وصية صاحب

منذ 2005-04-27

وفي يوم من الأيام تشاجرتُ مع أحد الجيران، فتعالت أصواتنا حتى اجتمع علينا الناس.. ومن اللذين حضروا صديقي .....

كان لي صديق من خيرة الأصدقاء، وكان لا يألو جهداً في مناصحتي إذا أخطأت فكان يذكرني دائماً بالله سبحانه وتعالى.

وفي يوم من الأيام تشاجرتُ مع أحد الجيران، فتعالت أصواتنا حتى اجتمع علينا الناس.. ومن اللذين حضروا صديقي، وقام على الفور بفضّ النزاع وإصلاح ذات البين ثم قال لي ألا تعلم بأن المسلم أخو المسلم؟

-فقلت له بلى أعلم، فقال لي: ألا تعلم بأن الله أوصانا بالصبر في كتابة العزيز؟ فقلت: بلى، فقال لي: إذا كنت تعلم ذلك، فلمَ تعدّيت على أخوك المسلم، وإذا كنت تعلم ذلك لماذا لم تصبر عليه؟ وبذلك تلقم الشيطان حجراً!

فطأطأت رأسي، وقلت: سأفعل ذلك إن شاء الله.

ثم مرّت الأيام تلو الأيام.. وفي أحد الأيام تشاجرت مع أحد البائعين المتجولين وأسمعته كلاماً فاحشاً -وأستغفر الله العظيم-، ثم ذهب المسكين إلى حاله. وعندما علم صديقي، أتاني فقال لي: لماذا نسيت كلامي الذي مضى؟ أنسيت بأن المسلمون أخوة؟

فرددت عليه -وأنا في غاية الغضب-:" لم أنسَ، ويكفي موعظة؛ كلما رأيتني ...، فأنا لست طفلاً..."، ولم أعرف ما الذي ساقني لقول مثل ذلك، ولمن؟ لأعز صديق لدي.

ثم نظر إلي وتحدّرت تلك الدموع الطاهرة من مقلتيه، ثم قال لي -وهو ذاهب-: في أمان الله يا صديقي.. ولا تنسَ كلامي لك.

عندها أظلمت الدنيا في وجهي، وكان الوقت قد دخل على الساعة الحادية عشر مساءً، قلت في نفسي: "ماذا فعلت؟؟".. أخذتُ ألعن الشيطان وأستغفر الله على ما بدر مني.

ولم استطع النوم لأني أغضبت صديقي الوفي، الذي كان يذكّرني بالله دائماً.. لم أستطع النوم لأنني جعلته يبكي، وهو الذي كان يدخل الأمل إلى قلبي بكلماته الطيبة.. ما أقساني من إنسان!!

فأقسمت بالله ألا أنام حتى أعتذر منه وأساله أن يسامحني ويدعو الله لي. فانتظرت حتى صلاة الفجر فتوضأت ثم ذهبت إلى المسجد فصلّيت السنة وأخذت أتلفّت يميناً وشمالاً وأراقب القادمين إلى المسجد، حتى أقيمت الصلاة، وصديقي لم يأتِ..

إنه لا يتأخر عن الصف الأول مطلقاً!! فقلت ربما تأخر في نومة وسوف يأتي بعد قليل.

وبعد انتهاء الصلاة، نظرت إلى الخلف ولكنه ليس في المسجد.. فقمت متوجهاً إلى منزله، وعندما قربت كان على باب منزله الكثير من الناس، فقلت ما الأمر؟ قالوا: محمد قد مات .. فقلت: ماذا؟ قالوا: محمد قد مات..

فأخذتني نوبة شديدة من البكاء، وأصبح الكلّ يذكّرني بالله، فقلت: لا هو فقط الذي كان يذكّرني بالله، هو صديقي..

وظللت أبكي وأردد "هو من كان ينصحني، هو من كان ينصحني..
" حتى سمعت ذلك الصوت من خلف الباب، صوت أم محمد، أعز صديق في قلبي، تقول: أعظم الله عزاك في صاحبك، ثم قالت لي: يقول لك محمد لا تنسى ما قاله لك..

فقلت: لن أنسى.. وظللت أقسم أنني لن أنسى..

ومن يومها والحمد لله ما تعرضت لأحد، ولا أغضبت أحداً، وأصبحت من السائرين على صراط الله المستقيم.

فأسال الله أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء.. اللهم آمين.
  • 19
  • 1
  • 22,670
  • مها

      منذ
    [[أعجبني:]] مررت بمثل هذه التجربة مع الفارق ،، لكن صديقي مازال حيا أدام الله عمره ليزيد في حسناته ،، فهو دائما انسان ناصح وطيب القلب ،، هو الوحيد الذي حولني من انسان كاذب ذو سلطة على الغير متشبث برأيه تافه في أفكاره واهتماماته أناني لا يهتم الا برغباته ،، الى انسان هادئ الطباع صادق لا يخشى الا الله عز وجل ، لا أضيع وقتي بل أستفيد به فيما يرضي الله عز وجل ،، وها أنا أدعوا له دوما بأن يجعل الله كل ما أفعله من خير في ميزان حسناته أيضا ،، لأن الدال على الخير كفاعله..
  • يارا

      منذ
    [[أعجبني:]] لا يسعني القول إلا بارك الله فيكم على ذكر هذه القصة الأروع على الإطلاق فما فيها من عبر كان كفيل بإبكائي فأرجو أن أسير على درب الصلاح مثل صاحبنا هذا و أن أكون قادرا على بذل النصح والهداية لمن هم حولي
  • طاهر الجميعي

      منذ
    [[أعجبني:]] والله إن ما نفعله سنحاسب عليه لا محالة فلا تجعلنا مثل هذا الشخص واجعلنامثل محمد نموت ونحن ندعو إلى الخير آمين آمين
  • محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] موقف مؤثر فعلا أشعر أن هذا الرجل الذى مات من أهل الجنة أحسبه كذلك و لا أزكى عى الله أحدا اللهم زدنا إيمانا و توفنا مؤمنين و أدخلنا الجنة بسلام
  • دكتور أيمن شعبان عبد الوهاب

      منذ
    [[أعجبني:]] كلها عدا شئ واحد هو اسم الفتى الذى توفاه الله وهو محمد وأرى تغييره لأى اسم عدا محمد لأنه اسم أغلى انسان فى الوجود لكل مسلم [[لم يعجبني:]] هو اسم الفتى الذى توفاه الله
  • جلال سالم

      منذ
    [[أعجبني:]] من صدقها أبكتني ، جزاكم الله خيرا
  • أبو عمر

      منذ
    [[أعجبني:]] صياغة جميلة وأسلوب رائع وفكرة تربوية بالنهاية رائعة [[لم يعجبني:]] السيناريو كان قصيرا بعض الشي
  • آية جمال

      منذ
    [[أعجبني:]] الحقيقة كل شيىء اعجبنى وكنت اتساءل عن امكانية اقامة موقع يتضمن لقاء فتيات مسلمات للتعرف عن طرق النت ومساعدة الاخرين على اتقاء الله .. فانا ارى انا الالاف من مواقع التعرف المحرمة بين الشباب والفتيات تقام يوميا ولا ارى مواقع تفيد التعرف بين الفتيات لتقوية بعضهم على اتقاء فتنة الدنيا.. ارجوانا يصل صوتى للمسئولين فيعرفوا انا الشباب بامكانهم تغيير حاضرهم التافة بايمان نجد حلاوته فى قلوبنا... وشكرا على حسن الاستماع [[لم يعجبني:]] لا شبىء والحمد لله
  • ابو ناصر

      منذ
    [[أعجبني:]] اعجبني الصديق الوفي و هذا ما يذكرني بصديقي الغالي احمد رحم الله محمد و جازاه الله كل الخير
  • محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] آآآه ، مقالة مؤثرة للغاية .. بالفعل .. لابد علينا من التغاضي في مثل هذه الأمور.. فالشيطان عليه من الله ما يستحق حريص على إثارة الفتن والقلاقل بين الناس.. ولاننسى قصة الصحابي الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيدخل عليكم رجل من أهل الجنه .. وعندما سأل عنه عبدالله بن عمر رضي الله عنه اكتشف انه إذا نام لا يكون في صدره غل ولا حقد على أحد.. فالله الله بالصبر والمداومة على ذكر الله.. جزاكم الله كل الخير وجزى ظريق الإسلام الخير الوفير

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً