الإبادة الجماعية في سوريا
لقد صار القتل الجماعي، والإبادة الجماعية، وتوسيع مدى القتل سمة من سمات هذا العصر بما صنعه البشر من أسلحة فتاكة، لا يتحاشون الضرب بها ولو قتلت النساء والأطفال والشيوخ والعجزة، وصارت المذابح العامة، والإبادات الواسعة تاريخا يؤرخ بها فيقال: "قبل مذبحة كذا، وبعد مذبحة كذا"، فما أعظم ظلم البشر، وما أشد جهلهم...
الحمد لله العليم الحليم؛ يملي للظالمين، ويبتلي بهم المظلومين، حتى إذا أخذهم لم يفلتهم، وهو سريع العقاب، عزيز ذو انتقام، عذابه أليم، وبطشه شديد، لا يغتر بحلمه إلا مغرور، ولا يركن لغيره إلا مخذول، ولا يؤجر على ابتلائه إلا صبور، نحمده حمدًا كثيرًا، ونشكره شكرًا مزيدًا؛ هدانا للحق الذي يرضاه، وحذرنا مما يكرهه ويأباه، وأمرنا بالامتثال، ووعدنا بالجزاء: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء:84].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ يثبت من شاء من عباده فلا يزيدهم عظم البلاء إلا تعلقا به، وإخلاصا له، وتوكلا عليه، وإنابة إليه: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27]، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أَمر بنصرة المظلوم، وفك الأسير، وإطعام الجائع، وبين أن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وأن المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وعوذوا به من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووطنوا أنفسكم على الصبر في البلاء، والثبات على الدين؛ فإن الظلم في الأرض عظيم، والبلاء كبير، والاعتداء كثير، وقد قاد العالم اليوم قوم لا خلاق لهم؛ فلا يقيمون عدلا، ولا يمنعون ظلمًا، ولا يرحمون امرأة ولا طفلا.. يسعرون الحروب لمصالحهم، ويزيدون رفاهيتهم بعذاب غيرهم، ويقتاتون على دماء ضحاياهم، ولا ثبات إلا لمن ثبته الله تعالى، والإقبال على العبادة سبب للثبات كما قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» (رواه مسلم).
أيها الناس: حين أراد الله تعالى عمارة أرضه بالبشر أخبر ملائكته عليهم السلام بأنه جاعل في الأرض خليفة {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30]، فلم ينف سبحانه عن هذا البشر أنه سيفسد في الأرض ويسفك الدم، وبين أن الجهل والظلم صفتان في الإنسان إلا أن يزيل الجهل بالعلم، ويدفع الظلم بالعدل: {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72].
وسار الإنسان في الأرض بظلمه وجهله على وفق ما أخبر الله تعالى عنه، وأفسد فيها وسفك الدماء على ما ظنه الملائكة فيه، وقال أول إنسان قُتل على الأرض: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ} [المائدة:28]، فما منعه إلا إيمانه وخوفه من الله تعالى، وبإيمانه أزال جهله وظلمه، لكن أخاه المقابل له بقيت فيه صفتا الجهل والظلم فلم يزلها بالإيمان بالله تعالى والخوف منه سبحانه: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِينَ} [المائدة:30]، ولاحظوا قوله تعالى {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ} إنها النفس الظلوم الجهول التي وصف الله تعالى بها الإنسان، لم تصبر طويلا عن ممارسة الظلم والجهل؛ إذ إن هذه الحادثة وقعت في بدايات الهبوط البشري إلى الأرض وسُكناها، بدليل أن صاحبا حادثة القتل هذه هما ابنا آدم، ومن المرجح أن هذه الحادثة وقعت في حياة آدم عليه السلام؛ لأن القاتل لم يعرف كيف يدفن أخاه حتى رأى الغراب، بينما لما مات آدم عليه السلام نزلت الملائكة فغسلته وكفنته وصلت عليه ودفنته، وعلَّمت بنيه ما يفعل بالموتى.
ما أعظم القرآن وهو يحدثنا عن النفس البشرية، ويخبرنا أنها مملوءة بالظلم، متخلقة بالجهل إذا لم يسعفها الإيمان والخوف من الله تعالى، ثم نرى ذلك مضطردا في التاريخ البشري، فكم المذابح والإبادات البشرية التي ارتكبت بيد الإنسان لإشباع غريزة الشر والطغيان، وإثبات تخلقه بنزعة الظلم والجهل؟!
لقد بدأ القتل في البشر فرديًا، فإنسان يقتل إنسانا كما في قصة ابني آدم في تسجيل حادثة أول قتل في البشر، وذُكرت هذه الحادثة في القرآن لأهميتها من جهة تعظيم الدم الحرام، ومن جهة أن القتل سيكثر في البشر، ثم ذكر هذه الحادثة النبي صلى الله عليه وسلم في سياق تعظيم أمر القتل فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ» (متفق عليه).
ثم توسع القتل في البشر وانتقل من الحالة الفردية إلى قتل عدد من الناس، واشتُهر في التاريخ البشري حروب القبائل والعشائر والبلدان، ثم كانت حروب الدول والأمم، فالحروب العالمية التي يُقسم فيها البشر قسرًا إلى حلفين متضادين متحاربين كما وقع في الحربين العالميتين الأولى والثانية اللتين حصدتا ملايين البشر.
لقد خطا الإنسان خطوات هائلة في التقدم المعرفي والصناعي فخطا معها خطوات هائلة في توسيع القتل، فكانت أسلحة الدمار الشامل، وكانت الحروب الكيماوية والبيلوجية والجرثومية والنووية التي تفتك بالألوف من البشر في لحظة واحدة فتذيب أجسادهم، وتأتي على البقية منهم بعاهات مستديمة من الجنون والشلل والتشوه والأمراض المزمنة، وتفسد إشعاعاتها الأرض التي ألقيت فيها أزمنة مديدة.
وجيلنا عاش عصر سباق التسلح، ولا يزال يعيشه، وهو في واقع الأمر سباق إلى قتل أكبر عدد ممكن من البشر، وسمعنا عن الدخول في النوادي النووية وهي نواد للقتل الجماعي، وظهرت مصطلحات سُكَّت لها أنظمة وقوانين وعقوبات من مثل: (الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، وجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، والمقابر الجماعية، ونحو ذلك..)، وهي مصطلحات تشي بما تحتها من كمية الدماء المسفوكة، والنفوس المعذبة المقتولة.
ثم استخدم الغربيون هذه المصطلحات التي اخترعوها أسلحة معنوية يلوح بها القاتل القوي منهم ضد القاتل الضعيف إذا أراد الخروج عن طاعته، فيا للعجب من حضارتنا المعاصرة صار قتل الأبرياء فيها شريعة وقانونا، واستفيد من كثرة القتلى فسكت لهم مصطلحات استخدمت بعد ذلك سلاحا في أروقة السياسة.
إنه يصدق على هذه الحضارة التي يديرها ملاحدة الغرب أنها حضارة الدم ولو ناطح بنيانها السحاب، وحضارة قتل الإنسان ولو أنشأت جمعيات الرفق بالحيوان، وحضارة الجهل والشقاء الإنساني ولو شقوا بمركباتهم الفضاء الخارجي، وحضارة التعذيب والقهر والظلم ولو ظهر ربانها بألبستهم الأنيقة وابتساماتهم العريضة أمام الشاشات؛ فهم قتلة البشر، ومصاصو دمائه، وأكلة قوته، وما قُتل من البشر حين تسيد ملاحدة الغرب العالم خلال مئة عام فقط يزيد على ما قتل من البشر منذ فجر التاريخ إلى ما قبل مئة سنة، وأثناء استعمار الأوربيين لما سمي بالعالم الجديد أبادوا الهنود الحمر حتى قتلوا زهاء مائتي مليون منهم، وأهدوا الهنود الحمر بطانيات مليئة بفيروس ليبيدوا البقية منهم فانتشر المرض فيهم حتى فتك بهم.
لقد صار القتل الجماعي، والإبادة الجماعية، وتوسيع مدى القتل سمة من سمات هذا العصر بما صنعه البشر من أسلحة فتاكة، لا يتحاشون الضرب بها ولو قتلت النساء والأطفال والشيوخ والعجزة، وصارت المذابح العامة، والإبادات الواسعة تاريخا يؤرخ بها فيقال: "قبل مذبحة كذا، وبعد مذبحة كذا"، فما أعظم ظلم البشر، وما أشد جهلهم، وصدق الله العظيم حين جعلهم بلا إيمان يهذبهم أضل من الأنعام: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ} [الأعراف:179].
حفظ الله تعالى علينا إيماننا وأمننا، وكفانا شر أعدائنا، وبصرنا بما ينفعنا، وعصمنا مما يهلكنا.. اللهم آمين.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً طيباً كثيرًاً مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن المتقين هم أهل الأمن الدائم الذي لا يحول ولا يزول: [الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] [الأنعام:82]، وفي آية أخرى: {إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ} [الحجر:45- 46].
أيها المسلمون: لو حكمت الأرض بشريعة الله تعالى لما كان هذا الخوف والقتل في الناس، ولما سفكت هذه الكميات الكبيرة من الدماء، ولما تعذب البشر في كثير من الأقطار، ولكن الإنسان بلا دين يضبطه، ولا خوف من الله تعالى يردعه، يعود إلى نزعته في الظلم والجهل والإفساد في الأرض وسفك الدماء، وإلا فإن الله تعالى قال: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:32]، وفي آداب الحرب وأحكامها قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا» (رواه مسلم)، ووُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة مَقْتُولَةً: «فَأَنْكَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» (رواه الشيخان).
وفي الفقه الإسلامي آداب للحرب تضبط الجند وتردهم عن شهوة القتل والانتقام، فبها تحقن الدماء، وتحرز الأموال، ويأمن الناس، ويمنع الإفساد في الأرض، وقد حكم المسلمون العالم وسادوه قرونًا طوالا فلم يبيدوا البشر، ولم يفسدوا في الأرض، وأمن في حكمهم اليهود والنصارى والباطنيون على اختلاف فرقهم ونحلهم؛ فالكافر يحرز دمه وماله ويعيش آمنا بعقد الذمة، والمنافق يعامل بظاهر حاله، وقد كان المسلمون قادرين على إبادة غيرهم ممن ليسوا على دينهم فلم يفعلوا ذلك.
بل كانوا يدافعون عنهم، ويسعون في فكاكهم من الأسر حال الحروب، وفي رسالة كتبها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى لملك قبرص النصراني في وقته تظهر حقيقة ذلك إذ قال فيها: وقد عرف النصارى كلهم أني لما خاطبت التتار في إطلاق الأسرى وأطلقهم غازان وقطلو شاه وخاطبت مولاي فيهم فسمح بإطلاق المسلمين. قال لي: لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس فهؤلاء لا يطلقون. فقلت له: بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا؛ فإنا نفتكهم ولا ندع أسيرا لا من أهل الملة ولا من أهل الذمة. وأطلقنا من النصارى من شاء الله. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
قارنوا هذا بالإبادة الجماعية التي مارسها النصيريون بالمسلمين في بلاد الشام منذ مذبحة حماة حين استباحوها شهرا فأبادوا خلقا كثيرا من أهلها، مرورا بمذبحة تدمر، وانتهاء بالمحرقة التي نصبوها منذ عامين ضد الشعب السوري. والمجتمع الدولي الذي يدير العالم لا يزيد على أن يكافئ القتلة بإعطائهم الفرصة تلو الفرصة لقتل الناس، وامتصاص غضب الشعوب بالمبادرات الباردة التي تطيل مدة القتل، وفي هذه الأيام حيث حوصر المجرمين ودنت نهايتهم صاروا يستخدمون الأسلحة السامة مع أن الدول الكبرى الراعية للإرهاب في الأرض كانت تتوعد النصيري إن فعل ذلك، ولم تفعل شيئا، ولن تفعل شيئا وهي التي سمحت على مدار عامين بكل أنواع المجازر والعذاب حتى نحر الأطفال، ولن تتدخل إلا لقطف ثمرة النصر إن رأت المسلمين انتصروا على الباطنيين.
ورغم كل هذه المذابح والمجازر التي نقل بعضها للناس عبر الشاشات، وهي مجازر يشيب من هولها الولدان فإن القوى الظالمة المستكبرة لم تدرج النظام النصيري في قوائم الإرهاب التي جعلتها سوطا على المقاومين للظلم والطغيان، وأدرجت في قائمتها الانتقائية بعض من سعوا لرفع الظلم عن أهل الشا؛ لنعلم حقيقة واحدة أخبرنا الله تعالى عنها بقوله: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120].
وإلا فما ذنب أهل الشام يعذبون ويقتلون، وتغتصب نساؤهم، وتهدم ديارهم على رؤوسهم، وينحر أطفالهم، وتمنع عنهم الأرزاق ليموتوا من الجوع؟! وفي الأيام القليلة الماضية قذفوا الأبرياء بالأسلحة السامة المحرمة دوليا، ولما أخرج الجوع الضعفة والعزل منهم، واصطفوا حول المخابز لينالوا بلغة من عيش تدك الطائرات تجمعاتهم فتبيدهم وتهدم مخابزهم، ليموت البقية منهم بالجوع، فإذا لم تكن هذه هي الإبادة الجماعية التي تحرمها قوانينهم الدولية، وتمنعها، وتعاقب عليها، فما هي يا ترى الإبادة الجماعية؟!
إن إخواننا في الشام يعيشون منذ عامين في شدة وكرب وحاجة وجوع وخوف لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد تآمرت قوى الظلم والاستكبار عليهم لما رأت بوادر نصرهم؛ ولا ناصر لهم إلا الله تعالى، فأكثروا لهم من الدعاء آناء الليل وآناء النهار، ومدوا لهم يد العون بما تستطيعون؛ فإن الله تعالى سائلنا عنهم يوم القيامة، وإنهم في رقابنا ونحن نرى صورهم كل يوم، فاللهم إنا نسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم أن ترحمهم، وتجبر كسرهم، وتفرج كربهم، وتنصرهم على عدوهم.
ربنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحانك عما يشركون، نسألك بأسمائك الحسنى أن تنصر إخواننا المستضعفين في سوريا، اللهم أفرغ عليهم صبرا، وثبت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين.
اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وأمن خائفهم، ودفء بردانهم، وآو مشردهم، واشف جريحهم، وفك أسيرهم، واحفظ أعراضهم، واحقن دماءهم، وسلم ديارهم، وتقبل قتلاهم في الشهداء يا رب العالمين.
اللهم عليك بالنصيريين وحلفائهم وأعوانهم على الظلم.
اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وامنح إخواننا رقابهم.
اللهم عذبهم عذابًا نكرًا، واجعل عاقبة أمرهم خسرا.
اللهم أسقط دولتهم، وانزع الملك منهم، وابدلهم بالعز ذلا، وبالقوة ضعفا، وبالأمن خوفا، وبالكثرة قلة، وأدر عليهم دوائر السوء، اللهم انتقم منهم لإخواننا إنك عزيز ذو انتقام.
اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم.
- التصنيف: