عمل المرأة.. الفرص المتاحة والبدائل الآمنة

منذ 2013-09-09

قرارات وزارة العمل السعودية باستحداث مجالات عمل جديدة للمرأة السعودية لا تزال تتوالى، خاصة تلك التي تضع المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجال في بيئة العمل وذلك على الرغم من النداءات المتزايدة لتقنين عمل المرأة وتقييدها في بيئات شرعية، وعلى الرغم أيضًا من الأصوات المنادية بإيجاد فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل والذين يشكلون فئة كبيرة.


قرارات وزارة العمل السعودية باستحداث مجالات عمل جديدة للمرأة السعودية لا تزال تتوالى، خاصة تلك التي تضع المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجال في بيئة العمل وذلك على الرغم من النداءات المتزايدة لتقنين عمل المرأة وتقييدها في بيئات شرعية، وعلى الرغم أيضًا من الأصوات المنادية بإيجاد فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل والذين يشكلون فئة كبيرة.

وكان آخر تلك القرارات ما أعلنت عنه الوزارة من إتاحة الفرصة للمرأة للعمل في المطابخ والمطاعم، ومحلات بيع الحلويات، وهو الأمر الذي استنكره عدد من الدعاة والغيورين معتبرين أن توظيف المرأة بهذه الكيفية امتهان لها وذريعة لاختلاطها بالرجال.

فقد أعلن عدد من الدعاة والأكاديميين والنشطاء، رفضهم واستنكارهم لهذه الخطوة وذلك على موقع تويتر حمل اسم (عمل المرأة السعودية في المطاعم) لما يترتب عليها من مفاسد شأنها شأن خطوات الوزارة السابقة في قراراتها الملزمة بتأنيث عدد من الأنشطة التجارية رغم ما ترتب عليها من مفاسد أخلاقية وأضرار لحقت بأصحاب العمل. ويرى البعض مما دفع وزارة العمل لتوظيف المرأة بالمطاعم تأخر محكمة الاستئناف بديوان المظالم في تأييد الحكم الابتدائي الصادر بحق الوزارة ببطلان قرار تأنيث المحال؛ وهذا ما أكده المحامي محمد الزامل في تصريح نشر في مواقع إلكترونية.

وعلق الزامل على هذا القرار بقوله أن "أبرز الأسباب وراء استمرار الوزارة في هذا النهج هو تأخر محكمة الاستئناف للبت في حكم بطلان قرار وزير العمل بتأنيث المحلات النسائية إلزام أصحاب المحلات النسائية بإحلال النساء مكان العمالة الأجنبية". فالحكم الذي صدر من ديوان المظالم بالعاصمة الرياض، كان قضى بإلغاء قرار وزير العمل إلزام التجار بتأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية وهي الدعوى التي رفعها رجل أعمال ضد وزارة العمل لإبطال هذا القرار وتولى المرافعة نيابة عنه المحاميان محمد الزامل ومحمد السلطان. وقد تضمن الحكم إلغاء الفقرتين الثالثة والتاسعة من قرار وزير العمل والتي تسمح بعمل الرجال مع النساء في محل واحد، إضافة لإلزامها أصحاب المحال بتوظيف النساء. وتضمن الحكم أيضا التنويه بأن قرار وزير العمل الخاص بتأنيث المحال تضمن عدة مخالفات شرعية ونظامية، من أبرزها: تشريعه للعمل المختلط بين الرجال والنساء طبقًا للبند (ثالثًا) من القرار، ومخالفة قرار مجلس الوزراء والذي نصّ على منع توظيف النساء في أعمال مختلطة.

وبالطبع، فإن الاعتراض الأبرز على قرارات الوزارة بإيجاد فرص عمل للمرأة، هو عدم توفر البيئة المناسبة لها على نحو يحافظ على عفتها ويضمن عدم اختلاطها بالرجال، الأمر الذي نجم عنه العديد من المخالفات الشرعية والقضايا الأخلاقية، التي فيها تعديات وظلم للمرأة وذلك من خلال ما يقع لها من ابتزاز وتحرش وتغرير من قبل مرؤوسيها والعاملين معها في مكان عملها. ومع أن نسبة حالات التحرش بالنساء في السعودية تبقى الأقل في دول الخليج مقارنة بالدول العربية، وبالطبع الأجنبية، إلا أن فتح المجال لعمل المرأة في بيئات مختلطة بالرجال قد زادت بالفعل من هذه الحالات على نحو غير مسبوق.

فقد ذكر تقرير صادر عن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلع هذا العام، عن تزايد في قضايا الابتزاز والخلوة المحرمة خلال العامين الماضيين بسبب بيئة العمل المختلطة. وذلك بسبب التعارف بين زملاء العمل، أو استغلال مديري ومسؤولي الفتيات لسلطتهم الإدارية لابتزازهن. كما أوردت الصحف عددًا من التقارير تكشف الصلة الوثيقة بين بيئات العمل المختلطة وزيادة حالات التحرش بالنساء، ومن ذلك ما نشرته صحيفة الاقتصادية في عددها الصادر بتاريخ 10 مايو 2013 من أن عددًا من الممرضات والطبيبات في مستشفى حكومي في السعودية اشتكين من تعرضهن للأذى والتحرش اللفظي والجسدي من قبل المراجعين ومرافقيهم وصولا لمنسوبي إدارة المستشفى ذاتها. وطالبن بعدة تدابير لتفادي ذلك ومنها فصل الرجال عن النساء.

ومع التسليم بأحقية المرأة في العمل والكسب بما يكفي نفسها ويضمن لها حياة كريمة ويؤمن لها الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، فإن كافة المفاسد المترتبة على عملها في بيئات غير ملائمة يمكن تجنبه إذا توفرت البدائل المناسبة التي تجنبها للإشكاليات المتعلقة بخروجها للعمل واختلاطها بالرجال. ومن تلك البدائل العمل عن بعد والذي يكفي المرأة مشقة تركها المنزل ويتيح لها فرصة التوفيق بين العمل ورعاية أسرتها ويضمن لها حياة كريمة تكفل لها حق العمل في بيئة عمل شرعية.

كما أن الأسواق النسائية المغلقة وما تحققه للمرأة من حرية وخصوصية عالية كانت من أبزر البدائل التي عرضها وفود العلماء والدعاة الذين ترددوا على وزير العمل لمواجهته بقرارات الوزارة، مؤكدين على النجاح الباهر لتلك المجمعات وسهولة تحويل أي سوق مغلق إلى سوق نسائي وتوفيرها أكثر من 100 ألف وظيفة.

وفي خطوة لحفظ حقوق المرأة العاملة والمستفيدة في الميدان الطبي، قدم أطباء وباحثون شرعيون مبادرات لإنشاء مستشفيات نسائية 100% ومنع الاختلاط في المستشفيات القائمة. مشيرين إلى تجارب ناجحة سابقة كتجربة مستشفى الوفاء في عنيزة، وهي المستشفى الوحيدة في السعودية التي تفصل بين الرجال والنساء، بشكل كامل تماما، والتي اعتبرت وهي تدخل عامها الثاني عشر الآن، ناجحة بكل المقاييس كونها تحقق خصوصية وتبعد الكادر الطبي والمرضى عن الاختلاط.

ولم تقتصر المبادرات التي تقدم بها المصلحون والغيورون على إيجاد فرص عمل بديلة للمرأة، بل طرحت مبادرات أخرى صاغها دعاة وأكاديميون لتخصيص مبالغ مالية للمرأة تؤمن لها العيش الكريم، ومنها مبادرة الشيخ محمد الهبدان والتي أعلنها على حسابه في تويتر وتناقلها مستخدمو الشبكات الاجتماعية والتي يقترح فيها صرف مكافئة مالية لربات البيوت والأرامل والمطلقات.

ويبقى العمل على إيجاد فرص وظيفية للشباب من خريجي الجامعات والعاطلين عن العمل وتيسير الزواج والتخفيف من أعبائه من الوسائل المباشرة وغير المباشرة لتأمين حياة كريمة للمرأة بعيدًا عن الزج بها وسط الرجال لكفاية نفسها كما ينادي بذلك دعاة حرية المرأة والمتباكين على حقوقها، في الوقت الذي بدأت فيه نداءات وخطوات فعلية في دول الشرق والغرب لفصل الجنسين في أماكن التعليم والعمل والدراسة.


محمد لافي
 

  • 0
  • 0
  • 3,676

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً