مبادئنا خطر أحمر
تأكد أخي الشاب، إن أخطر ما يهدِّد القيَم ويزعزِع بنيَانَها القدواتُ السيّئة، الذين يفتَقِد الواحد منهم إلى التحلّي بأبجديّات الآداب والأخلاق الإسلاميّة، هذه القدواتُ السيّئة تعمل على خَلخَلة القِيَم وتشكّلُ نفوسًا فارغة من القِيَم سابحةً في الضِّيق..
- التصنيفات: قضايا الشباب -
من أين نستمد قيمتنا؟ سؤال مهم ينبغي أن يطرحه الشباب على أنفسهم، من أين يستمدون قيمتهم؟ هل تستمد القيمة من نوع السيارة؟ هل تستمد القيمة من فخامة العقار؟ هل تستمد القيمة من كرسي الوظيفة؟ هل تستمد القيمة من اسم العائلة الرنان؟
إن الإسلام جاء ليقر العديد من القيم والمبادئ العظيمة السامقة، التي أضاءت نفوس الخلق وأضاءت الدنيا والحياة عليها كذلك، والاستسلام لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يجعلنا أصحاب مبادئ وقيم، ومن هنا نستمد قيمتنا الحقيقية في هذه الحياة. فقيمتك أيها الشاب، تستمدها من التمسك بالمبادئ والقيم العظيمة التي رباك عليها الإسلام، وعلى قدر ارتوائك من هذه القيم تكون قيمتك في الحياة.
قيمنا وتيارات التغريب
إن الشاب الذي يقف اليوم ليتمسك بقيمه ومبادئه المستمدة من دينه، ليدرك تمامًا أن هناك قيم أخرى ومبادئ أخرى تتدفق على عالمنا العربي والإسلامي منذ سنوات عدة تريد أن تغزو مبادئنا وقيمنا، إن الشباب المسلم ليعلم أن كثيرًا من هذه التيارات تفد إلينا [من ثقافات ومن أمم لا تدين بما ندين به، كما أن العولمة التي تنشر أشرعتها في كل مكان من الأرض، تعمل على دفع الناس نحو البحث عن مصالحهم المادية بعيدًا عما تقتضيه القيم والتعليمات الإسلامية السامية، وهذا كله يشكل تحديًا كبيرًا لنا جميعًا. كلما كبرتم وتفتح وعيكم على الحياة وجدتم أنكم أكثر عرضة للمساومة من قبل أشخاص كثيرين لا يرجون الله واليوم الآخر: مساومة على المبدأ وعلى الضمير والمروءة والكرامة، وينبغي أن تكونوا مستعدين للمقاومة. ستجدون كثيرين من حولكم يخضعون للإغراء، ويخبطون في الحرام خبطًا، وليس هؤلاء بأكرم الناس ولا أسعد الناس، ولا ينبغي للمرء أن يتأثر بكثرتهم، فهم عند الله ضئيلون، لا وزن لهم ولا قيمة، ورحم الله القائل: "لا تستوحش من طريق الحق لقلة السالكين فيه، ولا تغتر بطريق الباطل لكثرة الهالكين فيه"] (إلى أبنائي وبناتي 50 شمعة لإضاءة دروبكم، د. عبد الكريم بكار، ص: 51).
ستجدون الكثير من المبهورين بالغرب بكل ما فيه، بل يحاول الغرب أن يذيب المجتمعات في قيمه ومبادئه، [وإذا ذاب المجتمع في الآخرين أصبح قلبه وعقله معلَّقا بأمة أخرى وهذا تلحظه في الذين صارت لهم رغبات في الاتجاه للحياة الغربية؛ كأمثلة منهم من لا يحب أن يرجع ليعيش في وطنه وفي بلده لأنه رأى من القيم انسلخ منها، واليوم يشكو لنا المسلمون في أوربا وفي أمريكا الشمالية والجنوبية يشكون من ذوبان الجيل الثاني والثالث والرابع، من ذوبان هذه الأجيال في الأمم التي عاشوا فيها. بل تصل لنا تقارير بشكل أو بآخر من تلك الدول أنها تقول: أن الدول إننا لم نستضف هؤلاء الناس وهؤلاء الفئات من العرب والمسلمين إلا ليذوب أبناؤهم في المجتمعات الغربية ويؤثروا على الإنتاج وعلى المصنع ويخدموا العمل، وأما إن كانوا سيبقون متمسكين بالمبادئ الإسلامية والعقيدة والقيم فإنه حينئذ لم يتحقق الغرض من وجودهم في ذلك البلد] (تعميق الصلة بين الشباب والقيم الإسلامية، صالح بن عبد العزيز).
إشارات على الطريق
إن فهمنا لسنن الله تبارك وتعالى في كونه يجعل لنا فرقانًا نفرق به الحق والباطل بين الصواب وغير الصواب، ومن فهم سنن الله تبارك وتعالى يأتي فهم حقيقة هذه الحياة، وأنها بالنسبة لنا أيها الشباب، دار ابتلاء واختبار، فماذا يعني ذلك؟ يعني أننا كشباب ينبغي أن نقتنع تمامًا بعدم إمكانية الحصول على كل شيء ونيل كل ما نريد، ومن ثم فإن أحدنا لن يستطيع تحقيق جميع مصالحه ونيل جميع مشتهياته إلى الحد الأقصى مع التمسك التام بمبادئه وقيمه.
إن الكثير من الشباب يجد نفسه في لحظات كثيرة مضطرًا إلى التنازل عن شيء من مبادئه وقيمه، فماذا يفعل إذًا. هنا تتجلى أمامه حقيقة هذه الدنيا وحقيقة الابتلاء، وأن قيمه ومبادئه التي رسخها دينه بداخله ينبغي أن تعلو وترتفع، فينتصر المبدأ وينحاز للحق، فحتى لو فاتت عنه بعض المصالح والمشتهيات لكنه يعيش كريمًا عزيزًا ويموت كذلك، ولا ننسى في ذلك القاعدة التي بينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: «من ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه» (صححه الألباني).
ولكن البعض يسأل، هل معنى ذلك أن نتخلى عن مصالحنا وكثير من تعاملاتنا؟ هل معنى ذلك أن نعتزل كثيرًا من أمور الحياة؟ وكيف أحصل المال ومعظم التعاملات تدفعك إلى التخلي عن كثير من المبادئ والقيم، بل وهناك أناس جل تعاملاتهم بعيدًا عن القيم والمبادئ؟ ولكل ما سبق تجدر بنا الإشارة إلى توصيات سريعة ونصائح سريعة تلخص لك الإجابة عن الأسئلة السابقة:
الأمر الأول: أيها الشباب.. أظهروا براعتكم الشخصية في تحقيق مصالحكم في إطار مبادئكم وأخلاقكم الإسلامية، فهذا هو التحدي الكبير.
الأمر الثاني: أيها الشباب.. عودوا أنفسكم التنازل عن بعض الأشياء المادية في سبيل البقاء على المنهج القويم.
الأمر الثالث: أيها الشباب.. المال ليس كل شيء في هذه الحياة، ويجب أن نثبت لجميع الناس أن في حياتنا أشياء عزيزة غير قابلة للمساومة أو البيع أو التنازل؛ والله يثبتنا على الحق وإياكم.
وأخيرًا: تأكد أخي الشاب، إن أخطر ما يهدِّد القيَم ويزعزِع بنيَانَها القدواتُ السيّئة، الذين يفتَقِد الواحد منهم إلى التحلّي بأبجديّات الآداب والأخلاق الإسلاميّة، هذه القدواتُ السيّئة تعمل على خَلخَلة القِيَم وتشكّلُ نفوسًا فارغة من القِيَم سابحةً في الضِّيق، ونحن ننأى بك أن تكون قدوة سيئة؛ بل نستبشر بك أن تكون قدوة جديدة صالحة في مجتمعك المسلم، ترفع راية المبادئ والقيم الإسلامية لتضيء بها دروب الناس.
محمد السيد عبد الرازق
مفكرة الإسلام