فلسطين... وَهْم الدولة والتمثيل الضائع
المطلوب اليوم من دول الربيع العربي أن تشكل ضغطاً على القوى الفلسطينية حيث وعد الرئيس المصري والرئيس التونسي بالعمل على حل المشكلة الفلسطينية والعمل الفلسطيني على برنامج وطني يجمع عليه الجميع..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
لقد شكلت دعوة أحمدي نجاد الرئيس الإيراني لإسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني كضيف على قمة دول عدم الانحياز التي ستعقد في طهران حالة من الإرباك السياسي على الساحة الفلسطينية، بين المنادي بتلبية الدعوة وبين الداعي للمشاركة بوفد موحد، وبين من طلب من هنية عدم المشاركة للحفاظ على مظهر الفلسطينيين أمام المؤتمر من خلال عدم الحضور بوفدين، وكان هناك قرار من رئيس السلطة بعدم الحضور إذا حضر هنية بأية صفة.
حالة الإرباك السياسي التي تسببت فيها الدعوة الإيرانية للأطراف الفلسطينية أظهرت حجم المأزق الفلسطيني الداخلي الذي نعيشه، وكم نبحث عن سراب التمثيل هنا وهناك وكأن الدولة الفلسطينية أصبحت قائمة، وأن الاحتلال سقط وأن الحياة تسير على ما يرام فلا استيطان ولا تهويد للقدس ولا احتلال يعبث بحياة المواطنين، فعن أي تمثيل يتحدث الفلسطينيون ويثار حوله زوبعة كبيرة في ظل غياب المشروع الوطني الموحد، وحكومة تنتظر بفارغ الصبر التخلص من المصيبة الشهرية بدفع رواتب موظفيها التي تؤرقها مع بداية كل شهر! أم نتحدث عن منطقة محاصرة ما زالت تعاني من العديد من الأزمات الداخلية والأوضاع المعيشية الصعبة!
قبل أيام أرسل الاحتلال رسالة هامة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في محاولة منه للعبث في الساحة الفلسطينية، وتجلى ذلك خلال شهر رمضان وفي أيام عيد الفطر السعيد، فقد أصدرت (إسرائيل) أكثر من نصف مليون تصريح دخول إلى القدس وداخل إسرائيل، إضافة إلى ذلك تم السماح للرجال ما فوق سن الأربعين والنساء بكافة الأعمار الدخول دون الحاجة إلى تصاريح، وأكثر من هذا العدد وصل إلى القدس من الشباب بلا إذن إسرائيلي حيث ببساطة أزالوا الأسلاك الشائكة في بعض المناطق وسُمح لهم بالدخول دون أن يحرك الجنود الإسرائيليون القريبون من المكان ساكناً.
الخطوة الإسرائيلية غير مسبوقة؛ على الأقل منذ أن انفجرت انتفاضة الأقصى في العام 2000، و هي تأتي في ظل هجمة استيطانية غير مسبوقة، وتوقف كامل للمفاوضات وغضب إسرائيلي رسمي من السلطة الفلسطينية التي تتهمها بتشويه وجه إسرائيل في العالم و خوض (إرهاب سياسي) ضدها، وهجمات متكررة من المستوطنين وصلت إلى حد إلقاء زجاجات مولتوف على السيارات الفلسطينية العابرة، إضافة إلى أكثر من عملية حرق للمساجد وقطع أشجار الزيتون وحرق المحاصيل دون أن يُقَدم مستوطن واحد إلى محكمة.
إسرائيل تحاول من خلال هذه الأفعال أن ترسل رسائل للسلام في العالم وحرية العبادة داخل المسجد الأقصى، وفي نفس الوقت تقول للسلطة بأنها لا مشكلة لديها في حل السلطة الفلسطينية وأنها قادرة على إدارة شؤون الضفة الغربية وأن التلويح بهذا الخيار لم يعد يخيفها، وأن فكرة السلام الاقتصادي مع السلطة هو أفضل الحلول في ظل إنهاء فكرة حل الدولتين على الأرض كما تنادي السلطة ضاربة بعرض الحائط كل المبادرات الفلسطينية والمقترحات التي تقدم هنا وهناك.
ما يجري اليوم يجعلنا أمام سؤال حقيقي: هل نحن دولة أم سلطة؟ ماذا يعني لنا الحضور البروتوكولي في قمة دول عدم الانحياز؟ وهل المشكلة فقط فيمن يجلس على المنصة في ظل غياب الدعم الشعبي الحقيقي بسبب حالة الترهل والانقسام؟
المطلوب اليوم من دول الربيع العربي أن تشكل ضغطاً على القوى الفلسطينية حيث وعد الرئيس المصري والرئيس التونسي بالعمل على حل المشكلة الفلسطينية والعمل الفلسطيني على برنامج وطني يجمع عليه الجميع، فالأراضي الفلسطينية لا تحتاج إلى سلطة فلسطينية فهي تكفيها فقط إدارة مدنية لتدير أمورها، فبدلاً من البحث عن التمثيل الوهمي لدولة وهمية لنبحث عن طرق جديدة للنضال ومقاومة الاحتلال.
حمزة إسماعيل أبو شنب - 11/10/1433 هـ