هل أنت حلوة ؟

منذ 2006-03-25

..الجمال الباهر، والحسن الفائق ليس دليلاً على السعادة والرضا النفسي بكل حال...


أنت حلوة!
أنا متأكد من هذا!

لكن الذي لست متأكداً منه خمسة أشياء:

الشيء الأول:
لست متأكداً هل أنت سعيدة بحلاوتك وجمالك أم لا؟! أتدرين لماذا؟
لأن الجمال الباهر، والحسن الفائق ليس دليلاً على السعادة والرضا النفسي بكل حال.
فهذه فتاة جميلة مضيئة كالقمر، لكنها قلقة متوترة، بسبب حبيبات صغيرات من حبوب الشباب على وجنتيها، أرقتها وأقلقتها، وأفسدت الاستمتاع بجمالها، وتلك فتاة أخرى إذا أردت أن تجاملها قلت أنها دميمة! ومع ذلك فهي بنت فرحة ضاحكة مرحة، فجعلت جمال النفس وخفة الظل التي وهبها الله، مقابلاً للدمامة في المنظر، فذاقت الدميمة من السعادة والرضا النفسي، مالم تذقه الجميلة!

الشيء الثاني:
لست متأكداً هل أنت ممن تشغل نفسها بالمقارنة بينها وبين غيرها من الفتيات، (هذه أجمل مني!)، (وأنا أجمل من هذه ).
فإذا كنتِ كذلك فإني أدعوك أن تتركي هذه "المقارنة الغبية" وذلك لسبب واضح بسيط وهو أن كل فتاة هي أجمل من بعض الفتيات، كما أن هناك من هو أجمل منها، وهذه قسمة ربانية، فلا الجميلة جلبت لنفسها الجمال، ولا من هي دون ذلك جعلت نفسها كذلك، والفتاة المتزنة تدرك أن عليها أن تتجمل في حدود ما أعطاها الله عز وجل، وتذكري أن الحياة لا تستقيم بأن تكون كل نساء الدنيا في غاية الجمال، كما أنها لا تستقيم أن يكون كل الناس أغنياء، وهكذا.

الشيء الثالث:
لست متأكداً هل أنت ممن تشغل نفسها بمراقبة لون بشرتها، أو حجم ثدييها، أو سعة فمها، أو شكل أسنانها.
فما لم يكن ثمة مشكلة في العمل وكفاءته، فلا تكترثي له، لأنه جزء من اختلاف النساء فيما بينهن، وهذا الأمر لا ضابط له البتة ، فكم من فتاة جاءت للعيادة تبكي وتنوح بسبب أنفها الكبير جداً، الذي يكاد يحجب عنها ضوء الشمس، كما تقول، إذا نظرت فإذا الأنف كبقية أنوف بني آدم، ليس كحبة عنبة طبعاً، لكنه أيضاً ليس كخرطوم الفيل!

وهذه المشكلة تتكرر كثيراً في عيادات التجميل، إلى درجة جراحي التجميل الغربيين، ترك تخصصه واشتغل بالطب النفسي، وكتب في هذه نظرية نفسية مشهورة مؤداها أن الإنسان هو الذي يرسم الصورة التي يراها لنفسه، فإذا أوحت الفتاة إلى نفسها أنها ناجحة مثلاً أو أنها دميمة أو أن شفتاها كبيرتان كطرف قرص البيتزا، فإنها تقتنع بذلك حقاً، وتعتقد أنه من الصواب والحقيقة التي لا مفر منها، مع أن الأمر في الواقع ليس كذلك!

ثم إني أضيف أمراً آخر: إذ لا تجد الفتاة من نفسها ما تكره، إلا وجدت فيها ما تحب، ولابد!
ومعنى هذا أن الإنسان كل مركب من مجموعة أشياء، وليس هو جزء واحد فقط، ولهذا فإن الفتاة إذا وجدت في جمالها وتقاسيم جسدها شيئاً تكرهه، فلتبحث عما يعجبها من نفسها ولابد واحدة، إما نفساً مرحة ضاحكة، أو روحاً أريحية باذلة معطاءة، أو ذكاء وقاداً أو كفاية مالية، أو أسرة مستقرة، أو.. أو في أشياء كثيرة لا حصر لها..

وأضيف أمراً آخر أيضاً: إذا ضاقت الفتاة نفسها، بسبب ما تكره وجوده في جسمها فلتذكر نفسها إنه لم يكن لها يد في إحداثه أصلاً، ثم هو شيء غير قابل للتغيير فلماذا تشغلين بالك به؟ والحكمة تقتضي أن نشغل أنفسنا فيما نقدر على تغييره، لا فيما سبق به القدر وجفت عليه الأقلام.

الشيء الرابع:
لست متأكداً هل أنت ممن يدرك أن لكل مناسبة ما يليق بها من الزينة والجمال؛ إذ ليس من المعقول أن تقضي الفتاة زمناً طويلاً في التزين والتجمل، في كل مرة تذهب فيها إلى المدرسة أو لزيارة صديقة أو للسوق. إذ لكل مناسبة ما يناسبها من اللباس ومن الوقت الذي ينفق في تجهيزه.

إن من خصائص الأنوثة الملازمة للبنت الاهتمام بمظهرها، وهندامها، ولباسها وشعرها ومشيتها، وهذا الاهتمام لا تعاب به الفتاة بل هو من كمال أنوثتها، وليس من حقنا أن نصادر هذه الرغبة منها، لكن الذي يهمنا هو أن يكون هذا الاهتمام بالزينة والجمال داخلاً في دائرة الاتزان ، الذي ندندن حوله دائماً..

إنه أمر جوهري أن تفهم الفتاة قيمة الجمال، فليست قيمة الإنسان في ثوبه وحذائه، هل سمعت فتاة تستمد قيمتها من حذائها الذي تلبسه في رجليها؟

الشيء الخامس:
لست متأكداً هل أنت ممن يدرك أن التجمل والتزين لا يشمل الجلباب، وهو الذي تجعله النساء فوق ملابسهن، ويسمى في بلاد كثيرة بالعباءة، إذ ليس ثمة جلباب جميل وآخر دون ذلك، وليس هناك جلباب للسوق وآخر للمدرسة وثالث للمناسبات، فالحجاب بالجلباب مقصود ستر زينة الملابس وستر زينة الجسم، فإذا كان الجلباب هو زينة في نفسه فقد قيمته وفقد الحكمة من تشريعه، واحتاج هذا الجلباب إلى جلباب آخر فوقه يستر زينته.

إن الحجاب إعلان أن الفتاة أكرم من أن تكون ملتقى أعين الشباب، وأنها لن تكون مصدراً لإثارة غرائزهم، ولن تكون سبباً في هدم بيت لم ير صاحبه في زوجته من الجمال ما رأى في المتبرجة.

وهو تأكيد على أن جمال الفتاة في أنوثتها، والأنوثة تفقد قيمتها إذا كانت مبتذلة، لأنها حينئذٍ تكون عرضاً للجسد الأنثوي خال من كل معنى سام، وما التبرج إلا جزء من العهد الإبليسي الذي قطعه إبليس على نفسه بكشف عورات آدم عليه السلام وذريته، وقد سمعنا وسمعتم عن بعض بلاد أوروبا وفيها أقوام يخرجون للشوارع عراة تماماً، تماماً بدون أية خرقة، ويقولون: ليس في ذلك شيء!

وهذا يجر إلى الكلام على ما يمكن تسميته بـ (نفسية الحجاب والتبرج) لكني غير قادر على ذلك الآن فعسى الله أن ييسر لذلك من أمره ما يشاء.


د. خالد الجابر
استشاري طب العائلة
مجلة حياة، العدد الخامس والثلاثون.
ربيع الأول 1424هـ .

المصدر: مجلة الحياة

خالد الجابر

استشاري طب العائلة

  • 8
  • 1
  • 15,164
  • الباز

      منذ
    [[أعجبني:]] مقاله متميزه
  • مني

      منذ
    [[أعجبني:]] بصراحة كل مافي المقال اعجبني شكرا جدا يادكتور خالد عند قرائتي لمقالك احسست انك تقرأ مايدور بداخلي وبداخل كثير من الفتيات ارجو المزيد من هذه النوعية من المقالات فهي تدعمنا نفسيا جزاك الله كل خير [[لم يعجبني:]] مالم يعجبني في المقال انه قصير كنت اتمني ان يكون اطول من ذلك
  • حازم

      منذ
    [[أعجبني:]] سؤال .... هل فعلا إذا زاد الجمال يقل الحظ .... شكرا ... [[لم يعجبني:]] لا يوجد ....
  • مريم

      منذ
    لم يعجبني: ان الجلباب هو ايضا عدة انواع والحجاب يتطلب الفضفاض ولغير المتعطر والبنت اصبحت تتميز بالتبرج وعدم الامبالات اللهم الطف بنا يل رب
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] الاسلوب رائع وجذاب جدا ونرجو منه الاستفاضه فى التكلم عن الحجاب الشرعى وجزاكم الله كل الخير
  • fadoua

      منذ
    [[أعجبني:]] salam vraiment c un sujet tres important ,cour et il contient beaucoup de conseils pour la fille surtout je demande quallah nous pffre alhidaya ya rab [[لم يعجبني:]] tt est bien hamdolah
  • fadoua

      منذ
    [[أعجبني:]] salam vraiment c un sujet tres important ,cour et il contient beaucoup de conseils pour la fille surtout je demande quallah nous pffre alhidaya ya rab [[لم يعجبني:]] tt est bien hamdolah
  • doha bouabidi

      منذ
    [[أعجبني:]] koll el ma9al jamill wa ana ka fatat a3jabani le2anhu ya3ti thi9a fel nafs. [[لم يعجبني:]] anhu yata7adeth 3ala koll shaie2 fe el fatat
  • شاعر الحمراء

      منذ
    [[أعجبني:]] هو ان يلتفت الانسان الى حياته الطبيعية وان يرضى بما اعطاه الله خلق وخلق فليس من جمال كجمال الروح وعفة النفس وكمال العقل والخلق الحسن وهذا لايكون في امراة او رجل الا مع الدين والعبادة لله .هذا ماعجبني. [[لم يعجبني:]] وما لم يعجبني هو ان الجمال احيانا يكون وجعا وصداعا ونقمة وتهور وغرور وضياع فرص لاتعوض عن صاحبه .والله يخلق ما يشاء ويختار وخير الامور اوسطها.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً