بمناسبة أحداث الإسكندرية كيف ننزع فتيل الفتنة الطائفية؟؟
محمد مورو
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
لم يعد مناسبًا ولا موضوعيًا أن نقول: إن العلاقة بين المسلمين
والأقباط في مصر هي علاقة قوية ومتينة، فمما لا شك فيه أن هناك
احتقانًا طائفيًا حقيقيًا وموضوعيًا، له الكثير من الأسباب التي لو
استمرت لهددت بالفعل نسيج الوحدة الوطنية المصرية ولكن هذه الأسباب في
الحقيقة يمكن القضاء عليها بشيء من المجهود الحكومي والشعبي وقبل كل
شيء الكنسي.
بداية فإن المسيحيين في مصر يبلغون حوالي 6% من عدد السكان أي قرابة 4 مليون نسمة، وأغلبية هؤلاء المسيحيين ينتمون إلى الطائفة الأرثوذكسية، وهناك بالإضافة إلى الأرثوذكس الكاثوليك والبروتستانت والأرمن... إلخ ومن المعروف أن عقائد الكنيسة الأرثوذكسية تمنع البابا أو البطريرك من المشاركة أو الاقتراب من الأمور الزمنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتعقد دوره على الأمور الروحية وكان ذلك أحد السمات التاريخية للكنيسة المصرية الأرثوذكسية حيث إن هذا الحق تم انتزاعه من القيصر الروماني بالدم والدموع والقتلى والمضطهدين. ولكن الذي حدث في السنوات الثلاثين الأخيرة أن هناك دورًا سياسيًا نشيطًا للكهنة وللكنائس وهو أمر حذر منه عقلاء الأقباط أنفسهم. ولعل عودة الكنيسة إلى الأمور الروحية فقط أحد أهم الطرق لنزع فتيل الفتنة الطائفية.
أحداث الإسكندرية تتلخص في أن شابًا مصريًا مسلمًا يحمل بكالوريوس تجارة ويدعى محمود صلاح الدين عبد الرازق، قد قام بقتل شخص مسيحي وإصابة 6 آخرين بجراح عن طريق اقتحام كنيسة وطعن المصلين بها وقامت قوات الأمن باعتقاله عندما حاول اقتحام الكنيسة الثالثة، وقد قالت وزارة الداخلية وتحقيقات النيابة إن الشخص مختل عقليًا، ولكن الأوساط الكنسية رفضت هذا التبرير واعتبرت أن هناك مجموعة كانت وراء هذا الشخص، الأمر الذي لم يثبت بتحقيقات النيابة، واندلعت مظاهرات مسيحية أمام كنائس الإسكندرية، ثم حدثت احتكاكات واعتداءات من بعض المسيحيين على الجمهور المسلم ما أدى إلى جرح ثلاثة مسلمين مات أحدهم متأثرًا بجراحه، وكذا إلقاء الحجارة على بعض المساجد وتحطيم واجهة مسجد الواحد الأحد وبعد يومين من المناوشات بين المسلمين والمسيحيين في الإسكندرية انتهت المسألة ـ مؤقتًا ـ بجهود أجهزة الأمن، ورجال الدين من الطرفين وقامت مظاهرات مشتركة تندد بحوادث العنف ثم ما لبثت الأحداث المؤسفة أن اندلعت من جديد بالإسكندرية.
القصة متكررة بصورة أو بأخرى في أكثر من مكان بمصر، والقصة هذه المرة بدأت باعتداء شخص مختل على الكنائس، مع ملاحظة أنه يحدث أن يهاجم مختل عقليًا أحد المساجد أيضًا!! وقد حدث شيء من ذلك في نفس التوقيت في مدينة المنصورة مثلاً، وحدثت قبل ذلك بعد إدعاء عدد من الآباء المسيحيين أن بناتهن قد خطفن وأجبرن على اعتناق الإسلام ثم ثبت بعد ذلك أنهن تزوجن بمسلمين بمحض إرادتهن ووصل الأمر في بعض المرات أن تم إرجاع سيدة قد أسلمت وهي زوجة أحد القساوسة الكبار 'وفاء قسطنطين' وتم تسليمها للكنيسة مما اعتبر وقتها إهدار لحرية العقيدة، ونوع من ممارسة الكنيسة سلطة الدولة حيث قامت بحبس تلك السيدة في أحد الأديرة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المسلمين.
لا يكفي بالطبع أن نقول: إن هناك متطرفين على الجانبين، فالتطرف موجود في كل زمان ومكان، وهو بحد ذاته لا يكفي لإثارة الفتنة ما لم تكن هناك أسبابًا موضوعية لذلك نلخصها في:
- إحساس المسلمين بوجود تمييز ضدهم، فحين يتم قتل مسلم لا تتحرك الأجهزة للقصاص على العكس تمامًا في حالة قتل المسيحي.
- إذا تم اعتقال مسلمين ومسيحيين على خلفية أحد الحوادث فإن البابا يصوم احتجاجًا وينجح في إطلاق سراح المعتقلين المسيحيين وهو ما لا يحدث في حالة المسلمين حيث لا بابا لهم.
- إحساس لدى المسلمين بأن هناك استقواءً من المسيحيين بالولايات المتحدة، وأنهم يضغطون على الحكومة التي تستجيب لهم خوفًا من غضب أمريكا، مما يهدد النسيج الوطني تمامًا ويزيد الاحتقان بين الطرفين، ولا شك أن تراكم الإحساس لدى المسلمين 94 % بأن الطرف المسيحي يستقوي بالعدو الأمريكي أمر ينبغي معالجته قبل فوات الأوان.
- الأحاديث والتحركات التي يقوم بها ما يسمى بأقباط المهجر وهي منقولة بالطبع عن طريق الفضائيات، وتدور حول إمكانية الولاء لأمريكا على حساب مصر، أو أن مصر محتلة بالاحتلال العربي 'الإسلامي' ومن ثم يجب رحيل المحتلين، التحالف مع إسرائيل على حساب العرب والمسلمين، موقف معادٍ لقضايا العرب والمسلمين باعتبارهم غرباء على مصر ومن ثم فلا مجال هناك لدعم الفلسطينيين أو العراقيين أو الأفغان... إلخ.
- ضعف الأحزاب السياسية، بل قل غيابها، وعدم اكتراث حزب الحكومة، أو الإخوان المسلمين 'الحزبين الرئيسين' بما يكفي في هذا الصدد، وغياب الأحزاب الأخرى.
- اختلاط الديني بالسياسي في الكنيسة المصرية، وهو ما يحول من الناحية العملية المسيحيين إلى حزب يقوده البابا لأن مخالفة المسيحي للبابا مجرّمة ومؤثّمة، ومن ثم فلابد من طاعته وإذا كانت طاعته في الأمور الروحية مفهومة، فإن طاعته في السياسة تحول المسيحيين إلى حزب سياسي مسيحي، وتقسم البلاد طائفيًا وهي أمور حذر منها عقلاء الأقباط أنفسهم.
بداية فإن المسيحيين في مصر يبلغون حوالي 6% من عدد السكان أي قرابة 4 مليون نسمة، وأغلبية هؤلاء المسيحيين ينتمون إلى الطائفة الأرثوذكسية، وهناك بالإضافة إلى الأرثوذكس الكاثوليك والبروتستانت والأرمن... إلخ ومن المعروف أن عقائد الكنيسة الأرثوذكسية تمنع البابا أو البطريرك من المشاركة أو الاقتراب من الأمور الزمنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتعقد دوره على الأمور الروحية وكان ذلك أحد السمات التاريخية للكنيسة المصرية الأرثوذكسية حيث إن هذا الحق تم انتزاعه من القيصر الروماني بالدم والدموع والقتلى والمضطهدين. ولكن الذي حدث في السنوات الثلاثين الأخيرة أن هناك دورًا سياسيًا نشيطًا للكهنة وللكنائس وهو أمر حذر منه عقلاء الأقباط أنفسهم. ولعل عودة الكنيسة إلى الأمور الروحية فقط أحد أهم الطرق لنزع فتيل الفتنة الطائفية.
أحداث الإسكندرية تتلخص في أن شابًا مصريًا مسلمًا يحمل بكالوريوس تجارة ويدعى محمود صلاح الدين عبد الرازق، قد قام بقتل شخص مسيحي وإصابة 6 آخرين بجراح عن طريق اقتحام كنيسة وطعن المصلين بها وقامت قوات الأمن باعتقاله عندما حاول اقتحام الكنيسة الثالثة، وقد قالت وزارة الداخلية وتحقيقات النيابة إن الشخص مختل عقليًا، ولكن الأوساط الكنسية رفضت هذا التبرير واعتبرت أن هناك مجموعة كانت وراء هذا الشخص، الأمر الذي لم يثبت بتحقيقات النيابة، واندلعت مظاهرات مسيحية أمام كنائس الإسكندرية، ثم حدثت احتكاكات واعتداءات من بعض المسيحيين على الجمهور المسلم ما أدى إلى جرح ثلاثة مسلمين مات أحدهم متأثرًا بجراحه، وكذا إلقاء الحجارة على بعض المساجد وتحطيم واجهة مسجد الواحد الأحد وبعد يومين من المناوشات بين المسلمين والمسيحيين في الإسكندرية انتهت المسألة ـ مؤقتًا ـ بجهود أجهزة الأمن، ورجال الدين من الطرفين وقامت مظاهرات مشتركة تندد بحوادث العنف ثم ما لبثت الأحداث المؤسفة أن اندلعت من جديد بالإسكندرية.
القصة متكررة بصورة أو بأخرى في أكثر من مكان بمصر، والقصة هذه المرة بدأت باعتداء شخص مختل على الكنائس، مع ملاحظة أنه يحدث أن يهاجم مختل عقليًا أحد المساجد أيضًا!! وقد حدث شيء من ذلك في نفس التوقيت في مدينة المنصورة مثلاً، وحدثت قبل ذلك بعد إدعاء عدد من الآباء المسيحيين أن بناتهن قد خطفن وأجبرن على اعتناق الإسلام ثم ثبت بعد ذلك أنهن تزوجن بمسلمين بمحض إرادتهن ووصل الأمر في بعض المرات أن تم إرجاع سيدة قد أسلمت وهي زوجة أحد القساوسة الكبار 'وفاء قسطنطين' وتم تسليمها للكنيسة مما اعتبر وقتها إهدار لحرية العقيدة، ونوع من ممارسة الكنيسة سلطة الدولة حيث قامت بحبس تلك السيدة في أحد الأديرة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المسلمين.
لا يكفي بالطبع أن نقول: إن هناك متطرفين على الجانبين، فالتطرف موجود في كل زمان ومكان، وهو بحد ذاته لا يكفي لإثارة الفتنة ما لم تكن هناك أسبابًا موضوعية لذلك نلخصها في:
- إحساس المسلمين بوجود تمييز ضدهم، فحين يتم قتل مسلم لا تتحرك الأجهزة للقصاص على العكس تمامًا في حالة قتل المسيحي.
- إذا تم اعتقال مسلمين ومسيحيين على خلفية أحد الحوادث فإن البابا يصوم احتجاجًا وينجح في إطلاق سراح المعتقلين المسيحيين وهو ما لا يحدث في حالة المسلمين حيث لا بابا لهم.
- إحساس لدى المسلمين بأن هناك استقواءً من المسيحيين بالولايات المتحدة، وأنهم يضغطون على الحكومة التي تستجيب لهم خوفًا من غضب أمريكا، مما يهدد النسيج الوطني تمامًا ويزيد الاحتقان بين الطرفين، ولا شك أن تراكم الإحساس لدى المسلمين 94 % بأن الطرف المسيحي يستقوي بالعدو الأمريكي أمر ينبغي معالجته قبل فوات الأوان.
- الأحاديث والتحركات التي يقوم بها ما يسمى بأقباط المهجر وهي منقولة بالطبع عن طريق الفضائيات، وتدور حول إمكانية الولاء لأمريكا على حساب مصر، أو أن مصر محتلة بالاحتلال العربي 'الإسلامي' ومن ثم يجب رحيل المحتلين، التحالف مع إسرائيل على حساب العرب والمسلمين، موقف معادٍ لقضايا العرب والمسلمين باعتبارهم غرباء على مصر ومن ثم فلا مجال هناك لدعم الفلسطينيين أو العراقيين أو الأفغان... إلخ.
- ضعف الأحزاب السياسية، بل قل غيابها، وعدم اكتراث حزب الحكومة، أو الإخوان المسلمين 'الحزبين الرئيسين' بما يكفي في هذا الصدد، وغياب الأحزاب الأخرى.
- اختلاط الديني بالسياسي في الكنيسة المصرية، وهو ما يحول من الناحية العملية المسيحيين إلى حزب يقوده البابا لأن مخالفة المسيحي للبابا مجرّمة ومؤثّمة، ومن ثم فلابد من طاعته وإذا كانت طاعته في الأمور الروحية مفهومة، فإن طاعته في السياسة تحول المسيحيين إلى حزب سياسي مسيحي، وتقسم البلاد طائفيًا وهي أمور حذر منها عقلاء الأقباط أنفسهم.
المصدر: مفكرة الإسلام