الوهابية
خالد الشافعي
فلتعلموا ولتنقلوا عني أنه لا يوجد في الدنيا شيء اسمه المذهب الوهابي، ولا يوجد شخص في الدنيا ولا فرقة تسمت بهذا الاسم، والإمام محمد بن عبد الوهاب الذي يستخدمون اسمه في هذه الأضلولة لم يكن صاحب مذهب ولا حتى جلس لتدريس الفقه ولا للتصنيف فيه، وقد اتجهت دعوة بن عبد الوهاب إلى تخليص المسلمين من البدع والخرافات مثل الدعاء عند القبور والقباب والأشجار والأحجار، وتجريد الدين والعبادة وتوحيد الله عز وجل وجعله خالصاً لله وحده، ليس في ذلك وساطة من أحد، هذا هو محمد بن عبد الوهاب الذي ينسبون له كل متسنن اليوم.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
صليت العشاء بالناس ثم التفتُ فقلت لهم: من أكثر الحيل الماكرة التي يستخدمها أعداء الأمة، حيلة (قنابل المصطلحات الدخانية) حين يريدون تمرير بعض الأضاليل، أو يحطمون ثابتًا من الثوابت أو يشوهون نفرًا من الناس، فإنهم يخترعون مصطلحًا هلاميًا خرافيًا ويشحنونه بكل الأباطيل المطلوبة ثم يخرجونه للناس، ويقوم شبيحة الآلة الدعائية ونخبة العار من كتاب وأدباء وصحفيين بشيطنة المصطلح ذاته دون الحديث قط عن مؤداه أو معناه، ثم وبعد شيطنة المصطلح يتم ربطه بالهدف المطلوب تشويهه أو المعنى المراد تمريره أو الثابت المراد خلخلته وتحطيمه، ولأن الناس معظمهم لا يقرأ ومعظمهم لا يتصور أن هذا النخبوي الكبير يمكن أن يكون بهذه الوقاحة والابتذال العلمي فإن الناس تتلقى دون فحص وتمحيص واختبار، وبذلك يتم تزييف الوعي، ولَي الحقائق، وتغيير ما كان مستحيلًا أن يتغير.
سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم، فكانت النتيجة: فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى! خذ عندك مصطلح (الدولة الدينية) ومصطلح (الإرهاب) والتزمت والتشدد، هل وقف عاقل قط ليطلب معرفة الميزان الذي يقاس به التشدد؟ هل هناك تعريف محدد للدولة الدينية؟ وهل إذا وجدنا التعريف هل هذه هي الدولة التي يسعى المتأسلمون لإقامتها؟
اليوم أكلمكم عن مصطلح خيالي لا وجود له على الأرض قط قط قط: (الوهابي والوهابية).
منذ خمسة وعشرين عامًا وأنا أعيش في عالم اللحية والنقاب، منذ خمسة وعشرين عامًا وأنا أعيش بين المتأسلمين وتجار الدين، منذ خمسة وعشرين عامًا وأنا أحضر حلقاتهم وخطبهم وجلساتهم الخاصة والعامة وأستمع إلى أشرطتهم، وأشاهد مقاطعهم حتى وصلت إلى درجة إرهابي قدير.
قرأت مئات من كتبهم ومصادرهم الأصلية القديمة والحديثة، ومع ذلك لم يحدث قط أن قابلت وهابيًا في الواقع ولا شاهدت له فيديو -ولو حتى تم تصويره خلسة- ولا حدثني أحد من الألوف الذين التقيت بهم أنه شاهد وهابيًا بعينه، وحتى كتبهم التي قرأتها لم يأتِ فيها قط لفظ (وهابي) وحين تتبعت الحكاية اكتشفت أن كل من ذكر هذا المصطلح هو من خصوم المتأسلمين، ثم تناقله السذج والجهال حتى صدقوا الكذبة الممجوجة التي أطلقها يومًا إبليس.
تم اختراع المصطلح وتسويقه بكثافة منقطعة النظير دون أن يسأل أحد عن معناه ولا أصله ولا فصله، ثم؟ ثم تم شحنه بمجموعة من الأباطيل والأكاذيب ليتم شيطنة من سينسبوه لهذا المصطلح، وقد كان.. أصبح مصطلح (وهابي) علمًا على التشدد والتزمت والانغلاق والفهم الضيق للشريعة؛ بل أصبح مرتبطًا بالفهم السعودي للإسلام! وهذه أضلولة أخرى تم اختراعها على أيدي أبالسة العصر الحديث.
ثم قلت: يا سادة: ألا فلتعلموا ولتنقلوا عني أنه لا يوجد في الدنيا شيء اسمه المذهب الوهابي، ولا يوجد شخص في الدنيا ولا فرقة تسمت بهذا الاسم، والإمام محمد بن عبد الوهاب الذي يستخدمون اسمه في هذه الأضلولة لم يكن صاحب مذهب ولا حتى جلس لتدريس الفقه ولا للتصنيف فيه، والإمام رحمه الله مات منذ أقل من 250 عامًا، وقد اتجهت دعوة بن عبد الوهاب إلى تخليص المسلمين من البدع والخرافات مثل الدعاء عند القبور والقباب والأشجار والأحجار، وتجريد الدين والعبادة وتوحيد الله عز وجل وجعله خالصاً لله وحده، ليس في ذلك وساطة من أحد، هذا هو محمد بن عبد الوهاب الذي ينسبون له كل متسنن اليوم رغبة في الانتقاص، لا أقول من الإمام ولا من المتسننين بل من كل من يتمسك بأصول هذا الدين.