الشيوعيون والإعلام!
منذ 2013-02-03
قبل عامين تقريباً توسط أحد الأصدقاء الذين لهم علاقة بالمسؤولين عن الثقافة فى بلادنا لنشر كتابين من كتبي، أعلم سلفاً أن كتابيّ لن ينشرا، فلست من الحظيرة الثقافية، ولست من الذين يتصالحون مع الوضع الثقافى الفاسد، وصح ما توقعته فقد مضى العامان، ولم يحدث شيء..
قبل عامين تقريباً توسط أحد الأصدقاء الذين لهم علاقة بالمسؤولين عن الثقافة فى بلادنا لنشر كتابين من كتبي، أعلم سلفاً أن كتابيّ لن ينشرا، فلست من الحظيرة الثقافية، ولست من الذين يتصالحون مع الوضع الثقافى الفاسد، وصح ما توقعته فقد مضى العامان، ولم يحدث شيء. أدري أن صديقي قد يحرجه سؤالي عن نتيجة جهده فآثرت أن أصمت.
القوم حين يرفضون كاتباً من خارج الدائرة الحظائرية يتعللون بألف سبب، منها مثلاً اللجنة المخصصة للفحص لم توافق على النشر لأن الكتاب المرشح للنشر دون المستوى، أو إن هذه الهيئة أو تلك مشغولة بطبع كتب المدارس ولا فرصة الآن لنشر الكتاب، أو ..
نشرت سبعين كتاباً بعضها مرجع فى بابه لدى القطاع الخاص داخل مصر وخارجها، ولم أقف على باب الحظيرة أبداً لأني أعرف النتيجة مسبقاً.. ومن الطرائف أن صديقاً آخر قدم كتابًا لي إلى بعض الجهات الحظائرية للنشر، فقال الفاحص: "إنه يهاجم العراق مما يسيء إلى العلاقات بين البلدين" (أي مصر والعراق)؛ الكتاب لم تكن فيه كلمة واحدة عن العراق. كان نقداً أدبياً محضاً لمجموعة روايات، ولكن الفاحص الهمام كان يعبر عن فكر الحظيرة مع أنه أستاذ كبير!
في المقابل فإن الشخص الحظائرى حياً أو ميتاً ينشر كتابه مباشرة، ولو لم يكن يجيد الإملاء أو النحو أو التراكيب، وبعضهم لا يحمل شهادة تعليمية ذات بال بل إن بعضهم لا يحمل شهادات أصلاً، ولكنها الحظيرة فىيتجلياتها الفاسدة تنشر لأعضائها متواضعي المستوى أحياء وأمواتاً، وتمنحهم المكافآت الجزيلة، فضلاً عن الدعاية التي يتمتعون بها في الإعلام!
هناك في وزارة الثقافة المصرية وبعض دور الصحف؛ مجموعة من المجلات والصحف لا تنشر إلا للحظائرين على اختلاف مشاربهم المعادية للثقافة الإسلامية من شيوعيين وناصريين وملحدين ومرتزقة، والمسؤولون عن هذه المجلات وتلك الصحف لا يسمحون لمن يؤمن بالثقافة الإسلامية أن يجد له مكاناً لديهم، بل إن أحدهم ساوم شاعرة محجبة على نشر قصيدة لها إذا نزعت الحجاب.. أما إذا أصرت فلا نشر!
وفي مشروع مكتبة الأسرة التى كانت تشرف عليه زوج الرئيس المخلوع؛ ذي العائد المادى الكبير استطاع الحظائريون أن يحولوه لحسابهم وحساب خدام النظام الفاسد البائد، ولم يسمحوا لغيرهم بالاقتراب منه.. كانوا أحياناً وذراً للرماد في العيون ينشرون كتاباً لكاتب راحل من الإسلاميين مثل الرافعي أو العقاد، فيكون الكتاب بعيداً عن الفكر الإسلامي، أو تنزع منه الفصول ذات الوعي الحاد بالمفاهيم الإسلامية!
الشيوعيون وأشباههم في بلادنا إقصائيون إلى آخر مدى، مع أن الوسائط الإعلامية التى يهيمنون عليها ويتحكمون فيها ملك للشعب المصري المسلم، وميزانيتها من عرق الفلاحين والكادحين الذين يقولون ربنا الله، ولكن الأنانية الشيوعية وفلسفة الإقصاء بل الاستئصال لا تتيح لشخص يجاهر بإسلامه أن ينشر كلمة واحدة في صحف الدولة المسلمة ومجلاتها ودور نشرها؛ التي تحولت إلى عزب وتكايا لمن يحاربون الإسلام ليل نهار.
وهم في كل الأحوال تجار بارعون في تحقيق المكاسب المادية من كل الجهات الإعلامية والصحفية في الدولة، ولديهم قدرة على الولوج إلى كل الأماكن حتى الإسلامية والتكسب من ورائها، فقد أصبحت الشيوعية فى مفهومهم تنحصر فى مسألتين، الأولى كسب المال ولو كان حراماً، والأخرى مهاجمة الإسلام وتشويهه والتشهير بالإسلاميين وفقاً لاتجاه الريح الحكومي والأمريكي والصهيوني! تأمل ما يقولونه عن الإسلام والمسلمين تجده مطابقاً لما يقوله النظام الفاسد وأمريكا واليهود الغزاة.
في الأيام الأخيرة قررت بعض الصحف وقف نشر مقالات نفر من الشيوعيين من خارجها، لأنهم يحمّلون ميزانيتها المالية ما يُرهقها، وأن لديها من محرّريها من يقومون بالكتابة بدلاً من هؤلاء الضيوف، فإذا القيامة تقوم، وتعلن الحرب على الصحيفة والرئيس المنتخب وجماعة الإخوان المسلمين، ويتنادى الشيوعيون وأشباههم إلى اجتماعات ومؤتمرات واعتصامات، ضد نظام "الأخونة" الذى يصادر حرية الرأي، ويقتل حرية التعبير، ويعيد الديكتاتورية مرة أخرى!
القوم مع أنهم أقلية ضئيلة إلا أن تربيتهم وفقاً لمنهج المؤسس الصهيوني الخائن هنري كورييل تجعلهم لا يُفلتون فرصة من فرص الهيمنة والسيطرة، واستخدام الوسائل المتاحة والممكنة التي تجعل الأطراف الأخرى تنكمش خجلاً وحياءً، فمسموح لديهم الردح والسب والشتائم وفرش الملاية للخصوم، وخاصة إذا كانوا من الإسلاميين الطيبين الذين يستحون من الرد أو الصد، ثم إنه مسموح عندهم استخدام الكذب والتضليل والتدليس ولي الحقائق، والمباغتة بالهجوم قبل الدفاع.
لقد استطاع بعضهم أن ينتقل من الحواري الضيقة المعتمة إلى رحاب الأحياء الفخمة المزهرة، وتمكن بعضهم أن ينتقل من السطوح المقفرة إلى القصور الفارهة، وبعد أن كان بعضهم ينحشر في مسكن عمال الدريسة بالسكة الحديد تحول إلى مالك شقق فخمة في أغلى أحياء القاهرة، وهناك من كان ينتعل حذاء مثقوباً فصار يركب المرسيدس ذات السائق الذي يرتدي لباساً خاصاً ويفتح الباب للسيد الشيوعي الحظائري.
إنهم لا يدافعون عن قيمة خلقية رفيعة أو فضيلة إنسانية شريفة، ولكنهم يدافعون عن شهوة التكويش المادي الحرام، وما سبّهم وتجريحهم للرئيس المنتخب ومن معه إلا لأنهم يشعرون أن سلوكه يحرجهم ويكشفهم ويفضحهم، فهو يتعفف عما ليس له ويدافع عن قيمه التي يؤمن بها مهما كلفه ذلك، ولذا يشعرون بالحزن على النظام البائد الفاسد الذي هيأ لهم ما لم يحلموا به ومنحهم من أموال الشعب ما لا يستحقون نظير مناصرتهم له ووقوفهم إلى جانب استبداده وطغيانه.. ألا ترى دفاعهم المستميت عن المخلوع ولو جاء ذلك في صيغة طلب نقله إلى مستشفى عسكري؟
متى يفهم بعض المسئولين أن الشيوعي وشبيهه؛ دينه الكسب المادي ولو كان على أشلاء الأخلاق والأشخاص؟
المصدر: شبكة نور الإسلام
- التصنيف: