سقوط أمريكا من القلوب مؤذن بسقوطها من الواقع

منذ 2005-05-22

{ <span style="color: #800000">وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً</span> }


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد تناقلت وكالات الأنباء وصحف العالم ما فعله الجنود الأمريكان في معتقل غوانتانامو من تدنيس للقرآن الكريم وإهانة ظاهرة متعمدة وهذا الأمر ليس بمستغربٍ على أولئك الذين يمثلون أكبر دول الظلم والغطرسة والجبروت والبغي في العصر الحديث.

وهذه الحادثة قد تكررت منهم مراراً وبخاصة ما حدث بالعراق وما رأيناه بأعيننا بالفلوجة ولي مع هذا الحدث الوقفات التالية:

أولاً: أجمع العلماء على أن من أهان القرآن الكريم أو دنّسه فإن كان من المسلمين فهو مرتد يجب أن يقام عليه حد الردّة، وإن كان من الكفار فهو محارِب فمَن فعل ذلك متعمداً عالماً فهذا حُكمه ويُلحق بهذا الحكم مَن رضي بهذا الأمر أو صدر منه ما يدل على الفرح به أو تأييده أو الدفاع عن فاعليه وهذا أمر عظيم ولا شك عند التدبر والتأمل، فليحذر أولئك المدافعون عن أمريكا وتفسير الحدث بأنه حدث فردي لا تتحمل أمريكا مسؤوليته.

ثانياً: إلى متى ستظل أمريكا في أعين بعض الناس تمثل الديمقراطية أو العدالة أو الحرية مع جرائمها التي أهلتها لأن تكون أكبر دولة في البغي والعدوان والظلم والغطرسة، هل تركت أمريكا شيئاً يخل بميزان العدالة والحرية إلا وفعلته، وهل قتل الأبرياء حوادث عارضة في السنوات المعاصرة؟ كلا فجرائم فيتنام واليابان والهنود الحمر وما يحدث في العصر الحاضر من جرائم اليهود التي تعتبر أمريكا المسؤول الأول عنها في فلسطين ثم ما جاء من أحداث في أفغانستان وفي العراق كل ذلك يبين حقيقة أمريكا.

فأقول هل أبقت أمريكا مجالاً لأن يقول بعض المهزومين إن في أمريكا عدالة أو حرية أو ديمقراطية فقد أصبحت رمزاً للتفنن في البغي والظلم والطغيان والله المستعان.

ثالثاً: الذي حدث ابتلاء من الله جل وعلا وامتحان للأمة، وإلا فالله جل وعلا قادر على أن يهلك أمريكا بلحظة عين كما أهلك فرعون وقارون وهامان وكما أهلك عاداً وثمود وأهلك قوم لوط سبحانه وتعالى { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [يـس:82]، ولكن الذي حدث ابتلاء وامتحان من الله للأمة يؤكد هذه الحقيقة قوله تعالى: { وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } [محمد:من الآية4] ، فإننا نقف أمام هذا الحدث بل يقف كل مسلم ليتساءل ماذا أفعل؟ كيف أنكر؟ سواء على مستوى الحكومات أو مستوى الشعوب على مستوى العلماء والعامة على مستوى الرجال والنساء الصغير والكبير وقد يقول قائل: وماذا يفعل الصغير؟ ماذا تفعل الشعوب المقهورة المستضعفة؟ فأقول إنها تفعل الشيء الكثير كما سيأتي بيانه.

رابعاً: ماذا نحن فاعلون تجاه هذا الحدث، المسؤولية عظيمة جداً، والأمر جسيم وعظيم، الحكومات مطالبة بموقف حازم تجاه هذا الحدث، المنظمات الدولية وأخص المنظمات الإسلامية مطالبة بموقف يبرئ ذمتها أمام الله جل وعلا ثم أمام الشعوب المسلمة، العلماء مطالبون ببيان الحكم الشرعي في هذه الحادثة وتوجيه الكلمة للمسلمين قبل توجيهها لأمريكا، إن على الأمة الاستنكار القولي والعملي بكل صورة وبكل وسيلة مشروعة كخطب الجمعة من على المنابر العلمية والإعلامية وعبر كل وسيلة مشروعة، الصغار الكبار، المقاطعة الاقتصادية بل يستطيع الصغير أن يفعل شيئاً، يستطيع أن يقاطع أي منتج أمريكي، إن علينا في هذه المرحلة أن نتوجه بقوة لمقاطعة العدو، ألم يقاطع المسلمون اليهود في فلسطين سنوات ولا تزال المقاطعة سارية في كثير من جوانبها عبر مرور خمسين أو ستين سنة؟

مقاطعة أمريكا أولى بذلك، مقاطعة منتجاتها، المقاطعة بشتى صورها وأشكالها وهنا نأتي للنقطة الخامسة وهي:
إن المقاطعة لا يتصور البعض أن مغزاها هو مجرد الإضرار بالعدو حتى يأتي مَن يقول إنها لن تؤثر بأمريكا.
لا ، إن من أهداف المقاطعة إحياء عقيدة الولاء والبراء وهو مبدأ عظيم جداً، البراءة من أمريكا وعملائها إنني عندما أقاطع منتجاً من منتجات أمريكا أحيي مفهوم الولاء والبراء في بيتي وفي نفسي وفي أهلي وهذا ملحظ عظيم يغيب عن بعض الأذهان حيث ينظرون إلى الأثر الاقتصادي فقط.

إنك عندما تدخل السوق وتجد منتجاً أمريكياً فتتركه تتحرك فيك مشاعر الإيمان لأنك ما تركته إلاّ براءة من الكفار وولاءً للمؤمنين.

وأقول أيضاً إذا لم يكن بالإمكان أن نقاطع كل سلعة أمريكية فلا أقل من أن يقاطع الواحد منا ولو عدداً يسيراً من هذه المنتجات من أجل هذا الهدف العظيم.

سادساً: إحياء عقيدة الولاء والبراء، التي أصبحت مع كل أسف ضعيفة هزيلة في نفوس كثير من المسلمين، والأمة تحتاج إلى هذا المبدأ وبخاصة في هذه العصور المتأخرة التي ضعفت فيها العقيدة لدى كثير من المسلمين.

سابعاً: إن ما حدث ينطبق عليه قوله تعالى: { لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ } [النور: من الآية11] ، وكما أن الإفك وحادثة الإفك كانت عظيمة ومؤثرة فنزل فيها هذا القرآن العظيم { لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [النور: من الآية11] ، فإن ما رأيناه من احتجاجات واستنكارات عالمية يبيّن أن في هذه الأمة خيراً وأنها مستعدة لمواجهة عدوها متى ما سنحت الفرصة المشروعة لذلك، ومما يتأكد في هذا الجانب وقوفنا مع المجاهدين الصادقين في ميادين الجهاد العظيمة في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان دعماً لهم بكل وسيلة ممكنة وأخص الدعم المادي لإثخان العدو في ميادينه المباشرة، وفي غيرها من الميادين تكون المواجهة بفضح أمريكا وعملائها وتجريدها من مقوماتها التي تدعيها كالديمقراطية والحرية وغيرها وهذا من جملة جهاد اللسان { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [التوبة:من الآية73] فلنجاهدها في ميادين الجهاد الحقيقية بالسنان ولنجاهدها في البلدان الأخرى باللسان فضحاً وتشهيراً وبياناً لجرائمها عبر التاريخ وما تفعله بالمسلمين.

وأخيراً فإن ما حدث هو من حفظ الله لهذا القرآن العظيم { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر:9]، إن حفظ القرآن ليس فقط حفظ نصه وإنما يشمل ذلك حفظ لمنزلته ومكانته، فما حدث من ردة فعل قوية من المسلمين وكيف سُرِّب هذا الخبر من داخل معتقلات غوانتانامو على أيدي الأمريكيين أنفسهم إنه دليل عظيم على حفظ الله لكتابه وحمايته لكتابه جل وعلا وإبراز لمكانته في قلوب المسلمين جميعاً.

وبالمقابل ومما يجعلني أتفاءل وألتمس بعض جوانب الخير في هذا الحدث هو أن أمريكا تتساقط من قلوب الناس وهذا مؤذن بإذن الله بسقوطها من أرض الواقع طال الزمان أو قصر وعلامة ذلك شاهدة بارزة ولكن كما قال صلى الله عليه وسلم: « ولكنكم تستعجلون » ، فأبشروا وأمّلوا، فالعدو مخذول والظلم مرتعه وخيم { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً } [الكهف:59]
أسأل الله أن يحمي هذه الأمة وأن يحفظها وأن يذل أعداءها وأن يجعل الدائرة عليهم.

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر: موقع المسلم

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا

  • 12
  • 1
  • 22,416
  • منار

      منذ
    [[أعجبني:]] اعجبنى فى المقال الامل والتفاؤل والامل فى نصر الله للاسلام والمسلمين الله تعالى انزل فى كتابه العزيزفى سورة طهطه ماانزلنا عليك القران لتشقى الا تذكرة لمن يخشىصدق الله العظيممهماان قالو اوفعلوافلا تشقى بالقران وهوتذكرة لمن اراد ان يذكر [[لم يعجبني:]] ان لانتفرق وكل يكون له راى مخالف للاخر بل نتحد فعدونا واحد ايا كان مكانه
  • ابو عبدالحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] ذكر في هذه المقالة مقاطعة المنتجات اليهودية , وانا مع هذا القول غير ان الله يقول في كتابه ( اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتو الكتاب من قبلكم )
  • الشيخ ابو أحمد

      منذ
    لم يعجبني: إن الله يقول في آخر الذاريات {فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون}, وهذه الآية جاءت بعدما قص الله علينا قصص فرعون وثمود وكل الذين أهلكهكم, ثم علّق ذنوب المهلكين من الظالمين بعدهم بـ"مثل ذنوب أصحابهم" فهو ليس ذنوبا عاما, بل له صاحبه ومِثله, فإما أن تكون الامة الظالمة "صاحبة" قوم لوط, أو صاحية عاد, أو صاحبة فرعون.. ثم لها من الوبال بعدها ذنوبا مماثلا لذنوب الصاحب.... أريد أن أقول: إن تعميم المثل بعدما خصصه الله {ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا}, هو من تعمية الهداية والتدبر..... فأنا لا اعتقد البتة أن أمة تأتي الفاحشة علانية مثل قوم لوط, ثم يكون ذنوبها مثل ذنوب عاد!!!!!!!!!!!!! فلا تبديل ولا تحويل......... أريد أن أسأل: إن كان كذلك فمن "صاحب" أمريكا من أمثال الأولين يا أهل الذكر الأكرمين؟. لعلي استنبئ "ذنوبه"!.
  • montasser

      منذ
    [[أعجبني:]] الجهاد فسبيل الله [[لم يعجبني:]] عدم التحازل
  • said EL ibtshimia

      منذ
    [[أعجبني:]] T´out d´abord je suis déselé parceque j´ai pas pu écrire en Arabe mais en toutcas ce que vous avez écris est une goutte d´eau d´une riviére de colére que chacun de nous qui appartient ل cette religion mais je sais pas ce qui nous est arrivé le probléme c´est pas l´islam c´est pas le coran l´islam est toujours dans la reléve ansi que le coran est protégé par DIEU le Problém ce sont les muslmans qui sont mort mort mort et la grand crainte c´est que DIEU nous chatis tous ensenble mais nous prions DIEU le tos puissant qu´il nous prend par son MErci et non Pas par son Chatiment et que DIEU vous bénéficie pour ce que vous avez écris et j éspére que tous les Musulmans et surtout les Oulamas font entendre leur Voix et font montrer au americains que et nous prions ل DIEU et non pas ل l´amerique et nous devons pas nous presser car le jour de l´oncle Sam va venir inchaa Allah.
  • ابو محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] جميغ مافي المقال واشكر كاتبةوتمنى لةالتوفيق انشااللة واللةيكثرمن امثالة
  • ابوالفاروق

      منذ
    [[أعجبني:]] لعمرك ماعجبتومن شئ الى ..تعجوبن من دينن تحمى له الحمى واخسأعدو الله مدحورن خاسئى..ولن تهزشئ ودين الله قامى
  • al muqasser

      منذ
    [[أعجبني:]] المقالة رائعة وجزى الله الشيخ خير الجزاء ونرجو من جميع المشايخ وأصحاب الأقلام الشريفة أن يكتبوا عن هذا الموضوع خاصة بعد اعتراف أمريكا الصريح بهذا الحادث المؤلم للأمة الإسلامية حيث ذكرت قناة الإذاعة البريطانية اعترافات أمريكا أن المحققين المجرمين الكفار اعتدوا على المصحف الشريف وذلك كما يلي: 1- داسوا المصحف الشريف بأقدامهم. 2- وتبول أحدهم عند مجرى هواء موضوع عنده القرآن الكريم مما أدى إلى تطاير قطرات بول على المصحف. 3- سكب أحدهم الماء على المصحف الشريف. 4- وضعه في أماكن غير لائقة. هذا ما اعترف به الكفار المجرمين وما خفي كان أعظم اللهم اعز كتابك وانصر دينك واتخذنا جندا لنصرة الدين
  • عبد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاكم الله كل خير فقد اثلجت صدورنا بتلك المقاله وذكرتنا بمبدأ الولاء والبراء وثقافة المقاطعه
  • ابو دجانه

      منذ
    [[أعجبني:]] كلام الشيخ عن النصر وسقوط أمريكاوعلى العلماء التبيين وقول الحق [[لم يعجبني:]] ذكرالمقاطعه فقط

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً