم في الأحوال الشخصية، بينما نزعنا حق المسلمين بما يمنعهم من الاحتكام إلى أحكام شريعتهم -حتى- في الأحوال الشخصية؟
وختامًا أيها القارئ الكريم:
لا أقول إلا كما قال الكليم: {وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [ألأعراف: من الآية 142].
نور عبد الرحمن
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
- التصنيف: