وَجَبَتْ.. يا شيخ معاذ!!
الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رجل ذو سمعة عطرة وله مكانة مرموقة لدى مختلف شرائح المجتمع السوري، لكنه أمام مؤامرة صهيونية صليبية صفوية أكبر من أن يتم إحباطها بالسياسة، فهل يبقى في الائتلاف أم يستقيل!!
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
تفاءلنا مثلما تفاءل السوريون يوم اختير الشيخ معاذ الخطيب رئيسًاً للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية قبل شهرين، فالرجل ذو سمعة عطرة وله مكانة مرموقة لدى مختلف شرائح المجتمع السوري، ومن أدل الشواهد على قيمته الأدبية أنه يحظى -وهو الشيخ الفاضل والإسلامي الواضح- باحترام قوى لا تخفي خصومتها مع أي توجه إسلامي. ومما زاد من تقدير الجميع للشيخ معاذ جرأته المبكرة في الصدع من فوق منبر الجامع الأموي بكلمة الحق أمام طاغية ربما لم يعرف التاريخ الإنساني طاغية بوحشيته، ودمويته، وحقده على الشعب الذي تسلط عليه بالحديد والنار. والسوريون يعرفون أن الشيخ لم يغادر سوريا قبل شهور معدودة إلا بعد أن بات رأسه مطلوبًاً من عصابات العميل الصفوي في الشام، بعد أن عجزت همجية أقبية المخابرات في (تأديبه) بحسب معايير نيرون دمشق.
وقد بذل الشيخ الخطيب جهودًاً مضنية ملموسة للكافة، لكي يؤدي الأمانة التي كُلّفَ بها، ولقي كثيرًاً من العنت وقلة حياء بعض المتدثرين براية الثورة السورية، وهم منها براء. وسعى بكل ما حباه الله تعالى من فصاحة وقوة حُجة وقدرة على الإقناع، سعى إلى تحرير الثورة من خيوط المؤامرة الأممية التي تعرقل خطواتها بشراسة لا تخطئها العين حتى لو كانت كَلِيلةً!! ونشهد للرجل بأنه أخلف ظنون المتآمرين إذ واجههم برفض جازم لكل طلباتهم الخبيثة من القبول بمحاورة صبيهم بشار إلى استقدام غزو صليبي بذريعة السلاح الكيميائي أو بحجة حماية العلويين، كما ألقمهم الشيخ معاذ حجرًاً عندما احتج على مكرهم بوضع بعض فصائل المقاتلين السورية على قوائم الإرهاب، لكي يمزقوا وحدة صف الجيش الحر.
لكن الأيام أثبتت صحة تخوفات كثير من المخلصين، وهي أن المؤامرة الصهيونية الصليبية الصفوية أكبر من أن يتم إحباطها بالسياسة، ولا يمكن التصدي لها بالمنطق، فالمتآمرون ليسوا غافلين لكي يوقظهم التنبيه، وليسوا تائهين لكي يكفي تبصيرهم بالطريق السليم ليرجعوا عن متاهتهم، بل إنهم ذوو عقول خطيرة ومؤامرتهم نتيجة تخطيط مديد وليست بنت اللحظة!! من هنا نضم صوتنا إلى أصوات السوريين الشرفاء الأحرار الثائرين على الظلم ثورة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً حتى الآن، فندعو الشيخ معاذ إلى المبادرة إلى الاستقالة من رئاسة الائتلاف استقالة يروي فيها للسوريين الحقيقة التي لمسها الشيخ في كواليس السياسة الدولية، ويسمي فيها الأشياء بأسمائها الفعلية بلا مواربة ولا مداراة لأحد!!
ونحن نبني رؤيتنا على ما نعلم عن المؤامرة الأممية التي كنا أول من أنذر الأمة منها قبل أكثر من سنة كاملة، وجاءت الشهور والأيام لتؤكد صحة قراءتنا، حتى أصبح الجميع يتحدثون عنها بعد افتضاح خفاياها. ونستدل على صدق نصيحتنا مما جرى في الفترة القريبة، ويعلمها الشيخ أكثر منا، وقد باح ببعضها وإن شئنا الدقة قلنا: إن الشيخ أفصح عن القليل منها، ربما كتحذير منه لبعض المعنيين بأنه سوف يضطر إلى مصارحة الشعب الذي يحمل تطلعاته بكل شيء!!
ونستند إلى التلميح الذكي اللبق الذي نشره رئيس الائتلاف على صفحته في الفيسبوك وهو بالنص: "قلت لمن حولي منذ أكثر من شهرين: أي موقع أحس أنه لن يخدم بلدي أو أحس أنه أداة للخديعة أو المكر أو درج يصعد عليه الغرباء لتمرير شيء ما… فسأغادره غير آسف.. اتخاذ القرار ليس سهلا ولا يأتي في لحظة غضب.. وضعت في نفسي تاريخًا ما.. بعده سأقرر أن أبقى أو أرحل.. وإلى المكان الذي أظن أنه الأفضل لدعم شعب سورية.. الوقت يضيق.. واتخاذ القرار مهما كان سوف يحصل.. حولنا مكر تكاد تزول منه الجبال وستأتي ضغوط شديدة ومحاولة لكسر الإرادة.. وسنبقى على ما نعتقد أنه الحق..".
ألم يكتب الشيخ معاذ أن الائتلاف تلقى 400 ألف دولار من (أصدقاء) الشعب السوري، بينما تُقَدّر الأمم المتحدة احتياجات اللاجئين والنازحين فقط بأربعة مليارات دولار!! أي أن أدعياء صداقة الشعب السوري -وأكثرهم من قادة المؤامرة عليه- قدموا 1% من الحاجة الإغاثية، فكيف إذا أخذنا في الاعتبار حاجات الجيش الحر إلى السلاح، في حين زادت الضغوط الأمريكية لمنع الذخائر لبنادق المقاتلين الأحرار ورشاشاتهم المتواضعة!!
لقد مضى زمان الإشارة وحل زمان العبارة، ونحن نربأ بالشيخ معاذ أن يسكت بعد الآن، لأن السكوت يغدو حينئذ شهادة زور كبرى، نجزم بأن الرجل بماضيه الناصع يأباها بكل حزم، فالقوم جهروا بما كانوا يحيكون في الظلام، بدليل انتقال الأمم المتحدة من موقع شاهد الزور متبلد الإحساس إلى الإسهام المباشر في ذبح الشعب السوري، فالأمين العام ومبعوثه الخرِف الإبراهيمي يساويان جهارًا نهارًا بين المجرم الوضيع وضحاياه العزل، وها هي المنظمة السفيهة تدعم مذابح بشار بنصف مليار دولار تحت شعار مساعدة السوريين المشردين من بيوتهم، وهي تتعامى عن 600 ألف لاجئ سوري يعيشون ظروفًا مأساوية في دول الجوار، كما تتجاهل أن نظام بشار سوف يقدم دعمها إلى شبيحته بعد جفاف موارد الولي الفقيه نسبياً.
ولم تقف المنظمة الظالمة عند حدود إغاثة عصابات بشار وشبيحته القتلة، فها هو مدير مكتب (الخدمات الإنسانية) بعد زيارته لسوريا ومشاهدته بالعين المجردة بعضًا من آثار الإجرام الصفوي الأسدي يدلي بشهادة يجب محاكمته عليها، فهو أول أحمق يتهم الشعب السوري كله بأنه يدمر بلده بيديه!! وحتى لو ألغينا عقولنا نهائيًا وصدقنا شفقة الأمم المتحدة المزعومة فالسؤال: أين كانت هذه المشاعر الزائفة على امتداد 22 شهراً من المحنة السورية؟
لذلك كله نقول بصدق ومودة للشيخ معاذ: لقد وجبتِ الاستقالة لله ثم للتاريخ.
12/3/1434 هـ