سوريا والدور المنوط بالعلماء
المؤتمر الذي شهدته القاهرة أمس الخميس وجمع نخبة من كبار العلماء أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أهمية دور العلماء في التصدي لقضايا الأمة المصيرية، وانتظار الجماهير لرأيهم لبيان ما قد يلتبس عليهم من أمور خصوصاً مع تزايد الاضطرابات، والتوترات في المنطقة ودخول مخططات جديدة موضع التنفيذ من أطراف كانت تختبئ وراء عناوين خادعة مثل "مقاومة الاحتلال".
المؤتمر الذي شهدته القاهرة أمس الخميس وجمع نخبة من كبار العلماء أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أهمية دور العلماء في التصدي لقضايا الأمة المصيرية، وانتظار الجماهير لرأيهم لبيان ما قد يلتبس عليهم من أمور خصوصاً مع تزايد الاضطرابات، والتوترات في المنطقة ودخول مخططات جديدة موضع التنفيذ من أطراف كانت تختبئ وراء عناوين خادعة مثل "مقاومة الاحتلال".
إن المؤتمر الذي نظمته جهات إسلامية عديدة وشارك فيه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين، ورابطة علماء أهل السنة، وعدد من كبار العلماء والدعاة من بينهم الدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ محمد العريفي، والشيخ الأمين الحاج، والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، جاء في وقت حرج تمر فيه سوريا بمنعطف حاد وحرج قد يغير من مستقبلها خلال عشرات السنين القادمة.
لقد كثر الكلام على وجوب الجهاد في سوريا وهل المقاومون يحتاجون أسلحة وعتاد فقط؟ أم يحتاجون أيضاً لأيدي مقاتلة؟
كما كثر الكلام عن الحكم في نظام بشار الأسد، والموقف من حزب الله وعقيدته، ومخططات إيران في المنطقة وكان من الواجب على العلماء أن يبيِّنوا ما خُفِيَ على الجماهير الغاضبة والمتسائلة عما يمكن أن تقوم به لنصرة إخوانهم.
إن الصيحات التي سمعناها أمس عندما بدأ الشيخ محمد حسان تلاوة البيان الختامي وأكد وجوب الجهاد في سوريا بالمال، والسلاح، والنفس ضد الاعتداء الرافضي على الشعب السني في سوريا كشفت عن مدى حاجة الشعوب لمن ينير لها الطريق في الأوقات الحالكة حتى وإن كانت قلوبهم، ومشاعرهم تقودهم إليه.
لقد كانت الدعوات التي أطلقها العلماء خلال المؤتمر جريئة، وحاسمة، وبعيدة عن أية توازنات لا يحتملها الموقف؛ فقد دعا الشيخ الحاج إلى تسيير قوافل لنصرة أهل سوريا، وأكد على أنها قضية الأمة كلها وليست قضية سوريا وحدها. كما أعلن الشيخ القرضاوي -رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- أن الحرب في سوريا هي حرب ضد الإسلام، وأن الجهاد فيها واجب، وأدان "حزب الشيطان الذي دخل سوريا علنًا جهارًا ليقتل أهل السنة بالقصير"، وطالب مجلس الأمن بإصدار موقف واضح من الثورة السورية. أما الدكتور صفوت حجازي -نائب رئيس رابطة علماء أهل السنة- فقد دعا إلى قافلة ثالثة للجهاد في سبيل الله هناك، مؤكداً أن نظام بشار الأسد "مجرم وكافر، خرج من الإسلام بمكفرات"، وأكد أن رابطة علماء أهل السنة سيكون لها السبق في تشكيل كتائب للجهاد على أرض سوريا، داعيًا جموع المسلمين لتشكيل هيئات لدعم سوريا بالسلاح والرصاص والمال، وطالب الشيخ العريفي الحكام العرب بالاتحاد والوقوف يداً واحدة ضد حزب الله وإيران والنظام السوري، ودعاهم لعدم الوقوف في وجه الشباب الذين يريدون الجهاد ضد نظام الأسد.
إن الموقف العربي كان يحتاج لدفعة من العلماء لكي يترجم لأفعال تستند إلى العقيدة والشريعة بشكل واضح؛ فالشعوب الإسلامية مهما انحرفت عن الطريق بسبب ظروف طارئة إلَّا أن نفوسها معلقة بدينها وعقيدتها دائماً، وتنتظر من يزيل الركام وينفض الغبار، ويوضح معالم الطريق. لم يكن مستغرباً أن نجد بعد هذه الصرخة التي أطلقها العلماء نجد تغيراً واضحاً في الموقف الغربي وعلى رأسه موقف الولايات المتحدة التي قرّرت بعد وقت طويل من التردد والابتزاز أن تسلِّح المعارضة السورية.
إن واشنطن خشيت من انتفاضة عربية شرسة تندفع إلى سوريا لمواجهة الهجمة الشيعية الشرسة وما سيُسبِّبه ذلك من إيقاظ شعور الأمة ويوحِّدها ضد أعدائها، لقد تركت أمريكا حزب الله، وإيران يعبثان في سوريا طِوال سنتين وعندما شعرت باتخاذ أهل السنة خطوة في الطريق الصحيح؛ أعلنت عن تدخلها وأشارت إلى إمكانية فرض حظر جوي أيضاً.
إنه درس عظيم يجب على الأمة الإسلامية أن تتعلمه؛ وهو أن قوتها وسعيها وراء حقوقها هو الذي سيُجبِر الآخرين على احترامها والوقوف بجانبها، أما تسوُّل الحقوق فسيُؤدي إلى ضياعها وزوال هيبتها.
خالد مصطفى
- التصنيف:
- المصدر: