الرد القويم على ضلالات الأغمار الظالمين
انتشرت شبهات بعض أرؤس الضلال السفهاء المضلين تروم تشبيه الأطهار الساعين لإقامة دولة الحق والدين بالطائفة الحرورية الخارجة المارقة على رابع الخلفاء الراشدين!
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
انتشرت شبهات بعض أرؤس الضلال السفهاء المضلين تروم تشبيه الأطهار الساعين لإقامة دولة الحق والدين بالطائفة الحرورية الخارجة المارقة على رابع الخلفاء الراشدين!
وتجعل فض اعتصام رابعة والنهضة بالقوة الغاشمة وسفك الدماء بمثابة قتال علي بن أبي طالب للحرورية، وينبني على ذلك أن من قَتَل له أجر وهو صاحب الحق ومن قُتل استحق القتل!! وأن عليه في المطالبة بالحق وزر!
شاهت وجوه الساقطين عبُّاد البيادة أحلاس السلاطين!
وأشهد الله أن صاحب هذا الكلام عليل سفيه، وأسأله سبحانه بأنه القوي العزيز أن يحشرهم مع الجبابرة الذين تولوهم ونصروهم، وألبسوا ظلمهم لباس الدين فإنما شُبّه العالم الضال المضل باليهود الضالين المضلين الذين قال الله فيهم: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:42] فما ارتدعوا ولا انزجروا وهم كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ألا بعدًا للقوم الظالمين!
وأعجب أن هذا الساقط لم يكلف نفسه ولا عناء المساواة بين الظالم والمظلوم باعتزال الحدث بالكامل والصمت الشامل، ولم يكلفوا أنفسهم ولو محاولة التماس العذر لإخوانهم وتنزيل معتصمي رابعة والنهضة منزلة فئة الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه كما أنزلوا الجبابرة منزلة رابع الخلفاء الراشدين علي ابن أبي طالب! معتبرًا أنهم أصحاب تأويل فيجعلهم ولو بمنزلة الفئة الباغية ويترحم على الجميع ويسأل الله لهم الأجر أو الأجرين!
وإنما ذُهل الظالم عن ذلك فضلًا عن قول الحق لأنه منتكس الفطرة قد وطن نفسه على موالاة الظالمين حتى صار ذلك له ديدن وركن إليهم حتى صار هو منهم وهم منه، وحمل نفسه الظالمة الآثمة على معاداة المظلومين المستضعفين.
ولو صدق الله ورام الحق لعلم أن معتصمي رابعة والنهضة هم أصحاب الحق ومن عاداهم هم الأولى بوصف البغي التي قال الله عن فئتها: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّـهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات من الآية:9] فإن الأمر أبلج من النهار لكل ذي عينين ومن يتابع الفريقين وينظر إلى صنف مؤيدي كل منهما من أهل الصلاح وأهل الفساد المبين يدرك تمامًا من الأحق بوصف أهل الحمق ومن الأحق بوصف أهل الحق!
فإن كان فعل لكان قد نصح نفسه على أقل تقدير، ولسعى بُعَيدها في الصدع بالحق في وجه جبابرة الأرض يدعوهم للعودة إلى الله والفيء إلى حكمه والخضوع لأمره، ولكن أبى إلا أن يعرض نفسه لبغضاء الله فإنه سبحانه يحب المقسطين ويرضى عن أهل العدل والدين ويبغض المرجفين المنافقين الظالمين الذين يوالون أعداء الملة والدين!
هذا وأهل الحق لما يقاتلوا إنما هم فقط يصدعون بكلمة الحق في وجه الظالمين وبصدعهم تهتز عروش الكفر والظلم المبين.
وجاء في صحيح مسلم: «ما مِن نبيٍّ بعَثه اللهُ في أُمَّةٍ قَبلي، إلا كان له مِن أُمَّتِه حَوارِيُّونَ وأصحابٌ. يأخُذونَ بسُنَّتِه ويقتَدونَ بأمرِه. ثم إنها تَخلُفُ مِن بعدِهم خُلوفٌ. يقولونَ ما لا يَفعَلون. ويَفعَلونَ ما لا يؤمَرونَ. فمَن جاهَدهم بيدِه فهو مؤمنٌ ومَن جاهَدهم بلسانِه فهو مؤمنٌ ومَن جاهَدهم بقلبِه فهو مؤمنٌ. وليس وراءَ ذلك منَ الإيمانِ حَبةُ خردلٍ».
وفي صحيح مسلم أيضًا في كتاب الإمارة باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع: «إنه يُسْتَعْملُ عليكُم أمراءُ. فتَعْرِفونَ وتُنْكِرونَ. فمن كرهَ فقد برئ. ومن أنكرَ فقد سلمَ. ولكن من رضىَ وتابعَ»، قالوا: "يا رسولَ اللهِ ألا نقاتلهم؟" قال: «لا. ما صلّوا».
فما بال هؤلاء يوالون ويرضون ويتابعون الأمراء الذين لا نعرف منهم ولا نفتأ كل لحظة نستنكر، ألم ير الأعمى كيف خذلوا الشرع وحاربوه ووالوا أعداء الدين ألا ترى كيف والوا اليهود ضد إخواننا المسلمين في غزة؟ ووالوا نصيرية سوريا ضد السنة المستضعفة حتى منعوا النساء والأطفال من دخول بلادنا المسلمة! ألا ترى عيناك وتسمع أذناك ويعي قلبك؟؟ نعوذ بالله من الخذلان.
وتعسًا لهم وسحقًا يقارنون بين جبابرة زماننا وبين علي بن أبي طالب الذي وافق الشرع إجمالًا وتفصيلًا ومرقت الحرورية ظلمًا وبغيًا وعدوانًا عليه وهو من هو، وكانت خلافته رضي الله عنه خلافة نبوة وأما زماننا فزمان الملك الجبري قد اقتحم أصحابه الأهواء وانتهكوا الحدود واستحلوا الحرمات جملة وتفصيلًا كما جاء في الحديث: «تكونُ النُّبُوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ خلافةٌ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ مُلْكًا عاضًّا، فتكونُ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فيكونُ ما شاء اللهُ أن يكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ» ثم سكت (حسن حسنه الألباني).
فكيف بهم إذا لقوا الله يوم القيامة وهم يوالون الجبابرة ولا يرضون ولا وصفهم بالبغي ووالله إنهم أحق بوصف أشد من وصف البغي قاتلهم الله وقاتل من والاهم ولو بشطر كلمة.
وإن تعجب فعجب لهم يزعمون اعتزال الفتنة ثم لا تخرج علينا أصواتهم المنكرة كصوت الحمير إلا باستحلال قتل المسلمين المنكرين للظلم والعدوان الساعين في طلب إقامة خلافة النبوة التي بشر النبي صلى الله عليه وسلم بها، فإياك أن تركن إلى من كان أداة في يد الظالمين وآلة تبرير لإذلال المسلمين وقهرهم وقتلهم بأبشع الصور، فتعسًا لهؤلاء القوم تعسًا لهم، ألا بعدًا للقوم الظالمين!
فأين أيها البطّال خوارج زمان الخلافة الراشدة من طالبي الحق ومنكري الباطل في زماننا؟؟
وأين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه من جبابرة زماننا؟؟ وأين الصحابة الأجلاء ممن يؤيد الجبابرة من الفساق والصوفية والعلمانيين واليهود والنصارى والغرب؟؟
هذا وقد ضربت الذكر صفحًا عن قول الحمقى والمغفلين بوجوب طاعة الإمام المتغلب، فنحن في مدافعة مع من حارب شرع الله، وليس الأمر كقتال على الملك يقيم أي المتغلبين منهما شرع الله ولو إجمالًا فنقول عندها اعتزل تلك الفتنة طالبة الدنيا ومن غلب منهما نبايعه ونقاتل معه أعداء الدين! ويبدو أن هؤلاء الحمقى لو دخل عليهم اليهود من أقطارها ثم سُئلوا الفتنة لآتوها وقالوا في ورع كاذب قد تغلبت بنو يهود وصاروا إمامًا متغلبًا حق علينا طاعتهم ونحن مع من غلب!
وليت شعري أين هؤلاء الجبابرة ولو من الإمارة الفاجرة التي وصفها علي بن أبي طالب فقال: "لابد للناس من إمارة، برة كانت أو فاجرة"، فقيل: "يا أمير المؤمنين ، هذه البرة قد عرفناها، فما بال الفاجرة؟؟" فقال: "يقام بها الحدود، وتأمن بها السبل، ويجاهد بها العدو، ويقسم بها الفيء" (انظر السياسة الشرعية لابن تيمية)
فيبدو أنهم سيجاهدون معهم ضد إخوانهم المسلمين قد رفعوا شعار الولاء والخضوع للنصيرية في سوريا واليهود ضد غزة وأمريكا والغرب ضد مصر! قاتل الله الحماقة أعيت من يداويها!!
ولعلهم لو امتثلوا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»، لكان خيرًا لهم، ولكن قدر الله تعالى أن يكون الخير أعم فيصبر أهل الحق لله محتسبين ولو رماهم الرماة في ظهورهم إلى يوم الدين فيالهم من فائزين ويا لعدوهم من جبناء مرجفين، فإني أشهد أنه حق ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك» (رواه البخاري ومسلم، وكلٌ يناله نصيبه من الكتاب).
أم تكون المصيبة الكبرى أن صاحب هذا التنظير يرى أن العلمانية والحرب ضد الدين وحرق المساجد وموالاة الكفار ضد المسلمين جهارًا نهارًا، مجرد معصية لا تناقض التوحيد!
يالها من فطرة منكوسة مركوسة حري بصاحبها أن يقرأ قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود:113].
فيدرك أنه لم يعد من الذين يركنون إلى الظالمين لأنهم قد صاروا هم الظالمون! نعوذ بالله من الخذلان. أما أن يقال على من ناضل وجاهد لإقامة خلافة على منهاج النبوة خوارج..نقول له قول الشافعي:
إن كان رفضا حب آل محمد *** فليشهد الثقلين أني رافضي!!
- التصنيف: