اعترافات ضحيه
ملفات متنوعة
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
سميرة
أمين
قرائي الأفاضل وقارئاتي..
تأبى أعاصير الأحزان إلا وأن تهب وتعصف تاركة جراحاً في القلب
وآلاماً. ومع ذلك، هذه الأحزان ربما تكون بمثابة الماء الذي يُرش على
وجوهنا لنفيق من سبات عميق وأحلام مستحيلة، غارقين في بحر الأوهام،
فنعيد التفكير ونحاسب أنفسنا ونتوب ونذرف دموع الندم قبل فوات الأوان.
ولعل هذه القصة الواقعية تترجم بعض ما أردت البوح به، و التي بعثت بها
أحدى الأخوات عبر البريد الالكتروني..
إليكم ابعث قصتي هذه والتي اكتبها بمداد من أدمعي وآهات من قلبي
الجريح، اكتبها لتأخذوا منها العبرة والعظة ولتكون صرخة مني توقظكم من
غفلتكم حتى لا تدفع بنات جنسي غالي الثمن كما دفعته وسأظل أدفعه إلى
ان يفرج الله عني ويرحمني. كنت في أوج جمالي وجاذبيتي وأنوثتي، وكأن
الله لم يخلق غيري! أمرح وأفرح وتتعالى ضحكاتي ويزداد غروري وإعجابي
بنفسي كلما لمحت نظرات الإعجاب ممن حولي. أصبح كل اهتمامي منصب على
جمالي وأناقتي وحرصي على ان أفوز بأكبر قدر من الإعجاب
والثناء.
أهملت
في صلاتي وتهاونت بها؛ كنت احرص كل الحرص على متابعة وشراء كل ما ينزل
إلى الأسواق من أشرطة الأغاني التي تأسرني كلماتها وبراعة تصويرها
فيما يسمى بالفيديو كليب -الذي تتنافس القنوات في عرضه- فأحلق بعيداً
بعيداً عن أرض الواقع، أحلّق في سماء الأوهام والسعادة الزائفة.. نعم،
زائفة! عندما تكون بعيدة عن طاعة الله ومرضاته.. أحلّق وأرتفع بأفكاري
وأحلامي مع كل كلمة من كلمات الأغاني، وكأنها تخاطبني وتخاطب ما وهبني
الله من جمال.. لم أكن أتوقع ان يأتي ذلك اليوم الذي أدفع فيه ثمن ذلك
الجمال حسرات وآهاااات..
غرفتي جدرانها مليئة بصور المغنين والمغنيات، فكانوا للأسف مثَلي
الأعلى، تهتز أركانها بأصواتهم، فلا اهتم لنداء المؤذن للصلاة، فهل من
المعقول أن أصبر عنهم وأضيع دقائق من وقتي للأذان؟؟ مستحيل!
زاد حرصي على إظهار جمالي ومفاتني وأنوثتي فأتمادى، يشجعني دلال
والديّ المفرط وأسابق صديقاتي في شراء أحدث الموديلات للعباءة، ولا
انتقي إلا ما هو جذّاب وملفت للانظار.
أما عن الملابس، فبالطبع لم يفتني أن يكون لي قدم السبق في التفنن في اختيار كل ما يقع عليه بصري، أراقب عروض الأزياء في الفضائيات، وتبهرني موديلاتها العارية، فهذا فستان عاري من الصدر، وآخر قصير إلى الركبة، وآخر عاري من الظهر.. وهكذا تتنوع الموديلات فأحضر الأفراح التي كانت تحييها المغنيات بمصاحبة الموسيقى، فارقص مع أنغامها في زهو وفرح. كنت كلما لمحت نظرات الإعجاب في أعين النساء أتمادى في التعري، واقتناء وخياطة الملابس العارية مهما كانت أسعارها، لا يهم!!
امتلأت خزانة ملابسي بأشكال وألوان من الملابس العارية، زيّن لي
الشيطان أنني في القمّة مع أنني أوشك على
الهاوية..
ما أكثر الأيام التي قضيتها في لجج المعاصي والآثام. رسخت في ذهني
ومثيلاتي من الفتيات أنه لا يمكن أن يظهر جمالي وأنوثتي إلا بالعريّ
حتى سقطت في الهاوية..
نعم.. سقطت وأصابتني نظرات الإعجاب الخالية من ذكر الله، أصابتني
كسهام اخترقت جسدي الأعزل من حصن الأذكار والطاعات لجبار الأرض
والسماوات، مزّقت أشلاء قلبي الخالي من شرايين وأوردة تنبض بالقران،
نظرات إعجاب وحسد وغيرة كنت أقابلها بتحدي وقوة مستمدة من غرور وعزة
بالإثم وكبرياء..
حتى أُصبت فخارت قواي، وسقطت كزهرة ذابلة أسيرة المرض والأحزان، أتنقل من شيخ إلى آخر يعالجونني بالقرآن، هذا يشخص حالتي بأنها عين وآخر حسد وآخر مس من جني عاشق -عافاكم الله- أصبحت اكتوي بنيران الحسرة وتعذيب الضمير.
قالت لي نفسي اللوّامة: الآن تبحثين عن العلاج بالرقية الشرعية بآيات
القران، الذي كنت معرضة عنه وهاجرة له؟؟ فأجبتها والألم الكامن تفضحه
أنّاتي وزفراتي: نعم الآن، وقد وقعت أسيرة المرض، عرفت خطئي وإسرافي
على نفسي، فكنت كما قال الشاعر:
تلفت
يمنة ويسرة، فلم أجد صديقاتي اللاتي كن يشجعنني على ما أنا عليه من
تخبط.. تغيرت نظرات الإعجاب والانبهار إلى نظرات شفقة وعطف، وفي بعض
الأحيان شماتة على من كنت أتكبّر وأتفاخر عليهم.. في اليوم الذي كانت
كل امرأة تراني تتمناني عروساً لابنها أو أخيها أو قريبها.. أما
اليوم، فلا أجد ولا واحدة منهن، ولا من أولئك الشباب الذين كانوا
يتهافتون على والدي يخطبونني منه، فمن يريد أن يتزوج بمريضة
مثلي؟؟
ما عادت لدنياي قيمة ولا بهجة!
ذرفت دموعاً علها تطفئ نيران قلبي الموجوع بألم الندم على ما ارتكبته
من معاصي وتفريط، أمتار من قماش لفستان عاري يظهر مفاتني كلفني ثمنا
باهظا، ومرضاً منهكاً ذاب به جمالي، واسودّت الدنيا في عيني، فما عدت
أرغب في الحياة. اسمع آيات الله أرقى بها ترتعش مفاصلي، وألهج بالدعاء
لربي أن يرحمني ويغفر لي:
ربــاه إن لـم تعفُ عن ذنبي فكيف سأستريح
ويلوح
لي أمل جديد حين بشّرني أحد المعالجين بالقرآن، شيخ يضيء وجهه بنور
الإيمان، أن شفائي قريب بإذن الله.. فيالرحمة ربي أليس هو القائل
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان}..
عزمت على التوبة، وحمدت ربي أن أصابني حتى يكون تكفيراً لذنوبي،
فهذا أهون من عذاب
الآخرة..
وفي الختام، هذه قصتي بين أيديكم ونداء أبعث به إلى كل فتاة سمعت
الأغاني وارتدت الفستان العاري والعباءة المزركشة والمخصّرة والشفافة،
أقول لها اتقِ الله ولا تغرنّك الحياة الفانية، فما عند الله خير
وأبقى وسارعي للتوبة..
وبعد أحبتي في الله، كانت هذه القصة التي صغتها على لسان صاحبتها،
مرحبة بتعقيباتكم وتواصلكم.
وجزاكم الله خير الجزاء.