أختاه.. حتى لا تنخدعي
أختاه، أعلمُ تماماً أنك كغيرك من النساء تتطلعين إلى زوج يكون شريكاً لك في المستقبل، لكن لا تظني أن زواجاً سوف يتم عن طريق مكالمة هاتفية عابثة، أو علاقة حب عابرة، أو متعة آثمة؟! كلا والله، ولو تم هذا فإن مصيره إلى الضياع والشك والندم. اعلمي أختاه أن هناك الكثير من الأخطار تحيط بكِ، تريد أن تجرفك إلى دنيا الخطيئة، وأوحال الرذيلة، فاحذري أختاه المكالمات الهاتفية مع شياطين الإنس (أدعياء الحب)، احذري التصوير بشتى أنواعه، احذري كتابة الرسائل الغرامية، فكل هذه الأمور من أخطر الأسلحة التي يستخدمها (ذئاب البشر) لإرغام الضحية وتهديدها وافتراسها.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
حديثٌ إلى صفحة من صفحات حياتنا، ونبضةٍ من نبضات قلوبنا، وقطرة من قطرات دمائنا، حديث إلى الجوهرة المصونة، واللؤلؤة المكنونة، والدرة الثمينة، والياقوتة الغالية، والغصن الزاكي الفواح، إلى حفيدة أسماء في العفة والطهر والنقاء، إلى السائرة على درب عائشة وحفصة وسمية، إلى الطاهرة النقية التقية العفيفة. وإلى تلك الفتاة أيضاً المغرورة بزخارف الغرب والشرق الزائفة، إلى المبهورة بحضارة المتخلفين، إلى كل من عصت ربها، وشقَّت ستور خدرها، فخرجت من بيتها كاسية عارية، مائلة مميلة، فاتنة مفتونة، أُطلِق صيحة تحذير، وصرخة نذير.
إنها كلمات وهمسات لكِ أختاه، وددت أن أكتبها لك بالدم لحرقةٍ في صدري، وخوفٍ في قلبي عليكِ، إنها كلمات لو استطعت أن أنقشها بالحجر لنقشتها لك لأهميتها، كلمات قد تكون مرت عليك سابقاً إلا أنكِ لم تهتمي بها، أو تكبرتِ عليها بحجة الثقة الزائدة بالنفس أو الغرور الزائف، أو عدم استشعار الخطر. دعيني أختاه، أحدثكِ حديث الروح للروح، حديث الأخ المشفق على أخته، حديثاً لا أريد من ورائه جزاء ولا شكوراً، غير أني أحب لكِ ما أحبه لنفسي من الخير، وأخاف عليك كما أخاف على عرضي من الشر.
أختاه، أعلمُ تماماً أنك كغيرك من النساء تتطلعين إلى زوج يكون شريكاً لك في المستقبل، لكن لا تظني أن زواجاً سوف يتم عن طريق مكالمة هاتفية عابثة، أو علاقة حب عابرة، أو متعة آثمة؟! كلا والله، ولو تم هذا فإن مصيره إلى الضياع والشك والندم. اعلمي أختاه أن هناك الكثير من الأخطار تحيط بكِ، تريد أن تجرفك إلى دنيا الخطيئة، وأوحال الرذيلة، فاحذري أختاه المكالمات الهاتفية مع شياطين الإنس (أدعياء الحب)، احذري التصوير بشتى أنواعه، احذري كتابة الرسائل الغرامية، فكل هذه الأمور من أخطر الأسلحة التي يستخدمها (ذئاب البشر) لإرغام الضحية وتهديدها وافتراسها، والنيل من سمعتها وعرضها. فكثير ممن آلَ أمرهن إلى هذه النهاية المظلمة كانت بدايتهن مكالمة هاتفية، أو نظرة محرمة، أو عباءة مزركشة! فهل تريدين أختي في الله أن تكوني قصة تروى، وعبرة تطوى؟! هل تريدين أختاه أن تكوني ضحية، فتجرحي عفتك، وتدمري حياتكِ ومستقبلكِ؟!
فكم من فتاة قتلت عفتها، وشينت سمعتها ووقارها، ودنست عرضها، بسبب كلمات بالهواء طائرة، وعبارات في أدراج الرياح متناثرة، ندمت أن تكلمت بها، أو صورة اختلست منها على حين غرة، تمنت بعدها أنها لم تسمع يوماً رنين جرس هاتف في حياتها. فلا تصدقي أن شاباً مهما تظاهر بالصدق والإخلاص يحترم فتاة تخون أهلها، وتحادثه عبر الهاتف، أو تتصل به، أو تخرج معه، مهما أظهر لها من الحب، وألان لها من القول، فهو إنما يفعل ذلك لأغراض دنيئة، لا تخفى على عاقل. فالزواج لا يحدث عن طريق الهاتف، أو النت، أو العلاقة المحرمة مع شاب لا يحل لك، ولا يحدث زواج عن طريق الحرام، فلا تصدقي حبه المزعوم، أو أنه سيكون لك زوجاً في المستقبل، إن حبه علاقة عابرة، ومن ثم يتخلى عنها بعد أن تكون قد تعلقت به، ومن هنا تبدأ معاناة نفسية كبيرة للمراهقة، بيوت مدمرة، ونفوس محطمة، ولوعة وحسرة، وأثار قد لا تتخلصين منها في سنين حياتك ولا بعد مماتك.
إنها الفاحشة، وزلة العمر، وعار الأبد، ومستنقع الرذيلة الذي ستغرقين فيه إن أطعتِ شيطانكِ، ولا تكادين تطعمين للحياة بعده طعماً. اعلمي أختاه أن الحب الحقيقي لا يأتي إلا بعد الزواج، وما سواه فهو في الغالب حب مزيف، مؤسس على أوهام وأكاذيب لمجرد الاستمتاع بالحرام وقضاء الوقت، ثم لا يلبث أن ينهار، فتكتشف الحقائق، ويظهر المستور؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل. فلا يغرك ذئب بحبه الكاذب، فإن أي شاب يعلم يقيناً أن من العار عليه أن يقترن بأم أولاده عبر هذه الوسيلة الدنيئة، ومن خلال هذا الطريق الموبوء، والمرأة المؤمنة حق الإيمان لا يمكن أن تتجرأ على سلوك هذا الطريق الشائك الموحش.
احذري أختاه عالم النت، فلقد دخلت المرأة هذا العالم الغريب العجيب، وخاضت غمار هذا البحر المتلاطم، ولكن للأسف الشديد استغل بعض الرجال غفلـة وطيبـة بعض النساء، وعواطفهن الجياشة في أمور لا ترضي الله تعالى من خلال المنتديات، أو الشات، أو الماسنجر، أو غير ذلك، فيرمي الرجلُ للمرأة طُعماً سرعان ما تبتلعـه، ولا تشعر بأي شيء غريب، ولكن بمرور الزمن تكتشف أنها وقعت فريسة لشبح من أشباح النت، لا تعرفـه، ولم تره، ولكنها فجأة وقعت بغرامـه وأحبتـه، بل لا تقدر على فراقـه، فتتمنى أن تتحدث مع أحد الأوهام في كل وقت وحين، كل هذا بعد أن كان هذا الأمر عند هذه الأخت من أكبر الكبائر وأعظمها، ما كانت تتوقع في يوم من الأيام أن تتعلق برجل وتحبـه، كيف وهي العفيفة الطاهرة التي تربت على العفـة والحياء، وعزة النفس، وأحياناً يكون هذا الشبح -أقصد الذئب- خبيثاً وماكراً، ولديـه أساليب شيطانيـة، وفي الطرف الآخر أخت مسكينـة تظن أن كل ما يلمع ذهباً، وتغتر بنفسها وبفكرها وعقلها، فإذا هي تقول: أنا أعرف، وأنا أفهم، وأنا أدرى بنفسي، وقادرة على التحكم فيها، وهيهات!! [2].
اعلمي أختاه أن رحلة الانحدار تبدأ بخطوة واحدة: فاحذري خطوات الشيطان، فهو يريد أن يوقعك في خطواته خطوة خطوة، حتى يرمي بك في عالم مجهول، ومكان سحيق، فانتبهي من قريب، وأدركي الخطر المحدق حتى لا تندمي حيث لا ينفع الندم.
إن بعض النساء تقع في أخطاء متتالية، ومخالفات متعددة، فتسمح لنفسها النظرة الحرام، والخلوة الحرام، والحديث الحرام، والعلاقة الحرام، ثم إذا وقع الفأس على الرأس قالت: أنى هذا؟! قل: هو من عند نفسكِ، هو بسبب مخالفاتكِ الكثيرة، ولو أنها وقفت عند حدود الله من أول خطوة، وانتبهت لنفسها من البداية، ما وقعت فيما وقعت فيه، ثم بعد ذلك تندم ندماً تتقطع منه القلوب، وتتحسر حسرات تنهد منها الجبال الراسيات، ولا ينفعها ذلك. فالله تعالى أمرها بغض البصر، فقال: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [سورة النور: 31] فخالفت أمره، وتعدت حدوده، وحذرها من الكلام مع الرجل الأجنبي حتى لا يتدرج بها ذلك إلى ما لا يحمد عقباه، فخالفت، وحذرها من اتباع خطوات الشيطان فاتبعته، ولا تعلم أن عقوبة مخالفة واحدة للشرع قد تكون ضياع عفتها وشرفها ودينها؟!
اعلمي أختاه أن في طاعة الشيطان خزياً وندامة، وأن الغرور بالنفس والثقة بها في هذا الباب مهلكة؛ لأن المرأة ضعيفة، تغلب عليها العاطفة، فهي تفكر بقلبها لا بعقلها، فكم من امرأة كانت واثقة بنفسها حتى خسرت دينها ودنياها، فصارت -بعد أن كانت في بيتها صينة دينة- عاهرة فاجرة؛ لأنها اغترت بنفسها ولم تقف عند حدود الشرع، فأزلها الشيطان بنظرة، أو كلمة، أو ضحكة، أو رسالة. فاحذري: النظرات والابتسامات والمعاكسات والمكالمات والتنازلات! فهذه اعترافات وشكوى، بثتها قلوبٌ جرحى، وعقول حيارى، ودموعٌ سلوى، بعد أن خطفتهن يد الغفلة فألبستهن رداء التائهين، وعزفت على أوتاره شحب المذنبين.
تقول إحداهن وهي تبكي: "كانت مكالمة هاتفية عفوية، تطورت إلى قصة (حب) وهمية -كحب الذئب الذي يتربص بالفريسة- أوهمني أنه يحبني، وسيتقدم لخطبتي، طلب رؤيتي، رفضت، هددني بالهجر! بقطع العلاقة! ضعفت، أرسلت له صورتي مع رسالة وردية معطرة! توالت الرسائل وكثرت، طلب مني أن أخرج معه، فرفضت بشدة، هددني بالصور، بالرسائل المعطرة، بصوتي في التلفون قال: اخرجي معي وتعودين في أسرع وقت ممكن، نعم لقد عدت ولكن! عدت وأنا أحمل العار، عدت وأنا أحمل الخزي، قلت له: الفضيحة! قال لي بكل احتقار وسخرية: أنا لا أتزوج بـ... ! [3].
اعلمي أختاه أن المرأة كالزجاجة إذا انكسرت لم تنجبر، فأنت بعفتك كالزجاجة كسرها لا يشعب، هل رأيت زجاجة انكسرت فانجبرت؟! فأنت حينما تضيعين عفتكِ وشرفكِ تهدمين بذلك بيتك وبيت أبيك وإخوانك، بل إلى أكثر من هذا حينما تُخطب زميلاتك ويتزوجن وتصبح بيوتهن مليئة بالسعادة والفرح والحبور، بينما أنت لا أحد يتقدم لخطبتك، ولا شاب يشرُف بالزواج منك؛ لأن من دنست نفسها بالخيانة اليوم ليس بعيداً أن تدنّس فراش زوجها بالخيانة بعد ذلك. أنتِ من سيندم في يوم لا ينفع الندم، أما ذلك الذئب فعيبه في جيبه كما يقال، وتأملي هذه الحكمة جيداً: (رب لذة ساعة أورثت حزناً طويلاً).
وفي الختام: هذه رسالتي بين يديك أيتها الفتاة، أياً كنتِ سواء في مرحلة الشباب تنتظرين شريك العمر، أو كنت في كنف زوج ارتضاك أن تشاركيه لواء الحياة، وأملي أن تتأمليها جيداً، وتكرري قراءتها، وتمعني النظر فيها، وحينها يكون الخيار لك لا لغيرك، وقد اجتهدت لك في إيضاح العاقبة، وحسبي أن الغيرة على عرضك حدت بنفسي إلى هذه الأحاديث، وأدرك يقيناً أن بين القارئات لهذه الرسالة امرأة صالحة عفيفة، وأخرى عاقلة فطنة، ورسالتي نذير للمتهورات، وجرس إنذار للغافلات، وهي تذكير للمرأة الصالحة والعفيفة. سائلاً الله تعالى أن لا يريني فيك أي مكروه، وأن يقر عين أمة الإسلام بعفتك وصلاحك وتوبتك، والله يتولاك بحفظه ورعايته.
[1] باحث بوحدة البحوث والدراسات في مركز المحتسب للإستشارات.
[2] المصدر: موقع الأسرة المسلمة بتصرف.
[3] المصدر: موقع كلمات بتصرف.
صادق بن محمد الهادي
- التصنيف:
- المصدر: