ساعة في قرب الحبيب الرحمن
ملفات متنوعة
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
تجربة إيمانية ربانية مباركة في التهجد والقيام، نرجو نشرها ليقوم
بها كل المسلمين.
حدثت وتمت هذه التجربة بحمد الله وفضله بمجمع النور الإسلامي بإحدى
قرى مصر وهي عرب الرمل -مركز قويسنا- منوفية، وتتمثل هذه التجربة في
قيام أهل الإيمان والإحسان بقيام ليالي رمضان والتهجد من أول ليلة،
وتبدأ بساعة في قرب الحبيب الرحمن ثم تزداد يوماً بعد يوم، إلى أن
تزداد في العشر التالية من رمضان ثم تزداد لتكون طول ليالي العشر
الأواخر من رمضان حتى نصل إلى ليلة السابع والعشرين والتاسع والعشرين،
فيشهدها الآلاف من كل مكان، وتتنزل على الجمع المبارك البركات
والرحمات والآيات وأنوار الهداية، والكرامات والروحانيات والبشريات من
رؤى منامية بالبشارة لهذا الجمع بمعية الله وحفظه للمتهجدين، والجنة
والمغفرة والرضوان، ورؤى النبي عليه الصلاة والسلام يبشر المتهجدين
بالجنة.
وفي ليلة السابع والعشرين رؤي النبي صلى الله عليه وسلم من فتى صغير
أخذته سنة من النوم بعد طول تهجد وقيام، جلس يصلي فرأى رسول الله في
المنام يمرّ بين الصفوف، ووقف أمامه وهو يقول (( قم يا بني إنها ليلة
القدر)).
وفي إحدى الرؤى الأخرى سمع صوت من السماء يقول (( ساعة في قرب
الحبيب))، وكانت هذه البشريان تزيد الناس إيماناً، ومنها أنهم كلما
سجدوا سجدة شكر رزقهم الله بالمزيد من الآيات والرؤى والبشريات
والخيرات، بل ورؤية الملائكة في إحدى الرؤى وهي تحرس المكان، وينبعث
النور والإيمان إلى عنان السماء، وكان ذلك يذكرهم بقصة عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما التي تؤيّد وتصدق الرؤى الواردة في فضل قيام
الليل، فيما رواه البخاري ومسلم ، عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما
قال:« إن رجلاً من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم كانوا يرون الرؤيا على عهده فيقصونها عليه فيقول
فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، وأنا غلام حديث السن
وبيتي المسجد قبل أن أنكح، فقلت في نفسي لو كان فيك خيراً لرأيت مثل
ما يرى هؤلاء، فلما اضطجعت ليلة قلت اللهم إن كنت تعلم في خيراً فأرني
رؤيا، فبينما أنا كذلك إذ جاءني ملكان في يد كل واحد منهما مقمعة من
حديد، فقال: لم ترع، نعم الرجل أنت لو تكثر من الصلاة. فانطلقوا بي
حتى وقفوا بي على شفير جهنم فإذا هي مطوية كطي البئر له قرون كقرون
البقر، بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد ورأى فيها رجالاً معلقين
بالسلاسل رؤوسهم أسفلهم، عرفت فيها رجالاً من قريش، فانصرفوا بي عنه
ذات اليمين. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن عبد الله رجل صالح)
». فقال نافع: لم يزل بعد ذلك يكثر الصلاة. وفي رواية أخرى، قال صلى
الله عليه وسلم: « نعم الرجل عبد الله
لو كان يصلى من الليل ». فكان عبد الله رضي الله عنه يصلي من
الليل.
ووسط هذا الجو الروحاني والإيماني عاش الناس سنوات متتاليات، وعشنا
أعظم وأسعد وألذ ساعات العمر مع لذة وحلاوة العبادة والصلاة والقرآن
والصدقات، والقربات. وما زالت البشريات وصوت نداء السماء ( ساعة في
قرب الحبيب) تسيطر على القلوب والأرواح والوجدان، وتهفو لها
الآذان..
وما إن انتهى التهجد والقيام إلا ورأى الناس الملائكة في الرؤيا تنادى
على المتهجدين وتوزع عليهم هدايا وجوائز مكتوب عليها مغفرة أو رضوان،
وهكذا يتحقق قوله تعالى { لَهُمُ
الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ
لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
[يونس:64]. والبشرى في الدنيا هي الرؤيا الصالحة، وقوله صلى الله عليه
وسلم عن الرؤيا الصالحة: « من رآني في
المنام فقد رآني، فان الشيطان لا يتمثل بي ورؤيا المؤمن جزء من ستة
وأربعين جزءا من النبوة » البخاري ومسلم. وقوله صلى الله عليه
وسلم « لم يبق من النبوة إلا المبشرات
قالوا وما المبشرات قال الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى
له » البخاري ومسلم.
وبذلك أكرمنا الله بالتعرض لتلك النفحات. قال صلى الله عليه وسلم: «
إن لله في أيام الدهر لنفحات، فتعرضوا
لها فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً » صحيح
الجامع.
ومن أعظم النفحات التهجد والقيام
قال تعالى { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ
عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } [السجدة: 16-17].
من أجل هذا ندعوكم لنشر هذه التجربة العملية على الدنيا، ليكون ذلك في
ميزان حسناتكم، فوالله الذي لا إله إلا هو لو فعل المسلمون ذلك لنزلت
عليهم البركات والرحمات والآيات والكرامات، ولتنزلت عليهم الملائكة
لنصرة المؤمنين على عدوهم في كل وقت وحين، ولحصلوا الأجر من رب
العالمين: « من قام رمضان إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه » البخاري ومسلم.
فإلى أمة الإسلام نداء من القلب ومن أعماق الروح والوجدان: هلمّوا
للدعوة إلى هذا الخير في كل مكان وزمان، فهذا هو طريق القرب والأنس
بالواحد الديّان، وطريق نصر وعز الإسلام، وهكذا يحسن ويحلو الختام
بالرؤيا المباركة التي يقول فيها القائل لرسول الله صلى الله عليه
وسلم: "أين الطريق يا رسول الله؟"، فيشير إلى مكان التهجد والقيام
ليدلنا على أن ذلك هو طريق القرب ومحبة الرحمن.
وأخيراً إخوة الإسلام، فنحن على يقين بأن إيماننا بالله الحي القيوم،
ودعاءنا لله رب العالمين بعز الإسلام ونصر المؤمنين وخزي المنافقين
والكافرين، وأنه حسبنا ونعم الوكيل لا ريب فيه، ولن يكون ذلك إلا
"بساعة في قرب الحبيب".
فهيا يا أمة الإسلام لصلاة التهجد والقيام في المساجد والبيوت في
رمضان وطول العام، لنتذوق حلاوة الإيمان وندخل جنة الرحمن بسلام،
وتسعد أرواحنا بالقرب من الواحد الديّان ولتبقى هذه الليالي الربانية
الإيمانية المباركة علامة على الإيمان وسبباً في النصر والتمكين، وعزة
الإسلام والمسلمين لتكون بحق ساعة في قرب الحبيب الرحمن الرحيم.
الأخ/ أبو تسنيم