الدّعوة هي الحل

منذ 2013-06-19

الدّعوة هي الضّحية الأكبر من ولوج الإسلاميين -أو أغلبهم- عالم السّياسة وأنّ الدّعوة كذلك هي القادرة على رأبِ صدع التّشققات التي حدثت من جراءِ ذلك، وإليكم البيان...


حاولت عدة مراتٍ أن أبحث عن مقدمةٍ تروقٌ لهذا المقال الذّي قد يتصادمُ مع رؤى كثيرة لها وجاهاتها، ولأنّني لا أستطيع حشرجة الكلمات في صدري أو الأفكار في عقلي فقد اتخذتُ قراري أن أكتب هذا الطّرح آملاً منك أيها القارئ الكريم أن تُنحي الأشخاص والوجاهات جانباً وأن تفكرَ فيما تقرأه بعينٍ ناقدة تتلمس الصّواب فتقوم بتطبيقه وتلمح الخطأ فتسعى لإصلاحه.

إنّني أَدّعي في هذا المقال أنّ الدّعوة هي الضّحية الأكبر من ولوج الإسلاميين -أو أغلبهم- عالم السّياسة وأنّ الدّعوة كذلك هي القادرة على رأبِ صدع التّشققات التي حدثت من جراءِ ذلك، وإليكم البيان.


لقد تراجعت الدّعوة الإسلامية بعدَ ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى وقتنا هذا تراجعاً ملحوظاً لعدة أسباب:

أولاً: إنصرافُ كثيرٍ من شباب الصّحوة الإسلامية من العمل الدّعوي إلى العمل السّياسي الحزبي، وقد أثّر ذلك بلا أدنى شكّ على الدّعوة كثيراً وبشكلٍ مباشر.

ثانياً: التّشرذم الحزبي بين بعض أبناء التّيار الإسلامي والذّي بدا واضحاً لكلِ ذي عين في الإنتخابات البرلمانية الماضية وكذلك الجولة الأولى من إنتخابات الرئاسة، مما جعلَ طائفة من العوام يشكِّكون في حقيقة نياتِ هؤلاء القوم الذّين يتنافسون على المناصب، ممّا أدّى إلى اهتزاز الصّورة المشرقة للتّيار الإسلامي المتآخي التّي وإن لم تكن مثالية في عهدِ النّظام السّابق، لكنّها لم تكن يوماً بهذا العوار الذّي رآه الجميع.

ثالثاً: زجّ بعض الإسلاميين للدِّين في ألاعيبهم السّياسية، ولستُ أدّعي بذلك فصل الدِّين عن السّياسة كما قد يتصور البعض، لكنّه لم يعدْ من الخفي على كلِّ ملاحظٍ هذا التّوظيف المقزّز للدِّين -من البعض- لتحقيق المآرب السّياسية، والذّي أضرَ بلا شكّ بالدّعوةِ أكثرَ ممّا نفعها، في ظلِّ عدم تفريق أغلب العوام بين الإختلافات المنهجية داخل صفوف التّيار الإسلامي.

رابعاً: قلّة الإنفاق على الدّعوة، واقتطاع السّياسة لجزءٍ كبير ممّا كان يُبْذلُ لصالحِ الدّعوة من قبل -وربما أكثره- ولو أنفق الإسلاميون على الدّعوة ربع ما أنفقوه على السّياسة من مالٍ وجهدٍ وحلقاتٍ تليفزيونية ودوراتٍ تدريبية للسّاسة وكوادر الأحزاب لتغير حالُ المجتمع إلى الأفضل.

إنّني لا أطلب من الإسلاميين التّخلي عن مواقعهم السّياسية، أو الإرتداد على أعقابهم بعد تحقيقِ مكسبٍ ولو كان نسبياً في طريق السّياسة طالما أرادوا لأنفسهم هذا الطّريق منذ البداية، بل ومن الإنصاف تثمين الجهود التّي بذلها كثيرٌ من الإسلاميين في مواضع مختلفة، لكنّني فقط أخشى أن يظلّ أولائك القوم الذّين يقولون أنّ السّياسة هي واجبُ الوقت وأنّهم سيعودون للدّعوة والتّربية بعد انتهاء هذا الواجب؛ أخشى أن يظلّوا في دوّامة السّياسة تتقاذهم ما بين إنتخابات وإستفتاءات وتوسيعٍ للقواعد الشّعبية ونقاشات ومناظرات إذا هم لم يقفوا مع أنفسهم وقفة حاسمة لتدارك هذا الأمر.

وأخيراً..

الدّعوة هي أفضلُ الطّرق لترغيب النّاس في الشّريعة وليس المظاهرات.

الدّعوة هي أفضلُ الطّرق لردّ النّاس إلى طاعة الله وليس السّلطة.

الدّعوة هي أفضلُ الطّرق لإظهار أخلاق الإسلام وقيمه وليس السّياسة.

الدّعوة هي أفضلُ الطّرق لتربية جيل مسلمٍ قوي ينهضُ بالوطن وليس الأحزاب التّي تُعِّدُ كوادرها لتحقيقٍ فوزٍ سياسي.

الدّعوة هي أفضلُ الطّرق لتوحيد الصّف الإسلامي وليس التّحالفات الإنتخابية.

الدّعوة هي الحل.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

عاصم صفوت الشوادفي

كاتب و باحث شرعي

  • 9
  • 0
  • 1,459

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً