الاستقطاب خير لا بد منه

خالد الشافعي

الاستقطاب .... خير أم شر؟؟ هل يتم استخدام مصطلح "الاستقطاب" كفزّاعة؟؟

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


إنهم يخوفوننا بالاستقطاب.
إنها أحد حيلهم الشهيرة والرئيسية.
إطلاق مصطلح ثم استخدامه فزاعة.

يحولون المصطلح إلى قنبلة دخان، يمررون في غيمها كثير من الأباطيل.
هل تذكرون مصطلح الدولة الدينية التي لا نعرف لها تعريفاً محدداً إلى الآن؟

مرروا من خلال هذا المصطلح كثيرا من الأكاذيب، واستخدموه كفزاعة قادت في النهاية إلى أن يصبح خوف الجماهير من الشريعة ذاتها.

إنهم ينحتون أو يستعيرون مصطلحاً سيء السمعة، أو يجلبون مصطلحاً غائماً أو مجهولاً، ليس له تعريف محدد، ثم يلصقون به أشياء مخيفة، ثم يعيدون تصديره على أنه الحقيقة والواقع، ولأن ذلك يتم من خلال أشد أنواع وسائل التأثير فتكاً، ألا وهي الصورة المتحركة، فإنهم ومع الاستعانة بسحرة فرعون، ومع القدرة على التخييل، ومع جهل المتلقي بالكثير من قواعد اللعبة، وكذلك قلة معارفه الشرعية، فإن الخداع البصري يتمكن من قلب البدهيات.

إنهم يخوفوننا بالاستقطاب.
إنهم يحذرون من عواقبه على الوطن والمواطنين.

وبالفعل صار الجميع تقريباً حتى أشد اليمينيين في مصر، وكذا أشد اليساريين، يدفع عن نفسه هذه التهمة، ويشارك في مظاهرات التحذير من مغبتها، والواقع أن هذا شيء مثير للعجب والدهشة، لماذا؟

أولاً: لأن الاستقطاب سنة كونية يستحيل غيابها، ربما داخل الأسرة الواحدة ولو أحياناً.
ثانياً: لأن الاستقطاب ليس شراً كله، بل ربما كان فيه كثير من أوجه الفائدة والنفع، شريطة أن يكون المجتمع ناضج أو قريب من مرحلة النضج أو على الأقل نخبته.
ثالثاً: لأن من سمات العمل السياسي عموماً، ومرحلة ما بعد الثورات خصوصاً، هو الاستقطاب الحاد بين الفرقاء السياسيين، في مرحلة البحث عن موضع قدم في المسرح الجديد.

لكن الغريب في الأمر فعلاً هو أن تكون إسلامياً، ثم تشارك في مظاهرة التحذير من الاستقطاب، وهو ما يعني أنك تراه شيئاً مذموماً ويشكل خطراً بحق.

الاستقطاب يا سادة: هو تمايز الصفوف وانحياز كل إنسان إلى المعسكر الذي يعبر عن متعتقداته وتوجهاته.
الاستقطاب هو: أن يصطف كل إنسان في الفسطاط الذي يرى فيه نفسه، ويجد فيه ما يتفق مع مبادئه وثوابته.
الاستقطاب خير لا بد منه لأهل الإيمان.

الاستقطاب ظاهرة صحية جداً، وهي تعني تصنيف الخصوم على أساس إيدلوجي، وهو شيء محمود ومطلوب شرعاً، لأنه يرد المعركة إلى حقيقتها، والاستقطاب لا يعني بالضرورة اندلاع فتنة أو طبول حرب، لكنه يعني أن الصراع سيكون قد كشف عن وجهه الحقيقي، وأن الجماهير ستفهم طبيعة المعركة.

في كل الدنيا هناك استقطاب، لكن في البلاد المحترمة، فإن دولة القانون والمؤسسات تسمح بألا يتحول الاستقطاب إلى حرب مدمرة.

كما أن إدراك النخب في الدول المحترمة، لطبيعة ومفهوم الدور المنوط بها، والمهام التي ينبغي أن تضطلع بها، يحول دون شخصنة الاستقطاب أو تحوله إلى محرقة.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام