مسلمو كندا.. المصاعب لا تلغي الطموحات

منذ 2005-11-11
26/5/1426  هـ
03/07/2005  م

كشف القرار الذي أصدره وزير الداخلية الكندي بفرض مراقبة دائمة على المساجد والمراكز الإسلامية، وكذلك ضرورة التدقيق الكامل فيما يخص استقدام ودعوة الدعاة وعلماء الإسلام من البلاد العربية والإسلامية، كشف مدى الحصار والتضييق الأمني الذي يُمارس في كندا ضد الجالية الإسلامية التي يصل تعدادها إلى (1.2) مليون نسمة.

فالحصار والتضييق الأمني والمراقبة التامة للمساجد والمراكز الإسلامية لم تكن تعرفها كندا قبل أحداث سبتمبر 2001 غداة اصطدام الطائرات ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاجون في واشنطن؛ إذ كانت الجالية تمارس أنشطتها وعباداتها بحرية تامة، ويُسمح لها بجلب الدعاة من مختلف الدول الإسلامية، ولم توضع قيود لمنعهم من إنشاء دور العبادة. لكن هذه الأحداث قلبت الأوضاع رأساً على عقب؛ إذ اتسعت دائرة الاشتباه ضد كل ما هو مسلم، ومورست ضد المسلمين إجراءات تمييزية ساهم فيها اللوبي الصهيوني ذو التأثير الواسع في كندا.

وقبل الدخول في تفاصيل التضييق والإجراءات التمييزية ضد المسلمين جدير بنا أن نذكر أن الجالية الإسلامية في كندا تضم أكثر من 42 % من أعدادها من جنسيات عربية أغلبها من مصر والشام والمغرب العربي والصومال، وكذلك هناك أعداد كبيرة من أصول باكستانية وهندية علاوة على آلاف هربوا من جحيم الحرب الأهلية والصراع العرقي في يوغوسلافيا السابقة معظمهم من البوسنة وكسوفا.

وقد تضاعفت أعداد الجالية المسلمة الكندية في الفترة الأخيرة بنسبة 130 % وهذا يعود في المقام الأول إلى تصاعد الهجرات إلى كندا من جنوب آسيا وشمال وغرب أفريقيا، ورغم زيادة هذه الأعداد في السنوات الماضية إلا أنها أخفقت إخفاقاً كبيراً في تشكيل قوة ضغط سياسية تدافع عن حقوق المسلمين، وتوقف تنامي المناخ المعادي لهم، والذي ارتفعت وتيرته في الفترة الأخيرة حسب أحدث استطلاعات الرأي التي أكدت أن 75% من المواطنين في البلاد معادون للإسلام والمسلمين، ويرونه ديناً يحض على العنف، وينظرون إلى المسلمين كعنصر من عناصر عدم الاستقرار، وبقدر ما كانت نتائج هذا الاستطلاع مزعجة بقدر ما أوضحت نقطة جديرة بالأهمية؛ إذ إن هذا العداء مصدره الأول الجهل وعدم وجود تصوّر واضح عن الإسلام أكثر من كونه بدافع التعصب ضد الدين الحنيف ومعتنقيه الذين ينتشرون في معظم جنبات كندا بداية من العاصمة أوتاوا التي تضم 40 % من أعداد المسلمين في مجمل البلاد، مروراً بمدن مونتريال وإنتاريو وأدمنتون وإليريا، وصولاً إلى إقليم كيبك الذي يقطنه جالية مسلمة منظمة تدير شؤونها جمعيات ومراكز إسلامية وتجمعات سياسية صاعدة استطاعت في الفترة الأخيرة تحقيق نجاحات وصلت إلى موافقة السلطات على اعتبار الشريعة وقوانين الأحوال الشخصية المرجعية لحل أي خلاف بين الأزواج والزوجات المسلمين، وهو الأمر الذي أوجد نوعاً من الخلافات بين قادة المسلمين هناك؛ فمنهم من نظر إلى الأمر بأنه يثبت مدى القوة التي وصلت إليه الجالية المسلمة في إقليم كيبك، وآخرون اعتبروه أمراً يعرقل اندماج المسلمين في المجتمع الكندي، وهي المسألة التي شهدت شداً وجذباً في الفترة الأخيرة، وركّز عليها اللوبي الصهيوني الذي نشر عدة دراسات وتقارير تؤكد عدم قدرة المسلمين على الاندماج والتكيف مع المجتمع الكندي، ويطالب بممارسة أقسى أنواع الحصار والتضييق الأمني لمنعهم من تبديد الاستقرار في كندا ومعاداتهم للحضارة الغربية بشكل عام، وهو ما حظي بردود فعل عنيفة جاءت على لسان الدكتور إبراهيم المصري رئيس الكونجرس الإسلامي في كندا الذي وجه انتقادات شديدة إلى الجالية اليهودية هناك، واتّهمها بالعنصرية والانتقائية، وأنها تحكمها عقدة الاضطهاد التي تجعل حكمها على الأشياء غير موضوعي، مشدداً على أن تصاعد العداء لليهود مردّه العنف والجرائم التي ترتكبها العصابة الحاكمة في تل أبيب ضد الشعب الفلسطيني.

تعاطف رغم الحصار

الحصار الحكومي والحملة الصهيونية على الجالية المسلمة لم تفتّ في عضد الجالية التي أصبح دينها الإسلامي أكثر الأديان في الأراضي الكندية نمواً بعد النصرانية .. كما أن الخلفية الأكاديمية العالمية لأغلب أعضاء الجالية والإنجازات التي حققوها في أعمالهم أوجدت نوعاًُ من التعاطف والتقدير في صفوف الحكومة الكندية لدرجة أن (بول مارتن) رئيس الوزراء الكندي قام بزيارة إلى جمعية المسلمين التقدميين الكنديين، وألقى بها محاضرة عن حوار الحضارات، وهو ما فسره الكثيرون بأنه محاولة من مارتن لخطب ودّ المسلمين وكسب تأييدهم للحزب الحاكم، ولتحقيق هذا الهدف تبنت الحكومة أكثر من خطوة لدعم السلطة الفلسطينية سياسياً ومالياً لتدعيم قدرتها على بسط نفوذها في أراضيها.

إن بعض النجاحات التي تحققت في الفترة الأخيرة ومنها تخفيف القيود التي وضعت بعد أحداث سبتمبر لجلب الدعاة والسماح بإنشاء مدارس إسلامية تدرّس فيها المناهج الشرعية بجانب المقررات الكندية لا ينفي أن هناك مشاكل كبيرة تواجه الجالية المسلمة، وأولها توسيع دائرة الاشتباه وسط الجالية المسلمة، وشنّ السلطات حملات اعتقالات عشوائية بتهمة الانتماء لجماعات إرهابية، وكذلك أغلقت السلطات العديد من مقرّات المراكز الإسلامية بحجة ضرورة تقنين أوضاعها. وزادت حملات المراقبة للحصار الأمني للمساجد بحجّة استخدامها في غير أغراض العبادة.

كما ارتفعت وتيرة العداء للحجاب في كندا، وحظرت العديد من المدارس ارتداء الفتيات المسلمات للحجاب، على الرغم من أنه عُدّ لسنوات عديدة في كندا مظهراً من مظاهر الحرية الشخصية، وهذه الحملة التي كانت مثار استياء مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية فرع كندا "كير"، والذي شن حملة شديدة ضد مظاهر التمييز التي يعاني منها المسلمون، وتزايد حالة العداء لكل ما هو إسلامي، في تكرار ممقوت لما يحدث للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية.

زوبعة في فنجان

إن كثيرين ينظرون إلى حملات العداء لمسلمي كندا على أنها لا تزيد عن كونها زوبعة في فنجان وأمراً مؤقتاً، لا تلبث أن تنتهي خصوصاً أن الجالية المسلمة في كندا جالية نوعية، الأغلبية منها أطباء ومهندسون ومتخصصون في تكنولوجيا الاتصالات، ويشغلون مناصب مرموقة يستطيعون لو نبذوا الصراع السياسي بين دولهم الأصلية التي تتنافس على الهيمنة على الجالية-يستطيعون تكوين لوبي إسلامي في كندا يواجه اللوبي الصهيوني.

ومما يزيد من إمكانية حدوث ذلك أن نصف أعضاء الجالية المسلمة تقل أعمارهم عن(28) عاماً، وهو ما يجعلها جالية شابة وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل، خصوصاً أن أعداد المسلمين في تزايد، وكذلك تتزايد أعداد المواطنين الكنديين الذين يعتنقون الإسلام، كما أن هناك حالة تعاطف نسبية من المواطنين الكنديين الذين انتشرت بين صفوفهم حتى للتعرف على الإسلام، وزاد إقبالهم على اقتناء الكتب والمطبوعات التي تتحدث عن الإسلام.

خلاصة القول .. إن الجالية المسلمة في كندا أمامها فرص وآفاق للتطور إذا تمكنت من لمّ شملها، وحدث نوع من الاندماج بين المؤسسات الإسلامية هناك، ونُبِذ الصراع على النفوذ السياسي والهيمنة على الجالية بين الدول المصدرة للمهاجرين، وفي هذه الحالة فقط يمكن لهذه الجالية أن تلعب دوراً كبيراً في المجتمع الكندي، ويكون جسر تواصل بين المسلمين والدولة الكندية.
المصدر: موقع الإسلام اليوم
  • 11
  • 2
  • 27,318
  • أكرم علام

      منذ
    [[أعجبني:]] ما أعجبني هو سرد واقع المسلمين فى كندا بكل دقة حتى بات الفرد يعيش وسط هموم المسلمين هناك. [[لم يعجبني:]] عدم وجود اقتراحات للرد على هذه الممارسات من جانب السلطات الكندية
  • يونس

      منذ
    [[أعجبني:]] السلام عليكم ورحمه الله وبركاته تزايد الجاليات المسلمه في كندا وفي كل دول العالم انه لشي يفرح القلب والله وكذا دعوه اهل كندا وتعريفهم بديننا الحنيف انه امر يستاهل الجهد والبذل لاجله وهذه امانه في اعناقنا ان نوصل ديننا ونعرف به القاصي والداني [[لم يعجبني:]] محاوله بعض الجاليات السيطره على ترأس الجاليات المسلمه ونقولهم اتقوا الله يجب عليهم التوحد ليبقو اقوياء وكتله يعمل لها حساب في بلدان لاتعرف عن الاسلام الا القليل وعليهم بالتوحد واثبات انفسهم للاخرين واثبات ديننا لكل العالم فديننا دين معامله وجزاكم الله خير الجزاء والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
  • ام عمر

      منذ
    لم يعجبني: اعيش بكندا مند 93 ولي تعليق على المقاله خاصة فيما يتعلق بمنع البنات عن الحجاب بالمدارس والحقيقة انه لم يمنع بناتنا عن الحجاب ابد صحيح اننا رأينا بعض التغيير في احداث سبتمبير ولكن القليل واعتقد ان كندا الدولة الوحيده من الدول الغربيه التي لم يتأدى المسلمون بها مرت بعض الاحداث ولكنها ليست حدثا كبيرا والاهم من دلك ان الكنديين ثأروا باعلام الاميركي ولكن بعد اشهر قليله رأينا الكنديين انفسهم استعبوا اللعبه الامريكيه السياسيه والدليل على دلك انتشر احترام الدين اكثر بل رأيت معاملة بعض الاماكن العامة تحترمنا ونساعدنا. حتى اولادنا الصغار يحكوا لنا كيف ان الاطفال في باص المدرسة يسبون بوش ويقدفون به باقبح الصفات ويتحدث مدرسين اللغه للكبار بكل حريه بمدارسهم عن عنترة بوش ويسبون له ولأمريكا وكان هدا شي غريب بالنسبه لنا قد توجد عنصريه من الفرنسيين وهدا معروف منهم مند زمن وليس مند احداث سبتمبر واليوم المسلمون في كندا اصبح لهم مكانه واصبح لهم دور و لهم ثأثير بل زاد عدد المسلمين الكنديين بشكل كبير وغيرهم من الجنسيات الاخرى مثل جيانا ومن الدول الافريقيه فهده نعمة من الله ان بعد كل مصيبه تحدث او يحفر للمسلمين ينتشر هدا الدين بأعجوبه وبدون وسائل فسبحانه قدرته وسترون الكثير بعد حادثة قدف النبي من قبل الصحيفة الدنماركيه ولله العزة والنصرة
  • أبو عبدالرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] سبب تحفظي هو كون المذهب الإسماعيلي لم يكن ضمن المذاهب الإسلامية التي تم الإعتراف بها في الدورة العلمية المُنبثقة من أمانة المُؤتمر الإسلامي ... وشكراً .
  • أبو عبدالرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] هل الأغا خان هو المسئول عن هذه الجمعية ، المعروف أناالآغا خان هو زعيم الطائفة الإسماعيلية .. وهل المُسلمون في كندا لهم مرجعية واحدة ... إذا كان الأمر كذلك فهذا شيء جيد مع تحفظي على إن كانت الريادة للإسماعيليين ... وكذلك تحفظي على الدعم الحكومي الكندي إن كان يُقصد به الأغا خان وطائفته دون سواهم من الجمعيات الإسلاميةالأخرى إن وُجدت .. أعجبتني غيرتك وتفاؤلك في مقالك ... آمل توضيح ما التبس علي . مع جزيل شكري .
  • shauib

      منذ
    لم يعجبني: i cant send to my friend
  • muslim

      منذ
    [[أعجبني:]] al salam alikom, first of all thanks for the brother who wrote this article wa jasah allah khairan . i have only one small comment about the subject of the above article -maybe not directly related- its nice and good to write articles exlaining the situation of the muslims living in non muslim world ,however, sometimes when muslims living in muslim and arab world read these kind of articles, they might think that there are many restrictions regarding practising religion in the west . believe me , and i had the chance to live both in the arab world and the west , with all the restrictions that are present ,the area of freedom to practice islam , dawwa , and speak freely is FAR BEYOND the one avaiabe in the arab world . thank you all . wa al salam alikom
  • أبو زيد

      منذ
    لم يعجبني: يجب علي المسلمين الإبتعاد عن العيش مع الكفار و خصوصا من يعاون علي قتل المسلمين, فأنت بعملك هناك و دفعك للضرائب تساهم في قتل إخوانك.
  • samo

      منذ
    [[أعجبني:]] all the article is good, but i like to add something which we have to consider very well, that there`re some of people who call themselves(refusen moslims) and I`d read about a woman called IRSHAD MUNJI this woman she `s refuen muslim she hate all what islam say and she has a book called alkhallal fi elislam her aim it`s only to show that islam is a violence relegion she spread this openions in Canada and England she`s good relationship with Salman rushdie and the rest .......you can read about this go to www.allahoakbar.com then click prevent books.
  • حمدى

      منذ
    [[أعجبني:]] الصبر من جانب المسلمين فى كندا [[لم يعجبني:]] اليهود و طباعهم الخبيثة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً