أطفال سوريا تحت الحرب.. فماذا أنتم فاعلون؟!
في بلدة (الحولة) شمال غربي محافظة (حمص) السورية، أقدمت قطعان (الشبيحة) التابعة لعصابات البغي الأسدية على قتل ما يزيد على مائة نفس معظمهم من الأطفال والنساء الآمنين في منازلهم، قتل هو غاية في الخسة والنذالة..
في بلدة (الحولة) شمال غربي محافظة (حمص) السورية، أقدمت قطعان (الشبيحة) التابعة لعصابات البغي الأسدية على قتل ما يزيد على مائة نفس معظمهم من الأطفال والنساء الآمنين في منازلهم، قتل هو غاية في الخسة والنذالة.
مزقت الأجساد تمزيقـًا بالسكاكين والحراب، وكأن القوم يبتكرون وسائل، ويتفننون في طرائق التخويف والإرهاب.
مجزرة مروعة بلغت الغاية في البشاعة، تضاف إلى المجازر اليومية المستمرة منذ خمسة عشر شهرًا في بلاد الشام.. مجزرة ترتكبها عصابات النظام النصيري الحاكم في سوريا، وصورة ناطقة بالظلم والبغي والجبروت والحقد الطائفي الأسود..
مجزرة تفوق بشاعتها ما صنعه المغول يوم اجتاحوا بلاد الإسلام، إن ما حدث فجر السبت ليهز كل ضمير إنساني حي، فماذا أنتم فاعلون يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم؟ ماذا أنتم فاعلون يا أحفاد خالد وسعد والمثنى؟!
هي وصمة عار في جبين الإنسانية كلها، خاصة وأنها ترتكب على مرأى ومسمع من العالم كله، دون أن يتحرك أحد تحركًا جدّيًا لوقفها، ولقد أصبح المستضعفون هناك كالأيتام على مأدبة اللئام، لا سند لهم بعد الله إلا إخوانهم في العقيدة والدم، فهل من مغيث؟ هل تسمعون يا إخوانهم نداءهم؟ من على تلكم الأرض الغالية وقد التهبت تحت أقدامهم، ومن فوق رؤوسهم؟
وَصَوْتُ ثَكْلَى غَزَاهَا الْلَّيْلُ فَانْكَشَفَتْ *** لَهَا الْمَآسِيْ تَحُدُّ الْظِّفْرَ وَالْنَّابَا
نَادَتْ وَنَادَتْ فَلَمْ تَفْرَحْ بِصَوْتِ أَخٍ *** يَحْنُوْ وَلَا وَجَدَتْ فِيْ الْنَّاسِ أَحْبَابَا
ضَاعَتْ مَعَالِمُ بَيْتٍ كَانَ يَسْتُرُهَا **** عَنِ الْذِّئَابِ وَأَمْسَى رَوْضُهَا غَابَا
فَكَيْفَ تَطْلُبُ تَغْرِيْدَ الْبَلَابِلِ فِيْ *** رَوْضٍ يَشِيْعُ بِهِ الْطُّغْيَانُ إِرْهَابَــا
مَا حَرَّكَتْ شَفَّةً غَضَبِيْ وَلَا سَمِعَتْ *** وَمَا أَثَارَتْ عَلَى مَا كَانَ أَعْصَابَا
وأمام تلك المجزرة وهولها ماذا يمكن أن يخط القلم؟!
أجساد ممزقة.. وأشلاء مبعثرة.. وقتلة يتباهون بأفعالهم.. مدركين عدم جدية أحد في إيقاف مجازرهم، وكأنهم يمنحونهم الفرصة تلو الأخرى لمزيد من القتل، فماذا عساكم فاعلون يا أبناء العروبة والإسلام؟
ألستم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟ أين الرحمة في قلوبكم؟ أين الغيرة على دينكم؟ أين النجدة لإخوانكم؟ أين هي ضمائركم؟
أين أنتم مما يحدث هناك؟! نفوس تزهق وأعراض تنتهك، وأموال تبدد وكرامات تداس، ومقدسات تستباح..
إن نصرة أهلنا في سوريا في هذه الظروف العصيبة لهي من أوجب الواجبات الشرعية، حفاظـًاً على الدين والأنفس والأعراض والأموال، ولا يظنن أحد أنه سيكون بمنأى عن الخطر القادم إذا ما ترك المستضعفين هناك يواجهون صلف الطغيان بمفردهم!
أين أنتم يا أتباع رسول الله! من قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72]؟!
هلموا يا أهل النجدة والمروءة لتقديم الدعم لإخوانكم على كل المستويات، لا سيما الدعم المالي، فهم في أشد الحاجة إليكم وإلى نصرتكم، فما عاد في قوس الصبر منزع وقد بلغت القلوب الحناجر.
وليعلم الجميع أن الخطر المحدق بهم اليوم لن يقتصر عليهم وحدهم غدًاً إذا ما تخلى عنهم إخوانهم، وليعلم الجميع أن الله لن يسامح أحدًا قصر في واجب النصرة، ولو حتى بالدعاء وبأن الله سيسأله غدًا وهو يقف بين يديه وحيدًاً فريدًاً، ماذا قدمت لإخوانك وهم يقتلون؟
ونقول لإخواننا الأحبة هناك: قلوبنا معكم، ولن نتخلى عنكم بعون الله، والله معكم..
فيا أيها الصامدون على أرض الكرامة والإباء: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. ولا تهنوا في ابتغاء القوم: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} [النساء: 104]. ونقول لهم: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].
عُوْدِيْ إِلَى الْرَّحْمَنِ عَوْدًا صَادِقًا *** فَبِهِ يَزُوْلُ الْشَّرُّ وَالْأَشْرَارُ
وَبِهِ يَعُوْدُ إِلَى الْبِلَادِ أَمَانُهَا *** وَبِهِ يُفَكُّ عَنِ الْضِّعَافِ حِصَارُ
وَدُعَاؤُكِ الْمَيْمُوْنُ فِيْ جُنْحِ الْدُّجَى *** سَهْمٌ تَذُوْبُ أَمَامُهُ الْأَخْطَارُ
أُخْتَاهُ كَمْ مِنْ ظَالِمٍ يُبْنَيْ لَهُ *** مُلْكَاً فَيَهْدِمُ مُلْكَهُ الْقَهَّارُ
أَيْنَ الْجَبَابِرَةُ الَّذِيْنَ تَسَلَّطُوْا *** ذَهَبُوْا وَظَلَّ الْوَاحِدُ الْجَبَّارُ
لَا تَرْهَبِيْ الْتَّيَّارَ أَنْتِ قَوِيَّةٌ *** بِاللهِ مَهْمَا اسْتَأْسَدَ الْتَّيَّارُ
قَدْ يَحْصُدُ الْطُّغْيَانُ بَعْضَ ثِمَارِهِ **** لَكِنَّ عُقْبَى الْظَّالِمِيْنَ دَمَارُ
إننا لعلى ثقة من أن أبناء الأمة الغيورين سيستجيبون لندائنا نصرة لإخوانهم، وبأن كلاً منهم سيتحمل مسئوليته أمام ربه ودينه وإخوانه، ذلك هو مبلغ ظننا فيهم..
فبادر يا عبد الله! لمد يد العون وسابق إلى فعل الخير، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، واحمدوا الله على العافية.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، وحرس الله إخواننا هناك وثبتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين..
محمد المحيسني
- التصنيف:
- المصدر: