التمسك بالسنة
الخير كله في اتباع هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واقتفاء آثاره في أقواله وأفعاله، والتمسك بسنته فإنها النجاة والعصمة، والحذر الحذر أن تقدم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام أحد من الناس كائنا من كان، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "نحن قوم نتبع ولا نبتدع ونقتدي ولا نبتدي ولن نضل ما إن تمسكنا بالأثر".
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - تزكية النفس -
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الخير كله في التمسك بأصلين، الأصل الأول: كتاب الله، والثاني: سنة رسول الله، فمن تمسك بهما وقي من الضلالة، وفاز وأفلح في الدنيا والآخرة، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم: « ». والسنة بمنزلة الكتاب في الحجة؛ لأنه وحي من الله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3-4].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه البخاري ومسلم).
والتمسك بسنة رسول الله سبب من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ». قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: « » (رواه البخاري).
وطاعته صلى الله عليه وسلم تعني التمسك بسنته ظاهراً وباطناً، قولاً وعملاً واعتقاداً، فمن فعل ذلك فهو من أهل الجنة بإذن الله، يقول المناوي: "فعلامة الفوز بالجنة التمسك بالسنة" [1].
فالخير كله في اتباع هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واقتفاء آثاره في أقواله وأفعاله، والتمسك بسنته فإنها النجاة والعصمة، والحذر الحذر أن تقدم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام أحد من الناس كائنا من كان، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "نحن قوم نتبع ولا نبتدع ونقتدي ولا نبتدي ولن نضل ما إن تمسكنا بالأثر" [2]. وقال الأوزاعي رحمه الله: "عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول" [3].
بل إن المتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ينتفع الناس بعلمه وعمله في حياته وبعد موته؛ وصاحب الهوى مقطوع العمل ليس لعمله ولا علمه دوام ولا بركة، وهذا مصداق قول الله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر:3].
{شانئك} مبغضك، {الأبتر} المقطوع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكل من شنأ شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كان له نصيب من هذه الآية؛ حتى قيل لأبي بكر بن عياش: إن هاهنا في المسجد أقواما يجلسون للناس. فقال: "من جلس للناس جلس الناس إليه ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم؛ وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم" [4]. فتأمل -أخي- هذا الكلام الذي يكسوه نور النبوة.
كما أن اتباع السنة، والتمسك بها منجاة غدا بين يدي الله تعالى، وسبب لورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وحصول الشفاعة بعد رحمة الله تعالى وإذنه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وتأمل قوله تعالى لنبيه: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} [الأنفال:33].
كيف يفهم منه أنه إذا كان وجود بدنه وذاته فيهم دفع عنهم العذاب وهم أعداؤه؛ فكيف وجود سره والإيمان به ومحبته ووجود ما جاء به إذا كان في قوم أو كان في شخص؟ أفليس دفعه العذاب عنهم بطريق الأولى والأحرى؟" [5].
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته، والتمسك بسنة نبيه قولاً وعملاً؛ وأن يرزقنا شفاعته، وورود حوضه. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- (فيض القدير شرح الجامع الصغير [6/108]). لعبد الرؤوف المناوي. الناشر: المكتبة التجارية الكبرى – مصر. الطبعة الأولى [1356هـ]. ومع الكتاب: تعليقات يسيرة لماجد الحموي.
2- (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة [1/86]). لللالكائي. الناشر: دار طيبة - الرياض [1402]. تحقيق : د. أحمد سعد حمدان.
3-( لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد [51]). لابن قدامة المقدسي. الناشر: الدار السلفية – الكويت. الطبعة الأولى [1406]. تحقيق: بدر بن عبد الله البدر
4- (مجموع الفتاوى [28/38]).
5- (إعلام الموقعين عن رب العالمين [1/226]). الناشر: دار الجيل – بيروت [1973]. تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد.