الأبعاد الحقيقية للعدوان على غزة

منذ 2013-01-05

إني لأتمنى أن يكون هذا العدوان "جرس إنذار" لكل القوى الوطنية، لكي تدرك أن المخاطر التي تحدق بمصر والمنطقة أكبر من هذا "الهزل" الذي يحدث في الداخل من البعض الذين يريدون عرقلة أى خطوة لسرعة إعادة بناء الدولة، وخاصة إنجاز الدستور الجديد وانتخاب برلمان وطني ..


الاعتداء الإسرائيلي على غزة أمس وأول أمس هو اعتداء ممنهج، سلوكًا وتوقيتاً، وأنا مع الرأي الذي يقول بأن هذا العدوان هو اختبار أول مقصود لتوابع الربيع العربي، واختبار لمصر تحديدًا، لأنه للمرة الأولى لا يسبق هذا العدوان أية وقائع ذات خطر أو أهمية تستدعى كل هذا التصعيد والمجازفة بوضع المنطقة على حافة النار.

فلا يمكن القول بأن ما حدث هو رد فعل، لأنه لم يكن هناك فعل حقيقي يستحق هذا التصعيد المفاجئ والخطير، وإنما اختار قادة العدو هذا التوقيت بدقة لإحراج الرئيس محمد مرسي الذي يعاني متاعب داخلية سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة ومرهقة، وتعطيل قدرة مصر الدولة على استكمال بناء مؤسساتها والتفرغ لدورها.


وأيضًا، قناعتي أن توقيت هذا العدوان يحمل إشارات الدعم غير المباشر للطاغية بشار الأسد الذي يترنح الآن في دمشق وبدأت صواريخ الثوار تصل إلى قصره، وحيث أعلن الثوار أن معركة تحرير دمشق قد بدأت، فبدون أى شك أن المستفيد الأول من هذا العدوان هو بشار، لأن أنظار العالم وغضبة الشارع العربى وكاميرات الفضائيات ستتوجه ـولو مؤقتاـ من مذابح بشار في حماة وحمص وحلب وريف دمشق إلى جرائم الصهاينة في غزة.

ولعله من باب تحصيل الحاصل أن ننبه إلى أن "فارس" المقاومة المغوار، حسن نصر الله، اختفى من المشهد الآن، كأنه لم يصح من نومه بعد ليدرك أن هناك عدواناً على غزة، وهو الذي توعد إسرائيل بصواريخه التي تطول كل شبر فيها، فحسن نصر الله مشغول الآن بمواجهة ثورة الشعب السوري ودعم حليفه "الطائفي" وليس بمواجهة إسرائيل، ويرسل كتائبه ورجاله إلى سوريا للمشاركة في قمع ثورة الشعب السوري والتنكيل بالرجال والنساء، فلم يعد لديه وقت ولا جهد لاستعادة "المنظرة" التقليدية في استعراض تليفزيوني أمام الصهاينة، حسن نصر الله الآن فص ملح وذاب، كما يقول العامة، ولعل تلك الأحداث تعزز من رفع الغمامة عن أعين كثيرة لم تكن تتصور أن "نصر الله" ليس أكثر من "خفير" على "حدود" إسرائيل الشمالية، يفي دائمًا بالتزاماته ويحاول التمرد أحيانًا "لرفع المقابل" فيصححوا له الأوضاع.


وبدون شك، فإن القرار الذي اتخذه الرئيس محمد مرسي بسحب السفير المصري من "تل أبيب" كان قرارًا موفقًا، في سرعته وحسمه واستجابته لغضب الشارع المصري، ويكون من افتقار اللياقة والحس الوطني أن يحاول البعض التوهين من ذلك الموقف أو التقليل من شأنه لمجرد تصفية الحسابات أو النكاية في خلاف مع الرئيس مرسي أو مع الإخوان.

وإني لأتمنى أن يكون هذا العدوان "جرس إنذار" لكل القوى الوطنية، لكي تدرك أن المخاطر التي تحدق بمصر والمنطقة أكبر من هذا "الهزل" الذي يحدث في الداخل من البعض الذين يريدون عرقلة أى خطوة لسرعة إعادة بناء الدولة، وخاصة إنجاز الدستور الجديد وانتخاب برلمان وطني حر يتحمل مسؤوليته التاريخية أمام الشعب وأمام الأمة كلها، فالذي حدث ويحدث في غزة المقصود الأساس منه هو التحرش بمصر وثورتها وإرباك قدرة "الدولة" على إعادة بناء مؤسساتها والقيام بدورها كقطب إقليمي كبير يحسب له حساب.


جمال سلطان

[email protected]
 

المصدر: موقع جريدة المصريون
  • 0
  • 0
  • 1,218

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً