الغزو الشيعي لسوريا
إلى متى تأتي خطوات العرب متأخرة، ويعضون أصابع الندم بعد كل سقوط لدولة هامة في أيدي الشيعة، كما حدث في العراق التي أصبحت شوكة في جنب أهل السنة؟! إن هزيمة سنة سوريا في هذه المعركة لن تعني سوى مذبحة مروعة لم يشهد التاريخ مثيلا لها، وستجعل العلويين ينفردون تماما وإلى سنوات طويلة بحكم سوريا دون معارضة أو مقاومة.
يقف العالم القريب والبعيد متفرجا على حرب طائفية من الطراز الأول في سوريا، دون أدنى تحرك ملموس حتى هذه اللحظة؛ فحزب الله يتباهى من قلب لبنان بأنه أرسل قواته لمحاربة الثوار في سوريا والدفاع عن النظام العلوي، ويؤكد أنه مستمر في ذلك مهما كانت الضغوط، متجاهلا الأوضاع الأمنية المتدهورة في لبنان، وتأثير ما يحدث في سوريا على بلد ذات تنوع طائفي شديد الخصوصية، متعاميا عن عشرات القتلى الذين سقطوا في طرابلس جراء تدخله السافر في الأزمة السورية، ليس هذا فحسب، فمليشيات شيعية عراقية تابعة لواثق البطاط تدعى (عصائب الحق) تشارك أيضا بالآلاف في معارك سوريا، وخصوصا في منطقة السيدة زينب بالعاصمة دمشق، حيث نقلت مصادر عديدة سقوط العشرات منهم قتلى في معارك عنيفة شهدتها المنطقة.
أما الحوثيون المدربون هم أيضا على حمل السلاح، بعد عدة حروب خاضوها ضد الحكومة اليمنية، انتهت بسيطرتهم على مناطق واسعة بالشمال، فلم يكتفوا بالتشجيع المعنوي للحرب الطائفية التي كانوا ينتظرونها على أحر من الجمر، فأدلوا بدلوهم وأرسلوا عدة آلاف من مقاتليهم لدعم نظام الأسد، أضف إلى ذلك ما بثته وكالات الأنباء من صور للحرس الثوري الإيراني، وهو يحشد متطوعين في إيران للقتال في سوريا، ناهيك عن العتاد والأسلحة التي تتدفق من إيران على نظام الأسد، عن طريق العراق وتحت حماية حكومة المالكي، التي نشرت قواتها على الحدود مع سوريا في المحافظات السنية، لتأمين تدفق الأسلحة والمقاتلين الشيعة إلى سوريا، ومنع التعرض لهم من العشائر السنية التي توعدتهم، لم يعد خافيا أن الشيعة في المنطقة يعتبرون هذه المعركة نقطة انطلاق رئيسية للحروب القادمة ضد أهل السنة، ورسالة واضحة لهم بأن ينكمشوا داخل حدودهم، ولا ينطقوا بكلمة واحدة في وجه المارد الشيعي الذي آن أوان انطلاقه دون توقف، إنها معركة شديدة الأهمية والخصوصية هذه التي تجري في القصير الباسلة، التي تقف في وجه العدوان الشيعي الغاشم مقدمة أطهر الأرواح.
إلا أن ما يدعو للحسرة هو موقف الدول السنية التي تشاهد مع غيرها هذه الحرب، منتظرة القرار الأمريكي أو الروسي رغم أن أمنها القومي أصبح في خطر بالغ، لم يعد مفهوما على الإطلاق هذا التخاذل العالمي تجاه السوريين وتجاه التدخل الخارجي في سوريا، الذي أصبح واضحا للعيان كالشمس ساعة الظهيرة.أين المواثيق الدولية، والعقوبات والوقوف لحماية المدنيين، وغيرها من العبارات الطنانة التي كانت لتخرج فورا مهددة ومتوعدة لو كان القتلى في سوريا من الشيعة أو من (المسيحيين)؟! أمن الخليج والعالم العربي كله في مأزق حقيقي لو نجحت العصابات الشيعية بالانتصار في سوريا وذبح المقاومة السورية الباسلة.
إن دول الخليج تعاني من مواجع شديدة بسبب مواطنيها الشيعة الذين يحتمون بإيران، وينفذون أعمال شغب مستمرة لزعزعة استقرار هذه الدول وإضعافها، لكي تخضع للإمبراطورية المجوسية الفارسية.لقد أزف الوقت للتوصل لحلول سلمية يمكن أن تحفظ دماء السوريين، بعد أن شعر الأسد ومن حوله بتخاذل الغرب وخصوصا أمريكا ورغبتها في بقائه بشكل أو آخر، وبدأ يعلن عن غروره وعتوه مجددا، رافضا الحلول السلمية ومؤكدا على رغبته في حسم عسكري مستعينا بالسلاح الروسي.
إلى متى تأتي خطوات العرب متأخرة، ويعضون أصابع الندم بعد كل سقوط لدولة هامة في أيدي الشيعة، كما حدث في العراق التي أصبحت شوكة في جنب أهل السنة؟! إن هزيمة سنة سوريا في هذه المعركة لن تعني سوى مذبحة مروعة لم يشهد التاريخ مثيلا لها، وستجعل العلويين ينفردون تماما وإلى سنوات طويلة بحكم سوريا دون معارضة أو مقاومة، متوسعين بتحالفهم الشيعي الذي سيكون الأكبر في المنطقة والأقوى، إن كمين (جنيف2) الذي تنصبه الولايات المتحدة وروسيا للمقاومة السورية، قد ينهي أملها في التخلص من الحكم العلوي، ويكرس التحالف الشيعي المسلح في المنطقة جهارا نهارا ويمنحه شرعية دولية.
خالد مصطفى