بعد ثورة خلفان على الإخوان.. أمن الخليج بين الانفعال والإستراتيجيا!!

منذ 2013-01-21

إن التربص الصفوي بالخليج العربي وأهله ليس مزحة عابرة فالخطط جلية والتآمر مستمر والتنفيذ لا يتردد، فهل من الحكمة الانشغال عن خطر وجودي ماحق بخطر متوهم أو مفتعل أو مضخم جداً في أحسن الأحوال؟


الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي شخصية أمنية مهمة في تاريخ دبي المعاصر، وله بصمته وحضوره، وهو يحظى بتقدير واسع شعبياً ورسمياً. لكنه في الفترة الأخيرة شغل الرأي العام الخليجي بخاصة والعربي بعامة، بالهجوم الضاري الذي شنه على جماعة الإخوان المسلمين، ووصل رشاش تلك الحملة إلى الرئيس المصري محمد مرسي.


وبدا خلفان عصابياً إلى حد استفزاز المجتمعات الخليجية كلها إذ بلغ به الهوس بشبح الإخوان حد المجاهرة بتأييد السفاح الجزار بشار الأسد ضد الشعب السوري المظلوم، لأن ضاحي يتصور أن الإخوان سوف يحكمون سوريا إذا سقط نظام الأسد خادم طهران المعادية لكل العرب والمسلمين وبدرجة أشد لكل أهل الخليج؟

ومصدر الحيرة إزاء تصريحات خلفان المستمرة بوتيرة تثير التساؤل، أنه رجل مسؤول وليس مواطناً عادياً، الأمر الذي يعني أنه لا يبدي رأيه الشخصي بقدر تعبيره ربما عن رؤية رسمية أو قرار غير معلن بشيطنة الإخوان المسلمين عموماً تمهيداً لاجتثاثهم من الساحة المحلية!!، لكن منصب ضاحي خلفان كقائد لشرطة دبي لا يتيح له التدخل في قضايا سياسية كبرى وشائكة وذات أبعاد إقليمية حساسة.

ثم انقشع الضباب شيئاً فشيئاً بعد تصريحات وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، التي هاجم فيها الجماعة واتهمها بعدم الاعتراف بسيادة الدول وهيبتها. وترافق ذلك مع حملة اعتقالات لمنتسبين إلى جمعية الإصلاح الاجتماعي المحسوبة على الجماعة، في ضوء معلومات متضاربة بين المصادر الرسمية التي تتهم التنظيم بمحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة، ومصادر الجماعة التي تتحدث عن اعتقالات تعسفية خارج نطاق القانون وعن تعرض المعتقلين لتعذيب قاسٍ لانتزاع اعترافات محددة منهم!!


يندر في السياسة -عادةً- الفصل الصارم بين موقفين مختلفين باللونين الأبيض الناصع والأسود القاتم، ولا يعني هذا اتخاذ موقف يشبه الوسط الحسابي السيئ السمعة في القضايا الفكرية والسياسية، وإنما سوف نبدي رأينا واجتهادنا بتحديد ملامح الخلل ومقترحات العلاج.

مبدئياً: ضاحي خلفان ليس الرجل الأمثل لمعالجة ملف بهذه الدرجة من الحساسية ولا سيما أنه يتكلم بلغة شخص حزبي متعصب وليس كرجل أمن مسؤول ومتوازن، فكيف والحل الأمني وحده أثبت عقمه كما سبق في مصر العسكر منذ عبد الناصر ثم السادات من بعده حتى خلع مبارك، وكذلك في سوريا في عهد عائلة الأسد بالرغم من اتكائها على حزب مؤدلج أسهم في تضليل المجتمع واستخدامها التركيبة الطائفية لاستئصال التيارات الإسلامية من البلاد بكل السبل.


وهنا يلح على العقلاء سؤال جوهري يقول: هل العداء مع الجماعة ومصر لمجرد أن قيادتها إسلامية يحمي مصالح الإمارات العليا؟ وأين أصبح الخطر المجوسي الوجودي من قراءة متعسفة كهذه وبخاصة في دولة الإمارات التي يحتل الصفويون جزرها الثلاث المعروفة ومع ذلك يهددونها بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي معها إذا استمرت في الشكوى من الاحتلال الفارسي لأراضيها ورفضه أي مناقشة لحل الأزمة سلمياً؟

أما الإخوان المسلمون فهم جماعة إسلامية لها كثير من الحسنات وعليها من الملاحظات عدد غير قليل، لكن الحكيم يحرص على التمميز الدقيق بين الخطأ والخطيئة، فإذا وقعوا في أخطاء فإن من الواجب نصحهم وإلا منعهم من ارتكاب الأخطاء التي تؤذي سواهم.

وعلى الإخوان احترام خصوصية كل بلد وحق كل حكومة في ألا يكون لديها حزب أو تيار مسيس يتم توجيهه من خارج الحدود، بصرف النظر عن حسن النيات. وعلى الحكومات اجتناب التضييق على العمل الدعوي والخيري المنضبط والمنسجم مع خصوصية كل بلد وظروفه بلا إفراط ولا تفريط.


إن التربص الصفوي بالخليج العربي وأهله ليس مزحة عابرة فالخطط جلية والتآمر مستمر والتنفيذ لا يتردد، فهل من الحكمة الانشغال عن خطر وجودي ماحق بخطر متوهم أو مفتعل أو مضخم جداً في أحسن الأحوال؟


2/12/1433 هـ
 

  • 1
  • 0
  • 1,998

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً