إن أكرمكم عند الله أتقاكم
ملفات متنوعة
- التصنيفات: الأدب مع الآخرين -
تختلف المقاييس التي يعتمد عليها
الناس في تقييمهم للأشخاص ، ومدى استحقاقهم للتقدير والاحترام ، فمنهم
من تتفاوت قيمة الناس لديه حسب نَسَبِهم ، وعراقة قبائلهم ، فأجدرهم
بالاحترام ، والتقدير أعلاهم نسباً ، وأعرقهم قبيلة ، ومنهم من يعتبر
الغنى والثراء وحجم الأرصدة والممتلكات هي المقياس الحقيقي لقدر
الإنسان وعلو منزلته ، ومنهم من ينظر إلى الموضوع من زاوية المنصب
والجاه ، والارتقاء في سلم الوظائف والدرجات ، وبعضهم يرى أن الشهادات
العلمية التي حصل عليها الشخص هي التي تحدد قيمته ، وتفرض احترامه
.
إن جميع هذه المقاييس لا تتعدى كونها مقاييس مادية بحتة ضيقة الأفق ، فالإنسان الذي يفاضل بين الأشخاص على هذه الأسس ، إنما ينظر إلى الحياة بمنظار ضيق جدا ، فالشخص العريق النسب لا قيمة لنسبه مع انحطاط في أخلاقه وقيمه الدينية والاجتماعية ، ومهما بلغ الإنسان في عراقة نسبه ، فلن يصل إلى نسب أبي لهب - عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أنزلت فيه سورة كاملة تتوعده بالعذاب الأليم يوم القيامة ، وقد كان كثير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يملكون هذه العراقة في النسب ، غير أن الله شرفهم بالانتماء لهذا الدين ، والتضحية في سبيله ، فقد كان بعضهم أصله من الفرس ، وبعضهم من الروم ، وآخرون من الموالي والعبيد ، ولم يقدم الرسول - عليه الصلاة والسلام - سادة قريش وشرفائها عليهم لعراقة نسبهم :
وكم من أحفاد لعظماء وعلماء لم يسلكوا سبيلهم ، فلم يرفعهم انتماؤهم لأولئك العظماء نسبا .
وأما الثراء والغنى ، فتكون قيمته على قدر خدمة صاحبه للمجتمع ، وحرصه على تقديم الخير والمعونة للأمة ، ولا قيمة لثراء رجل قد غل يده إلى عنقه وبخل بما فيها .، أو رجل جمع من الأموال ما حل له وما لا يحل يتكبر بها على الناس ويتعالى عليهم .
وما يقال في الغنى يقال في المنصب والجاه ، فصاحب المنصب تتجسد قيمة منصبه في حرصه على خدمة مجتمعه وأمته ، والسهر على مصالحها ، لا في حيازته للمنصب وارتقائه في السلم الوظيفي .
وبالنسبة للشهادات العلمية فإنها لا تصلح أيضا لتكون مقياسا للآشخاص لثلاثة أسباب هامة :
إن جميع هذه المقاييس لا تتعدى كونها مقاييس مادية بحتة ضيقة الأفق ، فالإنسان الذي يفاضل بين الأشخاص على هذه الأسس ، إنما ينظر إلى الحياة بمنظار ضيق جدا ، فالشخص العريق النسب لا قيمة لنسبه مع انحطاط في أخلاقه وقيمه الدينية والاجتماعية ، ومهما بلغ الإنسان في عراقة نسبه ، فلن يصل إلى نسب أبي لهب - عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أنزلت فيه سورة كاملة تتوعده بالعذاب الأليم يوم القيامة ، وقد كان كثير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يملكون هذه العراقة في النسب ، غير أن الله شرفهم بالانتماء لهذا الدين ، والتضحية في سبيله ، فقد كان بعضهم أصله من الفرس ، وبعضهم من الروم ، وآخرون من الموالي والعبيد ، ولم يقدم الرسول - عليه الصلاة والسلام - سادة قريش وشرفائها عليهم لعراقة نسبهم :
خذلت أبا جهل أصالته ***** وبلال عبد
جاوز السحبا
وكم من أحفاد لعظماء وعلماء لم يسلكوا سبيلهم ، فلم يرفعهم انتماؤهم لأولئك العظماء نسبا .
وأما الثراء والغنى ، فتكون قيمته على قدر خدمة صاحبه للمجتمع ، وحرصه على تقديم الخير والمعونة للأمة ، ولا قيمة لثراء رجل قد غل يده إلى عنقه وبخل بما فيها .، أو رجل جمع من الأموال ما حل له وما لا يحل يتكبر بها على الناس ويتعالى عليهم .
وما يقال في الغنى يقال في المنصب والجاه ، فصاحب المنصب تتجسد قيمة منصبه في حرصه على خدمة مجتمعه وأمته ، والسهر على مصالحها ، لا في حيازته للمنصب وارتقائه في السلم الوظيفي .
وبالنسبة للشهادات العلمية فإنها لا تصلح أيضا لتكون مقياسا للآشخاص لثلاثة أسباب هامة :
- أولا : أنها لا تعبر عن مقدار علم الشخص ، وسعة اطلاعه ، فكم من
علماء أجلاء لا يحملون شهادات بلغوا من العلم مبلغا عظيما ، لا يحلم
به أصحاب الشهادات في أشد أحلامهم سخاء ، وكم من حاملي شهادات عالية
كالدكتوراة وغيرها ، وثقافاتهم ضحلة جدا ، حتى في مجال تخصصهم .
- ثانيا : إن عدم حصول الشخص على هذه الشهادات لا يعني عدم كفاءته
لها ، فربما لم تواته الظروف لذلك ، أو حالت دون حصوله عليها موانع
.
- ثالثا : على افتراض سعة ثقافة حامل الشهادة ، وتوسعه في الاطلاع
فإن قيمته تكون بمقدار انتفاعه بعلمه ، وتطبيقه لما علم ، ومدى إحساسه
بالمسؤولية الملقاة على عاتقه من تعليم الناس والحرص على تثقيفهم
:
وما أنت بالعلم الكثير بمفلح ***** وما لك جد في التقاة كبير
كأين رأينا عالما ظل سعيه ***** وظل به جمع هناك غفير
معارفه بحر ويصرف وجهه ***** إلى الباطل الخداع وهو بصير
وقد أخبرنا الله تعالى أن مصير كل هذه الاعتبارات والمقاييس إلى التلاشي يوم القيامة ، فمصير النسب { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } ، ومصير الغنى { وما يغني عنه ماله إذا تردى } ، ومصير الجاه والمنزلة { هلك عني سلطانيه} .
والسؤال الذي يطرح نفسه ، ما هو المقياس الحقيقي لقيمة الأشخاص ؟
والجواب أرشدنا إليه القرآن الكريم في قوله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ، فالمرء يقاس بمقدار صلاحه واستقامته على منهج الله ، وقيمة الإنسان في المجتمع إنما هي بمقدار نفعه لمجتمعه ، وخدمته لأمته ، واستغلال ما آتاه الله من نعم وما مكنه فيه في نشر الخير ومساعدة المحتاج وإعانة الضعيف ، وسره على مصالح الأمة ومعرفته بحقوق الآخرين ، فيجب علينا أن نحترم الناس على هذا المقياس ، ونزنهم بهذا الميزان العادل .
فالإنسان الصالح ولو كان من الموالي أجدر بالاحترام من إنسان عريق النسب لا يعرف للصلاح مسلكا ولا للخير سبيلا ، والإنسان الفقير صاحب الأخلاق والقيم أجدر بالتقدير من غني لا يرعى حقوق الله ولا حقوق العباد في ماله ، والعامل المخلص في عمله يستحق الاحترام أكثر من الموظف الكبير الذي لا يرعى مسئوليته في العمل ، والابن المحترم عالي الأخلاق الذي لم تسمح له الظروف بالحصول على الشهادات العالية أجدر بالاحترام من قبل أبويه من الابن العاق صاحب الشهادة الجامعية ، وهكذا .
فالواجب على الإنسان أن يقيس الناس بالمقاييس الثابتة الراسخة الجذور في الدنيا والآخرة التي تَعَبَّــدَنَا الله بتقدير الأشخاص استنادا إليها .
وما قصدت إلا الخير والإصلاح وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
محمد بن سعيد المسقري
سلطنة عمان
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام