إشكالية الحسم في سوريا

طال أمد النظام السوري عن نظائره في تونس وليبيا ومصر واليمن، ومرت الأسابيع والأشهر ودخلت البلاد على سنتين من عمر ثورتها وما زال الأسد يتشبث بكرسي الحكم رغم تعدد دعوات الرحيل والمبادرات، وأصبح السؤال الذي يردده الكثيرون هو: متى ينهار الطاغية ويضع حدا للمجازر المتتالية التي يرتكبها في حق شعبه؟

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية - مواضيع إخبارية -

 

معارك بسوريا..
طال أمد النظام السوري عن نظائره في تونس وليبيا ومصر واليمن، ومرت الأسابيع والأشهر ودخلت البلاد على سنتين من عمر ثورتها وما زال الأسد يتشبث بكرسي الحكم رغم تعدد دعوات الرحيل والمبادرات، وأصبح السؤال الذي يردده الكثيرون هو: متى ينهار الطاغية ويضع حدا للمجازر المتتالية التي يرتكبها في حق شعبه؟

والحقيقة أنه لا مفاجأة في ذلك بسبب تعقد المشهد السوري وقيامه على الطائفية، وتأمين النظام لنفسه عبر سنوات طويلة من خلال نظام بوليسي صارم، وتصعيد أتباعه وأبناء طائفته، وشراء ذمم عدد من أبناء الطوائف الأخرى، وتكوين دائرة مصالح قوية تحيط به ليس في الداخل فقط ولكن في الخارج أيضا.

فقد وطد النظام صلاته مع قوى سياسية في لبنان المجاورة، وهذه القوى لا تتمثل فقط في حزب الله الشيعي ولكن في قوى (مسيحية) أخرى مثل التيار الحر الذي يتزعمه (ميشيل عون) وهو تيار متهم دائما بعلاقات وطيدة مع الكيان الصهيوني، كما أن النظام جعل من نفسه عبر سنوات طويلة أحد أذرع التمدد الإيراني في المنطقة، وارتضى أن يكون عضوًا في المخطط الفارسي في مقابل التحالف العربي للسيطرة على المنطقة، وهو ما أدى إلى إلقاء طهران بثقلها في الصراع..

ولم يقتصر الأمر على الدعم المعنوي والسياسي، بل تخطاه للدعم العسكري والمالي الغزير في وقت يمر به الاقتصاد الإيراني بصعوبات جمة نتيجة للعقوبات الدولية، أضف إلى ذلك الدعم الروسي اللامحدود في مجلس الأمن لإعاقة أية قرارات ضد نظام الأسد، وسفن النفط والسلاح التي تتدفق إلى ميناء طرطوس للحفاظ على أهم قاعدة بحرية لهم في المياه الدافئة.

كما أننا لا يمكن أن نتجاهل أن النظام السوري كان يستشعر الخطر منذ فترة وخصوصا مع بداية الثورات العربية وأنه ركز على التسليح والاستعداد لجميع الاحتمالات وحصّن نفسه أمنيًا إلى حد ما، كذلك يأتي صعوبة الوضع من وجود عقيدة دينية يتحرك بها عدد لا بأس به من رجال النظام العلوي الذين يشعرون بالقلق على طائفتهم وأوضاعهم إذا نجحت الثورة رغم التطمينات التي أرسلتها العديد من قوى المعارضة في هذا الشأن.

أما بالنسبة لموقف المعارضة فرغم قوة موقفها وتصاعد عملياتها وتحقيقها لنجاحات كبيرة على الأرض..
إلا أن قلة الدعم التي تحصل عليه خصوصًا من الأسلحة النوعية، التي تصنع الفارق في مثل هذه الحالات يؤخر من تحطيمها لمقاومة النظام بشكل نهائي، فدول الجوار رغم تأييدها للثورة ودعمها معنويًا إلا أنها تقدم قدمًا وتؤخر أخرى في الدعم المالي والعسكري؛ بسبب الضغوط الغربية التي ترفض حتى الآن إمداد المعارضة بالسلاح لأسباب بعضها معلن وبعضها غير معلن.

ومن أهم الأسباب التي أشارت إليها ضمنيًا هو مخاوفها حول شكل النظام القادم بعد زوال نظام الأسد ومكانة الإسلاميين فيه؛ فهي تريد نظاما علمانيًا منفتحًا عليها، وتنتظر صعود قوى علمانية في المشهد تستطيع الاعتماد عليها في الحكم، وإذا فشلت تمامًا في هذا الاتجاه تريد أن تحصل على الأقل على ضمانات بشأن مجموعة من القضايا من الحكام الجدد وعلى رأسها العلاقات مع الكيان الصهيوني.

كذلك يأتي الموقف الإيراني كأحد أهم الأسباب غير المعلنة بشأن عدم دعم المعارضة السورية، والمخاوف من جهته تشمل مجموعة المصالح التي يرتبط بها الطرفان في المنطقة، وصفقات التقسيم التي تم عقدها وعمليات الشد والجذب في الملف النووي، والمخاوف بشأن قيام طهران بعمليات عسكرية في الخليج تؤثر على تدفق النفط اللازم لاستمرار نمو الاقتصاد الغربي، وتأثير ذلك على أمن الخليج ودوله.

وهي أمور متشابكة تجعل المشهد شديد التعقيد بالنسبة للسياسة الغربية التي تعاني من سلبيات التورط في العراق وأفغانستان. ومع كل ذلك فإن كل المؤشرات تؤكد أن انهيار نظام الأسد أصبح حتميا وإن طال الوقت نسبيا، والأمر يحتاج لمزيد من الصبر والثبات والثقة في نصرالله.