الدعوة في رمضان
وفي رمضان تهيج مشاعر الدعاة وتنطلق ألسنتهم وتجود أقلامهم وترحب بهم المنابر لسماع دعوتهم وكلامهم، فهل من داعية يجود بالعلم في هذا الشهر لينفع الله به؟؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وآله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالدعوة الإسلامية مهمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ما من نبي إلا قام داعية ومعلمًا كلهم يقول: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: من الآية:59-65-73-85].
ويقول الداعية منهم لقومه: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [الشعراء الآية:109،127].
يقول عز من قائل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: من الآية: 125]، ويقول تبارك اسمه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
والبصيرة: هي العلم النافع والعمل الصالح، ويقول تعالى: {مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]. الدعوة إلى الله لها آداب خمسة مع خمس وسائل وخمس نتائج.
أما آدابها الخمسة فهي:
أولًا: الإخلاص لله والصدق مع الله وطلب ما عند الله تعالى، يقول تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]، وقد أخبر المعصوم عليه الصلاة والسلام أن « ». وهو (حديث صحيح).
ثانيًا: العمل ?ما يدعو إليه: فإن مخالفة الفعل للقول فضيحة وعار، قال سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44].
يقول الشاعر:
تصف الدواء لذي السقام وذي *** الضنا كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ثالثًا: اللين في تبليغ الدعوة: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}. [طـه: 44]، ويقول سبحانه: {بِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: « ».
رابعًا: التدرج في الدعوة والبدء بالأهم فالمهم، كما فعل عليه الصلاة والسلام في دعوته للناس، وكما قال لمعاذ رضي الله عنه لما أرسله إلى اليمن فقال: «إ ». الحديث (متفق عليه).
خامسًا: مخاطبة كل قوم بما يناسبهم وما يحتاجونه: فلأهل المدن خطاب، ولأهل القرى خطاب، ولأهل البوادي خطاب، وللمتعلم مقام وللجاهل مقام، وللمجادل أسلوب وللمذعن أسلوب، {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: آية 269].
ووسائل الدعوة خمس:
أولها: الدعوة الفردية، وهي مخاطبة المدعو منفردًا عن الناس إذا كانت المسألة تخصه.
ثانيها: الدعوة العامة في هيئة محاضرة، أو موعظة وهي تنفع العامة وجمهور المسلمين.
ثالثها: الدرس الخاص بطلبة العلم كل في فنه، وهذه مهمة العلماء القائمين بفنونهم.
رابعها: الدعوة بالمكاتبة والمراسلة والتآلف والهدايا وتقديم النفع للمدعو.
خامسها: الدعوة بالوسائل الحديثة الإعلامية واستغلالها في رفع كلمة الحق.
وأما نتائجها فخمس:
أولها: إحراز منصب وراثة الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام، فهم الدعاة الأوائل والمنائر السامقة في عالم الدعوة.
ثانيها: استغفار المخلوقات لمعلم الناس الخير حتى الحيتان في البحر كما صح به الحديث.
ثالثها: كسب أجور عظيمة بقدر أجور المدعوين، فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: « ».
رابعها: انتقال الداعية من منزلة المدعو إلى منزلة الداعي، فيؤثر في غيره ولا يتأثر بغيره من دعاة السوء.
خامسها: إمامته في الناس والإقتداء به، فإن الله عز وجل وصف الصالحين وذكر أنهم يدعون ويقولون {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:من الآية 74].
وفي رمضان تهيج مشاعر الدعاة وتنطلق ألسنتهم وتجود أقلامهم وترحب بهم المنابر لسماع دعوتهم وكلامهم، فهل من داعية يجود بالعلم في هذا الشهر لينفع الله به؟؟
اللهم زدنا علمًا نافعًا، وعملًا صالحًا، وفقهًا في الدين.
- التصنيف: