أمة إقرأ لا تقرأ

منذ 2013-01-30

ضحالة ثقافة الغالبية العظمى من الجماهير العربية هو التفسير الوحيد للحظوظ العريضة التي تتمتع بها منشورات القلش والسخرية بينما منشورات في منتهى العمق والجدية تعاني من التجاهل. التهريج والسخرية والاستهزاء والقلش هي البضاعة الرائجة وصاحبة الحظوظ الأوفر، المنشورات السياسية الساخنة والتهييجية لها حظ لا بأس به، بينما منشورات بناء الوعي وتشكيل الثقافة وبناء الفكر والرؤية لا تجد من يتابعها.


للأسف للأسف للأسف..


ضحالة ثقافة الغالبية العظمى من الجماهير العربية هو التفسير الوحيد للحظوظ العريضة التي تتمتع بها منشورات القلش والسخرية بينما منشورات في منتهى العمق والجدية تعاني من التجاهل.


التهريج والسخرية والاستهزاء والقلش هي البضاعة الرائجة وصاحبة الحظوظ الأوفر، المنشورات السياسية الساخنة والتهييجية لها حظ لا بأس به، بينما منشورات بناء الوعي وتشكيل الثقافة وبناء الفكر والرؤية لا تجد من يتابعها.


هذه الظاهرة شديدة السلبية تستوقفني بشدة منذ فترة، وحين بدأت أبحث عن منبت هذه الظاهرة قادني عقلي إلى داء عضال أظن أن ما وصلنا إليه من سطحية هو أحد تجليات هذه الظاهرة، إنه قلة حظ أمة إقرأ من القراءة.

على الطائرة المتجهة من كوانچو بجنوب الصين إلى القاهرة، وهي المسافة التي تحتاج إلى 13 ساعة طيران كان جاري بملامحه الأوربية وبمجرد جلوسه على مقعده يمسك كتابه ويقرأ فيه طوال ساعات الرحلة بلا توقف إلا لطعام أو لقضاء حاجة، بينما كان المشرقيون يلتهمون اللب والسوداني أو يشاهدون الفيلم الأجنبي أو يتبادلون النكات والحكايات.

كنت أعمل منذ عشرين سنة مرشدًا سياحيًا وما رأيت شخصًا غربيًا إلا ومعه كتاب يقطع به الوقت، ويكفي نظرة واحدة على الأرقام الخاصة بمعدلات القراءة والنشر والترجمة في العالم العربي والعالم الآخر لتدرك حجم الفاجعة:


- إن الوقت الذي يستغرقه المواطن العربي في القراءة لا يتعدى الدقيقتين في العام بينما تصل في أوربا إلى ستة ساعات للفرد في العام.
- العرب 60 % منهم أميون وأطفال و 20 % بالمائة لا يقرؤون أبدا و 15 % يقرؤون بشكل متقطع و ليسوا حريصين على اقتناء الكتاب.
- نسبة 5 % من العرب هم الذين يواظبون على القراءة وهذه النسبة تبلغ المليون وخمسمائة ألف مواطن أي أن نصيب المواطن الواحد منهم أقل من كتاب واحد سنويا مقابل 518 كتابا في أوروبا و 212 في أمريكا للمواطن الواحد.
- المشكلة لا تكمن بارتفاع ثمن الكتاب حيث تقول الأستاذة خديجة العامودي: "وعكس الأمية العربية التي هي أمية مفروضة فإن أمية المطالعة اختيارية فلا دخل بالموارد المادية على الإطلاق. أبسط الناس يقاتلون من أجل بعض الكماليات البسيطة لكنهم يستهجنون شراء كتاب ويتعللون دائما بارتفاع ثمنه وهؤلاء لن يقرؤوا حتى ولو عثروا على الكتاب بالمجان".
- معدل ما يخصّصه المواطن العربي للقراءة سنويا هو عشر دقائق.
- مجمل الكتب التي تصدر في مختلف أرجاء الوطن العربي لا تبلغ الخمسة آلاف كتاب في السنة الواحدة، بينما نجد أن عدد الكتب الصادرة في أورويا يصل إلى خمسين ألفًا وفي أمريكا وكندا العدد هو مائة وخمسون ألفًا.
- معدل قراءة العربي (كلمة) في الأسبوع، وتهبط مدّة القراءة السنوية إلى ست أو سبع دقائق بينما معدل زمن القراءة لدى الإنسان الغربي يصل إلى ست وثلاثين ساعة سنويا.
- كل 300 ألف عربي يقرأون كتابا واحدا.
- المعدل العالمي السنوي للقراءة لدى الفرد الواحد يصل إلى أربعة كتب وفي أمريكا إلى أحد عشر كتابًا وفي انجلترا سبعة كتب أما في العالم العربي فربع صفحة للفرد.
- مستويات الجامعات في العالم حيث مكان الجامعات العربية محفوظ في المؤخرة، في ذيل القائمة الطويلة.
- يوازي عدد الكتب المطبوعة مثلا في إسبانيا سنويًا ما طبعه العربُ منذ عهد الخليفة المأمون الذي قُتل عام 813م وحتى يوم الناس (حوالي اثني عشر قرنا!!) هذا، قرابة مائة ألف كتاب.
- ما تستهلكه دار نشر فرنسية واحدة من الورق هي (باليمار) يفوق ما تستهلكه مطابعُ العرب مجتمعة من المحيط إلى الخليج.
كما أن مُجمل الدخل القومي للعالم العربي برمّته لا يزيد عن دخل إسبانيا وحدها وهي من أفقر دول أوروبا.
- عدد الاختراعات الإسرائيلية سنويًا يصل إلى حوالي 500 في حين أن عدد الاختراعات في كافة الدول العربية الاثنتين والعشرين لا يتعدّى الخمسة وعشرين اختراعًا.
- عدد الكتب التي تُرجمت إلى العربية خلال ثلاثة عقود، 1970-2000، وصل إلى 6881 كتابًا وهذا ما يعادل ما نُقل إلى اللغة الليتوانية التي يبلغ عدد الناطقين بها قرابة أربعة ملايين إنسان فقط!
- يصل معدل ما يقرأه اليهودي الإسرائيلي سنويًا مثلا إلى سبعة كتب في حين أن العربي غالبًا لا يعرف الكتاب إلا عند (كتب الكتاب) كما أن جلّ المتعلمين العرب خريجي الجامعات والمعاهد العليا يُطلّقون الكتب إثر تخرّجهم وولوجهم الحياة الزوجية..

- وفي دراسة استطلاعية مصرية كشفت أن معظم الطلاب لا يقرؤون الصحف المحلية مطلقاً.
- في أكتوبر 2004 عُقد معرض فرانكفورت وهو أكبر سوق للنشر ويضم 6638 من الناشرين، 180 ألف زائرمن مائة دولة، 12 ألف صحفي من ثمانين دولة، ثلاثمائة فعالية ثقافية، عُرض ثمانون ألف عنوان جديد، كل هذا في خمسة أيام. في الماضي كان الحضور العربي رمزيًا، أما الآن فعرضوا اثني عشر ألف عنوان وكانوا ضيوف الشرف. طباعة رديئة، عدد قليل من المؤلّفات بالإنجليزية، الكتاب الوحيد باللغة الإنجليزية كان في بعض الحالات عن رئيس تلك الدولة أو المملكة أو السلطنة العربية.

هذه هي الأرقام وهذه هي الحقائق وهذه هي الفاجعة، ولذلك فمن الطبيعي جدًا إن يكون القلش والصراخ والسطحية هي أكثر البضاعات رواجًاً في الفيس العربي.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

خالد الشافعي

داعية مصري سلفي

  • 17
  • 0
  • 7,911

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً