هكذا قدّم المسلمون للعالَم

منذ 2013-05-08

قدّم المسلمون نموذجاً حضارياً للعالم في الاكتشافات والاختراعات التي ما زالت البشرية إلى الآن تنهل من معينها وترتوي من فيضها، ولقد تميزت هذه الحضارة بالوسطية والتوازن، ذلك التوازن العجيب بين علاقة الإنسان بربّه وعلاقته بالبشر من حوله، وكذلك علاقة البيئة التي يعيش فيها بكل ما تحويه من كائنات وثروات. وهذه إطلالة على بعض الاكتشافات والاختراعات التي قدّمها العلماء المسلمون للبشرية...

 

قدّم المسلمون نموذجاً حضارياً للعالم في الاكتشافات والاختراعات التي ما زالت البشرية إلى الآن تنهل من معينها وترتوي من فيضها، ولقد تميزت هذه الحضارة بالوسطية والتوازن، ذلك التوازن العجيب بين علاقة الإنسان بربّه وعلاقته بالبشر من حوله، وكذلك علاقة البيئة التي يعيش فيها بكل ما تحويه من كائنات وثروات.

وهذه إطلالة على بعض الاكتشافات والاختراعات التي قدّمها العلماء المسلمون للبشرية، ومنها:

1- اكتشاف الوزن النوعي للمواد الصلبة والسائلة:
لقد أخذ العرب عن الإغريق وأرخميدس فكرة الوزن النوعي للمواد ولكنهم توسعوا فيها إلى أقصى حدّ وطوروها وصنعوا لها موازين خاصة متطورة فابتكر الرازي ميزاناً دقيقاً سمّاه (الميزان الطبيعي) وَوصفه في كتابه (محنة الذهب والفضة) كما ابتكر الخازن ميزاناً متطوراً يُمكنه وزن الأجسام في الماء والهواء على السواء وقد كان اهتمام المسلمين بالوزن النوعي لاكتشاف نقاء المعادن وإذا كانت مختلفة أو مغشوشة وخاصةً المعادن النفيسة.

ولكنهم توسعوا بعد ذلك في هذا الميدان فأصبحوا يصنعون الجداول للوزن النوعي لكل شيء في الحياة.. ابتداء من الذهب والفضة والزئبق والياقوت والزمرد واللازورد والعقيق إلى الحديد والصلب والحجارة. كما شملت أبحاثهم في السوائل كل شيء ابتداءً من الأحماض والماء إلى الحليب بجميع أنواعه وزيوت الطعام.. وبهذا كانوا يعرفون نسب تركيب كل مادة من عناصرها المختلفة.

وقد جاء في كتاب (عيون المسائل) لعبد القادر الطبري جداول للوزن النوعي لكثير من المواد المعروفة في عصور الإسلام.

كذلك قام البيروني والخازن بعمل جداول المواد. فمن ذلك على سبيل المثال أن الوزن النوعي للذهب الخالص حسب جداول البيروني 19.26 وحسب الخازن 19.25 وحسب الأرقام الحديثة 19.26 وهذا مثل هذا عن دقة المسلمين في تجاربهم.

ومن أغرب التجارب التي أجراها عباس بن فرناس حساب الوزن النوعي لجسم الإنسان.. ومقارنته بالوزن النوعي للطيور وخاصة الصقور.. وكان مقصده من ذلك أن يعرف حجم الجناحين الذين يصنعهما لحمل جسمه والطيران في الهواء.

وجدير بالذكر أن هذه الطريقة التي ابتكرها عباس بن فرناس المتوفى سنة 884 م، هي التي تتبع اليوم في تربية أجسام الرياضيين وإعدادهم للمسابقات العالمية.. وفي المعاهد الرياضية الكبرى موازين تقوم على نفس الفكرة أي وزن الجسم في الهواء ثم في الماء.. فإذا وجدوا أن نسبة الشحم إلى العضلات في الجسم أكبر من اللازم نصحوه بعمل رجيم شديد أو يُحرَم من الدخول لبطولة الرياضية.

2- المسلمون وأشعة الليزر:
قدماء اليونانيون ظنوا أن أعيننا تُخرِج أشعة مثل الليزر والتي تجعلنا قادرين على الرؤية، أول شخصٍ لاحظ أن الضوء يدخل إلى العين ولا يخرج منها كان عالِم رياضي وفيزيائي وفلكي مسلم، وهو الحسن بن الهيثم.

حيث اكتشف أن الإبصار يحدث بسبب سقوط الأشعة من الضوء على الجسم المرئي مما يمكن للعين أن تراه.. ولكن العين لا تخرج أشعة من نفسها.. وإلا كيف لا ترى العين في الظلام؟ واكتشف ابن الهيثم ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء -أي انحراف الصورة عن مكانها في حال مرور الأشعة الضوئية في وسط معين إلى وسط غير متجانس معه-.

كما اكتشف أن الانعطاف يكون معدوماً إذا مرّت الأشعة الضوئية وِفقاً لزاوية قائمة من وسط إلى وسط آخر غير متجانس معه، ووضع ابن الهيثم بحوثاً فيما يتعلق بتكبير العدسات، وبذلك مهَّد لاستعمال العدسات المتنوعة في معالجة عيوب العين، ويعتبر الحسن بن الهيثم أول من انتقل بالفيزياء من المرحلة الفلسفية للمرحلة العملية. (from a philosophical activity to an experimental one).

3- المسلمون والطيران:
قبل آلاف السنوات من تجربة الأَخوان رايت في بريطانيا للطيران.. كان هناك شاعر وفلكي وموسيقي ومهندس مسلم يُدعى "عباس بن فرناس" قام بمحاولات عديدة لإنشاء آلة طيران، في عام  825 م قفر من أعلى مئذنة الجامع الكبير في قرطبة مستخدماً عباءة صلبة غير محكمة مدعمة بقوائم خشبية، كان يأمُل أن يُحلِّق كالطيور.. لم يفلح في هذا ولكن العباءة قلّلت من سرعة هبوطه.. مُكوِّنة ما يُمكن أن نمسيه أوّل "باراشوت" وخرج من هذه التجربة فقط بجروح بسيطة، في 875 م حين كام عمره 70 عاماً.. قام بتطوير ماكينة من الحرير وريش النسور ثم حاول مرة أخرى بالقفز من أعلى جبل هذه المرة، وصل هذه المرة إلى ارتفاع عالٍ.. وظل طائراً لمدة عشر دقائق.. لكنه تحطم في الهبوط!.. كان ذلك بسبب عدم وضع "ذيل" للجهاز الذي ابتكره كي يتمكن من الهبوط بطريقة صحيحة. تم تسمية مطار بغداد الدولي وفوهة أحد البراكين في المغرب على اسمه.

4- المسلمون والمنظفات:
الاغتسال والنظافة متطلبات دينية لدي المسلمين، ربما كان هذا السبب في أنهم طوروا شكل الصابون إلى الشكل الذي مازلنا نستخدمه الآن!.. قدماء المصريين كان عندهم أحد أنواع الصابون.. تماماً مثل الرومان الذين استخدموها غالباً كَـمرهم!، لكن العرب كانوا هم من جمعوا بين زيوت النباتات وهيدروكسيد الصوديوم والمواد الأروماتية مثل الـ "thyme oil".

كان أحد أكثر خصائص الصليبين غرابة بالنسبة للمسلمين أنهم لا يغتسلون!.. قُدِّم الشامبو في انجلترا لأول مرة حينما قام أحد المسلمين بفتح احد محلات الاستحمام بالبخار في "بريتون سيفرونت" في عام 1759م.

5- المسلمون والتقطير:
اخترع التقطير وَوسائل فصل السوائل من خلال الاختلافات في درجة غليانها في حوالي العام 800 م بواسطة العالِم المسلم الكبير "جابر بن حيّان"، الذي قام بتحويل "الخيمياء" أو "الكيمياء القديمة" إلى "الكيمياء الحديثة" كما نعرفها الآن.. مخترعاً العديد من العديد من العمليات الأساسية والأدوات التي لا نزال نستخدمها حتى الآن: السيولة، والتبلور، والتقطير، والتنقية، والأكسدة، والتبخير والترشيح.. جنباً إلى جنب مع اكتشاف الكبريت وحمض النيتريك، اخترع جابر بن حيان إمبيق التقطير تستخدم الانجليزية لفظ alembic وهو مشتق من لفظ "إمبيق" العربي وهو آلة تستخدم في عملية التقطير.. مقدماً للعالَم العطور وبعض المشروبات الكحولية ويذكر الكاتب أن ذلك حرام في الإسلام، استخدم ابن حيّان التجربة المنظمة ويعتبر مكتشف الكيمياء الحديثة.

6- المسلمون والهندسة المعمارية:
تُعدّ الأقواس مستدقة الطرف من أهم الخصائص المعمارية التي تميّز كاتدرائيات أوروبا القوطية، فكرة هذه الأقواس ابتكرها المعماريون المسلمون. وهي أقوى بكثير من الأقواس مستديرة الطرف والتي كان يستخدمها الرومان والنورمانيون؛ لأنها تساعد على أن يكون البناء أكبر وأعلى وأكثر تعقيداً.. اقتبس الغرب من المسلمين أيضاً طريقة بناء القناطر والقباب.

قلاع أوروبا منسوخة الفكرة أيضاً من العالم الإسلامي، بدءاً الشقوق الطولية في الأسوار، وشرفات القلعة.. وطريقة الحصن الأمامي وحواجز الأسقف.. والأبراج المربعة.. والتي كانت تُسهِّل جداً حماية القلعة.. ويكفي أن تعرف أن المهندس المعماري الذي قام ببناء قلعة هنري الخامس كان مسلماً.

7- المسلمون والحسابات الفلكية:
كانت حسابات الفلكيون المسلمون دقيقة جداً حيث أنه في القرن التاسع.. حيث محيط الأرض ليجدوه 440,253 كيلومتر وهو أقل من المحيط الفعلي بـ 200 كيلومتر فقط!، رسم العالِم الإدريسي رسماً للكرة الأرضية لأحد الملوك في عام 1139 ميلادية.

8- المسلمون والأرقام الحسابية:
نظام الترقيم المستخدم في العالم الآن ربما كان هندي الأصل.. ولكن طابع الأرقام عربي وأقدم ظهور له في بعض أعمال علماء الرياضيات المسلمين الخوارزمي والكندي حوالي العام 825 م، سمِّيت "Algebra" على اسم كتاب الخوارزمي "الجبر والمقابلة" والذي لا يزال الكثير من محتوياته تُستخدم حالياً.. الأفكار والنظريات التي توصل لها علماء الرياضيات المسلمين نقلت إلى أوروبا بعد ذلك بـ 300 عام على يد العالِم الإيطالي فيبوناشي.. نشأت الـ"Algorithms" وعلم المثلثات في العالم الإسلامي.

9- المسلمون وكروية الأرض:
في القرن التاسع عشر قال الكثير من علماء المسلمين أن الأرض كروية، وكان الدليل كما قال الفلكي "ابن حزم" أن الشمس دائماً ما تكون عمودية على نقطة محدّدة على الأرض، كان ذلك قبل أن يكتشف جاليليون ذات النقطة بـ 500 عام.. نلاحظ أن ابن حزم لم يُعدم لقوله هذا عكس ما حدث مع جاليليو من الكنيسة.

10- المسلمون والجراحة:
العديد من الآلات الجراحية الحديثة المستخدمة الآن لازالت بنفس التصميم الذي ابتكرها به الجراح المسلم "الزهراوي" في القرن العاشر الميلادي.. هذه الآلات وغيرها -أكثر من مائتي آلة- لازالت معروفة للجراحين اليوم، وكان "الزهراوي" يجري عملية استئصال الغدة الدرقية Thyroid.

وذكر "الزهراوي" علاج السرطان في كتابه التصريف قائلاً: "متى كان السرطان في موضع يمكن استئصاله كله كالسرطان الذي يكون في الثدي أو في الفخد ونحوهما من الأعضاء المتمكنة لإخراجه بجملته، إذا كان مبتدءاً صغيراً فافعل. أما متى تقدّم فلا ينبغي أن تَقربه فإني ما استطعت أن أبرئ منه أحداً. ولا رأيتُ قبلي غيري وصل إلى ذلك". وهي عملية لم يجرؤ أي جراح في أوروبا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشر بعده أي بتسعة قرون، في القرن الثالث عشر الميلادي.. طبيب مسلم آخر اسمه "ابن النفيس" شرَّح الدورة الدموية الصغرى.. قبل أن يُشرِّحها ويليام هارفي بثلاثمائة عام، اخترع علماء المسلمين أيضاً المسكِّنات من مزيج مادتي الأفيون والكحول وطوروا أسلوباً للحقن بواسطة الإبر لا يزال مستخدم حتى الآن.

11- المسلمون وطواحين الهواء:
اخترع المسلمون طواحين الهواء في عام 634 م.. وكانت تُستخدم لطحن الذرة وري المياه في الصحراء العربية الواسعة، عندما تُصبح جداول المياه جافة، كانت الرياح هي القوة الوحيدة التي تهب من اتجاه ثابت لمدة شهور، الطواحين كانت تحتوي على 6 أو 12 شراعا مغطاة بأوراق النخل، كان هذا قبل أن تظهر طواحين الهواء في أوروبا بخمسمائة عام!.

12- المسلمون والتطعيم:
فكرة التطعيم لم تبتكر بواسطة جبنر وباستير.. ولكن ابتكرها العالم الإسلامي وَوصلت إلى أوروبا من خلال زوجة سفير بريطانيا في تركيا وتحديداً في اسطنبول عام 1724 م، الأطفال في تركيا طُعِّموا ضد الجدري قبل خمسين عاماً من اكتشاف الغرب لذلك!.

فهل يعود المسلمون إلى سالف عهدهم؟ يقودون العالم نحو حضارة جديدة تجمع بين العلم والإيمان وتمازج بين التقوى والإبداع، ويكونون كما قال الحكيم:

 

لسْنا وَإنْ أحسَابُنا كرُمَتْ *** يَوْماً عَلى الأحْسابِ نَتَّكِلُ

نَبْني كما كانَتْ أوَائِلُنا *** تَبْني وَنفعَلُ مِثلَ ما فَعَلُوا

 

 بدر عبد الحميد هميسه

 

 

المصدر: صيد الفوائد
  • 1
  • 1
  • 3,692

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً