حقوق الخدم في الإسلام
كل أمر من الأمور التي تحقق حقوق الخدم فإنها لصالح المخدومين خاصة ولصالح المجتمع عامة، لأن ضمان حقوقهم هو ضمان لحقوق الجميع، والإحسان لهم ستعود نتيجته الإحسان للجميع.
- التصنيفات: فقه المعاملات - الأدب مع الآخرين -
اقتضت مشيئة الله وحكمته أن يجعل بعض عباده أغنياء وبعضهم فقراء، وسخر كلاً من الطائفتين للأخرى. والخدم نعمة من الله تعالى على المخدومين لتسهيل أمور دنياهم، فيتحملون عنهم أعباء الأعمال وهمومها ليوفروا على مخدوميهم الراحة والسعادة والتخفيف من المتاعب والمشاق، ولذا نهج لنا الإسلام منهاجاً يضمن حقوق الخدم مالياً وأدبياً كإطعامهم واحترامهم وإكرامهم.
وهنا: كل أمر من الأمور التي تحقق حقوق الخدم فإنها لصالح المخدومين خاصة ولصالح المجتمع عامة، لأن ضمان حقوقهم هو ضمان لحقوق الجميع، والإحسان لهم ستعود نتيجته الإحسان للجميع.
فهؤلاء الضعفاء عندما تهتم الأمة بهم وتقوم بحقوقهم المادية والمعنوية بالجدية والأخوية فإنهم سيتحولون غالباً إلى جنود أوفياء دعاة الرحمن إلى الإحسان، وحماة الأوطان والإنسان، ورماة الطغيان والعدوان، ولعلهم يلهجون بالدعاء لمن أحسن إليهم ويذودون عمن أكرمهم، فيتقوَّى بهم المجتمع، ويحصل تبادل التراحم، فيستحق المجتمع نزول رحمة الله عز وجل، إذ ثبت أنه صلى الله عليه وسلم: « » (عن عبد الله بن عمرو رواه أبو داود [السنن:4/582]، [ح:1494]، ك: الأدب، ب: في الرحمة، وأخرجه الترمذي [4/323]، [ح:4291]، ك: البر والصلة، ب: ما جاء في رحمة المسلمين).
وأخرج البخاري بسنده عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (الصحيح [31/073]، [ح:6737]، ك: التوحيد، ب: قول الله تعالى: {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ} [الإسراء من الآية:110]، أخرجه مسلم [الصحيح:4/9081]، [ح:9132]، من طريق أبي معاوية وغيره من الأعمش به).
ورحمة الله فيها الخيرات والأرزاق والانتصارات، وكما تدين تدان.
وعموماً: من حقوق الخدم في الإسلام:
أولاً: المعاملة الحسنة وعدم الإساءة إليهم أو ظلمهم والرحمة بهم، روى مسلم وأبو داود: عن معاوية بن سويد قال: "لطمت مولى لنا فهربت ثم جئت قبيل الظهر فصليت خلف أبي فدعاه ودعاني، ثم قال: امتثل منه. فعفا ثم قال: كنا بني مُقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادمة واحدة فلطمها أحدنا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « »، قالوا: ليس لهم خادمة غيرها، قال: « »" (مسلم الإيمان، [1333]، وأبو داود، الأدب: [321]، المسند للإمام أحمد: [1/832]).
أجل لو بقي إثم هذه اللطمة الظالمة ليوم الحساب لكانت اللطمات هنا أشد وأقسى، لذا كان العتق هو بديل هذه اللطمة لكي تكن ديتها يوم القيامة عن عذاب جهنم (مسلم، [الإيمان:03]).
وأخرج البخاري بسنده عن أبي ذر قال: "رأيتُ عليه برداً وعلى غلامه برداً فقلت: لو أخذتُ هذا فلبسته كانت حلة، وأعطيته ثوباً آخر. فقال: كان بيني وبين رجال كلام، وكانت أمه أعجمية، فنلت منها فذكرني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: « » قلت: نعم. قال: « » قلت: نعم. قال: « » أي خصلة من خصال الجاهلية.
قلت على حين ساعتي: هذه من كِبر السن؟ قال: «صحيح البخاري كتاب الأدب باب: حُسن الخلق، [5/422]، [ح:1965]). » (
ولقد ضرب رسولنا صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في معاملة الخدم.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أُفٍ قط، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا وهلّا فعلت كذا؟ (صحيح مسلم كتاب الفضائل باب [31]، حديث رقم: [1516]).
قال ابن حجر: "وقوله: والله ما قال لي أُفٍ قط. قال الراغب: أصل الأف كل مستقذر من وسخ، كقلامة الظفر وما يجري مجراها. ويقال ذلك لكل مستخف به، ويقال أيضاً عندما تكره الشيء، وعند الضجر من الشيء" (فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني مرجع سابق [01/064]).
وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل" (أخرجه أحمد [6/13]، ومسلم [7/08]، [8232]، وأبو داود [6874]، وابن ماجة [4891]).
ثانياً: الحث على إطعام الخدم
فقد أخرج الإمام أحمد بسند ثابت عن المقداد بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابن كثير: "إسناده صحيح" [التفسير:2/462]). » (المسند [4/131]، وأخرجه النسائي في الكبرى [5/283]، [ح:4029] من طريق عيسى بن أحمد عن بقية به، قال
ثالثاً: النهي عن الدعاء على الخدم
فقد أخرج أبو داود بسنده عن جابر بن عبدالله مرفوعاً قال: «الزهد، ب: حديث جابر [ح:9003]). » (سنن أبي داود [ح:2351]، الصلاة، ب: النهي أن يدعو الإنسان على أهله وماله، وأخرجه مسلم الصحيح
رفعت محمد مرسي طاحون