رمضان المظلومين !
ستنتصر دمشق ، وستتحرر فلسطين ، وستعود بورما ، وستجفف القاهرة أدمعها الغالية ، - إن شاء الله - ، إن الحلم بسيط تحقيقه على صاحب القدرة المتعال ، والروح ستبقى ، مهما انتزعت جوارحها ، سيبقى قرآن الفجر غير قابل للسرقة ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - النهي عن البدع والمنكرات -
ما أصعب ان يسرق الظلم فرحة كانت بكل عام تزيح همومنا ، أن ينسينا الظلم طعم تمرات الفطور ، ورائحة الخبز الطازج على مائدة السحور ، أن يشعرنا الظلم باستحاله تحقيق أحلامنا الصغيره .. حينما نراه يبني مستعمراته على فتات الدموع المظلومة .. ولا نستطيع إيقافه !
في دمشق الحرة ، في فلسطين الابية ، في بورما ، كشمير ، الإيجور .. وغيرها ... وأخيرا في مصر المحروسة ، تسقط الدمعات ، وتنزف الجراحات ، ويستحيل طعم الفطور والسحور علقما مرا في حلق الأمهات الثكالى والأسر الفاقدة عائلها والايتام الفاقدين آباءهم ... ترتعد شفاههم ساعة الفطور بتمتمات دعاء من المظلومين الضعفاء ..
انها تمتمات من الشفاه الظماى ، عندما يختلط الظمأ بالدموع ، ويغشي أملنا الصغير وشاح السواد ، ان تستيقظ على اخبار مؤلمة ، كل يوم على فقدان شهيد ، على تيتيم وليد ، على سارق وجلاد .. وكانهم لصوص الحياة .
إن من فرض علينا صوم رمضان هو من حرم الظلم في الأرض وتوعد صاحبه "ألا لعنة الله على الظالمين" ، فسبحان ملك الملوك من وصف نفسه بالعدل ، فانهمرت دموع عباده من خشيته وحبه ساجدين وراكعين وآمنين بكل مرة يقرؤون "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون"
فإلى كل مظلوم في رمضان ، إلى كل من سرقت فرحته ، وبللت دموعه سطح أحلامه الصغيره ، إلى كل من سرقت منهم آمالهم فباتوا بحسرتهم بين جدران الفكرالأسيرة ..
إن الظلم ليس وحده هو المصيبة بل إن السكوت عليه مصيبة تكاد أن تفوقه شدة ، إذ بها يزداد وينتشر ويقوى ، والرضا به مهما اشتد لهي الكارثه الكبرى ، فمن رضى به فقد ظلم نفسه ..
مخطئون ولاشك هم من يدفعهم شعورهم بالظلم في رمضان إلى السخط وإلى الفتور في العبادات ، فلو أنهم دعوا الله مخلصين لاستجاب لهم فدعوة المظلوم سهم لا يرد ، فإن الله ولي الذين آمنوا وناصر المستضعفين في الأرض وجاعلهم أعزة ، ومن ظلم نفسه فلا يلم إلا نفسه " وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "
على جانب آخر فإن هناك عبادة أخرى في ذلك العام قد تجددت مقتضياتها ، شاقة هي بعض الشيء .. لكنها عظيمة الأجر والثواب ، ألا وهي رد الظلم والوقوف له بالمرصاد وقول كلمة الحق في وجه كل جائر .
عندما يسرقون من رمضان كل معانيه .. فرحته ، لمته للشمل وللأهل ، زينته التي اعتدنا أن نراها في الشوارع وعلى المنازل ، انغامه التي دائما ما تذكرنا بذكريات لا تنسى ، عندما يسرقون منه حرمته للدماء .. وحرمته للفتنه ، ويذرون المظلومين في رمضان فاقدي رمضان حياري ..
حدثني عن صديق لا يدري أيذهب ليهنئ صديقه برمضان أم يذهب ليعزيه في استشهاد ابنه مدافعا عن الحق ، عن رحمة سرقت من بين قلوب الناس ..
إن رمضان دائما لا يأتي إلا بخير ، يكشف الغم ، ويجلب النصر ، هكذا كتب له التاريخ ذكريات وانتصارات جاءت بقدومه ، إلا انه دوما ما صاحبها الابتلاءات الشديدة ، فالقيد ابتلاء والظلم ابتلاء والفتنه ابتلاء .. وإن النصر آت لا ريب ، وعد ، والله لا يخلف الله وعده ..
قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : " يوم المظلوم على الظالم اشد من يوم الظالم على المظلوم " ، فابشروا بنصر الله أيها الصامدون ، وامسحوا بقايا دموعكم ، قوموا لله متضرعين ، سجدا وركعا ، رب رمضان ورب الناس وهو الذي أضحك وأبكي ..
ستنتصر دمشق ، وستتحرر فلسطين ، وستعود بورما ، وستجفف القاهرة أدمعها الغالية ، - إن شاء الله - ، إن الحلم بسيط تحقيقه على صاحب القدرة المتعال ، والروح ستبقى ، مهما انتزعت جوارحها ، سيبقى قرآن الفجر غير قابل للسرقة ، وتبقى مآذن الجوامع ترفع شعار العدل والتوحيد ، سيبقى الصوم صبرا ، ويبقى آذان المغرب تدريبا على موعد النصر وفرحته كل يوم ..
هشام خالد - 27/9/1434 هـ