أخشى الوقوع في الفتنة!
وما حدود الإعجاب والحب الفطري أو الطبيعي؟ وما حكم الحب الذي يعتمد على استحسان الوجه أوالصورة؟ وهل له جانب طبيعي يمكن غض الطرف عنه؟
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا:
رعاكم الله عندي مرض أشكو منه وهو مرض الإعجاب؛ أجد نفسي دائماً أميل لمن أستحسن صورته، وقد أستحسن صورة شخص ليس وسيماً، ولكني استحسنت وجهه فأحبه.
كما أنني مدرس في مدرسة تحفيظ، وأجد نفس الشيء، أميل للطلاب ذوالوجوه الحسنة، بل وأحرص عليهم كثيرًا، وأفكر فيهم كثيراً قبل النوم، ولكني لا أظلم أحدًا من طلابي، وكذلك لا تصدر مني أي أفعال أو حركات كالملامسة أو ما شابهها وعمل ما لا ينبغي إطلاقاً، لكنني أعاني من هذه المشكلة منذ سنوات.
فأرجوكم شيخنا أن تساعدني على حل هذه المشكلة لأنها تقتلني كثيرًا، حتى أني في بعض الأحيان أظن أن الأمر شبه طبيعي، وإنما هوعندي زائد قليلًا. علماً أنه لا يعلم أحد بهذا المرض سواي لأنه لا يظهرعليَّ أعراضه فأنا أخفيها تمامًا، وأعاني من هذا الإشكال منذ سنوات، أعتقد أنه أكثر من 7 سنوات.
وما حدود الإعجاب والحب الفطري أو الطبيعي؟ وما حكم الحب الذي يعتمد على استحسان الوجه أوالصورة؟ وهل له جانب طبيعي يمكن غض الطرف عنه؟
أرجو منكم مساعدتي، وأرجوعدم تجاهل رسالتي فقد تواصلت مسبقاً مع بعضهم على المواقع ولم أتلقَ جوابًا منذ سنة، أرجو الإجابة رعاكم الله
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأسأل الله أن يرزقك طهارة القلب، وغض البصر، وإيجابية الخواطر والأفكار، وأن يجعل قلبك معلقا بالله ساجداً بين يدي مولاك. وأشكر لك حرصك على حل هذه المشكلة وهذا دليل على أنك لا ترضاها لنفسك، وأنك تأباها ديانة وخلقاً ومروءة.
وأقترح عليك عدة طرق تفعلها مجتمعة -إن استطعت- لعلها تنجيك من داء النظر بفضل الله وتوفيقه:
أولاً: غض بصرك؛ فإطلاقه سبب لما تعانيه، ودافع الخواطر والصور حتى تندفع وتزول من ذهنك. وغض البصر ليس أمراً صعباً، وتعويد النفس عليه ممكن؛ كأن تنشغل حين الدرس بمطالعة ورقة أو كتاب، ولا تصوب نظرك للطلاب، مع إشعارك لهم بمتابعة حديثهم. وعوِّد نفسك ترك فضول النظر فلا تلتفت من غير حاجة، ولا تمد عينيك لشيء لا يهمك أو لا يجوز النظر إليه ديانة أو مروءة.
ثانياً: اعتن بمشروع حياتي يناسبك ويشغلك، وليكن هذا المشروع مما تبرع فيه وتجد نفسك منصرفة إليه، كالمطالعة، والتعليم، والتأليف، والتجارة، والاحتساب، والعمل الخيري.
ثالثاً: أكثر من قراءة القرآن وحافظ على الأوراد، ولا تنم قبل أن تورد على نفسك أذكار النوم كاملة قدر المستطاع.
رابعاً: اشغل نفسك قبل النوم بتصفح كتاب سهل كالقصص والروايات المناسبة، وتفاعل ذهنياً مع ما تقرأه.
خامساً: بادر إلى الزواج، وانظر إلى المخطوبة حتى تجد فيها ما يعجبك وعن النظر المحرم يصرفك.
سادساً: ابحث عن مدرسة طلابها كبار، وتقع في حي لا يسكنه الأثرياء، ثم انتقل إليها، وإن لم تستطع فاحرص على تدريس الفصول التي يكون طلابها أكبر من غيرهم أوأقل حُسنا.
سابعاُ: ابتهل لربك في سجودك ووترك أن يعافيك من هذه العادة، وادع الله أن يقذف في قلبك نور الإيمان، ويذيقك حلاوة الطاعة ويؤنسك بقربه ومراضيه.
ثامناً: راغم عدو بني آدم -الشيطان نعوذ بالله منه- فهو يزين لك الصور، ويحبب لك النظر، ويهون عليك تكرار النظر، فراغمه بترك النظر، والاستغفار منه حال وقوعه مع الابتعاد عن مواطنه، وراغمه بترك التفكير في الصور وقطع الخواطر عنها، وراغمه بتكذيب تحسينها وتلطيفها، وتيقن أنه كم من قبيح وجهه حسن، وأن عين الرضا والإعجاب تخفي المساوئ، وأنك لو عاشرت بعض من استملحت لكرهت الحياة معه.
تاسعاً: وقر ربك في نفسك وهو يراك مشغولاً بصور بشرية معرضاً عن ملء قلبك بالعبادات القلبية التي هي أساس كل عمل صالح، فتفقد إخلاصك، وتعاهد حقيقة حبك لربك، ورضاك، ويقينك به سبحانه، واعلم أن عمران القلب بما يرضي الله من عبادات يطرد جيش الخواطر والوساوس.
وأختم جوابي لك بالتأكيد على أن هذا الأمر لا يقوى أحد على إنقاذك منه إلا أنت، فاعتصم بالله، واشغل نفسك بالخير والذكر والقراءة، وابتعد عن مجالسة صغار الفتيان والمردان من الشباب، ولن تجد بعدها بأسا.. والسلام عليكم.
- التصنيف:
- المصدر: