حقيقة موقف الشيعة من الجهاد والمجاهدين في فلسطين
الجهاد في فلسطين هو من الشامات التي تزين وجه أمتنا في هذا الزمان، والذي هو استمرار لتاريخ البطولة والشجاعة التي أرسى دعائمه الصحابة الكرام، الذين رباهم النبي صلى الله عليه وسلم على عينه، حتى مدحهم الله عز وجل في القرآن بأنهم "أشداء على الكفار رحماء بينهم".
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
الجهاد في فلسطين هو من الشامات التي تزين وجه أمتنا في هذا الزمان، والذي هو استمرار لتاريخ البطولة والشجاعة التي أرسى دعائمه الصحابة الكرام، الذين رباهم النبي صلى الله عليه وسلم على عينه، حتى مدحهم الله عز وجل في القرآن بأنهم "أشداء على الكفار رحماء بينهم".
فمنذ احتلال بريطانيا للقدس في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1917م، وأهل فلسطين السنة يحملون راية الجهاد، بقيادة الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس في العشرينيات، ومن بعده الشيخ السلفي عز الدين القسام الذي كان استشهاده سنة 1935م، سبباً لاشتعال الجهاد بقيادة نائبه الشيخ فرحان السعدي، الذي أشعل ثورة 1936، وبعدها استلم الراية والقيادة المجاهد البطل عبد القادر الحسيني حتى استشهد بإذن الله في سنة 1948م، ومن ثم دخلت جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين ومصر وسوريا والعراق والأردن ساحات الجهاد ضد اليهود.
وبسبب استيلاء اليساريين والقوميين على كثير من البلاد العربية في الخمسينيات والستينيات، حوصر المجاهدون في فلسطين وخَبَت شعلة الجهاد، لكن في مطلع الثمانينيات عادت جذوة الجهاد تشتعل من جديد، وأُعلن عن تشكل تنظيم الجهاد وحركة حماس، التي تبنّت العمل الجهادي من جديد على أرض فلسطين [جهاد الإسلاميين في فلسطين بقلم: د. خالد الخالدي].
وقد قدم أهل فلسطين عبر هذه السنين في هذا الجهاد أروع الأمثلة في الإقدام والبذل بالمال والنفس والدم، فامتلأت السجون بالمعتقلين وتضاعفت أعداد الشهداء، وشُرد الآلاف بعد أن هدمت بيوتهم وجرفت مزارعهم.
وبعد هذا كله نجد أن الشيعة لا يعترفون بهذا الجهاد العظيم، ولا يقيمون له وزناً أو قيمة، ويستوي في ذلك المتشدد منهم والعاقل -إن وجد-!!
ففي كتاب "أحمدي نجاد والثورة العالمية المقبلة" الصادر في سنة 2006، لمؤلفه "فارس فقيه" فصل بعنوان "أنت في عصر الظهور" احتوى على 16 علامة لقرب ظهور المهدي، ومن ثم قام المؤلف بإفراد هذا الفصل في كتاب منفصل، وزوده بصور ملونة ومن ثم زاد عليه علامتين جديدتين!!
جعل العلامة السادسة الكبرى تقع على أبواب بيت المقدس، بعنوان "حزب يقاتل على أبواب بيت المقدس يلقون عناية الإمام الحجة قبل الظهور" وأورد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم تقول: «لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم خذلان منخذلهم ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة»، (الظهور)" عزاه لمجمع الزوائد ج 10، ص60. وورد في الرواية عن صاحب الأمر أنه: "حزب يُقاتل على أبواب بيت المقدس أنا منهم وهم مني" عزاه لكتاب "مئتان وخمسون علامة للظهور".
ومن ثم شرح هذه الروايات بقوله: "تدل هذه الرواية أن هناك حزباً يُقاتل في سبيل الله، على أطراف بيت المقدس. وتنطبق هذه الرواية على جهاد المجاهدين في المقاومة الإسلامية الذين يُقاتلون في جنوب لبنان أقوى قوة طاغوتية في العالم، وهو الكيان الصهيوني، واستطاعوا بعناية الإمام المهدي أن يحققوا الانتصارات عليه، ويدحروه عن جنوب لبنان، ومن الواضح أن هذاالحزب يلقى عناية خاصة من الإمام، وأنهم جنوده والمطيعون له" أ.هـ.
ومن الواضح جداً أن "فارس فقيه" لا يعترف بجهاد أهل السنة في فلسطين طيلة هذه السنين الطويلة، ولا يعترف بشهداء فلسطين، الذين قُتِلوا في القدس وما حولها، ويحصر هذا فقط بأفراد حزب الله اللبناني من الشيعة!!
فهل يُدرك بعض أهلنا في فلسطين وخاصة من قادة حماس والجهاد أن الشيعة الذين يدافعون عنهم بحجة الوحدة الإسلامية والتعاون ضد الصهيونية، لا يعترفون بهم ولا بجهادهم!!
قد يقول قائل إن هذا الرأي هو رأي فرد سفيه لا وزن ولا قيمة له عند الشيعة، ولذلك ردّ عليه بعض الشيعة وتنصّلوا من كتابه هذا، حيث قام "مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف" بالنجف والتابع للمرجع الديني علي السيستاني بالرد على كتاب "أنت الآن في عصر الظهور"، لأن فارس فقيه أراد من خلاله الترويج لبعض الشخصيات السياسية والدينية من خلال المقاربة والمطابقة بين ما جاء في بعض الرويات بهذه الشخصية أوتلك.
لكن هذا المركز المتخصص والتابع لمرجعية السيستاني الموصوفة بالاعتدال، حين وصل لهذه العلامة علق بقوله [http://bahrainonline.org/showthread.php?t=157188]:
"قوله العلامة الخامسة الكبرى -العلامة الخامسة الكبرى: العمائم السود من ذرية الرسول يُقاتلون أعداء الإمام قبل الظهور. عن أبان بن تغلب عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
"إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل الشرق وأهل الغرب! أتدري لم ذلك؟" قلتُ: لا، قال: "للذي يلقى الناس منأهل بيته" الغيبة للنعماني/ 299. من الواضح أن الذرية المباركة منبني هاشم سيكون لهم دور سياسي كبير ومميز في العالم الإسلامي يزعج العالم بأجمعه في الشرق والغرب. كما سيكون لهم من النفوذ والقوة، إن كان في إيران بالسيد الخميني والسيد علي الخامنئي، أوفي العراق من الشهيد محمد باقر الصدر والشهيد محمد صادق الصدر سابقاً والشهيد الحكيم، ودور السيد السيستاني وقائد المجلس الأعلى للثورة السيد عبد العزيز الحكيم، وقائد جيش المهدي السيد مقتدى الصدر، أم في لبنان منشئ المقاومة السيد موسى الصدر وسيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي وسيد المقاومةالسيد حسن نصر الله، وكل هؤلاء من السادة.
من الواضح أن هذه العمائم السود التي هي من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم تطلب الحق، وستزعج العالم لأنها لاتستسلم كالآخرين، وكأن رأيهم واحد فهم من مدرسة واحدة وهي مدرسة أهل البيت عليهم السلام التى تعلمهم هيهات منا الذلة، فتسلم الراية للإمام المهدي في آخر الزمان":
فإن تعليقنا عليها وعلى ما ورد فيها هو بالقول لا دليل على ذلك كله. وكذلك يجري الكلام في العلامة السادسة". أ.هـ
وهنا أيضاً لا يعترف هذا المركز العلمي المختص بشؤون المهدي والذي يضم متخصصين وباحثين مؤهلين، ويشرف عليه مرجع كبير، فإنهم لا يُشيرون أي إشارة إلى أن هذه الروايات يجب أن تشمل أولاً المجاهدين من القدس وفلسطين، قبل أن يقفزوا من فوقهم للوصول لشيعة الجنوب اللبناني!!
فالجهاد والمجاهدون في فلسطين عند الشيعة بين خيارين: إما أنهم غير موجودين بعد، حسب الشيعة المختصين أو هم الشيعة في جنوب لبنان كما يرى فارس فقيه، وأحلى الخيارين مُرّ.
إن هذا الموقف لا يستغرب من الشيعة لدى العارفين بشؤونهم وعقائدهم، إذ هم يكفرون سائر أهل السنة الذين لا يعترفون بإمامة أئمتهم، ولذلك فإن جهاد من لا يؤمن بركنية الإمامة الشيعية باطل، فهل يصحو المخدوعون بالشعارات الشيعية من مجاهدي فلسطين!!
أسامة شحادة | 18/12/1430 هـ